الخليج الجديد:
2025-03-16@20:32:51 GMT

نحو ثقافة سياسية عربية متجددة

تاريخ النشر: 16th, February 2024 GMT

نحو ثقافة سياسية عربية متجددة

نحو ثقافة سياسية عربية متجددة

كان الإعلام يهتم بالفكر والقيم في كل موضوع يناقشه، مع مفكر أو مسؤول أو فرد عادي، أما اليوم فتتركز النقاشات على أحداث عابرة وأبطالها.

الخروج من المأزق الثقافي السياسي العربي الراهن سيكون في صالح الجميع، وكل ما يرجوه الإنسان أن لا يقف أحد في وجه المناقشات الموضوعية الصادقة.

أحرى بنا في هذا الوطن أن نقوم بأكثر من ذلك، إذا كنا نريد للشباب أن يلعبوا أدواراً نضالية وإصلاحية في مجتمعاتهم وأن يخرجوا من التّيه الذي يعيشون فيه.

يزداد الوضع خطورة بعد أن أصبحت لوسائل التواصل الاجتماعي مكانة شبه مقدسة في حياة الشباب، وبعد أن نجحت تلك الوسائل في تهميش وسائل الإعلام الكلاسيكية.

منحى جديد في الثقافة السياسية، مستقل عن الأحزاب العقائدية الشاملة، ستكون له انعكاسات سلبية كثيرة على الممارسات المجتمعية السياسية مستقبلاً والتكوين الثقافي للفرد.

* * *

في لحظة الضياع والأمراض المجتمعية الكثيرة، التي تعيشها الآن مجتمعات العالم، وعلى الأخص مجتمعات القيادة الحضارية التاريخية الكلاسيكية في دول الغرب الأوروبية والأنكلوسكسونية، بدأت تظهر إشكالية ثقافية معقدة، هي إشكالية التثقيف السياسي لأجيال المستقبل.

وتكثر الكتابات والمناقشات هناك حول البدائل الثقافية السياسية لأجيالهم الشابة، بعد أن تراجعت الأيديولوجيات السياسية السابقة، التي انتمت في أغلبها في الماضي إلى أحد البديلين: تيار اليسار أو تيار اليمين.

لقد كانت في الماضي تعريفات ومبادئ وأساليب عمل التيارين ناضجة وواضحة ومتفقا عليها، وكانت الحكومات والأحزاب والحياة السياسية في غالبيتها الساحقة تصنف بخصائص أحد التيارين.

أما اليوم، وبعد أن ارتفع صوت شعار التعددية الثقافية في كل مكان، ما عاد الحديث يقتصر على الانتماء إلى أحد التيارين فقط، وإنما أيضاً، وبالقوة نفسها، الانتماء إلى ثقافات سياسية فرعية مثل ثقافة الخضر، الذين يهتمون أساساً بالبيئة، أو الثقافة النسوية الذين يهمهم في الدرجة الأولى قضايا المرأة إلى غير ذلك من عشرات الثقافات الفرعية. وهذه الثقافات لا ترضى أن تكون جزءاً منضوياً تحت أحد التيارين الكبيرين، وإنما تريد أن تكون لها الأولوية والاستقلالية والخصوصية الذاتية.

هذا المنحى الجديد في الثقافة السياسية، واستقلاله على الأخص عن الأحزاب الكلاسيكية العقائدية الشاملة، ستكون له انعكاسات سلبية كثيرة على الممارسات المجتمعية السياسية مستقبلاً، وستكون له أيضاً آثار سلبية على التكوين الثقافي العام للفرد.

ولعل بدايات تلك الانتكاسات تشاهد وتسمع الآن في الوسائل الإعلامية الكثيرة، لقد ذهبت تلك الأيام التي كان الإعلام فيها يهتم بالفكر والقيم في كل موضوع مجتمعي يطرحه ويناقشه، سواء مع مفكر أو مسؤول أو فرد عادي، إذ تتركز النقاشات في أيامنا على أحداث عابرة وأبطالها، دون الالتفات للفكر والقيم الفلسفية التي تقف وراء تلك الأحداث.

ويزداد الوضع خطورة بعد أن أصبحت لوسائل التواصل الاجتماعي مكانة شبه مقدسة في حياة الشباب، وبعد أن نجحت تلك الوسائل في تهميش وسائل الإعلام الكلاسيكية.

وبالطبع فإن كل ما ذكرنا سيكون ظاهرة عولمية في عالم يتجه إلى أن يكون شبه قرية واحدة، وأن يكون متماثلاً في سياساته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهنا بيت القصيد، إذ بالطبع ستكون له آثاره السلبية على شباب وشابات الوطن العربي.

هذا الوطن الذي ضعفت إرادته الحضارية الذاتية، وأصبح مستباحاً من قبل قوى كثيرة، تساهم في ذلك الضعف، من أجل أطماعها وعداواتها وهلوساتها التي لا تقف عند حد.

في هذا الوطن تميزت مسيرة التثقيف السياسية في الماضي للشابات والشباب، بأنها كانت تبدأ في المدرسة الثانوية أو الجامعة، التي كانت تعج وتموج بنشاطات ومواقف ومناقشات سياسية لا تهدأ، لتنتقل بعد التخرج إلى ساحات الأحزاب السياسية، حيث يتعمق التثقيف السياسي بشكل أكبر، ويرتبط بأفعال نضالية تقويه وتحسنه.

لكن في أيامنا التي نعيش، وبسبب إشكالات الأجواء الثقافية السياسية التي وصفنا تناميها في العالم كله مؤخراً، ما عادت المدرسة الثانوية ولا الجامعة ولا الأحزاب قادرة على أن تلعب أدوارها السابقة في تثقيف الشباب والشابات بثقافة سياسية فكرية عميقة ومتوازنة وشاملة، ومرتبطة بالتزامات عضوية نحو مجتمعاتها، خاصة بعد أن أصبحت محل مراقبة مشددة من قبل قوى أمنية وسياسية متعددة تحاسبها على كل تعبير، وعلى كل موقف يختلف مع نظام الحكم.

من هنا أهمية ما نود طرحه من أسئلة وإجابات حول هذا الموضوع برمته بالنسبة لشباب وشابات الأمة، وبالنسبة للمسؤوليات التي يجب أن تضطلع بها الأحزاب والمؤسسات التعليمية العالية وعلى الأخص ووسائل الإعلام، فإذا كان الغرب المتقدم القوي الواثق من قدراته، أصبح يفتش عن حلول للضعف الثقافي السياسي الالتزامي الذي أصاب شبابه، فأحرى بنا في هذا الوطن أن نقوم بأكثر من ذلك، إذا كنا نريد للشابات والشباب أن يلعبوا أدواراً نضالية وإصلاحية في مجتمعاتهم وأن يخرجوا من التّيه الذي يعيشون فيه.

ومن البداية نحذر من أن تكون محاولتنا، سواء من قبل مفكرينا ومثقفينا أو من قبل قيادات حياتنا السياسية العربية، محاولة تقليد لما يفعله الغرب بالذات، ذلك أن أولوياتنا وطبيعة هويتنا العروبية التاريخية، واندماج الثقافة الإسلامية في كل مرافق الحياة العربية يحتمون أن تكون المحاولة العربية إبداعية ذاتية مستقلة، لها أولوياتها ومنهجيتها وخصوصية قواها التي ستقوم بتلك المحاولة.

ومن البداية نأمل أن يكون موضوعاً يناقشه الجميع مهما كانت خلفياتهم الفلسفية والفكرية والقيمية. إن الخروج من مستجدات المأزق الثقافي السياسي العربي الحالي سيكون في صالح الجميع، وكل ما يرجوه الإنسان هو أن لا يقف أحد أو تقف أية جهة في وجه المناقشات الموضوعية الصادقة باسم أي شعار تثبيطي مزيف أصبح يملأ الأرض العربية حالياً مع الأسف.

*د. علي محمد فخرو سياسي بحريني، كاتب قومي عربي

المصدر | الشروق

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: العرب اليسار اليمين الأحزاب الإعلام الجيل الجديد وسائل التواصل الاجتماعي هذا الوطن أن تکون من قبل بعد أن

إقرأ أيضاً:

4 اتفاقيات لإضافة مشروعات طاقة متجددة وتحلية مياه للقطاع الخاص.. التخطيط في أسبوع

أصدرت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، حصادها حول أبرز أنشطة وفعاليات الوزارة واجتماعات ومشاركات الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي عن الأسبوع المنقضي.

‏‎وخلال الأسبوع المقضي، أطلقت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، تقرير المتابعة الثاني للمنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفِّي»، محور الارتباط بين مشروعات المياه والغذاء والطاقة، برعاية وحضور الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء.

ننشر.. تفاصيل الحصاد الأسبوعي لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصاديةننشر تفاصيل الحصاد الأسبوعي لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصاديةننشر تفاصيل الحصاد الأسبوعي لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية

‏‎وتأتي أهمية الفعالية لاستعراض التقدم المحرز في تنفيذ مشروعات المنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفِّي»، إحدى المبادرات التي أطلقت خلال رئاسة مصر لمؤتمر المناخ COP27، حيث أن تلك الفعالية تعقد للعام الثاني على التوالي لمتابعة ما تم تنفيذه من مشروعات واستشراف الخطوات المستقبلية.

‏‎وخلال فعاليات إطلاق تقرير المتابعة الثاني للمنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفِّي»،  تم إطلاق مبادرة إقليمية مع البنك الأفريقي للتنمية للاستفادة من نجاحات برنامج «نُوَفِّي» في كينيا والسنغال وزامبيا كمرحلة أولى، كما تم توقيع 4 اتفاقيات لإضافة مشروعات طاقة متجددة وتحلية مياه للقطاع الخاص ضمن برنامج «نُوَفِّي»، وإتاحة تمويلات ميسرة من شركاء التنمية للقطاع الخاص بقيمة 4 مليارات دولار لتنفيذ مشروعات طاقة متجددة بقدرة 4.2 جيجاوات،وتخصيص 6.7 مليار جنيه استثمارات عامة بخطة 2025/2024 لربط 4 مشروعات طاقة متجددة ضمن برنامج «نُوَفِّي» بالشبكة القومية للكهرباء.

‏‎من جانب آخر، استعرضت «المشاط»، تقريرًا حول الموقف التنفيذي للمرحلة الأولى من المشروع القومي لتطوير الريف المصري المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، بنهاية ديسمبر 2024، وذلك في إطار جهود الوزارة للمتابعة المتكاملة لتنفيذ المبادرة في ضوء خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية ورؤية مصر 2030.

‏‎وفي سياق آخر، استقبلت الدكتورة رانيا المشاط، الدكتور محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، لمناقشة الخطة الاستثمارية لقطاع الكهرباء والطاقة المتجددة للعام المالي الجديد 25/2026.

‏‎كما شاركت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، باجتماع اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، برئاسة النائب محمد سليمان، وبحضور وكيلي اللجنة النائب محمد عبد الحميد، والنائب كمال الدين الشافعي، والنائب طارق حسن عمار، أمين سر اللجنة، وأعضاء اللجنة من السادة النواب. حيث وافقت اللجنة على قرار رئيس الجمهورية رقم 70 لعام 2025 بشأن الموافقة على قراري مجلس محافظي البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية رقم (259) و (260) بشأن تعديل اتفاق إنشاء البنك لتمكين التوسع الجغرافي لعملياته في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والعراق، وفي لقاء آخر ناقشت منفذات خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي المنقضي 2024/2023.

‏‎وفي سياق متصل، التقت «المشاط»، أعضاء الجمعية المصرية البريطانية للأعمال (BEBA)، وذلك خلال حفل السحور السنوي للجمعية، بحضور جاريث بايلي، السفير البريطاني في مصر، والمهندس خالد نصير، رئيس الجمعية المصرية البريطانية للأعمال (BEBA)، والمهندس طارق الملا، وزير البترول السابق، و هشام زعزوع، وزير السياحة الأسبق، ونخبة من ممثلي مجتمع الأعمال والمؤسسات المالية، لإستعراض الجهود الحكومية لتطوير الأداء الاقتصادي وتعزيز النمو وزيادة معدلات التوظيف وتعزيز الثقة في بيئة الأعمال.

‏‎وشاركت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في الندوة التي عقدها بنك الاستثمار الأوروبي، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، تحت عنوان "توسيع الحلول نحو الشمول والنمو الاقتصادي"، وذلك بحضور  ناديا كافينو، رئيسة بنك الاستثمار الأوروبي، وذلك لتسليط الضوء على أهمية المساواة بين الجنسين، مؤكدة أهمية تمكين المرأة، وتسريع العمل من أجل خلق مسارات للسيدات لكي يزدهرن في كل مجال من مجالات الحياة.

مقالات مشابهة

  • رئيس شؤون الضباط في وزارة الدفاع العميد محمد منصور: الجيش العربي السوري كان وسيبقى عماد السيادة الوطنية، واستعادة الكفاءات والخبرات العسكرية التي انشقت وانحازت للشعب في مواجهة نظام الأسد البائد والتي خاضت معارك الدفاع عن الوطن أمرٌ ضروري لتعزيز قدرات جيشن
  • أمانة "الجبهة الوطنية" تعكف على بلورة رؤية إعلامية تخدم الوطن والمواطن
  • الجبهة الوطنية: نعكف على بلورة رؤية إعلامية لخدمة الوطن والمواطن
  • الجبهة الوطنية: بلورة رؤية إعلامية تعكس أهداف الحزب لخدمة الوطن والمواطن
  • أبوخشيم: يجب محاسبة وسائل الإعلام التي تروج لخطاب الكراهية
  • فاسدة وغسر شرعية..ترامب يهاجم ووسائل الإعلام التي تنتقده
  • تنورة الغربية للفنون الشعبية تشعل الأجواء الرمضانية بالمركز الثقافي بطنطا
  • 4 اتفاقيات لإضافة مشروعات طاقة متجددة وتحلية مياه للقطاع الخاص.. التخطيط في أسبوع
  • “التخطيط”: 6.7 مليار جنيه استثمارات بخطة 2025/2024 لربط 4 مشروعات طاقة متجددة
  • صالون بورسعيد الثقافي يناقش ظاهرة التنمر والعنف لطلاب المدارس