إعداد: مارك ضو | حسين عمارة تابِع إعلان اقرأ المزيد

على الرغم من التحذيرات الدولية من وقوع كارثة إنسانية لا مفر منها، يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قد عقد العزم والتصميم على شن هجوم بري على رفح، جنوب قطاع غزة، بالقرب من الحدود المصرية.

ففي خطاب متلفز، أعلن في 7 فبراير/شباط الجاري أنه أمر الجيش "بالتجهز" لمثل هذه العملية في رفح، التي أصبحت معسكرا مكتظا باللاجئين الفلسطينيين حيث، وفقا للأمم المتحدة، يقيم فيها 1,4 مليون فلسطيني.

رجال ونساء وأطفال فروا من الحرب الدائرة منذ أربعة أشهر بين إسرائيل وحماس.

اقرأ أيضاهل تخطط إسرائيل "لتهجير جماعي" لسكان قطاع غزة نحو سيناء في مصر؟

 

الأحد 11 فبراير/شباط 2024، على قناة إيه بي سي نيوز الأمريكية، قال بنيامين نتانياهو إن إسرائيل ستضمن "إقامة ممر آمن للسكان المدنيين حتى يتمكنوا من مغادرة" رفح، التي وصفها بأنها "آخر معقل" لحماس. وذلك دون أن يذكر أين يمكن لسكان غزة اللجوء على وجه التحديد مشيرا فقط إلى أن المناطق الواقعة شمال رفح يمكن استخدامها كمناطق آمنة للمدنيين.

في هذا السياق، تتجه الأنظار مرة أخرى إلى "محور فيلادلفيا"، وهو طريق يقع على طول حدود قطاع غزة مع مصر، من ساحل البحر الأبيض المتوسط إلى النقطة الواقعة مقابل معبر كرم أبو سالم الذي يسيطر عليه الجيش الإسرائيلي ويقع عند نقطة التقاء الحدود بين إسرائيل ومصر وقطاع غزة.

خوفا من تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين وعواقبه المحتملة، نشرت مصر، خلال الأسبوعين الماضيين، حوالي أربعين دبابة وناقلة جند مدرعة شمال شرق سيناء. ووفقا لمصدرين أمنيين مصريين قابلتهما رويترز، فإن هذا الانتشار هو جزء من سلسلة من الإجراءات الرامية إلى تعزيز الأمن على الحدود مع غزة.

 

محور استراتيجي في قلب التوترات

 

سمي "محور فيلادلفيا"، والمعروف أيضا باسم "محور صلاح الدين" فلسطينيا، على اسم كودي أطلقه الجيش الإسرائيلي. وهي منطقة عازلة بطول 14 كيلومترا وعرض 100 متر، تم إنشاؤها وفقا لشروط اتفاقيات كامب ديفيد التي وقعتها مصر وإسرائيل في سبتمبر 1978 وهدفها منع أي توغل مسلح، والسيطرة على حركة الفلسطينيين وتهريب الأسلحة بين سيناء المصرية وقطاع غزة أي في كلا الاتجاهين.

كان هذا المحور، الذي تحده أسوار شائكة يتراوح ارتفاعها بين مترين وثلاثة أمتار والكثير من الكتل الخرسانية، تحت سيطرة الدولة العبرية حتى انسحاب الجيش الإسرائيلي من جانب واحد من قطاع غزة في عام 2005.

كجزء من هذا الانسحاب الذي قررته حكومة أرييل شارون وقتذاك، وقعت مصر وإسرائيل اتفاقية، تعرف باسم اتفاقية فيلادلفيا، تنص على نشر وحدة من 750 جنديًا من حرس الحدود المصريين على طول المنطقة العازلة (على الجانب المصري). كان هؤلاء أول جنود مصريين يقومون بدوريات في هذه المنطقة منذ حرب عام 1967، حين احتلت إسرائيل قطاع غزة الذي كانت تديره مصر آنذاك، وشبه جزيرة سيناء. ذهب الاتفاق المعني إلى حد تحديد معدات الوحدة المصرية بدقة شديدة، وهي 8 طائرات هليكوبتر و30 مركبة مدرعة خفيفة و4 زوارق سريعة.

اقرأ أيضاهل تتأثر معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل بالوضع في غزة؟

 

تمثلت مهمة هؤلاء الجنود في مراقبة المحور من على الجانب المصري، أي الحدود الوحيدة في قطاع غزة الخارجة عن السيطرة المباشرة للجيش الإسرائيلي، لمكافحة الإرهاب ومنع أي عمل من أعمال التسلل والتهريب.

على الجانب الآخر من المحور، فإن قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية كانت هي من تولى المسؤولية من الإسرائيليين، وذلك قبل طردها بعد عامين من هذا التاريخ، في يونيو/حزيران 2007، على يد سلطات حماس بعد انقلابها على سلطات فتح بقيادة محمود عباس.

ردا على ذلك، قررت إسرائيل فرض حصار بري وبحري وجوي وحظر على الأراضي التي أصبحت الآن في أيدي الحركة الإسلامية. ساعدت هذه القيود على تطوير نظام من أنفاق التهريب، يمر بالضرورة تحت المنطقة العازلة بين غزة ومصر، مما يسمح للبضائع والأشخاص بعبور الحدود، وقد وثقت إسرائيل وجودها في عام 1983.

ومنذ ذلك الحين، لم يفتح معبر رفح الذي تسيطر عليه مصر والذي يمر منه الأشخاص والسلع والمساعدات الإنسانية إلا بشكل متقطع منذ عام 2007.

في ديسمبر/كانون الأول 2007، اعتبرت وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، أن مصر تقوم بعمل "ضعيف" لوقف تهريب الأسلحة من تحت "محور فيلادلفيا". بالفعل في عام 2009، في وقت عملية "الرصاص المصبوب"، نصت الخطط العسكرية الإسرائيلية على احتلال "محور فيلادلفيا" من أجل تدمير أنفاق التهريب هناك. احتلال كان من شأنه، بحكم الواقع، أن يجعل من الممكن تطويق قطاع غزة بالكامل.

بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، التي تفرعت عنها حركة حماس، في يوليو/تموز 2013، بدأ الجيش المصري في تدمير مئات أنفاق التهريب تحت الحدود مع قطاع غزة. كان انتقاما من الحركة الإسلامية الفلسطينية التي اتهمتها القاهرة بالمشاركة في زعزعة استقرار سيناء. ولتدمير نظام الأنفاق هذا، أغرقتها مصر عمدا بالمياه في عام 2015.

 

محور في مرمى نيران نتانياهو

 

بعد هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، التي قامت بها حماس وحلفاؤها من الفصائل الفلسطينية والتي لم يسبق لها مثيل في حجمها وخسائرها البشرية على الأراضي الإسرائيلية، تحولت الأنظار مرة أخرى إلى "محور فيلادلفيا"، الذي ينظر إليه أكثر من أي وقت مضى على أنه محور استراتيجي لحماس، وكان في مرمى نيران الجيش الإسرائيلي بانتظام منذ بداية الحرب في غزة.

"يجب أن يكون" محور فيلادلفيا "في أيدينا وتحت سيطرتنا، وأي ترتيب آخر غير ذلك لن تقبله إسرائيل"، هكذا صرح بنيامين نتانياهو في نهاية ديسمبر/كانون الأول، في معرض وعيد حكومته "بتصفية" الحركة الفلسطينية. لقد كرر رئيس الوزراء الإسرائيلي مرارا هذا التهديد، لدرجة أن القاهرة بدأت تأخذه على محمل الجد.

وفقا لصلاح جمعة، نائب رئيس تحرير وكالة الشرق الأوسط المصرية الرسمية، فإن خطر نزوح سكان غزة إلى مصر يمكن أن يقلق كثيرًا الحكومة المصرية.

منذ بداية الصراع، عارض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي يلعب دور الوسيط بين حماس والحكومة الإسرائيلية، فكرة السماح لسكان غزة، الفارين من الحرب والمتكدسين على الحدود المصرية، بدخول أراضيه. وفي منتصف أكتوبر/ تشرين الأول، حثهم حتى على "البقاء على أرضهم"، من معتقد أن دفع الفلسطينيين إلى مغادرة أرضهم هو "وسيلة لتصفية القضية الفلسطينية".

"في رفح من الآن فصاعدا، فإن أي قصف أو هجوم ضد اللاجئين سيجعلهم يفرون بالتأكيد إلى سيناء"، كما يعتقد صلاح جمعة. لذلك، إذا سمحت مصر بذلك، فهذا يعني أنها تقبل بتصفية القضية الفلسطينية بينما يدعو الوزراء الإسرائيليون المتطرفون علانية إلى عودة المستوطنين إلى غزة و"هجرة" سكان غزة إلى جارتهم مصر".

بالإضافة إلى الكارثة الإنسانية المتوقعة، فإن بنيامين نتانياهو يخاطر أيضا بإثارة أزمة دبلوماسية مفتوحة مع مصر، إذا أمر بالاستيلاء على "محور فيلادلفيا".

في منتصف يناير/ كانون الثاني، أبلغت إسرائيل مصر بنيتها إجراء عملية عسكرية للسيطرة على المحور الحدودي كما كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، نقلا عن مصادر إسرائيلية ومصرية. في 16 يناير/ كانون الثاني، رد ضياء رشوان، رئيس هيئة الاستعلامات المصرية، بالتحذير من "انتهاك معاهدة السلام" التي تربط البلدين، إذا دخل الجيش الإسرائيلي "محور فيلادلفيا".

"لقد أعلن العديد من السياسيين الإسرائيليين أن الاستيلاء على المحور كان يهدف على وجه التحديد إلى دفع الفلسطينيين، تحت ضغط المعارك، بالهجرة إلى سيناء، وهذا هو لب المشكلة المنبثقة الآن مع الإعلان عن هجوم وشيك على رفح كما يوضح صلاح جمعة. لهذا السبب أصدر رئيس هيئة الاستعلامات المصرية تحذيرا صارما من أن مصر تعتبر إعادة احتلال هذا المحور خطًا أحمر لا يمكن تجاوزه، إضافة إلى ما سينتج عنه من تهجير للسكان الفلسطينيين"، واختتم كلامه بالقول: "لقد أبلغت مصر إسرائيل عبر الطريق الدبلوماسي ومن خلال الولايات المتحدة أن هذا الخيار لن تسمح به القاهرة أبدا".

 

النص الفرنسي: مارك ضو | النص العربي: حسين عمارة

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: الحرب في أوكرانيا الحرب بين حماس وإسرائيل ريبورتاج الحرب بين حماس وإسرائيل سيناء مصر نازحون النزاع الإسرائيلي الفلسطيني غزة إسرائيل فلسطين للمزيد للمزيد الحرب بين حماس وإسرائيل كرة القدم إسرائيل كأس الأمم الأفريقية 2024 الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا الجیش الإسرائیلی بنیامین نتانیاهو محور فیلادلفیا مصر وإسرائیل قطاع غزة محور فی فی عام

إقرأ أيضاً:

شهداء ومصابون في غزة وإسرائيل تواصل عدوانها رغم الاتفاق

شهد قطاع غزة اليوم الأحد عددا من الهجمات الإسرائيلية على مناطق مختلفة، أدت إلى استشهاد وإصابة عدد من الفلسطينيين، موازاة مع قرار إسرائيل بعدم بدء وقف إطلاق النار، متحججة بعدم تسلمها قائمة المحتجزين.

وأفاد مراسل الجزيرة باستشهاد 5 وإصابة نحو 20 برصاص الاحتلال في حي الشجاعية، في حين استشهد 3 آخرون في قصف على حي الشعف شرق مدينة غزة.

كما قال مراسل الجزيرة إن قصفا إسرائيليا أدى لاستشهاد فلسطينيين وإصابة آخرين في بيت حانون، إضافة إلى قصف استهدف البلدات الشرقية لخان يونس جنوبي القطاع، وخلف شهداء ومصابين.

وذكر المراسل أن فلسطينيين أصيبوا بنيران مسيّرات إسرائيلية وسط مدينة رفح.

وأصيب 10 فلسطينيين من العائدين إلى محافظة شمال قطاع غزة جراء انفجار منزل فخخه الجيش الإسرائيلي في وقت سابق.

وقال مصدر طبي لوكالة الأناضول إن الفلسطينيين العشرة أصيبوا بعد تفجير الجيش الإسرائيلي منزلا مفخخا شمال قطاع غزة مع بدء عودة النازحين لمنازلهم قبل دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.

في السياق ذاته، بدأت عناصر من أجهزة الأمن تنتشر بعدة مناطق في قطاع غزة.

اتفاق وقف إطلاق النار

من جهة أخرى، أفاد ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أصدر تعليمات للجيش تنص بأن وقف إطلاق النار الذي كان من المفترض أن يدخل حيز التنفيذ اليوم على الساعة الثامنة والنصف صباحا (6:30 بتوقيت غرينيتش) لن يبدأ حتى تحصل إسرائيل على قائمة الأسرى المفترض الإفراج عنهم والتي التزمت حركة حماس بتقديمها.

إعلان

وأضاف ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلية أن نتنياهو أجرى خلال الليل تقييما أمنيا بخصوص التأخير في تسلم قائمة الأسرى الذين من المتوقع إطلاق سراحهم.

في المقابل، أكدت حماس في بيان أصدرته أن تأخر تسليم القائمة جاء لأسباب "فنية ميدانية".

وحذر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي الفلسطينيين في غزة من الاقتراب من قوات الجيش المتمركزة في عموم القطاع.

وقال أدرعي إن محاولة التوجه من المناطق الجنوبية إلى الشمال محظور لحين صدور بيان يسمح بذلك.

وأظهرت مشاهد بثها الجيش الإسرائيلي انسحاب لواء غفعاتي من منطقة جباليا، على خلفية الاتفاق الذي تم التوصل إليه وتأخر دخوله حيز التنفيذ.

انتشال جثة أسير

في سياق مواز، قال الجيش الإسرائيلي إنه استعاد من خلال عملية خاصة نفذها مع جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) جثة الجندي الأسير آرون شاؤول الذي قتل في معركة الشجاعية في يوليو عام 2014.

وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أنه بعد عملية انتشال جثة الجندي آرون شاؤول يبقى في أسر حماس بغزة 97 محتجزا، تم الإعلان رسميا عن وفاة 35 منهم.

وبدعم أميركي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 157 ألفا بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.

مقالات مشابهة

  • ماركو روبيو يؤدي اليمين ويعلن عن رؤيته كوزير للخارجية الأمريكية
  • إسرائيل توجّه رسالة عاجلة لسكان غزة.. ومحور «فيلادلفيا» قد يطيح بالاتفاق
  • الرئاسة الفلسطينية: إلغاء العقوبات على المستوطنين يشجعهم على ارتكاب مزيد من الجرائم
  • الوكالة الوطنية لمكافحة المنشطات و"المنظمة المصرية" توقعان اتفاقية تعاون
  • قريباً..دبلوماسي أوروبي: إسرائيل قررت ضرب منشآت إيران النووية
  • عضو بـ«النواب»: اتفاقية وقف إطلاق النار في غزة انتصار كبير للدبلوماسية المصرية
  • السيسي يستعرض الجهود المصرية لضمان تنفيذ اتفاقية وقف إطلاق النار في غزة وإنفاذ المساعدات
  • خبير عسكري: إسرائيل تنسحب نهائيا من محور فلادلفيا في اليوم الـ50 من الاتفاق
  • التشيك ترحب باتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل في غزة
  • شهداء ومصابون في غزة وإسرائيل تواصل عدوانها رغم الاتفاق