موقع النيلين:
2024-07-06@03:44:25 GMT

نحن راجعين المعيلق

تاريخ النشر: 16th, February 2024 GMT


في طريق العودة رأيتُ قطار الجزيرة الأخضر يخب مُسرعاً تحت سحابة داكنة، كأنها تطارده، تذكرت أول مرة اعتليت ظهره وفي يدي كتاب، بدا مثل قطار غار دي ليون وهو يطوي المسافات بين باريس وجنيفا، بدت لي محطة المعيلق أشبه بمحطة حيدر باشا التي تقع في النطاق الآسيوي من إسطنبول، تذكرت أول رحلة لي إبان الحقبة البشيرية، وقد (دور حديدو) بالفعل في موعده المضروب من محطة بحري، تحركت الحجرات تباعًا، لاح لنا القصر الجمهوري، ذلك العرين الرحب للسُلطة، أسير الحرب الأكثر تعاسة اليوم، لم يعد يملك وصفة للحصول على الخبز والسكر والحليب والأمن، دعك من أن يخطط للمستقبل في بلد يموج بالكوارث ويتحفز لمجاعة ليست أقل فداحة من مجاعة سنة ستة، في ذلك الوقت انشغل الخليفة عبد الله التعايشي بالحرب وأهمل الزراعة والتجارة، عطفاً هلاك الماشية والمرض والهجرة، مثل ما يحدث حاليًا تماماً، عبرنا جسر الحرية، علّق أحدهم قميصه على الجسر، أظنه عامل حكومي لم يفهم المفارقة العميقة لجسر حرية يطل على السجانة! فوق مدخل حجرة القطار الأولى كانت تنتصب شاشة بلازما أنيقة، يغني منها محمد النصري بصوته المحزون ” طوّل وفجأة بان ذكّرني أيامنا الزمان يا حليلو .

.” فجأة رأيتها، هى نفسها تلك التي عرفتها لسنوات طويلة، أعرفها من ندبة في القلب، بدت حزينة وساهية وكبيرة، أكبر من كل الهموم حولنا، اقتربت منها بحذر، قصدت جرح ذاكرتها: “بالله شوفي كمية الحنية في يا حليلو دي؟” ابتسمت بحفاوة، دون أن ترفع رأسها. كم وقت يلزمني لصب (الياحليلات) على كأس الفجائع، على الخرطوم، على الجزيرة والمعيلق تحديدًا، على دارفور والجامعات والمصانع المُدمرة، والجدان العتيقة المُدمّاة، أم على نزق الصبا، وزفة المولد ورمضان أحلى في السودان، طلة الحُجاج أمام بيوتهم المزينة بعبارات على شاكلة “حجا مبروراً وسعياً مشكورا” كل شيء تتذكره تنسحب فوقه عنوة يا حليلو تلك. نظرت إلى السماء مجدداً فلم أرَ طيور الجنة والرهو والسحب التي تفك أزرارها لتسقينا، فقط سمعت صوت النصري” دق الرعد،، طبلو المخيف،، قامت تلاقيح الخريف،، ختتنا في حدوة حصان، ياحليلو ..” كمية رهيبة من الأسى، رأيت المعزولين بين قنطرتين، العابرون في زمن عابر، شارع الموت نفسه، والأرواح العزيزة التي صعدت منه إلى السماء، وكيف كان رحيماً مقارنة بهجمات وحوش الدعم اليوم، تذكرت الأمهات المفجوعات، ودعوت لهن، لحياة أقل فداحة، لأجل الإنسان المنكوب، لأجل مرضى السرطان والفشل الكلوي الذين فقدوا حقهم في العلاج، هربوا بأوجاعهم وماتوا في الطريق، للهاربين من ذكائهم، على وصف المجذوب، فجأة وقفت شامخة، كنخل الحجاز، هى نفسها تلك الجميلة المُسافرة، بسمتها وقوامها المنخرط في الدلال، قالت بصوت حنون: لم أنساك بالطبع. مسحت عن قلبها صدى لحن قديم، ضمن عشرات الأغاني التي أبدع فيها حمد الريح، علقت تلك الأغنية في ذاكرتي وروحها، عرفتني حين نبهتني إلى شريط الكاست وكيف كنت أقوم باسترجاعها بطريقة يدوية، عدة مرات في اليوم، في قريتنا هنالك بالجزيرة غرب السكة حديد، في منتصف سنوات الحرمان، لا تملك حيلة للاستماع للأغاني التي تحبها، إلا من خلال ما تجود به الإذاعة أو أشرطة الكاست، أو حفلات الزفاف الموسمية بالطبع، ومن بينها حفل زواج يؤرخ به في الأرجاء هنالك، صحوتُ مفزوعا من نومي المجذوذ، صحى القلب أولاً تحت وقع ضربات المندولين، ماندولين تريفيلا، وتسخينة الساوند ” ون تو ثري “، وقد تناهى إلى سمعي صوت اللمين الضو، المُبهج الطروب، غني فبرزت سنه الذهبية، ثمة ما يشتبه على الذاكرة بما يسمونها الحنجرة الذهبية، وتلك السِن، سيغني أيضاً حتى الفجر، وينتهي إلى لحن الختام وتختفي العروس والمكان والدنيا ” نحن راجعين في المغيرب، نحن راجعين المعيلق .. المعيلق في المغيرب.
عزمي عبد الرازق

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

إختبار لمرونة الجلد يكشف كمية الجفاف بالجسم

إذا كنت قلقا من عدم شرب كمية كافية من الماء، فإن اختبار بسيط كفيل بإخبارك إن كنت تعاني من الجفاف أم لا.

ببساطة يمكنك سحب الجلد على بطنك أو عقد أصابعك أو صدرك والضغط عليه لبضع ثوان

ثم اتركه وإذا عاد الجلد على الفور إلى وضعه الطبيعي، فهذا يعني أن لديك ترطيبا كافيا.

وقالت دانا بريمز، أخصائية أمراض القدم في مقطع فيديو على “تيك توك”:

“اضغط على عقدة إصبعك، وإذا عاد إلى وضعه الطبيعي فأنت تشرب ما يكفي من الماء، وإذا بقي الجلد في الأعلى فأنت مصاب بالجفاف”.

في مقطع الفيديو الذي حصد أكثر من 4.5 مليون مشاهدة، تشرح بريمز أن هذا يسمى اختبار مرونة الجلد.

وأضافت: “عندما تكون رطبا، يكون لبشرتك مرونة أكبر، وتعود بسرعة إلى شكلها الأصلي

من ناحية أخرى، يؤدي الجفاف إلى انخفاض مرونة الجلد وعودة أبطأ إلى الوضع الطبيعي”.

يساعد شرب الماء على الحفاظ على الكولاجين في البشرة الذي يقل مع التقدم بالعمر، بغض النظر عن كمية الماء التي تشربها.

وتشمل العلامات الأخرى للجفاف، العطش الشديد، وقلة التبول، والبول الداكن، والتعب، والدوخة، والارتباك.

مقالات مشابهة

  • ما هي العناصر الغذائية الموجودة في الثوم؟
  • الأحد.. محاكمة المتهمين بقتل صديقهما بسبب سرقته شقة
  • غدا.. محاكمة متهم بقضية خلية بولاق
  • إختبار لمرونة الجلد يكشف كمية الجفاف بالجسم
  • القبض على تاجر مخدرات مهم في ديالى بحوزته كمية كبيرة من الكرستال
  • ضبط 267 قضية مواد مخدرة في حملة أمنية
  • بقصد الاتجار.. حبس "ديلر" لحيازته كمية من المخدرات في المرج
  • كم كوبا من الماء تحتاج في هذا الطقس الحار؟
  • السوريون عرفوا الحميات الغذائية الصحية الحديثة قبل 4000 سنة
  • القبض على مسجل خطر بحوزته مخدرات وسلاح ناري في الأقصر