يرى محللون وخبراء أن استهداف الاحتلال الإسرائيلي المرافق الصحية بقطاع غزة، والوصول إلى أبعد حد في الاعتداء عليها، هي سياسية معتادة وليست استثنائية، وتنتهك قرارات محكمة العدل الدولية الصادرة مؤخرا في الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا، وتتهم إسرائيل بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية بحق أهالي غزة.

في إطار ما وصفته منظمات حقوقية عديدة بأنه استهداف ممنهج للقطاع الصحي بغزة، وبعد أيام من إعراب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية عن قلقه العميق إزاء الوضع داخل وحول مجمع ناصر الطبي غربي مدينة خان يونس، اقتحمت قوات الاحتلال المجمع وحولته لثكنة عسكرية، بعد أن هدمت سوره الجنوبي ودخلت منه.

وخلال مشاركتها في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟" أفادت غِيِميت توما المنسقة الطبية لمنظمة "أطباء بلا حدود" في فلسطين، بأن فريق المنظمة الذي كان موجودا في مجمع ناصر الطبي، اضطر أفراده للهرب مع أسرهم بعد قصف قوات الاحتلال مبنى المجمع واقتحامه، ما أدى لاستشهاد فلسطيني وإصابة آخرين.

وحذّرت توما من أن هناك نحو 400 مريض بحالات حرجة، منهم من لا يمكنه الحركة، أُجلوا من المستشفى في وقت لا تتوفر فيه مستشفيات أخرى يمكنها استقبال كل ذلك العدد، وهو ما يجعلهم معرضين لخطر الموت، معدّة الأمر كارثيا.

وأشارت إلى أن البنى التحتية للمنشآت الطبية مستهدفة بشكل واضح، رغم وجود المرضى والطواقم الطبية داخلها، التي هي من الأساس غير متناسبة مع الأعداد الكبيرة للمرضى، وهو أمر غير مقبول إطلاقا، ولا بد من إيقافه.

ليست استثناء

وفي هذا السياق، يرى ساري عرابي الكاتب والباحث السياسي، أن سياسة الاحتلال الإسرائيلي في استهداف المرافق الصحية ليست استثنائية، بل هي معتادة حتى في ظروف مختلفة عن الحرب العدوانية على غزة، مشيرا في هذا السياق إلى اقتحام الاحتلال مستشفى ابن سينا في جنين واغتياله 3 فلسطينين على أسرته.

وأشار إلى أن الاحتلال اعتاد انتهاك الأماكن التي تعدّ محرمة من الناحية العرفية؛ كبيوت العبادة والمستشفيات والجامعات والمدارس، حيث لا توجد محرمات لديه في التعامل مع الفلسطينيين، بغض الطرف عن السياق ومستوى المواجهة.

ومن ثم، يرى ساري أن الواقع الحالي لن يكون مستغربا في ظل هذا القدر من قصدية الإبادة للشعب الفلسطيني، واستهداف الاحتلال تدمير الحياة الحضارية داخل قطاع غزة، ومنع أي ملاذ أمان حقيقي فيه، وتصعيب الحياة داخل القطاع وتحويلها لجحيم، وهو ما يندرج في إطار الممارسة الانتقامية التي لم تتوقف.

ويذهب الكاتب السياسي إلى أن الاحتلال لن يتوقف عن ممارسته تلك طالما لا يجد من يمنعه أو يكبحه، في ظل تقديراته بأن حربه وحاجاته الأمنية فوق أي اعتبار، وإصراره على الاستمرار في هذه الحرب.

ورغم تقديره بأن إسرائيل تهتم إلى حد ما بصورتها الدولية التي اهتزت بعد اتهامها بارتكاب الإبادة الجماعية، فإنه يرى أن الاحتلال يعطي الأولوية لخيارات القوة في التعامل مع الفلسطينيين.

ويضيف ساري بأن الاحتلال يرى أن قرارات المحكمة الدولية لن تؤثر في المصالح الإستراتيجة والأمنية الاسرائيلية، في ظل نظرته بأن ظهر الفلسطينيين مكشوف دون سند في هذه المواجهة.

انتهاك صريح ومطلق

بدوره، يرى الدكتور سعد جبار، المحامي والخبير في القانون الدولي، أن استهداف الاحتلال للمنشآت الصحية يعدّ انتهاكا صريحا ومطلقا لما جاء في حكم محكنمة العدل الدولية، وخرقا لكل القوانين الدولية ويأتي في سياق الاعتداءات التي تندرج تحت بند الإبادة الجماعية.

وفي ظل استمرار إسرائيل في خرق قرارات محكمة العدل الدولية، يرى سعد أنه بات على محكمة الجنايات الدولية، القيام بدور من خلال إصدار النائب العام لائحة اتهامات ضد المسؤولين الاسرائيليين، والمطالبة بملاحقتهم دوليا لمحاسبتهم على هذه الجرائم.

وأضاف بأنه على الدول والمنظمات الداعمة لإسرائيل -خاصة أميركا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي- التوقف عن الاكتفاء بالاستنكار والإدانة، وتجاوز ذلك بمطالبة إسرائيل بالامتناع وبشكل فوري عن القيام بهذه الجرائم، فلولا دعمهم لها ما قدرت على ارتكاب تلك الجرائم، على حد تعبيره.

وأشار إلى أن وجود قضية أخرى تتعلق بشرعية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، مدرجة على جدول محكمة العدل الدولية الأسبوع المقبل، من شأنه أن يؤخر النظر في مطالبة جنوب أفريقيا المحكمة بتحذير إسرائيل من اجتياح رفح، وإلحاق انتهاكاتها الأخيرة بدلائل ارتكاب الاحتلال جريمة الإبادة الجماعية في غزة.

إلا أن عنصر الوقت مهم، حسب الخبير في القانون الدولي، ومن ثم فإنه لا بد على الدول الكبرى اتخاذ قرارات لوقف المذابح الإسرائيلية بحق الفلسطينيين -على حد تعبيره- كما يجب على النائب العام لمحكمة الجنايات التحرك، وتوجيه اتهامات للمسؤولين الإسرائيليين كما فعل بشأن مسؤولين آخرين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: استهداف الاحتلال الإبادة الجماعیة العدل الدولیة أن الاحتلال محکمة العدل إلى أن

إقرأ أيضاً:

الأردن يرحب بتبني قرار أممي يطلب رأي استشاري من محكمة العدل بشأن التزامات إسرائيل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

رحبت وزارة الخارجية الأردنية بتبني الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا يطلب رأيًا استشاريًا من محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل المتعلقة بأنشطة الأمم المتحدة والدول الأخرى لصالح الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والذي قدمته النرويج بالشراكة مع الأردن، مصر إسبانيا، إندونيسيا، أيرلندا، جنوب إفريقيا، دولة فلسطين، سلوفينيا، تشيلي، غيانا، قطر، ماليزيا، المملكة العربية السعودية، وناميبيا.

وقال الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير د. سفيان القضاة إن القرار يطالب بأولوية قصوى وبأقصى درجة الاستعجال من محكمة العدل ‏الدولية تقديم رأي استشاري لمعالجة الالتزامات القانونية لإسرائيل بصفتها القوة القائمة بالاحتلال فيما يتعلق بوجود أنشطة الأمم المتحدة والدول الثالثة في الأرض الفلسطينية المحتلة لأغراض منها ضمان الإمداد دون عائق لبقاء السكان المدنيين الفلسطينيين على قيد الحياة وبالخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية والإنمائية لما فيه مصلحة السكان المدنيين الفلسطينيين ودعمًا لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.

وأكد أهمية اعتماد القرار الذي يعكس الإرادة الدولية الداعية لضمان حماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية الكافية والمستدامة لجميع أنحاء قطاع غزة، مشددًا على ضرورة إلزام إسرائيل الامتثال لقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ووقف عدوانها على قطاع غزة، الذي يعاني من كارثة إنسانية غير مسبوقة.

وشدد الناطق - في بيان اليوم /الجمعة/ - على استمرار الأردن بالتنسيق مع المجتمع الدولي لاتخاذ جميع الخطوات والإجراءات لضمان توفير الحماية للشعب الفلسطيني الشقيق ولمنظمات الأمم المتحدة والجهات الإغاثية، وخاصةً الأنروا التي تقوم بدور لا يمكن الاستغناء عنه أو استبداله.

كما يدعو القرار إسرائيل لوقف الإجراءات التي تعيق تقديم الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية للفلسطينيين، خاصة في غزة، واحترام حقوق المنظمات الدولية العاملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إضافة إلى التأكيد على أهمية وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا) في تقديم المساعدات الضرورية للفلسطينيين، والحث على التنفيذ الكامل لتوصيات الوكالة لضمان حياديتها وفعاليتها في عملها.

كما طالبت الجمعية العامة - في القرار - إسرائيل الوفاء بالتزاماتها القاضية ‏بعدم إعاقة الشعب الفلسطيني عن ممارسة حقه في تقرير المصير، وإلى الامتثال لها ‏والتقيد بميثاق الأمم المتحدة وباتفاقية امتيازات الأمم المتحدة وحصاناتها لضمان سلامة موظفي الأمم المتحدة وحماية مؤسساتها وكفالة أمن مرافقها في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية.

مقالات مشابهة

  • الكويت ترحب باعتماد الأمم المتحدة قرارا بإحالة حظر أنشطة الأونروا إلى محكمة العدل الدولية
  • الجامعة العربية ترحب بالقرار الأممي بشأن إحالة حظر الأونروا إلى محكمة العدل الدولية    
  • الأردن يرحب بتبني قرار أممي يطلب رأي استشاري من محكمة العدل بشأن التزامات إسرائيل
  • “الجامعة العربية” ترحب بتصويت الأمم المتحدة بإحالة حظر الأونروا إلى محكمة العدل الدولية
  • أبو الغيط يرحب بالتصويت الكبير في الأمم المتحدة لصالح قرار إحالة حظر الأونروا إلى محكمة العدل الدولية
  • ابو الغيط يرحب بالتصويت الكبير في الامم المتحدة لصالح قرار احالة حظر الأونروا الى محكمة العدل الدولية
  • «ممثل الجامعة العربية»: طلب رأي العدل الدولية بشأن تعامل إسرائيل مع «الأونروا» لإظهار تعنت الاحتلال
  • الأمم المتحدة تطلب رأي محكمة العدل الدولية حول الممارسات الإسرائيلية في فلسطين
  • الأمم المتحدة تعتمد قرارا من محكمة العدل الدولية حول الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة
  • الأمم المتحدة تطلب رأي «العدل الدولية» بشأن التزامات إسرائيل بإدخال المساعدات للفلسطينيين