الخليج الجديد:
2025-03-16@21:30:37 GMT

الديمقراطية الإسرائيلية الزائفة

تاريخ النشر: 16th, February 2024 GMT

الديمقراطية الإسرائيلية الزائفة

الديمقراطية الإسرائيلية الزائفة

لن يستطيع الغرب دعم التطرّف الديني الإسرائيلي والعنصرية الإسرائيلية والاحتلال الإسرائيلي إلى ما لا نهاية.

لا يمكن للغرب مواصلة تجاهل الانتهاكات بحقّ الفلسطينيين، خصوصًا أن العالم يسير في اتّجاه معاكس للعنصرية والتطرّف.

تواصل إسرائيل بناء المستوطنات في خرقٍ وتحدٍّ واضحَين للقانون الدولي.

شاء الغرب أن يتجاهل كل ذلك، والسؤال اليوم، لماذا؟

يتعلق الأمر برؤية الغرب العنصرية للعرب والمسلمين. إسرائيل بالنسبة إلى الغرب تمثّل خط الدفاع الأول ضدّ ثقافة لا يريدها أو يعاديها.

إسرائيل تمارس الديمقراطية مع مواطنيها اليهود فقط، أما العرب، أهل البلاد الأصليون، فتميز ضدّهم قانونًا وممارسةً، وهو تعريف نظام الفصل العنصري.

يتغاضى الغرب عن أن هذه الدولة "الديمقراطية" دولة محتلة وأن احتلالها هو الأطول في التاريخ الحديث، وأن إسرائيل لا تطبّق القانون الدولي على الأراضي المحتلة.

العالم يتغيّر ويسير ضد اتجاه إسرائيل المغالي في عنصريته وتطرّفه ولاإنسانيته. سيأتي يوم ينحاز فيه الجيل الجديد للحقوق المتساوية أكثر منه لديمقراطية زائفة.

* * *

ربما نجحت إسرائيل في الماضي في تسويق نفسها على أنها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، وأنها وحدها تحمل لواء القيم الديمقراطية الليبرالية، ومن هذا المنطلق يتوجّب على الغرب دعمها سياسيًا وماديًا لأنها تدافع عن قيمه في منطقة تسودها قيم سلطوية.

ولكن نجاح إسرائيل هذا ليس مردّه قوة إسرائيل الإعلامية أو قيمها "الديمقراطية" فقط. فقد شاء الغرب، ولأسباب دينية وثقافية، إضافةً إلى الهولوكوست الذي ارتكبته ألمانيا النازية وشعور الذنب الذي تبع ذلك، أن يقنع نفسه بالادّعاءات الإسرائيلية التي لا يجوز أن يكون لها مكانٌ اليوم.

وخاصة بعد ما قامت وتقوم به إسرائيل من حروب ضدّ الشعب الفلسطيني، ما يمكن أن يصل حدّ اتّهامها بالإبادة الجماعية من جانب أعلى سلطة قضائية دولية.

شاء الغرب أن يتجاهل حقيقة لا لبس فيها، وهي أن إسرائيل تمارس الديمقراطية مع مواطنيها اليهود فقط، أما مواطنوها العرب، سكان البلاد الأصليون، فيتم التمييز ضدّهم قانونًا وممارسةً، وهو التعريف القانوني لنظام الفصل العنصري.

شاء الغرب أن يتغاضى عن أن هذه الدولة "الديمقراطية" دولة محتلة وأن احتلالها هو الأطول في التاريخ الحديث، وأن إسرائيل لا تطبّق القانون الدولي على الأراضي المحتلة، وأنها تواصل بناء المستوطنات في خرقٍ وتحدٍّ واضحَين للقانون الدولي. شاء الغرب أن يتجاهل كل ذلك، والسؤال اليوم، لماذا؟

قد يتعلق الجواب برؤية الغرب العنصرية للعرب والمسلمين. إسرائيل بالنسبة إلى الغرب تمثّل خط الدفاع الأول ضدّ ثقافة لا يريدها. وقد باتت هذه الحقيقة واضحة بعد الموقف المتشدّد الذي يتّخذه الغرب ضدّ هجرة العرب من شمال أفريقيا إلى أوروبا، وهجرة السوريين إلى أوروبا وأميركا، على عكس الترحاب الذي يلقاه اللاجئون الأوكرانيون مثلًا.

لقد نجحت إسرائيل في موضعة موقفها المعادي للعرب والفلسطينيين ضمنيًا ليتماشى مع الموقف الغربي ضدّ ثقافة المنطقة وضدّ الهجرة منها. في سبيل ذلك، لا بأس لدى الغرب في التغاضي عن كل انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي وحقوق الإنسان طالما أنها تلبّي الرغبات المُعلنة أو الدفينة لصنّاع القرار الغربيين.

هذه الصورة المزيفة للديمقراطية الإسرائيلية بدأت بالتخلخل مع وصول الائتلاف الإسرائيلي اليميني العنصري بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى السلطة، خاصةً بعد محاولته تقويض النظام القضائي الإسرائيلي ونسف مبدأ نظام الفصل والتوازن الذي يشكّل أساس الديمقراطية التي تمنع تغوّل سلطة على أخرى.

فجأةً، وجد الغرب نفسه يتعامل مع إسرائيل ينقضّ فيها بعضها اليهودي على البعض الآخر اليهودي أيضًا، ما ينسف السبب المُعلن أو الدفين للمحاباة الغربية لإسرائيل. فالفلسطينيون، من النواحي الشخصية أو الثقافية، لا دخل لهم بما يجري من اعتداء على القيم الديمقراطية داخل إسرائيل التي يدّعي الغرب مناصرته لها.

ورغم انتقاد الغرب الحالي لحكومة إسرائيل بقيادة نتنياهو، ظلّ هذا الانتقاد يمارَس على استحياء وبشيء من عدم الراحة، رغم وجود عناصر داخل الحكومة الإسرائيلية مثل بن غفير وسموتريتش ممّن يحملون أفكارًا عنصرية غير ديمقراطية علنية. وبالتالي لم يرقَ هذا الانتقاد إلى تغيير السياسات أو النظرة تجاه إسرائيل لأن السبب الدفين وراء تأييدها لم يتغيّر.

جاء 7 تشرين الأول/أكتوبر لـ"يريح" الغرب الرسمي من معضلته، فقد أعاد الصورة النمطية السائدة عن إسرائيل والتي أرادها في مخيلته، فها هي إسرائيل تتعرّض مرة أخرى لهجوم "همجي"، وها هي مرة أخرى "تدافع عن نفسها دفاعًا مشروعًا"، وها هي الديمقراطية الليبرالية في مواجهة التطرُّف الديني!

هذه برأيي الأسباب الكامنة الحقيقية وراء الدعم الغربي لإسرائيل، وهي أسباب لم تهزّها حتى وقت قريب كل الانتهاكات الإسرائيلية عبر عقودٍ من الزمن، ابتداءً من احتلال فلسطين والحرب على غزة. في سبيل المحافظة على "نقاء" المجتمعات الغربية، يصغر حجم أي اعتداء إسرائيلي، وأي فصل عنصري، بل وأي إبادة جماعية طالما أن المعتَدى عليه فلسطيني أو عربي.

لكن واقع الحال يشير إلى أن هذه الصورة المغالية في الزيف لإسرائيل لا تستطيع أن تبقى محصّنة للأبد. فبعد مقتل أكثر من سبعة وعشرين ألفًا من المدنيين الفلسطينيين، جلّهم من النساء والأطفال، لا تستطيع إسرائيل مواصلة الادّعاء بالدفاع عن النفس من دون وضوح ضعف هذه الحجة. بعد تدمير غزة شبه الكامل وتحويلها إلى أرضٍ غير قابلة للسكن، لا تستطيع إسرائيل الادّعاء أنها لا تهدف إلى تنفيذ التطهير العرقي.

هل يستطيع المجتمع الدولي مواصلة ريائه ومحاباته لإسرائيل؟ ربما يستطيع الغرب الرسمي أن يستمر بإقناع نفسه بدعم إسرائيل حتى حين، ولكن الكثير من أبناء وبنات الجيل الجديد، الذين يأخذون موضوع الحقوق الفلسطينية بجدية أكبر ودون تغليفها بأسباب أصبحت واهية، بدأ بالتحرّك والاعتراض. وها هي محكمة العدل الدولية، أعلى سلطة قضائية في العالم، تتّهم إسرائيل بالإبادة الجماعية في خطوة غير مسبوقة.

لن يستطيع الغرب دعم التطرّف الديني الإسرائيلي والعنصرية الإسرائيلية والاحتلال الإسرائيلي إلى ما لا نهاية. فالعالم يتغيّر ويسير في اتجاه معاكس تمامًا للاتجاه الإسرائيلي المغالي في عنصريته وتطرّفه ولاإنسانيته. سيأتي يوم ينحاز فيه الجيل الصاعد للحقوق المتساوية أكثر منه لديمقراطية زائفة.

*د. مروان المعشّر نائب رئيس مؤسسة كارنيغي، نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية في الأردن.

المصدر | مؤسسة كارنيغي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الغرب إسرائيل الاستيطان الديمقراطية العنصرية فلسطين الاحتلال نظام الفصل العنصري الجيل الجديد المجتمع الدولي الإبادة الجماعية التطرف الديني

إقرأ أيضاً:

مقارنة بين وقوف الغرب مع أوكرانيا وموقف العرب من فلسطين

محمد الموشكي

ماذا عن حرب روسيا مع أوكرانيا، هذه الحرب التي دخلت عامها الرابع؟ ما سبب اندلاعها وما هي المصالح المترتبة عليها، بعيدًا عن الهالة الإعلامية الغربية والرواية الغربية ذاتها؟

حرب أوكرانيا مع روسيا اندلعت في سياق خدمة الغرب، والغاية منها هي إضعاف روسيا واختبار قدرتها العسكرية. وإلا فما هي مصلحة أوكرانيا في معادَاة روسيا، وهي التي تجمعها بهما أغلب الثقافات والعادات، فضلًا عن المصالح المشتركة بين الشعبين والبلدين؟

هنا، لم يتخذ الغرب موقف الحياد ولو بمظهر بسيط وشكلي. بل وجدنا أن الغرب قد وقف بقوة لدعم أوكرانيا بشكل واضح وعلني، وقد شمل ذلك جميع أشكال الدعم، بدءًا من الدعم العسكري وكل ما تحتاجه أوكرانيا في مواجهة روسيا.

وقفت أغلب الدول الأُورُوبية مع أوكرانيا، وهي تدرك جيِّدًا أن موقفها هذا قد يكلفها خسارة مصالح مشتركة كبيرة جِـدًّا مع روسيا، وقد تتحمل عواقب سلبية على اقتصادها، وهذا ما يتجلى بالفعل في آثار انقطاع الغاز والنفط والقمح الروسي عن بعض الدول الغربية.

ومع ذلك، لم يمنع هذا الدول الغربية من دعم أوكرانيا، بل وقامت بمقاطعة روسيا في جميع المجالات، حتى الرياضية.

أمام هذا الموقف الحازم من الغرب، يتعين علينا أن نقارن موقف الدول العربية والإسلامية مع فلسطين، القضية الفلسطينية العادلة التي لا يختلف حولها اثنان. فهي قضية شهد العالم أجمع بأنها قضية عادلة القضية التي عمرها يزيد عن 80 عامًا من الظلم والاضطهاد والقتل والتشريد والاحتلال لأهلها وأرضها.

ومع كُـلّ هذه الوضوح وهذه المظلومية وهذه القضية العادلة، نجد الموقف المخزي والمحرج الذي اتخذته الدول العربية والإسلامية تجاه هذه القضية. موقف لم يرتقِ حتى إلى مستوى التحريض ضد هذا الاحتلال،

مما جعل جميع الأمم تستهين بهذه الأُمَّــة التي اختارت التخاذل، بل والخيانة، والتفريط في هذه القضية العادلة صُلب موقفها.

إن عدم التحَرّك بشكل جاد من قبل الدول العربية والإسلامية يعكس تخاذلًا يتجاوز الوصف، حَيثُ يرون أغلب الأمم الأُخرى أُمَّـة تمتلك كُـلّ القدرات التي تؤهلها لمواجهة هذا الاحتلال، خاضعة وخانعة وغير قادرة حتى على إدخَال شاحنة واحدة من القمح لأكثر من مليونَـــي مسلم وعربي محاصرين في غزة.

بينما نجد أن هذه الدول العربية والإسلامية ومن العجيب العجاب سارعت في الوقوف، منذ اللحظة الأولى، إعلامين وسياسيين وماديين مع أوكرانيا، وهي الدولة التي ليست عربية، ولا يجمعنا بها أي دين أَو ثقافة أَو مصالح أَو حدود مشتركة، ومع ذلك، كانوا الأكثر حرصًا على إيقاف الحرب في أوكرانيا ودماء الأوكرانيين وبعض أوقات الروس.

إنها بالفعل أُمَّـة ضحكت من جهلها وتخاذلها وخنوعها الأمم.

مقالات مشابهة

  • مقارنة بين وقوف الغرب مع أوكرانيا وموقف العرب من فلسطين
  • السؤال الذي يعرف الغرب الإجابة عنه مسبقا
  • كيف زيِّفت أوروبا ذاتها الحضارية؟!
  • الخارجية الفلسطينية تناشد المجتمع الدولي وقف جرائم الاحتلال الإسرائيلي شمال الضفة الغربية
  • متحدث الحكومة الإيرانية ترد على عقوبات الغرب ضدها
  • عاجل | مجلة إيبوك الإسرائيلية عن تقديرات أمنية: نظام الشرع قد يغض الطرف عن عمليات ضد إسرائيل من داخل سوريا
  • الإعلان الدستوري السوري: خطوة على طريق بناء الدولة الديمقراطية
  • كيف تحمي نفسك من الأخبار الزائفة: 3 خطوات أساسية للتحقق من المعلومات
  • شرخ في جدار الغرب.. الطلاق بين الولايات المتحدة وأوروبا
  • القناة 14 الإسرائيلية: استنفار للجيش الإسرائيلي في غور الأردن للاشتباه في عملية تسلل