القدس المحتلة- تخوض بلدة سبسطية في قضاء نابلس بالضفة الغربية، معركة وجودية للحفاظ على عشرات المواقع الأثرية في البلدة، والتي تروي تاريخ حضارات وثقافات ممتدة على أكثر من 3 آلاف عاما، في حين رصدت حكومة الاحتلال ميزانية تقدر بحوالي 10 ملايين دولار لتهويد المواقع الأثرية في البلدة وربطها بالراوية التوراتية.

وتأتي المعركة المصغرة التي تخوضها سبسطية في ظل "الحرب الكبرى التي تشنها سلطات الاحتلال على المواقع الأثرية بالضفة"، وفق وصف رئيس بلدية سبسطية محمد عازم.

وتجلت تلك "الحرب" من خلال المشروع التهويدي الذي صادقت عليه حكومة بنيامين نتنياهو، للسيطرة على المواقع الأثرية بالضفة، حيث رصدت لذلك ميزانية أولية بقيمة 34 مليون دولار.

ويأتي هذا المشروع التهويدي تحت مزاعم الحفاظ على المواقع الأثرية بالضفة وحمايتها وصيانتها، بذريعة أن الكثير من المواقع الأثرية الفلسطينية تضررت، في حين قالت حكومة الاحتلال في نص قرارها إن هناك 3064 موقعا أثريا بالضفة، منها 2452 موقعا في المنطقة "ج" وتتبع للسلطة الفلسطينية.

بلدة سبسطية أصبحت نموذجا مصغرا للحرب الإسرائيلية على الآثار الفلسطينية بالضفة الغربية (الجزيرة) تزوير وتهويد

وأوضح محمد عازم أن الاحتلال يهدف من وراء هذا المشروع التهويدي إلى تكريس وتقنين الحفريات، من أجل فرض السطوة الاحتلالية ومنحها طابعا قانونيا، علما أن الكثير من المواقع الأثرية بالضفة تخضع للحكم العسكري الاحتلالي.

يأتي هذا القرار للسيطرة على الأرض الفلسطينية وخدمة المشروع الاستيطاني الاستعماري وتوسيعه، بحجة السيطرة على المواقع الأثرية والحفاظ عليها عبر ترميمها وصيانتها، علما أن سلطات الاحتلال تمنع الفلسطينيين حتى من تنظيف وصيانة آلاف من المواقع الأثرية أو حتى الوصول إليها ودخولها.

وأوضح عازم أن مخطط الاحتلال للسيطرة على المواقع الأثرية يعتبر أحد أخطر آليات الاحتلال لتهويد الأرض وتزوير التاريخ وطمس الحضارات، حيث لا تكتفي المؤسسة الإسرائيلية بصياغة وبناء الرواية التوراتية، بل خلقها وتثبيتها على أرض الواقع.

ولتكريس هذا النهج والممارسات، عمدت حكومات إسرائيل منذ احتلال الضفة الغربية عام 1967، إلى طمس الآثار العربية والإسلامية في الضفة، وتدمير الموروث الحضاري الفلسطيني، كما حدث بالداخل الفلسطيني عقب النكبة.

وحيال ذلك، أطلقت وزارة السياحة والآثار الفلسطينية حملة خاصة لحماية المواقع الأثرية وتحصينها من أطماع الاحتلال والمستوطنين، من خلال ترميمها وصيانة المواقع، وتشجيع السياحة الداخلية للمواقع الأثرية عبر مشروع "فسيفساء بيت الضيافة" لتعزيز صمود الفلسطينيين ولحماية الموروث الحضاري والثقافي والتاريخي بالضفة.

الساحات الأثرية في بلدة سبسطية تجذب الزوار على مدار اليوم (الجزيرة) نهب وضم

وتعليقا على قرار حكومة الاحتلال بفرض السيطرة على المواقع الأثرية بالضفة، قال وكيل وزارة السياحة والآثار الفلسطينية، صالح طوافشة، إن القرار يعكس مخططات الاحتلال لضم الضفة وتهويد الأراضي الفلسطينية، وتوسيع المشروع الاستيطاني على حساب الوجود الفلسطيني وتعزيز سلطة المستوطنين بالضفة.

لكن الأخطر -وفق طوافشة- أن "القرار يحمل في طياته أهداف أيديولوجية وتوراتية بحته للسيطرة على المواقع الأثرية بالضفة لنهب مقدراتها وتزويرها واستبدالها برموز دينية توراتية، وحرمان الفلسطينيين وعدم منحهم أي إمكانية لحماية وصيانة وترميم المواقع الأثرية، والحفاظ على الموروث الحضاري".

ويعتقد وكيل الوزارة أن المشروع التهويدي للمواقع الأثرية والسيطرة عليها، يشكل مقدمة إلى ضم كافة الأراضي الفلسطينية في الضفة إلى السيادة الاحتلالية الإسرائيلية، ما يعني إلغاء تام لاتفاقية أوسلو.

ولمواجهة هذا المشروع التهويدي للمواقع الأثرية في الضفة، فإن وزارة السياحة والآثار الفلسطينية وضعت خطة بالتعاون مع مختلف المؤسسات الوطنية الفلسطينية لخلق حاضنة شعبية للتواصل مع المواقع الأثرية والوجود فيها، وإثارة الموضوع قبالة المحافل الدولية والإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي للضغط على إسرائيل وإجبارها على إلغاء المخطط.

آثار سكة الحجاز في مسارها قرب بلدة "بتير" قادمة من القدس (الجزيرة) هيمنة وسلب

ووصف باحث الآثار والمقدسات العربية والإسلامية في فلسطين عبد الرازق متاني، قرار الاحتلال السيطرة على المواقع الأثرية بـ"تهويدي بامتياز"، مؤكدا أنه جاء ليكرس الهيمنة اليهودية على فلسطين التاريخية.

وأوضح متاني للجزيرة نت أن القرار دفع إليه تيار الصهيونية الدينية الذي يتحكم بمفاصل الحكم بالائتلاف الحكومي، ويعكس القوانين التي يحركها هذا التيار ورؤيته لتحقيق حلم "أرض إسرائيل الكبرى"، من البحر إلى النهر وشطب أي وجود فلسطيني، وطمس الحضارات العربية والإسلامية.

وأشار إلى أن القرار يعكس نهج جماعات المستوطنين التي أطلقت لها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة العنان للعربدة، وارتكاب الجرائم والانتهاكات بحق الفلسطينيين، وسلب أراضيهم وممتلكاتهم لتوسيع المشروع الاستيطاني، وفرض سياسة الأمر الواقع.

تظهر أطماع الاحتلال في بلدة "بتير" الأثرية في قضاء بيت لحم بغرض التوسع الاستيطاني (الجزيرة) حفر وتدمير

وأكد متاني أن سلطات الاحتلال عمدت بالتعاون مع الجمعيات الاستيطانية بالسابق إلى السيطرة على الكثير من المواقع الأثرية بالضفة وتهويدها وربطها بأساطير توراتية ومنحها قداسة يهودية، ووظف ذلك كوسيلة من أجل إقامة بؤر استيطانية، وكذلك توسيع المستوطنات على حساب الحيز الفلسطيني.

وحذر المتحدث من تداعيات المشروع التهويدي من أجل استكشاف وتثبيت ما يسمى دولة "يهودا والسامرة"، وفق مزاعم ورواية تيار الصهيونية الدينية الذي يفرض هيمنته بين الإسرائيليين.

وشدد على أن الحديث يدور عن عمليات تدمير وحفريات ونبش لطبقات التاريخ والحضارات وتزويرها برموز دينية توراتية، وليس كما تزعم سلطات الاحتلال للصيانة والترميم لهذه المواقع للحفاظ على الموروث التاريخي.

مشروع برج "ميغدال هروئيه" على أرض بلدة قريوت للترويج للرواية التوراتية حول دولة "يهودا والسامرة" (الجزيرة) حضارات وروايات

ويتوقع متاني أن يتمادى الاحتلال ويتعمد تجريف وتدمير المواقع الأثرية التي تعود للفترات الإسلامية، وطمسها وإزالتها بالكامل وتعريف الآثار العربية الكنعانية على أنها آثار دينية توراتية، أو اختلاق آثار جديدة تتناغم مع الرواية اليهودية.

كما لا يستبعد الباحث الفلسطيني أن تطال معاول الهدم والطمس مواقع أثرية تعود للفترات البرونزية والحديدية والرومانية والبيزنطية، وربطها بمزاعم "الهيكل الأول" و"الهيكل الثاني"، من خلال التزييف وزرع القطع والرموز التوراتية المزورة، علما أن المواقع الأثرية بالضفة لا تمت لليهودية بصلة.

ولفت إلى أن التجارب أثبتت أن مؤسسات وسلطات الآثار الاحتلالية لم تكن موضوعية في كل ما يتعلق بالحضارات والآثار في فلسطين التاريخية، ولم تكن مهنية، وهي ليست جسما علميا، بل كانت وما زالت معول الهدم والطمس وتزوير التاريخ والحضارات، بل وشطبها مقابل فرض الرواية التوراتية والتاريخ اليهودي المزور وإحلال الرموز الدينية التوراتية بالمواقع الأثرية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: سلطات الاحتلال الضفة الغربیة السیطرة على الأثریة فی

إقرأ أيضاً:

الصندوق السعودي للتنمية يمول توقيع عقود الشركات المنفّذة لمستشفى في سانت لوسيا بقيمة 75 مليون دولار

المناطق_واس

وُقّعت اليوم عقود شركات المقاولات والشركات الاستشارية؛ لتنفيذ مشروع إعادة بناء وتأهيل مستشفى سانت جود، الذي يموّله الصندوق السعودي للتنمية من خلال قرض تنموي ميسّر بقيمة 75 مليون دولار، وذلك بحضور دولة رئيس وزراء سانت لوسيا فيليب جوزيف بيير، والرئيس التنفيذي للصندوق السعودي للتنمية سلطان بن عبدالرحمن المرشد.

ويأتي هذا المشروع المهم استجابةً للاحتياجات الصحية لشعب سانت لوسيا، بعد تضرر مستشفى سانت جود بسبب آثار الحريق الذي يعود إلى عام 2009م، ليتم نقل الخدمات الصحية الحالية من الملعب المجاور إلى المستشفى بعد إعادة بنائه وتأهيله بأحدث المرافق الطبية بسعة 100 سرير طبي، كما يخدم حوالي 50 ألف مستفيد سنويًا، ويشتمل على أجنحة الولادة، وقسم الطوارئ، وغرف العمليات الجراحية، وغيرها من الخدمات والعيادات الصحية، مما سيسهم في تعزيز جودة الرعاية الصحية واستدامتها وتسهيل الوصول إلى الخدمات الطبية المتطورة لسكان سانت لوسيا.

أخبار قد تهمك التعاون يكسب الخليج بثنائية نظيفة في افتتاح الجولة الثالثة من دوري المحترفين 13 سبتمبر 2024 - 9:57 مساءً مركز الملك سلمان للإغاثة يوزع 1.129 سلة غذائية في عدة مديريات بمحافظة المهرة 13 سبتمبر 2024 - 9:41 مساءً

وجرى توقيع العقود من قِبل شركات متخصصة في المجالات الاستشارية والإنشائية من المملكة العربية السعودية وسانت لوسيا؛ مما يعزز هذا التعاون من تبادل الخبرات والأعمال المشتركة.

وعبّر دولة الرئيس فيليب جوزيف بيير، عن شكره للمملكة العربية السعودية وشعبها، والصندوق السعودي للتنمية، على ما قدّموه من دعم لسانت لوسيا، للوصول إلى هذا العمل التنموي المشترك.

من جانبه أكّد الرئيس التنفيذي للصندوق، التزام الصندوق السعودي للتنمية بتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة في البلدان النامية والدول الجُزرية الصغيرة، ودعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة، إذ يمثّل هذا المشروع، خطوة مهمة في مجال التعاون التنموي، حيث سيسهم مشروع إعادة بناء وتأهيل المستشفى، في تمكين المجتمعات المحلية وتعزيز قدرة القطاع الصحي على تلبية احتياجات سكان العاصمة والمناطق المجاورة لها، فضلاً عن تعزيز النمو الاقتصادي والاجتماعي في دولة سانت لوسيا.

يشار إلى أن للصندوق السعودي للتنمية سجلًا تاريخيًا حافلًا في دعم المشروعات والبرامج الإنمائية، إذ قدّم الصندوق على مدى خمسة عقود، التمويل لأكثر من 800 مشروع وبرنامج إنمائي في أكثر من 100 دولة نامية حول العالم، بقيمة تتجاوز 20 مليار دولار، للإسهام في دعم مسيرة التنمية المستدامة في البلدان النامية.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط 13 سبتمبر 2024 - 10:04 مساءً شاركها فيسبوك ‫X لينكدإن ماسنجر ماسنجر أقرأ التالي أبرز المواد13 سبتمبر 2024 - 9:18 مساءًوزير الخارجية المصري يؤكد ضرورة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة أبرز المواد13 سبتمبر 2024 - 8:37 مساءًالمملكة تشارك في اجتماع مجموعة عمل الاقتصاد الرقمي لـG20 في البرازيل أبرز المواد13 سبتمبر 2024 - 8:33 مساءً«الصحة العالمية» : اكتمال تطعيم أطفال غزة بالجرعة الأولى ضد شلل الأطفال أبرز المواد13 سبتمبر 2024 - 8:27 مساءًالبيان الصادر عن اجتماع مدريد المشترك بشأن تنفيذ حل الدولتين أبرز المواد13 سبتمبر 2024 - 8:18 مساءًالمملكة تبحث تعزيز سبل التعاون مع دول مجموعة العشرين للاستثمار في مجالات الزراعة والأمن الغذائي13 سبتمبر 2024 - 9:18 مساءًوزير الخارجية المصري يؤكد ضرورة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة13 سبتمبر 2024 - 8:37 مساءًالمملكة تشارك في اجتماع مجموعة عمل الاقتصاد الرقمي لـG20 في البرازيل13 سبتمبر 2024 - 8:33 مساءً«الصحة العالمية» : اكتمال تطعيم أطفال غزة بالجرعة الأولى ضد شلل الأطفال13 سبتمبر 2024 - 8:27 مساءًالبيان الصادر عن اجتماع مدريد المشترك بشأن تنفيذ حل الدولتين13 سبتمبر 2024 - 8:18 مساءًالمملكة تبحث تعزيز سبل التعاون مع دول مجموعة العشرين للاستثمار في مجالات الزراعة والأمن الغذائي التعاون يكسب الخليج بثنائية نظيفة في افتتاح الجولة الثالثة من دوري المحترفين التعاون يكسب الخليج بثنائية نظيفة في افتتاح الجولة الثالثة من دوري المحترفين تابعنا على تويتـــــرTweets by AlMnatiq تابعنا على فيسبوك تابعنا على فيسبوكالأكثر مشاهدة الفوائد الاجتماعية للإسكان التعاوني 4 أغسطس 2022 - 11:10 مساءً بث مباشر مباراة الهلال وريال مدريد بكأس العالم للأندية 11 فبراير 2023 - 1:45 مساءً اليوم.. “حساب المواطن” يبدأ في صرف مستحقات المستفيدين من الدعم لدفعة يناير الجاري 10 يناير 2023 - 8:12 صباحًا جميع الحقوق محفوظة لجوال وصحيفة المناطق © حقوق النشر 2024   |   تطوير سيكيور هوست | مُستضاف بفخر لدى سيكيورهوستفيسبوك‫X‫YouTubeانستقرامواتساب فيسبوك ‫X ماسنجر ماسنجر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق البحث عن: فيسبوك‫X‫YouTubeانستقرامواتساب إغلاق بحث عن إغلاق بحث عن

مقالات مشابهة

  • فيديو.. مستوطنون يقتحمون مدرسة بالضفة الغربية
  • اليابان تقدم منحة لليمن بقيمة 5 ملايين دولار لدعم ميناء عدن
  • دبي.. أسعار منازل تبدأ من نحو 11 مليون دولار في أبراج بقيمة مليار دولار
  • دبي.. أسعار المنازل تبدأ من نحو 11 مليون دولار في أبراج بقيمة مليار دولار
  • شئون الأسرى: الاحتلال يعتقل 20 فلسطينيا بالضفة الغربية بينهم أطفال
  • البنك الأهلي الكويتي يصدر سندات بقيمة 300 مليون دولار
  • قوات الاحتلال تقتحم عدة مناطق بالضفة الغربية
  • مراسلة «القاهرة الإخبارية»: الاحتلال يقتحم الحي الشرقي بالضفة الغربية
  • حملة ضد محتكري السوق السوداء.. ضبط قضايا اتجار بالعملة بقيمة 13 مليون جنيه
  • الصندوق السعودي للتنمية يمول توقيع عقود الشركات المنفّذة لمستشفى في سانت لوسيا بقيمة 75 مليون دولار