محللون: استهداف الاحتلال المرافق الصحية سياسة معتادة وتنتهك قرارات محكمة العدل
تاريخ النشر: 16th, February 2024 GMT
يرى محللون وخبراء أن استهداف الاحتلال الإسرائيلي المرافق الصحية بقطاع غزة، والوصول إلى أبعد حد في الاعتداء عليها، هي سياسية معتادة وليست استثنائية، وتنتهك قرارات محكمة العدل الدولية الصادرة مؤخرا في الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا، وتتهم إسرائيل بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية بحق أهالي غزة.
في إطار ما وصفته منظمات حقوقية عديدة بأنه استهداف ممنهج للقطاع الصحي بغزة، وبعد أيام من إعراب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية عن قلقه العميق إزاء الوضع داخل وحول مجمع ناصر الطبي غربي مدينة خان يونس، اقتحمت قوات الاحتلال المجمع وحولته لثكنة عسكرية، بعد أن هدمت سوره الجنوبي ودخلت منه.
وخلال مشاركتها في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟" أفادت غِيِميت توما المنسقة الطبية لمنظمة "أطباء بلا حدود" في فلسطين، بأن فريق المنظمة الذي كان موجودا في مجمع ناصر الطبي، اضطر أفراده للهرب مع أسرهم بعد قصف قوات الاحتلال مبنى المجمع واقتحامه، ما أدى لاستشهاد فلسطيني وإصابة آخرين.
وحذّرت توما من أن هناك نحو 400 مريض بحالات حرجة، منهم من لا يمكنه الحركة، أُجلوا من المستشفى في وقت لا تتوفر فيه مستشفيات أخرى يمكنها استقبال كل ذلك العدد، وهو ما يجعلهم معرضين لخطر الموت، معدّة الأمر كارثيا.
وأشارت إلى أن البنى التحتية للمنشآت الطبية مستهدفة بشكل واضح، رغم وجود المرضى والطواقم الطبية داخلها، التي هي من الأساس غير متناسبة مع الأعداد الكبيرة للمرضى، وهو أمر غير مقبول إطلاقا، ولا بد من إيقافه.
ليست استثناءوفي هذا السياق، يرى ساري عرابي الكاتب والباحث السياسي، أن سياسة الاحتلال الإسرائيلي في استهداف المرافق الصحية ليست استثنائية، بل هي معتادة حتى في ظروف مختلفة عن الحرب العدوانية على غزة، مشيرا في هذا السياق إلى اقتحام الاحتلال مستشفى ابن سينا في جنين واغتياله 3 فلسطينين على أسرته.
وأشار إلى أن الاحتلال اعتاد انتهاك الأماكن التي تعدّ محرمة من الناحية العرفية؛ كبيوت العبادة والمستشفيات والجامعات والمدارس، حيث لا توجد محرمات لديه في التعامل مع الفلسطينيين، بغض الطرف عن السياق ومستوى المواجهة.
ومن ثم، يرى ساري أن الواقع الحالي لن يكون مستغربا في ظل هذا القدر من قصدية الإبادة للشعب الفلسطيني، واستهداف الاحتلال تدمير الحياة الحضارية داخل قطاع غزة، ومنع أي ملاذ أمان حقيقي فيه، وتصعيب الحياة داخل القطاع وتحويلها لجحيم، وهو ما يندرج في إطار الممارسة الانتقامية التي لم تتوقف.
ويذهب الكاتب السياسي إلى أن الاحتلال لن يتوقف عن ممارسته تلك طالما لا يجد من يمنعه أو يكبحه، في ظل تقديراته بأن حربه وحاجاته الأمنية فوق أي اعتبار، وإصراره على الاستمرار في هذه الحرب.
ورغم تقديره بأن إسرائيل تهتم إلى حد ما بصورتها الدولية التي اهتزت بعد اتهامها بارتكاب الإبادة الجماعية، فإنه يرى أن الاحتلال يعطي الأولوية لخيارات القوة في التعامل مع الفلسطينيين.
ويضيف ساري بأن الاحتلال يرى أن قرارات المحكمة الدولية لن تؤثر في المصالح الإستراتيجة والأمنية الاسرائيلية، في ظل نظرته بأن ظهر الفلسطينيين مكشوف دون سند في هذه المواجهة.
انتهاك صريح ومطلقبدوره، يرى الدكتور سعد جبار، المحامي والخبير في القانون الدولي، أن استهداف الاحتلال للمنشآت الصحية يعدّ انتهاكا صريحا ومطلقا لما جاء في حكم محكنمة العدل الدولية، وخرقا لكل القوانين الدولية ويأتي في سياق الاعتداءات التي تندرج تحت بند الإبادة الجماعية.
وفي ظل استمرار إسرائيل في خرق قرارات محكمة العدل الدولية، يرى سعد أنه بات على محكمة الجنايات الدولية، القيام بدور من خلال إصدار النائب العام لائحة اتهامات ضد المسؤولين الاسرائيليين، والمطالبة بملاحقتهم دوليا لمحاسبتهم على هذه الجرائم.
وأضاف بأنه على الدول والمنظمات الداعمة لإسرائيل -خاصة أميركا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي- التوقف عن الاكتفاء بالاستنكار والإدانة، وتجاوز ذلك بمطالبة إسرائيل بالامتناع وبشكل فوري عن القيام بهذه الجرائم، فلولا دعمهم لها ما قدرت على ارتكاب تلك الجرائم، على حد تعبيره.
وأشار إلى أن وجود قضية أخرى تتعلق بشرعية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، مدرجة على جدول محكمة العدل الدولية الأسبوع المقبل، من شأنه أن يؤخر النظر في مطالبة جنوب أفريقيا المحكمة بتحذير إسرائيل من اجتياح رفح، وإلحاق انتهاكاتها الأخيرة بدلائل ارتكاب الاحتلال جريمة الإبادة الجماعية في غزة.
إلا أن عنصر الوقت مهم، حسب الخبير في القانون الدولي، ومن ثم فإنه لا بد على الدول الكبرى اتخاذ قرارات لوقف المذابح الإسرائيلية بحق الفلسطينيين -على حد تعبيره- كما يجب على النائب العام لمحكمة الجنايات التحرك، وتوجيه اتهامات للمسؤولين الإسرائيليين كما فعل بشأن مسؤولين آخرين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: استهداف الاحتلال الإبادة الجماعیة العدل الدولیة أن الاحتلال محکمة العدل إلى أن
إقرأ أيضاً:
شوارع غزة تنفض عن نفسها رماد الإبادة وتهتف للمقاومة
الثورة /وكالات
عند الساعة الثامنة والنصف صباح يوم التاسع عشر من يناير 2025، كان المشهد في قطاع غزة مغايراً، حيث عمت الاحتفالات والابتهاجات الشوارع ومخيمات النزوح مع دخول وقف حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة حيز التنفيذ.
لكن هذه الاحتفالات عكرتها خروقات الاحتلال الإسرائيلي حتى بعد دخول وقت التهدئة سويعات في مناطق متفرقة من القطاع، أفضت إلى استشهاد 23 مواطناً وإصابة العشرات ممن كانوا يعدون الثواني للحظة انقشاع شبح الإبادة.
وتم رصد انطلاق العديد من المركبات في شوارع مدن قطاع غزة، مطلقين العنان لأبواقها احتفاء بوقف الإبادة، فيما علت تكبيرات مآذن المساجد بما في ذلك تلك المدمرة.
وشهدت غزة حالة ابتهاجات عارمة بصمود الشعب ومقاومته، في وجه أعتى حرب يشهدها العصر الحديث من قوة احتلال التف العالم حولها من أجل إبادة مليوني إنسان في جيب ساحلي ضيق. وخرجت مسيرات عفوية وسط هتافات داعمة للمقاومة، وإطلاق التحيات لكتائب القسام وفصائل المقاومة الفلسطينية.
وأعاد الغزيون ترداد الشعار الذين لطالما تغنوا به في مواجهات سابقة مع الاحتلال، معلنين التفافهم حول الرجل الذي أعلن معركة طوفان الأقصى، “حط السيف قبال السيف كلنا رجال محمد ضيف”، ليقولوا بذلك عن وعي مطلق أنهم مع خيار المقاومة وإن عظمت التضحيات، وتكاثرت الجراح في جسد غزة المنهكة من الخذلان إلا من مقاومة في كتائب القسام وسرايا القدس وفصائل المقاومة الأخرى التي هتف المبتهجون باسمهم “تحيا كتائب عز الدين”.
كما شهدت شوارع القطاع المثقلة بالصواريخ الارتجاجية بحثا عن المقاومة أنفقاها، انتشار الآلاف من عناصر الأجهزة الأمنية في قطاع غزة لضبط الحالة الأمنية في القطاع، بعد أشهر من الإبادة التي كان عناصر الأمن على رأس المستهدفين، بحثا عن حكم عشائري يدين بالولاء للاحتلال، غير أن تلك العشائر لم تعط الدنية في فلسطين ومقاومتها وأفشلت خطة الاحتلال تلك ودفعت ثمنها من دم مخاتيرها.
وفي مشهد يبدو معتادا لأهل غزة، غدا كل مواجهة مع الاحتلال، لم يلبث عناصر المقاومة طويلاً حتى خرجوا ممتشقين أسلحتهم يجوبون محمولين على المركبات شوارع المدن، وسط حالة من الالتحام الشعبي. كما أطلق مواطنون الرصاص والألعاب النارية بكثافة، ابتهاجاً بوقف حرب الإبادة، واحتفاء بنصر المقاومة وفشل إسرائيل بتحقيق أي من أهدافها المعلنة، وعلى رأسها القضاء على المقاومة.
وفي أزقة مخيمات النزوح المنتشرة في جميع أنحاء قطاع غزة، شرع مواطنون بتوزيع الحلوى على الأطفال الذين أنهتكم الحرب نفسياً وأذاب الجوع شحوم أجسادهم الصغيرة، وكانوا أكثر من دفع ثمن الإبادة من دمائهم وأطرافهم، ليعلنوا بكل صراحة أن اليوم يوم عيد ولهم الحق في الاحتفال بكل الطرق رغم بشاعة وهول ما تعرضوا له.
وفي مشهد آخر، بدأ مواطنون بتفكيك خيامهم والتحرك إلى أماكن سكنهم، رافعين إشارات النصر وأعلام فلسطين فوق أنقاض الأحياء السكنية المدمرة، كما علت الأغاني الثورية من قلب مخيمات النزوح تعبيراً عن حالة الابتهاج والفرح، والتحدي، في مشهد ينبض عزة وفخارا.