يوسف القعيد يكتب: الثانوية العامة «بُعبُع» الطلاب والمدرسين والمجتمع كله
تاريخ النشر: 16th, February 2024 GMT
لست أدرى متى بدأت شهادة إتمام الدراسة الثانوية العامة فى أن تتحول إلى قضية القضايا فى التعليم المصرى: هل كان ذلك قبل ثورة يوليو 1952؟ أم ما جاء بعدها فى ظل حالة الانتعاش والرغبة فى التعلُّم التى أعقبت هذه الثورة العظيمة؟ ولكننا هنا والآن نرى ظاهرة مجتمعية موجودة فى كل مكانٍ من بر مصر. فى الريف والحضر، فى القرى والمدن، فى العزب والكفور، وعواصم المحافظات والمدن الكبرى مثل القاهرة والإسكندرية.
وقُبيل امتحانها كل عام نسمع حكايات لا أول لها ولا آخر عن الاستعداد لها. وكأنها شهادة آخر الدنيا. مع أن الأمر ربما يكون أبسط من هذا بكثير. صحيح أنها الفيصل بين التعليم الثانوى والتعليم الجامعى بشقيه النظرى والعملى ونظرة المجتمع لمن يدرس فى الجامعات تختلف عن نظرة المجتمع نفسه لمن يدرس فى المدارس.
فالجامعة مهما كانت مشاكلها وهمومها وصعوبات التدريس فيها. إلا أنها تبقى الجامعة. لدرجة أن الشهادة التى تمنحها تُسمى مؤهلاً عالياً. وهذا يجعلنا ننظر إلى ما دونها من شهادات بأنها الأقل. ولا يمكن وصفها بالعادية بأى حالٍ من الأحوال. يحدث هذا فى العزب والكفور والنجوع والقُرى والمدن الصغيرة والمدن الكبيرة من أول وجه بحرى حتى الصعيد الجوانى، ومن قلب سيناء حتى مرسى مطروح.
لدرجة أنها أصبح لها موسم خاص بها سواء فى انصراف الطلبة للمذاكرة، أو قيام سُرادقات الدروس الخصوصية عياناً بياناً وعلى مرأى من الشهود. رغم أن القانون قد يُجرِّمها ويجعل لها عقوبات رادعة. ولكن كل شىء مُمكن ومتاح من أجل الحصول على هذه الشهادة «الذهبية» التى تؤهل من يتحصل عليها لدخول الجامعة، وما أدراك ما الجامعة!.
لقد تغيَّرت وتبدَّلت أمورٌ كثيرة فى تاريخ التعليم المصرى، ولكن تبقى ثورة الثالث والعشرين من يوليو 1952 التى أكدت الشعار الذى كان قد أُطلِق قبلها فى المرحلة الليبرالية الواقعة ما بين 1919 و1952 والذى يقول إن التعليم الأولى والمتوسط والعالى حق من حقوق كل مصرى، على الدولة المصرية أن توفر له المناخ المناسب لكى يتحصل عليه الطلاب.
وهكذا نحن الذين صنعنا القضية. وأصبحنا نعانى منها. وما من بيتٍ فى بر مصر إلا وتسمع من يعيشون فيه وأنت تمر من أمام أبوابهم أو نوافذ بيوتهم: «بُعبُع» الثانوية العامة. كان اسمها من قبل «التوجيهية»، ولكن غلب عليها بعد ذلك تعبير: الثانوية العامة. وأصبحت لها مواسم تتمثل فى امتحاناتها وانتظار النتائج، والأهم من نتيجة النجاح أو الرسوب هو المجموع الكُلِّى الذى يحصل عليه الطالب سواء كان تخصصه أدبياً أو علمياً. فتلك بوابة الجامعة.
لدرجة أن رموز مصر فى العلم والثقافة والأدب والفن أصبحوا يحرصون على أن يشيروا فى أحاديثهم، بعد أن يشتهروا وتعرفهم الدنيا كلها، إلى الأدوار التى قاموا بها فى اجتياز الثانوية العامة ودخول الجامعات حتى يتحصلوا على التعليم العالى. وما زلت أذكر حتى الآن كفاح أهل قريتى ونضالهم، وسبق كل ذلك أحلامهم فى أن تكون فى القرية مدرسة ثانوية. وكانت قد عرفت المدارس الابتدائية مدرسة عسران عبدالكريم بالضهرية بحيرة. ثم عرفت المدارس الإعدادية مدرسة أنصارى سمك الإعدادية التى أصبح جزء منها فيما بعد مُخصصاً للتعليم الثانوى.
وهكذا ترسَّخت فى مصر نظرة لمن يتخرج فى الجامعة تختلف تماماً وجذرياً عن النظرة لغيره من الشباب. فما بالك بمن ناقش الماجستير والدكتوراه بعد الشهادة الجامعية! وهكذا أصبح للثانوية العامة «هيلمان» وأى «هيلمان» هذا؟ وأصبحت مثل نظام الطبقات الذى كان سائداً فى مصر قبل الثالث والعشرين من يوليو سنة 1952، وأصبحنا نرى عند موقف السيارات والأوتوبيسات فى قريتى الطلاب الذين قُبِلوا فى الجامعة القريبة من قريتنا وكأننا نودعهم إلى رحلة المجد والفخار.
إن الكلمة الفصل بين تعليم وتعليم هى الثانوية العامة التى يُمكن أن تقول عنها بُعبُعاً أو مارداً مُخيفاً أو وسيلة من وسائل الفخر الاجتماعى فى إطار المجتمع الصغير والكبير. وهنا تساوت القرية بالمدينة فى النظر إلى هذه الشهادة التى طالما حيَّرت العقول والألباب.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الثانوية العامة التطوير الحوار المجتمعى الثانویة العامة
إقرأ أيضاً:
الأحزاب والمجتمع المدني والنقابات تعلن الاصطفاف الوطني خلف القيادة السياسية
شاركت القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدنى والنقابات المهنية فى وقفة معبر رفح أمس، استجابة للدعوات التى أطلقتها الأحزاب والكيانات السياسية، مؤكدين حق الفلسطينيين فى أرضهم، وطالبوا بإعمار غزة. وأكدت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، أهمية الاصطفاف الوطنى خلف القيادة المصرية، مشيدة بوحدة وتماسك الأحزاب والقوى السياسية المصرية بمختلف أطيافها وأيديولوجياتها فى دعم الموقف الرسمى للدولة المصرية الساعى لتحقيق السلام العادل والشامل فى المنطقة، ورفض أى محاولات لتصفية القضية الفلسطينية أو تهديد الأمن القومى المصرى والعربى.
وأشادت بالموقف الوطنى المشرف لمجلس النواب، فى دعمه الثابت للقضية الفلسطينية، ورفضه القاطع محاولات التهجير، سواء تحت قبة البرلمان، أو فى المحافل الدولية والإقليمية، ومواقفه التى تعكس التزام مصر التاريخى تجاه الأشقاء الفلسطينيين.
«التنسيقية»: نرفض أي تهديد للأمن القوميوأعربت التنسيقية عن رفضها القاطع محاولات التهجير الطوعى أو القسرى، التى تمارسها حكومة الاحتلال، وتمثل انتهاكاً صارخاً لكل القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، كما دعت «التنسيقية» إلى الاصطفاف أمام معبر رفح لرفض محاولات التهجير، وتصفية القضية الفلسطينية. ودعت «التنسيقية» أيضاً المجتمع الدولى إلى تحمّل مسئولياته القانونية والإنسانية تجاه الشعب الفلسطينى، والضغط على الاحتلال لوقف سياساته القمعية وإجراءاته غير القانونية التى تُهدّد الاستقرار فى المنطقة.
«مستقبل وطن»: التوافد الشعبي على المعبر يعكس إجماع المصريين على الرفض القاطع لمخططات الاحتلالوشدّد حزب مستقبل وطن على أن التوافد الشعبى الذى شهده أمس معبر رفح، يعكس إجماع الرأى العام المصرى على الرفض القاطع لمخططات التهجير، والاصطفاف خلف القيادة السياسية فى موقفها الدقيق بين الدعم التاريخى للقضية الفلسطينية ومحدّدات الأمن القومى المصرى، ويُمثل رسالة واضحة المعانى والدلالات للمجتمع الدولى، مؤكداً أنّ القيادة السياسية المصرية لطالما حذّرت من انسداد المسارات المؤدية إلى تسوية سياسية شاملة، إذ تدعو رؤية الدولة المصرية إلى السعى الجاد لتطبيق حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، كسبيل وحيد للسلام والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط، وأن تهجير الشعب الفلسطينى يُعد ظلماً، ولا يُمكن أن تشارك مصر فيه.
وأكد فريد زهران، رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، أن الحزب دعا القوى الشعبية والأحزاب السياسية، والنقابات المهنية، وجميع أطياف الشعب المصرى منذ أيام، للمشاركة فى الوقفة الاحتجاجية، والتضامن مع الشعب الفلسطينى، ورفض محاولات تهجير الفلسطينيين، أو النيل من حقوقهم المشروعة، موضحاً أن تلك الوقفة هدفها الاحتجاج على المخططات الظالمة التى تُمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولى وتهديداً مباشراً لاستقرار المنطقة بأكملها، وأن الجميع شارك تحت شعار واحد ولهدف واحد هو التضامن مع الشعب الفلسطينى والوقوف فى وجه أى محاولة لتصفية القضية الفلسطينية، وأن التحرّك لن يكون تحت مظلة حزب ولا فصيل.
فيما قال ناجى الشهابى، رئيس حزب الجيل الديمقراطى، إن الجماهير المصرية التى زحفت عبر السيارات إلى معبر رفح منذ الساعات الأولى من الليل، لتعلن للدنيا كلها أن مصر الشعبية بأحزابها ونقاباتها المهنية والعمالية ومنظمات مجتمعها المدنى تقف خلف الدولة المصرية والقيادة السياسية وتدعم قرارها القومى برفض مخططات التهجير ودعم حق شعبنا الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو 1967.
وقال المستشار حسين أبوالعطا، رئيس حزب المصريين، إن الوقفة التضامنية الحاشدة التى شهدها معبر رفح، تحت شعار «كلنا معاك يا سيسى»، جاءت رفضاً لمحاولات التهجير القسرى للفلسطينيين من قطاع غزة، مؤكدين دعمهم الكامل لموقف الدولة المصرية فى التصدى لهذه المخططات، ولفت إلى أن هذا الحشد الشعبى الهائل يعكس مدى الوعى الوطنى والإدراك الشعبى العميق لخطورة الأوضاع الراهنة فى المنطقة.
وشاركت نقابات «المحامين، والمهندسين، والأطباء، والصحفيين، والمهن التمثيلية، والمهن السينمائية، والزراعيين، والتجاريين، والبيطريين، وأطباء الأسنان» فى الوقفة التضامنية مع الشعب الفلسطينى أمام معبر رفح، لإعلان رفضهم الكامل لجميع أشكال ومحاولات التهجير للفلسطينيين ودعم الشعب الفلسطينى وحقه فى العودة وإعمار غزة.