الخليج الجديد:
2024-08-01@13:49:23 GMT

الثقافة الفلسطينية مهددة في غزة

تاريخ النشر: 16th, February 2024 GMT

الثقافة الفلسطينية مهددة في غزة

الثقافة الفلسطينية مهددة في غزة

"لطالما كانت الحرب على الثقافة في صميم الحرب التي يشنّها المعتدون على شعبنا".

في أوقات النزاع، تمتلك الأقلام القدرة على صنع التغيير والدفع قدمًا بالنضال من أجل العدالة.

تمثّل الحملة العسكرية الإسرائيلية مجهودًا مدروسًا للقضاء على الاستمرارية الثقافية، وهذا سيترك ندوباً دائمة في الهوية الجماعية الفلسطينية.

يقع على عاتق المجتمع الأدبي والفني العالمي الحفاظ على الأصوات المكتومة في غزة وإعلاء أصوات أولئك الذين لا يزالون قادرين على المجاهرة بأفكارهم.

الإبادة تتضمن جهودا تطمس ثقافة المجموعات المستهدفة ولغتها ودينها. وليست الإبادة حدثًا فجائيًّا؛ بل مسار منهجي مؤلّف من مراحل مترابطة، كما باحثون كثر.

من تدمير مركز رشاد الشوا الثقافي ومتحف القرارة إلى مقتل ما لا يقل عن 28 فنانًا وكاتبًا وأكاديميًا فلسطينيًا ألحق القصف المتواصل دمارًا بالمجتمع الفني والأدبي في غزة.

استهدفت إسرائيل مساجد وكنائس قديمة تُعتبَر رموزًا تاريخية ودينية مهمة تتجاوز الطابع المادي وتختزن الإيمان والتقاليد، وتحافظ على الإرث المعماري المحلي وتجسّد تاريخ التعايش بين الأديان بغزة.

يصبّ هذا الدمار المادي والرمزي في أجندة سياسية أوسع نطاقًا لطمس الهوية الفلسطينية والذاكرة الجماعية ما يندرج في إطار الإبادة الثقافية. وغالبًا ما تُدرَس الإبادة الثقافية كأحد مكوّنات الإطار الأوسع للإبادة.

* * *

مزّقت الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة منذ 7 أكتوبر النسيج الثقافي للحياة الفلسطينية في غزة. فمن تدمير مركز رشاد الشوا الثقافي ومتحف القرارة إلى مقتل ما لا يقل عن 28 فنانًا وكاتبًا فلسطينيًا – منهم شعراء وأكاديميون مثل رفعت العرعير والدكتور سفيان تايه، ومواهب شابّة مثل شام أبو عبيد وليلى عبد الفتاح الأطرش – ألحق القصف المتواصل ندوبًا بالمجتمع الفني والأدبي في غزة.

وبحسب تعبير وزير الثقافة الفلسطيني، الدكتور عاطف أبو سيف، في تقرير الوزارة الأخير عن الأضرار التي لحقت بالقطاع الثقافي في غزة: "لطالما كانت الحرب على الثقافة في صميم الحرب التي يشنّها المعتدون على شعبنا".

ما يحدث في غزة هو عملٌ متعدد الطبقات يذهب أبعد بكثير من التدمير المادي للمعالم الأثرية أو قتل الأفراد. وتندرج هذه الممارسات في إطار عمليات تدميرية أوسع تقوّض إرث المجتمع المحلي وهويته ووجوده، مع ما يترتب عن ذلك من تداعيات رمزية ونفسية على الفلسطينيين ليس في غزة فحسب وإنما أيضًا في العالم بأسره.

يتسبب التدمير المادي للمواقع الثقافية في غزة بمضاعفات خطيرة على دراسة السرديات التاريخية الفلسطينية وصوغها. فقد خسر الفلسطينيون، جرّاء تدمير جامعاتهم وأرشيفهم، مخطوطات تعود إلى قرون خلت، وموارد قيّمة لفهم تطوّر غزة وتاريخها على الصعيد الثقافي.

وقد لحقت أضرار فادحة بالتُّحَف والكنوز الأثرية، منها مجموعة فخارية من الحقبة البيزنطية ومقبرة رومانية عُثر عليها حديثًا تحتوي على توابيت نادرة مصنوعة من مادّة الرصاص.

ولكن الأثر الرمزي لهذا الدمار الواسع مهمٌّ بالدرجة نفسها. لقد استهدفت إسرائيل مساجد وكنائس قديمة تُعتبَر رموزًا ذات أهمية تاريخية ودينية على السواء. تتجاوز هذه المواقع الطابع المادي؛ فهي تختزن الإيمان والتقاليد، وتحافظ على الإرث المعماري المحلي وتجسّد التاريخ الطويل للتعايش بين الأديان في غزة.

يصبّ هذا الدمار، المادي والرمزي على السواء، في مصلحة أجندة سياسية أوسع نطاقًا تتمثّل في طمس الهوية الفلسطينية والذاكرة الجماعية، ما قد يندرج في إطار الإبادة الثقافية. وفي جانبٍ مهم، غالبًا ما تُدرَس الإبادة الثقافية باعتبارها أحد مكوّنات الإطار الأوسع للإبادة.

فقد اشتمل هذا المصطلح، منذ ابتدعه المحامي البولندي رالف لمكين في عام 1944، على ممارسات غير القتل؛ إذ إن الإبادة تتضمن الجهود الهادفة إلى طمس ثقافة المجموعات المستهدفة ولغتها وجوانبها الدينية. وليست الإبادة حدثًا فجائيًّا؛ بل إنها مسار منهجي مؤلّف من العديد من المراحل المترابطة، على النحو الذي أشار إليه باحثون كثر.

في حين أنه يمكن فهم الإبادة الثقافية على أنها إبادة قائمة بذاتها، يجب النظر إليها أيضًا بوصفها جزءًا من هذه العملية الأوسع نطاقًا. فالقضاء على المظاهر الثقافية والأدبية الغنيّة في غزة هو في حد ذاته عملٌ من أعمال التجريد من الإنسانية، ومرحلة أساسية في الإبادة، بما يصبّ في إطار الأمثلة الأكثر شيوعًا التي ظهرت خلال الحرب، مثل نعت السياسيين الإسرائيليين للمدنيين الفلسطينيين بأنهم "حيوانات بشرية".

والحال هو أن الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا أخيرًا أمام محكمة العدل الدولية ضد النظام الإسرائيلي بموجب اتفاقية جنيف، سلّطت الضوء على دمار "الذاكرة والسجلات الرسمية للفلسطينيين في غزة"، بالإضافة إلى "ذكريات الأفراد وتاريخهم ومستقبلهم".

سيكون للدمار أثر نفسي عميق ودائم على أولئك الذين ستُكتَب لهم النجاة من الحرب في غزة، وعلى الفلسطينيين خارج القطاع. فمن خلال طمس هويتهم الثقافية وقطع الروابط مع ماضيهم، تتسبب لهم إسرائيل بصدمات جديدة قد تستمر لأجيال. فإلى جانب الحرب الميدانية، "تُشَنّ أيضًا حرب فكرية وحرب تستهدف هوياتنا"، بحسب تعبير الفنان الفلسطيني بشار مراد.

في أوقات النزاع، تمتلك الأقلام القدرة على صنع التغيير والدفع قدمًا بالنضال من أجل العدالة. يقع على عاتق المجتمع الأدبي والفني العالمي الحفاظ على الأصوات المكتومة في غزة وإعلاء أصوات أولئك الذين لا يزالون قادرين على المجاهرة بأفكارهم.

*مريم شاه باحثة مستقلة وطالبة دكتوراه في دراسات السلام والنزاع.

المصدر | مؤسسة كارنيغي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: غزة فلسطين الحرب 7 أكتوبر الثقافة الفلسطينية الحملة العسكرية الإسرائيلية الذاكرة الجماعية طمس الهوية فی إطار فی غزة

إقرأ أيضاً:

وزير الثقافة يترأس اجتماع اللجنة العليا للمهرجانات -(صور)

كتب- محمد شاكر:
ترأس الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، اجتماع اللجنة العليا للمهرجانات، والذي استعرض عددًا من المقترحات لتنظيم المهرجانات الثقافية والفنية خلال الفترة المُقبلة، ومعايير دعمها.

حيث ناقش الوزير مع أعضاء اللجنة عددًا من الطلبات المقدمة من المؤسسات الثقافية الراغبة في تنظيم مهرجانات مختلفة، مشددًا على ضرورة الالتزام بالمعايير التي وضعتها اللجنة لضمان جودة هذه الفعاليات، وأشار إلى أهمية تشكيل لجنة فرعية متخصصة من شأنها متابعة تنفيذ هذه المعايير، وضمان مشاركة الشباب فيها.

وأكد هنو، على أهمية الالتزام بمعايير الجودة والتنوع، وتطوير آليات التقديم والاعتماد للمهرجانات الثقافية والفنية في مصر، وذلك من خلال تعزيز استخدام التكنولوجيا، وربط المهرجانات بالأهداف التنموية المستدامة بما يساهم في تحقيق التنمية الثقافية والاجتماعية.

ولفت الوزير إلى أهمية عقد شراكات مع الوزارات المعنية، مثل التعليم العالي، والشباب والرياضة، والسياحة والآثار، لتنظيم فعاليات هذه المهرجانات في مختلف المؤسسات التعليمية، والمراكز الشبابية، والمواقع الأثرية والسياحية، وذلك بهدف توسيع قاعدة الجمهور المستهدف، وإحداث تأثير مجتمعي أكبر.

وأكد وزير الثقافة، على أهمية تطوير آليات دعم المهرجانات الثقافية والفنية في مصر، وتقييم المهرجانات بشكل دوري، ومتابعة مدى تحقيقها للأهداف المرجوة، والعمل على تطويرها بما يتناسب مع التطورات التي يشهدها المشهد الثقافي.

وفي ختام الاجتماع، أكد الوزير على أهمية المهرجانات في إثراء الحياة الثقافية المصرية، وتعزيز الهوية الوطنية، مشيرًا إلى الدور المحوري الذي تؤديه المهرجانات في تنشيط الحركة الثقافية، وتقديم تجارب فنية متنوعة للجمهور، مشددًا على ضرورة أن تكون هذه المهرجانات ذات جودة عالية ومتوافقة مع الأهداف الاستراتيجية لوزارة الثقافة لبناء الإنسان.

مقالات مشابهة

  • تفاصيل زيارة جامعة المنصورة للملحقية الثقافية لدولة الكويت ومملكة البحرين
  • وزير الثقافة لـ سفيرة الإمارات: التعاون بيننا ركيزة أساسية تدعم العلاقات الثنائية
  • دارة الملك عبدالعزيز تقيم ندوة عن المخطوطات العربية في تركمانستان
  • انتهى زمن «الجزر المنعزلة»
  • وزير الثقافة يتفقد قصر ثقافة مطروح للوقوف على أسباب توقف أعمال رفع الكفاءة منذ 2019
  • وزير الثقافة يتفقد قصر ثقافة مطروح ويوجه بعمل تقرير مفصل
  • البشر مقابل الخوارزميات.. الحرب الثقافية الجديدة على الإنترنت
  • اليوم .. انطلاق معرض المدينة المنورة للكتاب بمشاركة مصرية وعربية ودولية
  • معرض المدينة المنورة للكتاب ينطلق اليوم بمشاركة أكثر من 300 دار نشر
  • وزير الثقافة يترأس اجتماع اللجنة العليا للمهرجانات -(صور)