تعيين رئيس الأركان: خطوة نحو مأسسة مجلس الوزراء
تاريخ النشر: 16th, February 2024 GMT
كتب أستاذ القانون الدستوري في الجامعة اللبنانية عصام نعمة اسماعيل في" الاخبار": لم يعتد اللبنانيون أن يقرأوا الأسباب الموجبة، ولم يألفوا النقاش العلني قبل اتخاذ القرار. ففي العادة، تجري المداولات في غرف مغلقة، وتمرّر من خارج جدول أعمال مجلس الوزراء، فلا يسمعون بالأمر إلا وقد صدر.الجيد، اليوم، أن دراسات تفصيلية باتت تصدر عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء، تتضمّن المبررات والسند القانوني لبعض القرارات، كما في الدراسة المُقدّمة إلى مجلس الوزراء بناءً على طلب الأخير (2023/10/19) حول الحلول القانونية المُقترحة لتفادي الشغور في القيادة العسكرية، وقبلها الدراسات المفصّلة حول القوانين غير المنفّذة والمراحل التي وصلت إليها ومبررات عدم التنفيذ، وحول صلاحيات وزير الدولة، وحول صلاحيات رئيس الجمهورية في الحالات العادية وعند شغور موقع الرئاسة.
المبدأ العام المعتمد في الإدارة اللبنانية، أن يبدي المدير العام مطالعته الخطية في المعاملات قبل عرضها على سلطة التقرير، وبحسب المرسوم الاشتراعي رقم 34 في تاريخ 26/2/1953 وتعديلاته، فإن رئيس مجلس الوزراء يعاونه في الاعمال الموكلة إليه مدير عام له بحكم القانون صفة أمين عام مجلس الوزراء. وإذ إنّ وظائف رئيس الحكومة هي إما إدارية أو دستورية، من واجب المعاون أن يبدي أمام رئيس الحكومة الموقف الدستوري والقانوني من الإشكاليات المثارة، وأن يعرض الخيارات المتاحة أمام سلطة القرار لاتخاذ الموقف المناسب، كما في مسألة تفادي الشغور المُرتَقب في القيادة العسكرية. وقد تضمّنت الدراسة المعدّة في هذا الشأن حلولاً عدة، ووضعت أمام مجلس الوزراء خياراتٍ متعددة، أكثرها تطرّفاً تبديل الحقائب الوزارية اعتماداً على سابقة تبديل حقيبة وزير الداخلية وتبديل حقيبة وزير الطاقة والمياه، وأيسرها الاستدعاء من الاحتياط. ومن بين هذه الخيارات، قرّر مجلس الوزراء السير في خيار التعيين، وهو صلاحية خاصة به وفقاً للمادة 65 من الدستور التي تمنح المجلس صلاحية تعيين موظفي الدولة، إذ إنّ قرار مجلس الوزراء بتعيين الموظفين هو القرار النافذ المنتج للمفاعيل القانونية على ما أوصى به مجلس النواب في جلسته في 30/3/2000، وما أكدته الدراسة من حججٍ حول نفاذ قرار مجلس الوزراء والمراسيم أو الأعمال اللاحقة هي معلنة للحق وليست منشئة له. علماً أن مجلس الوزراء لم يقدم على خيار التعيين إلا بعد استنفاد كل السبل الممكنة مع وزير الدفاع الذي ترتبط به المؤسسة العسكرية إدارياً، فأصرّ على موقفه الرافض رغم خطورة موقفه على المؤسسة العسكرية التي تشكّل المحافظة عليها أولوية كبرى لدورها في صون السلم الأهلي وحفظ الوطن والدفاع عنه.
وبعيداً من القضية التي نحن في صددها، فإن موقف مجلس الوزراء، يظهره كسلطة تنفيذية متضامنة تملك القرار، ويعوّل عليه في إرساء سابقة ألّا يعمد وزير، بصورةٍ منفردةٍ، إلى تعطيل عمل إدارة عامة خاضعة أو الخروج عن التضامن الوزاري، ما يجعل مجلس الوزراء كياناً متكاملاً ووحدة مترابطة مؤسسة متضامنة لها رئيس مسؤول عنها، وترتكز في عملها على قاعدة المسؤولية الجماعية، وليس مجلس مجموعة وزراء كلٌّ يعمل على طريقته. أما المادة 54 من الدستور لناحية توقيع الوزير على المراسيم، فتقابلها المادة 66 التي تتحدّث بدقة عن واجب الوزير في تطبيق الأنظمة والقوانين في ما يتعلق بالأمور العائدة إلى إدارته، والمادة 65 التي تمنح السلطة التنفيذية لمجلس الوزراء. وإذا كان المجلس الدستوري قد سبق أن قضى بأنه لا يجوز أن يقدّر لنائب أن يشلّ قدرة مجلس النواب (القرار رقم 4 تاريخ 29 أيلول 2001)، فنقول، بالقياس، إنه ليس لوزير أن يعطّل سلطة التقرير التي يملكها مجلس الوزراء، عبر امتناعه عن حضور الجلسات والمشاركة وتأدية واجبه باقتراح مشاريع النصوص ذات الصلة بإدارته لأسباب لا صلة لها بعمل الإدارة، وإنما تعبير عن عدم رضاه على أداء الحكومة، وفي مجال الإدارة قد يكون مؤلماً التجاوز الاضطراري لنصٍ دستوري، إلّا أن الأمر يصبح مبرراً عندما تكون النتيجة إحياء العمل المؤسساتي والتضامني لمؤسسة مجلس الوزراء وحفظ كيان مؤسسة كبرى.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
الحكومة: العمل على تخفيض الإيجار لصغار المزارعين من ملاك 5 أفدنة فأقل
خلال اللقاء الجماهيري الذي عقده الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم في أثناء زيارته لمحافظة الوادي الجديد، مع أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، وعدد من العُمد، والمشايخ، ومجموعة من القيادات التنفيذية بالمحافظة، بحضور الوزراء المرافقين، ومجموعة من طلاب جامعة الوادي، طرح نواب البرلمان بالمحافظة عددا من المقترحات لتطوير قرى ومدن المحافظة، كما سلطوا الضوء على بعض التحديات القائمة بها؛ وجه النواب الشكر لرئيس مجلس الوزراء على إتاحة هذا اللقاء لطرح بعض التحديات التي تواجه المحافظة، لافتين إلى أن محافظة الوادي الجديد تحظى بدعم كبير من الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، والحكومة للمشروعات التنموية والخدمية التي يتم تنفيذها على أرض المحافظة، ولا سيما من خلال المبادرة الرئاسية " حياة كريمة".
وخلال حديثهم، طرح النواب أمام رئيس مجلس الوزراء بعض هذه التحديات التي تتمثل في ضرورة إنشاء مستشفى جامعي تابع لكلية الطب بجامعة الوادي، مما يسهم في خدمة المواطنين ويحقق مصلحة طلاب الجامعة، كما عبر النواب عن تطلعهم لاستكمال المشروعات القائمة، والتوسع في مجال الزراعة في المحافظة، وتقديم الدعم للمزارعين في مجال الزراعة وخاصة زراعة النخيل فيما يتعلق بتكلفة استهلاك الكهرباء، مع أهمية النظر في استكمال رصف طريق الداخلة ـ الخارجة، وطريق الخارجة ـ أسيوط، فضلا عن زيادة الاعتمادات المالية لمكافحة سوس النخيل، كما قدموا مطلبا حول ضرورة اعادة النظر في إجراءات تقنين الأراضي للزراعة والمباني.
وفي رده على مطالب النواب، أشار المحافظ إلى أنه فيما يتعلق بدعم الفلاح في سعر الكهرباء للزراعة، وتوفير المياه لهذا الغرض، يجري العمل على استبدال وتخفيض القيمة الإيجارية لصغار المزارعين من ملاك 5 أفدنة فأقل، كدعم غير مباشر لهم، بشكل استثنائي، مضيفا: وفيما يتعلق بالطرق خاصةً طريق الخارجة - الداخلة، فإنه يجري استكمال العمل على تنفيذ الطريق بعد فترة توقف نظرا للظروف التي مرت بها الدولة سابقا، أما بالنسبة لمسار طريق النقب فقد تم اعتماد أكثر من 600 مليون جنيه وجار الانتهاء من 90% من المرحلة الحالية للمشروع.
أما فيما يخص مكافحة سوسة النخيل، فقد تم عرض مبادرة لمواجهتها على رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، وذلك بالتعاون مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وقام وزير الزراعة بتوفير اعتماد إضافي لمكافحة سوسة النخيل؛ بهدف الحفاظ على استثمارات النخيل بالمحافظة.
واستهل رئيس مجلس الوزراء تعقيبه على ما طرحه النواب، بتوجيه الشكر لمحافظ الوادي الجديد، مؤكداً أن الجزء الخاص بالزراعة مرتبط بتوافر المياه خاصةً المياه الجوفية، ولذلك يجب الحرص بشكل كبير جداً على استخدامها بشكل رشيد وبصورة متزنة، وخاصةً أن أغلب المياه الجوفية في مصر غير متجددة، لذلك نشجع أهالي الوادي الجديد للزراعة حول منطقة بحيرات توشكي وبحيرة باريس، لزراعة أي كميات، أما فكرة التوسع في الزراعة في كامل أنحاء المحافظة فإن ذلك يستلزم دراسات فنية دقيقة لضمان عدم نضوب الآبار وضياع الاستثمارات خلال مدة زمنية قليلة.
وأضاف قائلاً: تحدثنا حول موضوع مكافحة سوسة النخيل، باعتبار النخيل هو الثروة الحقيقة لأهالي محافظة الوادي الجديد، وبالتالي سيتم توفير كل ما هو مطلوب لدعم مكافحة هذه الآفة الزراعية كأولوية قصوى.
وفيما يتعلق بإقامة مستشفى جامعي في مدينة الخارجة، أشار المحافظ إلى أنه تم بالفعل الاتفاق منذ فترة على إنشاء مستشفى بالمدينة، ووجه رئيس الوزراء بتشكيل لجنة تضم ممثلين عن وزارتي الصحة والتعليم العالي؛ لإعداد تصور حول إقامة مستشفى جامعي بالخارجة تديره الجامعة، وسيتم عرض نتائج ما توصلت إليه اللجنة على رئيس مجلس الوزراء.
وعقب رئيس مجلس الوزراء على مقترح إنشاء مستشفى جامعي، بأن الدولة حريصة على إقامة المشروعات الكبيرة في جميع المحافظات، ولاسيما المستشفيات، لافتا إلى أن إنشاء مستشفى جامعي على وجه الخصوص ذات التكلفة الباهظة يرتبط بعنصرين مهمين هما: الحاجة الحقيقية لإقامة المستشفى وعدد سكان يحتاج إلى هذا المستشفى، مؤكدا أنه سيتابع هذا الأمر على الفور مع نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية، وزير الصحة والسكان، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي؛ من أجل دراسة تخصيص مستشفى في الخارجة تتبع الجامعة، وجدوى ذلك.
وخلال اللقاء، ألقى نيافة الأنبا/ أرسانيوس، أسقف عام أبرشية الوادي الجديد، والواحات، كلمة قصيرة، وجه خلالها الشكر لرئيس مجلس الوزراء، والوزراء الحضور، مؤكدا أن هناك إنجازات عديدة شهدتها المحافظة خلال السنوات الأخيرة، لافتا إلى أن ما عرضه النواب بشأن بعض المطالب، يأتي استكمالا لما تم إنجازه بالفعل في مجالات الصحة والتعليم والطرق، وكل أوجه التنمية في هذه المحافظة، مؤكدا أن قيام رئيس مجلس الوزراء بعدة زيارات للمحافظة أمر إيجابي للغاية.