اعتبر الأكاديمي الهندي المتخصص في الشؤون الأمريكية، فيفيك ميشرا، أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يواجه معضلة قبل انتخابات الرئاسية المقررة هذا العام، تتمثل في الارتباط غير المسبوق للسياسة المحلية بالصراعات العالمية وأحدثها حرب غرة بين إسرائيل وحماس.

وأوضح ميشرا، في تحليل نشره موقع أوراسيا ريفيو وترجمه الخليج الجديد أن تلك المعضلة تعود بشكل رئيسي إلى لعبة شد الحبل المستمرة بين الجمهوريين والديمقراطيين حول مجموعة من القضايا، التي تمتد من السياسة الداخلية إلى المسائل الدولية والجيوسياسية.

وأضاف أن القضايا الداخلية تبدو الآن مرتبطة بشكل لا يمكن فصله عن الأمن القومي الأمريكي والسياسة الدولية، مستشهدا بقضايا الهجرة وأمن الحدود الجنوبية للولايات المتحدة الأمريكية، وتقديم المساعدات الدولية لأوكرانيا وإسرائيل.

وقال ميشرا إنه في تطور حديث، عرقل الجمهوريون في مجلس الشيوخ اقتراح بايدن الذي يهدف إلى تقديم مساعدات بقيمة 105 مليارات دولار لأوكرانيا وإسرائيل ولأمن الحدود.

وأشار الأكاديمي الهندي إلى أن الحربين الروسية في أوكرانيا والإسرائيلية في غزة دقت إسفينا في الكونجرس بين الجمهوريين والديمقراطيين.

في المقابل، عرقل الديمقراطيون مشروع قانون خاص بإسرائيل فقط في مجلس النواب الأمريكي، والذي سعى إلى فصل المساعدات لإسرائيل عن أوكرانيا وتزويد الأولى بمبلغ 17.6 مليار دولار أمريكي.

ورد الجمهوريون في مجلس الشيوخ بعرقلة اتفاق الحدود بين الحزبين الذي سعى إلى تشديد القيود الحدودية.

بينما ربط الديمقراطيون في الكونجرس الأمريكي قرار إدارة بايدن تقديم المساعدة لأوكرانيا وإسرائيل بقضية أمن الحدود في الجنوب، هناك أيضًا رغبة لدى بعض الديمقراطيين في فصل المساعدات لإسرائيل وأوكرانيا؛ لأن الأخيرة قد تحظى بمزيد من الدعم من الحزبين.

ولفت ميشرا إلى أن قضية المساعدات لإسرائيل معقدة بشكل خاص بالنسبة للإدارة الأمريكية الحالية، حيث أن بعض أعضاء الحزب الديمقراطي يعارضون الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة بسبب الخسائر في أرواح المدنيين الفلسطينيين والتي تجاوزت 30 ألف شهيد حتى الآن، ويرون أن سياسة بايدن إزاء ذلك مضللة.

علاوة على ذلك، فإن تلميح المخابرات الأمريكية إلى أنه ربما تكون إسرائيل نجحت في تحييد ثلث مقاتلي حماس فقط، يدق عقارب الساعة فيما يتعلق بتقديم بايدن مساعدات عسكرية لإسرائيل حتى مع اقترابه من حملة انتخابية شرسة ضد منافسه الجمهوري المحتمل دونالد ترامب.

ووفق ميشرا يسلط هذا الضغط الضوء على الديناميكيات المعقدة القائمة بالنسبة لبايدن الذي يحاول التنقل بين الضغوط السياسية المحلية والصراعات الدولية في سعيه لدعم مصالح أمريكا والتزاماتها على المسرح العالمي.

اقرأ أيضاً

6 مخاطر تهدد مقامرة بايدن للتطبيع.. فورين بوليسي تفصِّلها

وفيما من المتوقع أن تحافظ إدارة بايدن على دعمها التاريخي لإسرائيل، سواء من أجل التبرعات أو المشاعر السياسية السائدة التي ترى أن أي إجراء يُنظر إليه على أنه لا يدعم بشكل كافٍ أمن إسرائيل، ربما يكون بمثابة تبرئة للإرهاب.

ومع ذلك، يواجه بايدن أيضًا ضغوطًا من داخل حزبه لفصل المساعدات عن إسرائيل وأوكرانيا. فمن ناحية، يُنظر إلى بايدن على أنه متحالف بشكل أوثق مع الجمهوريين فيما يتعلق بالمساعدة لإسرائيل واتفاق الحدود، نظرا لدعمه الواسع النطاق بين أعضاء الحزب الجمهوري في كل من مجلسي النواب والكونجرس.

ومن ناحية أخرى، هناك ضغوط داخلية من جانب المرشحين الديمقراطيين للتمييز بين المساعدات المقدمة لإسرائيل وأوكرانيا، مما يعكس وجهات نظر مختلفة داخل الحزب حول كيفية التعامل مع العلاقات الدولية والصراعات.

وكانت هذه الضغوط سبباً في انقسام عميق في الكونجرس الأمريكي لعدة أشهر، ويبدو التوصل إلى قرار في هذا الشأن أمر بعيد المنال، وخاصة في ظل الحملات السياسية المتحمسة لكل من المرشحين الديمقراطيين والجمهوريين.

ومع اقتراب الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في 24 فبراير/شباط في ولاية كارولينا الجنوبية، تتجه كل الأنظار نحو دونالد ترامب ومنافسته نيكي هيلي، حيث من المتوقع على نطاق واسع أن يضمن ترامب بطاقة الترشيح للحزب الجمهوري لمنافسة بايدن.

وفي الوقت نفسه، يواجه الرئيس بايدن مجموعة مختلفة من التحديات. ففي حين أنه لن يواجه منافسه ساخنة للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي، إلا أن مخاوف أخرى تلوح في الأفق بشأن ترشحه كمرشح ديمقراطي للرئاسة.

وتأتي الضربة الأخيرة لاستطلاعات الرأي لصالح بايدن، والتي وصلت بالفعل إلى مستويات منخفضة قياسية بالنسبة لرئيس حالي، ويضاف لذلك تقرير صادر عن وزارة العدل الأمريكي شكك في صحة الرئيس بايدن العقلية.

كما أن الإنجازات التي قدمها بايدن على مدار 4 سنوات بما في ذلك المكاسب الاقتصادية وإنشاء أطر تنظيمية للفضاء الالكتروني والذكاء الاصطناعي والانفاق الكبير على البنية التحتية وخفض التضخم وغيرها ربما تكون على المحك.

وبالنظر إلى حقيقة استمرار تقدم ترامب في استطلاعات الرأي، فإن إنجازات بايدن ربما تشير إلى أنها لم تكن لها صدى قوي لدى الجمهور الأمريكي كما كان مأمولًا.

وخلص ميشرا إلى أن الغزو الروسي لأوكرانيا، والعدوان الإسرائيلي على غزة وضعا الرئيس بايدن في موقف حساس للغاية، فهو الآن مشتت بين بين الحفاظ على تفويض سياسي محلي قوي والوقوف إلى جانب الحلفاء الرئيسيين مثل إسرائيل في المنطقة، فضلا عن دعم أوكرانيا التي تحمل أهمية كبيرة لأوراق اعتماد الحزب الديمقراطي للرئيس بايدن وسياساته ومبادئ إدارته.

 اقرأ أيضاً

كاتب أمريكي: إحباط بايدن من نتنياهو "حديث للاستهلاك المحلي"

 

 

المصدر | فيفيك ميشرا/ أوراسيا ريفيو- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: حرب غزة العدوان الإسرائيلي على غزة معضلة بايدن دعم بايدن لإسرائيل إلى أن

إقرأ أيضاً:

عام سقوط الردع الأمريكي.. هكذا خلقت العمليات البحرية اليمنية فجوة استراتيجية في أمن “إسرائيل”

عام سقوط الردع الأمريكي.. هكذا خلقت العمليات البحرية اليمنية فجوة استراتيجية في أمن “إسرائيل”

مقالات مشابهة

  • لافروف: الناتو يسعى للسيطرة على كامل أوراسيا
  • استياء إسرائيلي من تصاعد العزلة الدولية: لماذا بتنا مركز الكراهية العالمية؟
  • والتز: سماح إدارة بايدن لاستخدام أوكرانيا الصواريخ يشبه الوضع قبل الحرب العالمية الأولى
  • الكرملين يبحث الرد على التصعيد غير المسبوق لإدارة بايدن
  • “الكرملين”: روسيا مضطرة للرد على التصعيد الأمريكي غير المسبوق
  • روسيا: مضطرون للرد على تصعيد بايدن "غير المسبوق"
  • كيف عرّى قرار الجنائية الدولية بايدن أخلاقيا؟
  • "أنا زوج جو بايدن".. ذلة جديدة للرئيس الأمريكي (ما القصة؟)
  • واشنطن بين رئيسين.. سياسة بايدن تترك الشرق الأوسط مشتعلًا.. ولا أمل في السلام الأمريكي
  • عام سقوط الردع الأمريكي.. هكذا خلقت العمليات البحرية اليمنية فجوة استراتيجية في أمن “إسرائيل”