في وصف للحياة وسط الصراع المستمر في غزة، شارك بهزاد الأخرس، وهو طبيب فلسطيني وطبيب نفسي، تجاربه المروعة والشعور العميق باليأس الذي يجتاح مجتمعه.

الأخرس، الذي كان يعيش في السابق حياة روتينية كطبيب وطبيب نفسي في غزة، يجد نفسه الآن وعائلته نازحين ويعيشون في ظروف مزرية في رفح، بعد أن أجبرهم الجيش الإسرائيلي على الفرار من منزلهم في خان يونس.

في مقالته التي نشرتها الجارديان، يرسم الأخرس صورة قاتمة لحياة اللاجئين، حيث تؤكد النضالات اليومية من أجل الحصول على الضروريات مثل الماء والغذاء الصعوبات الهائلة التي يواجهها سكان غزة. ومع التهديد الوشيك بغزو بري من قبل القوات الإسرائيلية، يعرب الأخرس عن شكوكه بشأن الوعود بإجلاء المدنيين، مستشهداً بتجارب سابقة من التهجير والدمار.

وقد أدى الوابل المستمر من الغارات الجوية والخوف السائد من الموت إلى إدخال سكان غزة في حالة من اليأس العميق. ويصف الأخرس، الذي كرس حياته المهنية في مجال استشارات الصحة العقلية والصدمات النفسية، الصدمة الجماعية والخدر العاطفي الذي يسود مجتمعات غزة وهم يتصارعون مع الخسارة وعدم اليقين.

ومع اشتداد القصف على رفح، يفكر الأخرس في ضعف عائلته، وخاصة بنات أخيه، والأثر المدمر للصراع على أطفال غزة، الذين أصبح الكثير منهم أيتامًا أو انفصلوا عن أسرهم.

ويؤكد الأخرس على الحاجة الملحة للتدخل الدولي لوقف إراقة الدماء وتأمين وقف دائم لإطلاق النار في غزة. ويدعو المجتمع الدولي إلى ممارسة الضغط على جميع الأطراف المعنية لوضع حد للمعاناة ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: فی غزة

إقرأ أيضاً:

أخرجته حفيدته.. الحاكم العسكري فيلم عن واقع فلسطين منذ النكبة

القدس المحتلة- غصّت قاعة المركز الجماهيري في مدينة باقة الغربية، داخل أراضي الـ48، أمس الخميس، بالحشود التي توافدت لمشاهدة الفيلم الوثائقي "الحاكم العسكري"، الذي سلط الضوء على واحدة من أكثر الفترات قسوة في حياة الفلسطينيين الذين بقوا في أرضهم بعد نكبة 1948.

عقب النكبة، وجد نحو 156 ألف فلسطيني في الجليل، والمثلث، والنقب، والمدن الساحلية الفلسطينية، أنفسهم تحت سلطة حكم عسكري صارم اعتمد على أنظمة الطوارئ البريطانية لعام 1945، وقوانين انتدابية وإسرائيلية لاحقة، جُيّرت لإدارة شؤون السكان العرب، لكن بشكل قمعي ومراقَب.

فلسطينيون أثناء مشاهدة فيلم "الحاكم العسكري" في قاعة المركز الجماهيري بمدينة باقة الغربية (الجزيرة) شهادات مؤلمة

وقُسمت المناطق التي شملها الحكم إلى 3 إدارات عسكرية مغلقة:

منطقة الشمال (الجليل). المنطقة الوسطى (المثلث الصغير)، والتي كانت على تخوم الحدود مع الأردن وتضم نحو 30 قرية. المنطقة الجنوبية (النقب).

بحلول عام 1968، وبعد حرب يونيو/حزيران 1967 واحتلال إسرائيل للضفة الغربية وغزة والجولان، أُحيلت صلاحيات الحكم العسكري إلى الشرطة وجهاز الأمن الداخلي "الشاباك"، بإشراف من قيادة الأركان الإسرائيلية.

إعلان

الفيلم الوثائقي الذي أخرجته دانييل إلبيلغ، وهي حفيدة الحاكم العسكري نفسه تسفي إلبيلغ، استعرض خلال 76 دقيقة مشاهد أرشيفية نادرة، وشهادات ممن عاشوا المرحلة، ما أضفى بعدا إنسانيا وشخصيا على الرواية.

ركز العمل على الفترة التي كان فيها تسفي مسؤولا عن مناطق باقة الغربية، والطيبة، والطيرة، وكشف عن العلاقة المعقّدة والمشحونة بين السكان العرب والسلطة العسكرية. وشكل نافذة على واقع الحكم العسكري الإسرائيلي الذي فُرض على المواطنين العرب في الداخل الفلسطيني حتى نهاية عام 1968.

ورصد الفيلم إفادات حية وشهادات مؤلمة لأشخاص عايشوا تلك الحقبة، وصفوا فيها المعاناة اليومية تحت الحكم العسكري، حيث كان تنقّل الناس محظورا إلا بتصاريح، وكان فرض حظر التجول والاعتقالات الإدارية والمحاكمات العسكرية، من أبرز أدوات القمع.

كما شملت القيود التضييق على التعليم والعمل السياسي والتنظيمي والحزبي، وإهمالًا متعمدا للبنى التحتية، إضافة إلى حرمان الفلاحين الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم ومصادِر المياه، مما عطل سبل معيشتهم بشكل ممنهج.

فيلم "الحاكم العسكري" يروي ما عايشه الفلسطينيون خلال النكبة (الجزيرة) شهادات مؤثرة

في كلمتها الافتتاحية لعرض الفيلم، تحدثت مخرجته عن دوافعها ومشاعرها خلال إخراج العمل، وقالت "منذ اللحظة الأولى التي قررت فيها خوض هذا المشروع، كنت مدركة أنني أدخل إلى منطقة شديدة الحساسية والتعقيد، ليس فقط من منظور سياسي أو تاريخي، بل من جانب شخصي عميق أيضا".

وجدت دانييل نفسها بين روايتين متناقضتين، واحدة نشأت في ظلها داخل بيتها حيث الحاكم العسكري كان شخصية عائلية مألوفة، ورواية السكان الفلسطينيين الذين عايشوا الحكم العسكري بكل قسوته، ولا تزال ذاكرتهم مثقلة بالألم والظلم.

وتوضح أن هدفها لم يكن تقديم إجابات جاهزة أو حسم الروايات، بل محاولة طرح أسئلة صادقة حول مفاهيم عميقة مثل الذاكرة، والهوية، والماضي المشترك الذي يربط بين من كان في موقع القوة ومن عانى من قسوتها. وتضيف "أردت أن أستمع، أن أقترب أكثر من تلك الحكايات المغيّبة، وأن أفتح مجالا لرواية قد لا تكون حصلت على فرصتها الكاملة لتُروى، أو لتُفهم كما ينبغي".

إعلان

في شهادة مؤثرة أدلى بها الحاج نمر خواجة للجزيرة نت، استعاد فيها تفاصيل مؤلمة عن الحياة اليومية تحت الحكم العسكري الذي فُرض على الفلسطينيين في أراضي الـ48 بعد النكبة، قال "عشنا سنوات طويلة بين التقييدات والحرمان، والملاحقة والتخويف. كان هناك ترهيب مستمر، وإغلاق تام، وحصار دائم، وحظر تجوال، ومنع حتى من الخروج من المنازل أو الوصول إلى الأرض لفِلاحتها".

الحاج نمر خواجة: عشنا سنوات طويلة بين التقييدات والملاحقة والتخويف (الجزيرة)

وأوضح أن التنقل لقضاء أبسط الحاجات أو للحصول على الخدمات الأساسية كان يتطلب تصريحا خاصا من الحاكم العسكري، الذي امتلك صلاحيات واسعة من مختلف الوزارات الحكومية، مما جعله المتحكم الوحيد في مصير حياة الفلسطينيين اليومية، المدنية والخدماتية على حد سواء.

ومن بين القصص التي لا تزال راسخة في ذاكرة خواجة، حادثة مأساوية لأحد أبناء بلدته، إبراهيم بيادسة، الذي كان يُعرف بلقبه الشعبي "الشيوعي".

ذات يوم، اشتد المرض على طفل إبراهيم، فهُرع الأب إلى مقر الحاكم العسكري طالبا تصريحا يتيح له الخروج من القرية لعلاج ابنه. لكن الحاكم اشترط عليه التعاون والتجسس على أهل بلدته مقابل منح التصريح.

رفض إبراهيم العرض بكل كرامة، مفضلا ألا يبيع ضميره حتى في أشد لحظات الضعف، لكنه دفع ثمنا باهظا، فقد توفي طفله وهو بين يديه على عتبة باب الحاكم العسكري.

الحاج فؤاد مواسي: كان جنود الاحتلال يعرفون كل تفاصيل حياتنا (الجزيرة) خطر دائم

هذه الشهادة وغيرها تسلط الضوء على حجم المأساة التي عاشها الفلسطينيون تحت سلطة عسكرية كانت تتحكم بكل تفاصيل حياتهم، وعلى الثمن الإنساني الباهظ الذي دُفع في سبيل الكرامة والرفض.

الحاج فؤاد مواسي من بلدة باقة الغربية هو أحد من عايشوا الحكم العسكري، يقول "كان الجنود يعرفون كل تفاصيل حياتنا. لا أحد يتحرك دون إذن. نُعامل كأننا خطر دائم. حتى الطرق إلى أراضينا كانت محاصرة بالحواجز والعيون".

إعلان

ويضيف "الفيلم لا يوثق الماضي فقط بل يربطه بالحاضر، خاصة بعد أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023"، ووصف  للجزيرة نت الحاضر بـ"الحكم العسكري بثوب مدني" في سياق استمرار السياسات الأمنية الإسرائيلية بحق الفلسطينيين داخل الخط الأخضر وفي الضفة الغربية.

ويتابع مواسي "الحاكم العسكري" ليس مجرد فيلم أرشيفي، بل شهادة على صراع الذاكرة والتاريخ، وسردية تعيد رسم العلاقة الملتبسة بين الجلاد والضحية، حين تتقاطع الرواية العائلية مع الرواية الوطنية".

من جانبه، يروي أحمد مصاروة من بلدة الطيبة، وهو أحد من عايشوا فترة الحكم العسكري، شهادته للجزيرة نت، قائلا "تم التعامل معنا بموجب قوانين عسكرية صارمة، وكل من خالفها كان عرضة للملاحقة والاعتقال، بل وحتى لإطلاق النار من قبل قوات الجيش الإسرائيلي. كانت حياتنا اليومية محكومة بالخوف والترقب".

هذا الواقع، كما يؤكد مصاروة، لم ينته فعليا بل تبدل شكله، "ما نعيشه اليوم في الداخل الفلسطيني ليس سوى امتداد لتلك السياسات، ولكن بزِيّ مدني. الفوضى الأمنية التي تعم مجتمعنا وغياب الأمان والحملات البوليسية المتكررة، كلها تجليات حديثة لما كان يُعرف بالحكم العسكري".

ويرى أن الأساليب ذاتها التي استُخدمت ضد فلسطينيي الداخل تُستعمل اليوم ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، مع اختلاف المسميات والوجوه: "التهجير، ومصادرة الأرض، وتقويض فرص الحياة الكريمة، وتغذية الفوضى الأمنية، كلها سياسات مكررة تهدف إلى تفريغ الأرض من سكانها الأصليين، لكننا صمدنا وسنظل نقاوم للبقاء".

مقالات مشابهة

  • أخرجته حفيدته.. الحاكم العسكري فيلم عن واقع فلسطين منذ النكبة
  • بالفيديو.. صرخة قهر من فلسطيني أمام جثامين أطفال في غزة
  • حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
  • سفيرة الجامعة العربية أمام جثمان البابا فرانسيس: «تأثرت بشدة وذكرت اللحظة التي تحدثت فيها عن معاناة الفلسطينيين»
  • واقع مرير خلَّفته الحرب في كهرباء السودان
  • الرئيس الشرع يناقش خلال اجتماعه مع المحافظين واقع الخدمات العامة وخطط التنمية المحلية
  • قوات الاحتلال تغتال الأسير المحرر علي نضال الصرافيتي وأبناءه الأربعة وزوجته
  • إصابة طفل برصاص الاحتلال في الاقتحام المستمر لمخيم بلاطة
  • في ذكرى رحيله.. محمود مرسي "عتريس" الذي خجل أمام الكاميرا وكتب نعيه بيده
  • إياد نصار: "ظلم المصطبة" مهم للغاية وينقل واقعًا