تأتى أهمية الحوار الوطنى فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة والدقيقة الراهنة وتحديات جسيمة تواجهها الدولة المصرية، وقضايا وملفات اقتصادية واجتماعية وسياسية تحتاج إلى رؤى وآليات وإجراءات تشريعية وتنفيذية لحلها، وذلك ينبع من الحوار واستماع الدولة إلى وجهات النظر والرؤى المختلفة، وهو ما يتحقق فى جلسات الحوار الوطنى التى تشمل جميع التيارات والاتجاهات السياسية والوطنية ومختلف فئات المجتمع والمتخصصين والخبراء.

وجاءت دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى لاستكمال جلسات الحوار فى مرحلته الثانية بعد الانتخابات الرئاسية لتعكس الجدية والمصداقية، وتتبقى خطوة تضفى مزيدا من المصداقية للحوار، وهى تنفيذ مخرجات وتوصيات المرحلة الأولى على أرض الواقع.

إن استجابة مجلس أمناء الحوار الوطنى لدعوة الرئيس السيسى لعقد حوار وطنى اقتصادى أكثر عمقا وشمولا، خطوة مهمة لعقد جلسات مكثفة وموسعة بحضور كافة المتخصصين والخبراء والمهتمين ومشاركة الحكومة، للاستماع إلى رؤى وتصورات قابلة للتطبيق لإيجاد حلول للقضايا والأزمات الاقتصادية، ولا بد أن يتم فتح كافة الملفات الاقتصادية من إزالة معوقات الاستثمار وتوطين الصناعة وتعميق التصنيع المحلى وتعزيز الإنتاج الزراعى وقضية عجز الموازنة والدين العام وأزمة نقص العملة الصعبة وارتفاع معدل التضخم وأزمة غلاء وانفلات الأسعار وآليات ضبط الأسواق، ومعوقات التصدير وآليات تنمية الصادرات المصرية، وغيرها من الملفات.

هناك تحديات كبيرة والجميع ينتظر من الحوار الوطنى خاصة الاقتصادى نتائج إيجابية على المستوى قصير المدى تطمئن المواطنين، بجانب وجود مبادرات ورؤى مبنية على استراتيجيات متوسطة وطويلة المدى لحل الأزمة الاقتصادية، وأن يكون هناك تحسن فى مستوى الأداء الحكومي، فالشغل الشاغل لدى المواطن والشارع المصرى حاليًا هو الظروف الاقتصادية الصعبة الناتجة عن تداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية المتتالية، وأن تكون هناك مواجهة حازمة وصارمة لمواجهة أزمة ارتفاع الأسعار التى ترتفع كل ساعة، وتسببت فى معاناة شديدة وإثقال كاهل المواطن بأعباء كبيرة، لذلك يجب أن يضع الحوار الوطنى هذا الملف على رأس الأولويات، وأن تكون هناك حلول واقعية.

ومن المؤكد أن استكمال المرحلة الثانية من الحوار الوطنى وفتح مناقشات موسعة فى الملفات المختلفة يثرى الحياة الحزبية، وفرصة قوية لجميع القوى السياسية أن تشارك فى صناعة القرار والمساهمة فى طرح أفكار تعمل على مواجهة الأزمة الاقتصادية، كما أن دعوة مجلس أمناء الحوار الوطنى، للحكومة للمشاركة فى الحوار الوطنى الاقتصادى خطوة ضرورية من أجل عرض كافة التحديات والمعلومات وتفاصيل تخص الأزمات الاقتصادية وأسبابها للوصول إلى رؤى واقعية، قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.

إن الحوار الوطنى يتحمل مسئولية وطنية كبيرة تتمثل فى صياغة رؤى اقتصادية جديدة ومختلفة تناسب الأوضاع الاقتصادية الحالية، وما يحيط بها من أحداث عالمية وإقليمية ذات تأثير مباشر على الاقتصاد المصرى.

كما أن الحرص على استكمال الحوار الوطنى لمناقشة القضايا المتبقية إلى جانب الحوار الاقتصادى، وتحديد جلسات قريبة لمناقشة تشريعات الحبس الاحتياطى والحبس فى قضايا النشر والإبداع، أمر ضرورى لأنها ملفات مهمة جداً، ونأمل بالتوازى فى سرعة إصدار قرارات واتخاذ إجراءات جادة ومناقشة تشريعات، تكون نابعة من مخرجات وتوصيات المرحلة الأولى للحوار الوطنى فى القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

ختاماً، أؤكد أن مشاركة جميع فئات المجتمع والمتخصصين والخبراء فى هذه العملية الديمقراطية بمثابة ضمانة أساسية لمستقبل أفضل لمصر، وأثمن ما انتهى مجلس الأمناء إليه من تشكيل لجنة لتنسيق تنفيذ مخرجات المرحلة الأولى بالتعاون مع الحكومة، ومجلس النواب والجهات المختلفة ذات الصلة، فذلك يؤكد جدية الحوار الوطنى ومصداقيته، ونأمل أن يخرج الحوار الاقتصادى باستراتيجية واضحة ومحددة للتعامل مع التحديات الاقتصادية الراهنة.

عضو مجلس الشيوخ

عضو الهيئة العليا لحزب الوفد

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: عضو مجلس الشيوخ عضو الهيئة العليا لحزب الوفد الحوار الوطني المواطن الظروف الاقتصادية الصعبة اقتصادية واجتماعية جلسات الحوار الوطني الحوار الوطنى

إقرأ أيضاً:

محطة الضبعة النووية وآمال مصر فى الحصول على طاقة نظيفة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

استكمالاً للمقالين السابقين عن ضرورة البحث عن مصادر نظيفة للطاقة بدلاً من الوقود الأحفورى (الفحم والنفط والغاز) الذى تنتج عنه الغازات الدفيئة التى تسبب الاحتباس الحراري، نعرض فى هذا المقال محاولات مصر للحصول على مصادر للطاقة النظيفة مثل محطات توليد الطاقة من الخلايا الشمسية، والطاقة المتجددة من توربينات الرياح، وبناء محطة الضبعة النووية للحصول على الكهرباء.

وفى هذا الشأن، شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، يوم 19 نوفمبر الحالي، الاحتفالية التى أقامتها هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء، بمناسبة العيد السنوى الرابع ليوم الطاقة النووية، وهو اليوم الذى يوافق توقيع الاتفاقية الحكومية بين جمهورية مصر العربية وجمهورية روسيا الاتحادية بشأن التعاون على بناء وتشغيل أول محطة نووية على الأراضى المصرية .

حيث قام الشريك الروسى شركة  Atom Story Export بتركيب مصيدة قلب المفاعل للوحدة النووية الرابعة. ومن المخطط أن يتم تشغيل المفاعل النووى الأول لإنتاج الكهرباء بقدرة 1200 ميجا وات فى 2028 بإذن الله تعالى. ولمصر تاريخ طويل مع استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، حيث أنشأت سنة 1957 مؤسسة الطاقة الذرية المصرية، وبدأت قى تشغيل مفاعل أنشاص للأبحاث سنة 1961. وفى مطلع ثمانينيات القرن الماضي، بدأت مصر إجراءات لبناء محطة للطاقة النووية ولكن كارثة تشيرنوبل فى أوكرانيا سنة 1986 عطلت تنفيذ المشروع. وفى سنة 2008، عادت مصر وقررت إحياء مشروع إنشاء محطة الضبعة النووية لإنتاج الكهرباء، إلا أن المشروع توقف بسبب أحداث يناير سنة 2011 وماتبعها من عدم استقرار. 

وفى العام 2015، قام الرئيس عبد الفتاح السيسى بتوقيع مذكرة تفاهم مع الجانب الروسى لتنفيذ المشروع. وفى سنة 2017، أبرم البلدان عقود إنشاء أربعة مفاعلات بطاقة 1200 ميجاوات لكل منها (4800 ميجاوات).

وفى شهر يوليو سنة 2022، بدأ تدشين المشروع وصب البلاطة الخرسانية للمحطة الأولى، معلنة بدء العمل فى محطة الضبعة النووية بمحافظة مرسى مطروح، المطلة على سواحل البحر المتوسط.

محاولات مصر المشروعة للحصول على المحطات النووية للأغراض السلمية ليست مستغربة رغم تكلفتها المبدئية الكبيرة، حيث إن التكلفة على المدى الطويل ستكون أقل من إنشاء المحطات التى تولد الكهرباء باستخدام الغاز الطبيعى أو النفط أو الفحم. بالإضافة إلى أن كمية الوقود النووى المطلوبة لتوليد كمية كبيرة من الطاقة الكهربائية أقل بكثير من كمية الفحم أو البترول اللازمة لتوليد نفس الكمية. وتشغل المحطات النووية لتوليد الطاقة مساحات صغيرة من الأرض مقارنة بمحطات التوليد التى تعتمد على الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح. ولا خوف من حدوث انفجار أو تسرب نووي، حيث أصبحت محطات الطاقة النووية آمنة وخاصة النوع الذى تعاقدت عليه مصر مع الشركة الروسية.

وعالمياً، يزداد الإقبال على إنشاء المحطات النووية حيث تُعتبر الطاقة النووية هى المنقذ للتقليل من الاعتماد على النفط والفحم والغاز لإنتاج الطاقة الكهربائية. ولذا تنتشر المحطات النووية فى معظم دول العالم، فعلى سبيل المثال؛ الصين يعمل بها 11 مفاعلاً نووياً، وتقوم بإنشاء 24 مفاعلاً، وتخطط لإنشاء 115 آخرين. وفرنسا بها 59 مفاعلاً وتقوم بإنشاء مفاعل، وتخطط لإنشاء مفاعلين. والهند بها 17 مفاعلاً وتقوم بإنشاء 6، وتخطط لإنشاء 38. واليابان  بها 53 وتقوم بإنشاء 2 وتخطط لإنشاء 14. والولايات المتحدة الأمريكية بها 104 مفاعلات وتقوم بإنشاء مفاعل، وتخطط لإنشاء 31. وفى منطقتنا العربية، قامت المملكة العربية السعودية بإنشاء هيئة تعنى بالطاقة النووية باسم مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة، وأعلنت أنها ستمتلك 16 مفاعلاً نووياً بحلول عام 2030. وكذلك تخطط الإمارات العربية المتحدة لإنشاء أول محطة نووية، وكذلك الكويت فمن المتوقع أن يتم إنشاء أول مفاعل نووى كويتى عام 2025.

كما يزداد استخدام الطاقة النووية فى مجالات سلمية عديدة، أبرزها توليد الكهرباء والطب (علاج الأورام) والصناعة والزراعة وغيرها، لذا فإن دخول مصر عصر المحطات النووية يحقق حلماً طال انتظاره ويسهم فى التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.

*رئيس جامعة حورس

 

مقالات مشابهة

  • محطة الضبعة النووية وآمال مصر فى الحصول على طاقة نظيفة
  • مجلس الأمن الإفريقي يجدد التأكيد على أهمية اتفاقات الصخيرات وبوزنيقة في حل الأزمة الليبية
  • وزير الشئون النيابية: هناك تحديث للمنظومة البحرية يشهد بها القاصي والداني
  • وزير التخطيط: ستكون هناك أرقام دقيقة لعدد سكان كل محافظة
  • الحوار الوطنى يثمن قرار محكمة الجنايات برفع أسماء 716 شخصا من قوائم الإرهاب
  • أزمات متفاقمة: كيف تؤثر الضغوط الاقتصادية والأمنية على مستقبل الاحتلال الصهيوني؟
  • مجلس القيادة الرئاسي يناقش تطورات الأزمة الاقتصادية ويراجع قراراته السابقة
  • البرهان يزور سنار ومنظمات دولية تحذر من خطورة الأزمة الإنسانية
  • العقوبات في قانون حماية المستهلك في ثاني جلسات الحوار لمناقشة تعديل القوانين الناظمة لعمل وزارة ‏التجارة الداخلية بدير الزور
  • الحوار الوطنى.. غياب الإعلام والثقة عن المرحلة الثانية