نعيم قاسم يتحدث عن لاءات ثلاثة: لن نتراجع عن مساندة غزة
تاريخ النشر: 15th, February 2024 GMT
تحدث نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، خلال حفل تأبين الشهداء "على طريق القدس" حسن ترمس، حسين حاريصي، وأحمد ترمس"، عن "ثلاث لاءات"، وقال: "لا تراجع عن المساندة، ولا خضوع للتهديدات، ولا نقاش حول مستقبل الجنوب بضفتيه، إلا بعد توقف الحرب على غزة".
أضاف: "في خصوص جبهتنا في لبنان، أعلنا منذ البداية أنَها جبهة مساندة للمقاومة الفلسطينية ولأهل غزة، لأهل الضفة ولكل الفلسطينيين.
وتابع: "أما بالنسبة إلى عدوان إسرائيل على المدنيين في لبنان، فنحن لن نترك عدوانا على مدنيين إلَا وسنرد عليه بالطرق المناسبة، وسنعلن ذلك وسنعرف أننا ردينا من أجل المدنيين، حتى ولو كانت قواعدنا الآن التي نعمل عليها باختيارنا وبقرارنا أن تكون المواجهة محدودة في دائرة الجنوب بما يؤدي إلى فائدة غزة من دون استخدام كل القوة التي لدينا لندخرها إلى الوقت المناسب. وإذا جاء هذا الوقت المناسب بغير إرادتنا وفي أي وقت من الأوقات، سنكون جاهزين تماما لكل مواجهة مهما كانت كبيرة، وسنلقن الإسرائيلي دروسا لن ينساها أبدا، وسيكون درس 2006 هو درس ابتدائي أمام الدروس التي سيراها في المواجهة المقبلة".
وختم: "نحن نرد بطريقة تناسبية، وخيارنا المساندة لغزة مع استمرار ردع العدو بهذه المساندة، وهذا المقدار المحدود من المواجهة هو ما رأينا أنه ينفع ويفيد، لكن ليكن واضحا لدينا لاءات ثلاثة: أولا لا تراجع عن مساندة غزة ما دام العدوان قائما مهما كان الثمن ومهما كانت التطورات، ثانياً لا نخضع للتهديدات ولا للتهويلات الإسرائيلية أو الغربية مهما كانت، لأننا أهل الميدان ولأننا نعتبر أن الدفاع واجب، وبغيره لا استقرار ولا وجود لنا في هذه المنطقة ولا لقضية فلسطين، وثالثا لا نقاش لدينا حول مستقبل الجنوب اللبناني على ضفتيه من جهة فلسطين ومن جهة لبنان إلا بعد أن يتوقف العدوان الكامل على غزة. عندها، تجري النقاشات وكل النقاشات التي تجري الآن وكل الاقتراحات التي تقدم هي نوع من إضاعة الوقت أو التسلية أو ما شابه ذلك، لأننا غير معنيين بها لا من قريب ولا من بعيد". المصدر: "الوكالة الوطنية للاعلام"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
سامح قاسم يكتب.. غزة من قمرة القيادة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في زمنٍ يذوب فيه اليقين تحت أقدام المدافع، ويغدو الصمت خيانة، والدم أداة للتفاوض، ينبثق صوت خافت من قلب الحديد، يحمل توقيع ألف جناحٍ رفضت أن تواصل التحليق في سماء تغصُّ بالبكاء. حين أعلن ألف طيّار إسرائيلي رفضهم الاستمرار في القتال في غزة، لم يكن ذلك موقفًا عابرًا بقدر ما كان تمزيقًا لرايةٍ ظنّ الجميع أنها لا تسقط. كان أشبه بانشقاق السحاب في يومٍ قاتم، أو برفرفة حمامةٍ فوق جدارٍ أُثخن بالرصاص.
من هم هؤلاء الألف؟ لا نعرف أسماءهم، ولا صورهم، لكننا نعرف وجوههم بالحدس: وجوه أنهكها القصف، لا من شدته بل من فراغه. وجوهٌ رأت الحقيقة تتعرّى تحت أضواء قمرة القيادة، وجوهٌ لم تعد قادرة على التصفيق لجثةٍ ترتجف، أو لطفلٍ يموت مرتين: مرةً بالضربة، ومرةً بصمت العالم.
إن رفضهم ليس فعلًا عسكريًا، بل قصيدة سياسية، احتجاجًا مكتومًا بلغةٍ يعرفها الطيارون فقط: الامتناع عن الطيران. هو صرخة من داخل آلة الموت، من قلب المؤسسة التي طالما روّجت لفكرة "الطهارة الأخلاقية" للجيش، فإذا بهذه الطهارة تتآكل عند الأكتاف التي لم تعد تحتمل أن تضغط الزناد.
قد يقول قائل: ماذا يعني رفض ألف طيّار، في جيشٍ يضم الآلاف غيرهم؟ لكن الأدب يعلمنا أن الرمزية أقوى من العدد. في كل طيّارٍ رفض، هناك مرايا تتحطم في صالونات السياسية، وأقنعة تسقط من وجوه معلّقي الأخبار. إنهم ليسوا مجرد أفراد، بل مِشْعَلٌ أُضرِم في قاع الحجرة السوداء.
ليس من السهل على من تربّى داخل السردية الصهيونية، على مفردات "الأمن" و"العدو" و"الحق التاريخي"، أن يستفيق على ضوء الحقيقة: أن الطائرة التي تُقلع من قاعدةٍ عسكرية لا تعود دائمًا محمّلة بالنصر، بل أحيانًا بالعار. وأن زرّ القصف قد يشعل داخلك حربًا لا تُطفأ.
إن هذا الرفض العلني يعكس تصدّعًا في العمق النفسي للإسرائيلي العادي، ذاك الذي لم يعد يقوى على ابتلاع التبريرات: "الدفاع عن النفس"، "ضرب البنية التحتية لحماس"، "عمليات جراحية دقيقة". فحين تصبح الأجساد هي البنية التحتية، والأطفال هم الأهداف الجراحية، تنفجر الكلمات من الداخل، وتتحول الطائرات إلى أصفادٍ في معصم الضمير.
لم يعد الرفض عملًا فرديًا، بل فعلًا جماعيًا ينتمي إلى أدب الاعتراف، وتاريخ الكفّ عن القتل. إن الطيار الذي يرفض أن يحلّق فوق غزة اليوم، يكتب فصلًا في رواية مغايرة، رواية لا تُروى في الصحف الرسمية، لكنها تُتداول همسًا بين الضمائر القلقة، وبين أسرّة الجنود الذين لم يعودوا ينامون.
قد لا توقف هذه الخطوة آلة الحرب، لكنها تُحدث صدعًا فيها. والصدع هو البداية. البداية التي تنتظرها السماء التي اعتادت أن تكون ساحة معركة، لا غيمة سلام.
وحين يرفض ألف طيار أن يقاتل، فذلك ليس انسحابًا من المعركة، بل اقتحامٌ للمعنى.
لعل التاريخ سيقول لاحقًا: هنا، في هذا الرفض، بدأ الانهيار الأخلاقي للجدار، لا بفعل الصواريخ، بل بفعل أولئك الذين امتنعوا عن إطلاقها.