100 عام من الصداقة المصرية البرازيلية.. تقارب وتطور واسع في عهد السيسي وسيلفا.. 2.4 مليار دولار حجم التبادل التجاري بين البلدين.. وآفاق واسعة للتعاون الاقتصادي والثقافي
تاريخ النشر: 15th, February 2024 GMT
في زيارته الثانية للقاهرة، استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي نظيره البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا خلال الساعات الماضية، وتأتي هذه الزيارة في إطار الاحتفال بمرور 100 عام على العلاقات الدبلوماسية بين مصر والبرازيل.
كما أن زيارة "دا سيلفا" لمصر تعد جزء من جولته الدولية التي تشمل أيضًا إثيوبيا، حيث من المقرر أن يشارك في قمة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا كضيف شرف في 17 فبراير.
صداقة ١٠٠ عام
تتمتع مصر والبرازيل بعلاقات تاريخية قوية لعقود عديدة. ومع ذلك، شهدت هذه العلاقات تحولات ملحوظة منذ عام 2013 ، عندما تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى رئاسة مصر بعد ثورة الـ30 من يونيو. وشهدت تطورات سياسية واقتصادية في هذه الفترة.
وفي السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات المصرية-البرازيلية تحولات إيجابية ملحوظة، ومع ذلك، لا يزال هناك بعض التحديات التي يجب التغلب عليها. من خلال استمرار التعاون، يمكن لكلا البلدين تعزيز العلاقات الثنائية في جميع المجالات وتحقيق فوائد مشتركة.
التعاون السياسي
في البداية، أكد السفير المصري في البرازيل، هشام النقيب، أهمية العلاقات المصرية البرازيلية ووصفها بأنها "علاقات تاريخية وعميقة". كما أشار إلى أن التعاون الثنائي يتمحور في مجالات متنوعة مثل التجارة والاستثمار والطاقة والزراعة والثقافة. ودعا إلى زيادة التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، خاصة في ظل التطورات الإيجابية التي تشهدها المنطقة العربية وأمريكا اللاتينية.
وأضاف لـ "البوابة نيوز" أن مصر والبرازيل يستمران في التعاون في المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة ومجموعة العشرين حول قضايا مثل الأمن الدولي وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة. كما اتفقت مصر والبرازيل على أهمية حل النزاعات الإقليمية سلميًا ودعم استقرار منطقة الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية. وتبادل الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي والبرازيل جاير بولسونارو الزيارات الرسمية، مما عزز التعاون الثنائي في مجالات مختلفة.
التعاون الاقتصادي
فيما أكد الملحق التجاري المصري في البرازيل أيمن عبد الهادي لـ "البوابة نيوز" أن حجم التبادل التجاري بين البلدين قد ارتفع بشكل ملحوظ منذ عام 2013، حيث وصل إلى 2.4 مليار دولار في عام 2023. وتزايدت الاستثمارات البرازيلية في مصر، خاصة في قطاعات الطاقة والزراعة والبنية التحتية.
وأشار إلى أن هناك العديد من الاتفاقيات الاقتصادية بين البلدين، بما في ذلك اتفاقية التجارة الحرة واتفاقية منع الازدواج الضريبي، يتم توقيعها سنويًا.
وفيما يتعلق بالتحديات، أكد الملحق التجاري المصري أن عدم التوازن التجاري لا يزال يشكل فجوة في التبادل التجاري بين البلدين، وأنهم يعملون على زيادة صادرات مصر إلى البرازيل. وأشار أيضًا إلى أن البيروقراطية تعد واحدة من أكبر التحديات التي تواجه الشركات المصرية والبرازيلية عند ممارسة الأعمال التجارية في كلا البلدين.
وأوضح أنه تتوفر العديد من الفرص التعاونية بين البلدين في قطاعات واعدة مثل الطاقة.
التعاون الثقافي
وقال الملحق الثقافي المصري في البرازيل، أحمد عاطف إبراهيم، في حديثه لـ "البوابة نيوز" إن التبادل الثقافي بين مصر والبرازيل يتم بشكل مستمر من خلال تنظيم العديد من الفعاليات الثقافية المشتركة، مثل المعارض الفنية والعروض الموسيقية والمهرجانات.
كما أشار إلى أن التعاون التعليمي بين البلدين يتطور باستمرار من خلال توقيع اتفاقيات تبادل الطلاب وأعضاء هيئة التدريس وتبادل الخبرات التطويرية في مجال التعليم. وأكد أن عدد السائحين البرازيليين الذين يزورون مصر قد ازداد بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، حيث زار حوالى 80 ألف سائح برازيلى مصر فى عام 2023، وهذا يمثل زيادة بنسبة 20% عن عام 2022.
وتوقع زيادة عدد السائحين البرازيليين في عام 2024. وأضاف أن أسباب زيادة عدد السائحين البرازيليين ترجع إلى افتتاح خط طيران مباشر بين القاهرة وساو باولو في عام 2023، وزيادة جهود الترويج السياحى التى قامت بها مصر في البرازيل، بالإضافة إلى استقرار الأمن في مصر.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: دا سيلفا مصر والبرازيل قمة الاتحاد الأفريقي عبد الفتاح السيسي العلاقات الدبلوماسية مصر والبرازیل فی البرازیل بین البلدین إلى أن
إقرأ أيضاً:
أين وصل التعاون الاقتصادي بين أنقرة ودمشق؟
أنقرة- في خطوة وُصفت بأنها تمهد لمرحلة جديدة من الانفتاح الاقتصادي بين أنقرة ودمشق، أجرى وزير التجارة التركي عمر بولات زيارة رسمية إلى العاصمة السورية يومي 16 و17 أبريل/نيسان الجاري على رأس وفد رفيع ضم ممثلين عن كبرى الاتحادات والمؤسسات التجارية التركية.
وتُعد الزيارة أول تحرك اقتصادي بهذا المستوى منذ اندلاع الأزمة السورية، وقد حظيت بترحيب رسمي سوري عبّر عنه وزير الاقتصاد والصناعة محمد نضال الشعار، واصفًا المباحثات مع بولات بأنها "مثمرة وتعكس الروابط الأخوية بين البلدين"، مشيرًا إلى أنها "ستشكل بداية لشراكة اقتصادية متينة تخدم مصلحة الشعبين".
من جانبه، أكد الوزير بولات التزام أنقرة بدعم جهود التعافي الاقتصادي في سوريا، معتبرا أن "استقرار سوريا ووحدتها يصبّ في مصلحة تركيا أيضا"، مشددًا على أن إعادة بناء الاقتصاد السوري تمثل ركيزة أساسية لمواجهة التحديات المشتركة، وعلى رأسها الإرهاب وأزمة اللجوء.
اتفاقيات قيد النقاشوأثمرت مباحثات الوفد التركي في دمشق توافقا مبدئيا بين الجانبين على الشروع في مفاوضات تهدف إلى إبرام اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة، تشمل تخفيض الرسوم الجمركية تدريجيًا، وتشجيع الاستثمارات المشتركة، وإعادة تأهيل المناطق الصناعية والبنى التحتية المتضررة، وفق ما صرح به وزير التجارة التركي عمر بولات.
ويأتي هذا التوجه بالتوازي مع استئناف النقاش حول اتفاقية التجارة الحرة الموقعة عام 2007، التي جُمدت مع اندلاع النزاع السوري في 2011. وأكدت مصادر رسمية للطرفين وجود تفاهم أولي لتوسيع نطاق الاتفاقية وتكييفها مع المتغيرات الاقتصادية الراهنة.
إعلانكما اتفق الجانبان على مراجعة شاملة لاتفاقيات حماية الاستثمار ومنع الازدواج الضريبي، بما يمهّد لإلغاء العمل باتفاقية عام 2004 واستبدالها بإطار قانوني جديد أكثر شمولًا وحداثة.
وشملت المحادثات ملفات تنفيذية على الأرض، في مقدمتها تسهيل الإجراءات الجمركية، وإنشاء مناطق حرة ومدن صناعية مشتركة، وتطوير قطاع النقل والخدمات اللوجستية بين البلدين. كما تم التوافق على تكثيف الزيارات المتبادلة بين مسؤولي الوزارات ودوائر الأعمال خلال المرحلة المقبلة، وتفعيل قنوات التواصل بين غرف التجارة واتحادات المستثمرين بهدف تسريع خطوات التنسيق وتنفيذ المشاريع.
وفي إطار هذه التفاهمات، أعلنت الحكومة السورية اعتماد نظام جمركي جديد دخل حيز التنفيذ يوم 11 يناير/كانون الثاني الماضي، وشمل تعديل 6302 تعرفة جمركية تتصل بالحدود البرية مع تركيا ودول الجوار.
كما قررت خفض الرسوم الجمركية على 269 سلعة تركية أساسية في مجالات الغذاء ومواد البناء، وذلك استجابة لمقترح تركي طالب بتيسير دخول المواد الحيوية للأسواق السورية لتجنب ارتفاع الأسعار والتضخم.
انتعاش التبادل التجاري
وواصل التبادل التجاري بين تركيا وسوريا مساره التصاعدي مدفوعًا ببوادر الانفراج السياسي والتنسيق الاقتصادي المتزايد بين البلدين. فقد بلغت الصادرات التركية إلى سوريا خلال عام 2024 نحو 2.2 مليار دولار، في حين لم تتجاوز الواردات السورية إلى السوق التركية 450 مليون دولار، وفق بيانات وزارة التجارة التركية.
ومطلع عام 2025، شهدت الحركة التجارية تسارعًا ملحوظا، إذ سجلت صادرات أنقرة إلى شمالي سوريا خلال الفترة بين 1 و25 يناير/كانون الثاني الماضي ما قيمته 219 مليون دولار، بزيادة نسبتها 35.5% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي والتي بلغت آنذاك 161 مليون دولار.
ويعكس هذا النمو المتواصل تطلعات الجانبين إلى رفع سقف التبادل التجاري الثنائي إلى 10 مليارات دولار خلال السنوات القليلة المقبلة، بالتزامن مع انطلاق مشاريع إعادة الإعمار بعد أكثر من 13 عامًا من الحرب.
وتُظهر المقارنة التاريخية أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ ذروته في عام 2010 بنحو 2.3 مليار دولار، قبل أن ينهار إلى 565 مليون دولار فقط في عام 2012 بسبب تداعيات الحرب وقطع العلاقات الرسمية.
وفي مؤشر جديد على تحول العلاقة الاقتصادية بين أنقرة ودمشق من التنسيق النظري إلى التطبيق العملي، شرعت تركيا في اتخاذ إجراءات ملموسة لتيسير حركة التجارة والتنقل مع سوريا.
وأعلنت وزارة التجارة التركية، في منتصف أبريل/نيسان الجاري، رفع القيود المفروضة على التبادل الحدودي، لتُعامل السلع المتجهة إلى سوريا بالشروط المطبقة نفسها في تجارة الترانزيت مع بقية دول الجوار، في خطوة اعتُبرت تمهيدا لعودة انسيابية لحركة البضائع.
وفي 21 أبريل/نيسان الجاري، أصدرت الوزارة تعميمًا جديدا يسمح للمرة الأولى منذ عام 2011 بعبور السيارات السورية، الخاصة والتجارية، إلى الأراضي التركية عبر المعابر البرية الرسمية.
وجاء هذا التطور عقب اجتماع جمع وزير التجارة التركي عمر بولات مع وزير النقل السوري يعرب بدر، حيث تم الاتفاق على تسريع الإجراءات الجمركية والفنية في المعابر، ووضع خطة مشتركة لتفعيل النقل الترانزيتي عبر الأراضي السورية، بما يربط تركيا مباشرة بأسواق الخليج العربي والشرق الأوسط، ويوفر مسارات بديلة للطرق الدولية التقليدية.
وتزامنًا مع هذه الخطوات البرية، أعلنت الخطوط الجوية التركية مطلع العام الجاري استئناف رحلاتها إلى مطار دمشق الدولي بعد انقطاع دام 13 عامًا، في حين تجري مباحثات لربط الموانئ السورية، خصوصًا في اللاذقية وطرطوس، بالموانئ التركية على البحر المتوسط، إلى جانب بحث إعادة تشغيل خطوط السكك الحديدية المتوقفة.
تحالف جديد
ويرى المحلل الاقتصادي مصطفى أكوتش أن التحالف الاقتصادي بين أنقرة ودمشق يُعاد تأسيسه من الصفر، لا على قاعدة ترميم الماضي، بل عبر شراكة إستراتيجية ترتكز على التكامل في الإعمار والطاقة والنقل، وتستند إلى توافق سياسي بين حليفين.
إعلانويؤكد أكوتش، في حديث للجزيرة نت، أن التحول السياسي في سوريا أتاح فرصة نادرة لإرساء بنية اقتصادية مشتركة، مشيرا إلى أن تركيا تمتلك أدوات فاعلة لدفع الإعمار، لكنها تواجه تحديات أبرزها ضعف البنية التحتية، والاعتماد على التمويل الخارجي، والفجوة المؤسساتية بين الاقتصادين.
وفي السياق ذاته، تؤكد الباحثة الاقتصادية مريم أويانيك أن القطاع الخاص التركي مرشح للعب دور محوري في إنعاش الاقتصاد السوري، لما يتمتع به من خبرة في بيئات ما بعد النزاع، لكنها تشدد -في حديثها للجزيرة نت- على أهمية توفير بيئة قانونية مستقرة وآمنة للاستثمار، تضمن الشفافية وتحفّز رأس المال على الدخول بثقة واستدامة.