بابكر إسماعيل: مليشيا وإرهاب .. وكباب.. دنيا زايلي
تاريخ النشر: 15th, February 2024 GMT
مقدمة:
تعريف الأعمال الإرهابية:
هي أعمال إجرامية يقصد أو يراد بها إشاعة حالة من الرعب بين عامة الناس أو جماعة من الأشخاص أو أشخاص معينين لأغراض سياسية”. القرار رقم 60/43 الجمعية العامة للأمم المتحدة في يناير 2006. (١).
ترى اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن القيام بأعمال إرهابية ضد المدنيين خلال الحروب كالتعدي على المدنيين بالقتل أو الأسر أو الترويع والتعدي على المرافق المدنية كالمستشفيات ومحطات الكهرباء وتنقية المياه والمدارس ومنازل المدنيين يقع تحت طائلة جرائم الحرب.
كذلك نجد أنّ القانون الدولي الإنساني يحظر الهجمات المتعمدة أو المباشرة، والهجمات العشوائية ضد المدنيين أو المرافق المدنية.
كما يحظر القانون الدولي الإنساني استخدام دروع بشرية أو خطف رهائن ويحظر القانون الدولي تحديداً على الأطراف المشاركة في نزاع مسلح ارتكاب أعمال إرهابية ضد المدنيين الذين يقعون تحت سيطرة الخصم أو بثّ الذعر بين السكان المدنيين وذلك أثناء العمليات العدائية (٤)
تعريف الإرهاب في القانون السوداني:
ينص قانون الإرهاب للعام ٢٠٠١ على الآتي:
ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ” ﻳﻘﺻﺩ ﺑﻪ ﻛﻝ ﻓﻌﻝ ﻣﻥ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻌﻧﻑ ﺃﻭ ﺍﻟﺗﻬﺩﻳﺩ ﺑﻪ ﺃﻳﺎً ﻛﺎﻧﺕ ﺑﻭﺍﻋﺛﻪ ﺃﻭ ﺃﻏﺭﺍﺿﻪ ﻳﻘﻊ ﺗﻧﻔﻳﺫﺍً ﻟﻣﺷﺭﻭﻉ ﺇﺟﺭﺍﻣﻲ ﻓﺭﺩﻱ ﺃﻭ ﺟﻣﺎﻋﻲ ﻭﻳﻬﺩﻑ ﺇﻟﻲ ﺇﻟﻘﺎء ﺍﻟﺭﻋﺏ ﺑﻳﻥ ﺍﻟﻧﺎﺱ ﺃﻭ ﺗﺭﻭﻳﻌﻬﻡ ﺑﺈﻳﺫﺍﺋﻬﻡ ﺃﻭ ﺗﻌﺭﻳﺽ ﺣﻳﺎﺗﻬﻡ ﺃﻭ ﺣﺭﻳﺗﻬﻡ ﺃﻭ ﺃﻣﻧﻬﻡ ﻟﻠﺧﻁﺭ ﺃﻭ ﺇﻟﺣﺎﻕ ﺍﻟﺿﺭﺭ ﺑﺎﻟﺑﻳﺋﺔ ﺃﻭ ﺑﺎﻷﻣﻭﺍﻝ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺧﺎﺻﺔ ﺃﻭ ﺑﺄﺣﺩ ﺍﻟﻣﺭﺍﻓﻕ ﺃﻭ ﺍﻟﻣﻣﺗﻠﻛﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺧﺎﺻﺔ ﺃﻭ ﺍﺣﺗﻼﻟﻬﺎ أو الاستيلاء عليها أو تعريض أحد الموارد الوطنية أو الاستراتيجية القومية للخطر (٥) إضافة إلى قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب لسنة 2014) (٦)
ومن التعريفات أعلاه نجد أنّ مليشيا الدعم السريع (الجنجويد) قد استوفت كامل شروط التوصيف بأنها منظمة إرهابية حسب التعريف الأممي والإنساني والسوداني .. وسنفصّل في خاتمة المقال في تأثير هذا التصنيف على العلاقات الدولية والإقليمية.
ولكن قبل ذلك سوف نقوم بتفصيل وتحليل قرارات اللجنة السودانية التي شكلها مجلس الوزراء في هذا الشأن وما أصدرته من قرارت صنّفت فيها الدعم السريع كمنظمة إرهابية
ماهي قوانين الأمم المتحدة (١٢٦٧ و ١٣٩٣):
القانون ١٢٦٧ (UNSCR 1267): هذا القانون وقائي وعقابي في نفس الوقت ويلزم الدول الأعضاء بحرمان الإرهابيين من الموارد المالية متى ما ثبت ارتباط الإرهابيين والمنظمات والأفعال الإرهابية بهذه الموارد المالية.
أما القانون ١٣٩٣ (UNSCR 1393) يحث الحكومة الإسترالية (وبقية الدول الأعضاء) أن تقوم بتثبيط الأنشطة الإرهابية عبر العقوبات التي تستهدف الإرهابيين والمنظمات الإرهابية وإدراج قوانين مكافحة الإرهاب في القوانين الوطنية (٣)
أعلان تصنيف مليشيا الجنجويد كمنظمة إرهابية:
في يوم الخميس ١/ ٢/ ٢٠٢٤ أورد التلفزيون السوداني وكذا الموقع الرسمي لوكالة السودان للأنباء خبراً عن لجنة فنية تشكلت في العام ٢٠١٤ ومنوط بها تنفيذ العمل بقراري مجلس الأمن رقم ١٢٦٧ و ١٣٩٣ والخاصين بتجفيف مصادر تمويل الإرهاب وحظر الأموال والشركات التي ثبت ارتباطها بالأرهاب (٢).
وقد صنّفت هذه اللجنة مليشيا الدعم السريع منظمة إرهابية بناءاً على طلب تقدّمت به النيابة العامة في يوم ٦/ ١١/ ٢٠٢٣ واستغرقت اللجنة ثلاثة أشهر لدراسة الطلب والتعرف على الأدلة والحيثيات التي بلغت الأربعين بيّنة جنائية موثقة وهي التي بنت عليها اللجنة الفنية هذا التصنيف. ومن هذه الحيثيات والبيّنات الموثقة قيام مليشيا الدعم السريع بالتعدي على منازل المواطنين والمرافق الحيوية (مياه وكهرباء واتصالات) إضافة للتعدي على المدنيين والقصف العشوائي في الأحياء السكنية والاغتصاب والاسترقاق الجنسي وتجنيد الأطفال والمرتزقة الأجانب والمحليين واختطاف المدنيين وأسرهم وغيرها من الأعمال الإرهابية.
وبناءاً على هذا التصنيف حظرت اللجنة الفنية السودانية المختصة بمكافحة الإرهاب أصول ١٩٩ من قادة المليشيا ومنسوبيها إضافة إلى حظر ٣٧ شركة واسم عمل تابعة لقوات الدعم السريع المحلولة (٢).
وقد سبقت هذه القرارات وقائع مهمة ترتبط بهذا التصنيف:
١/ في يوم ٧/ ٩ / ٢٠٢٣ أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على الفريق عبد الرحيم دقلو – قائد ثان مليشيا الدعم السريع – واللواء عبد الرحمن جمعة بارك قائد قطاع غرب دارفور والأخير متهم بتصفية السيد خميس أبكر والي ولاية غرب دارفور والتمثيل بجثته ..
جمّد قرار الخزانة الأميركية كل الأصول المالية لعبد الرحيم دقلو وعبد الرحمن جمعة بارك بالولايات المتحدة ومنع القرار أيّ تعامل مالي معهما .. وجدير بالذكر أنّ العقوبات لم تشمل قائد المليشيا الفريق أول حميدتي لأسباب غير معلومة.
٢/ وفي نفس يوم ٧ /٩ /٢٠٢٣ أصدر الفريق أوّل عبد الفتاح البرهان قراراً يقضي بحلّ قوات الدعم السريع وألغي قانونها ..
٣/ ولكنه حسب ما نمى إلى علمي أنّ رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان لم يصدر مرسوماً يعطّل أو يلغي بموجبه النصوص التي تشير للدعم السريع وواجباته الدستورية في الوثيقة الدستورية الانتقالية التي ما زالت سارية .. وكذلك لم يقم بإعفاء الفريق أوّل حميدتي من عضوية مجلس السيادة الانتقالي ولم يقم بطرد وتسريح حميدتي من الخدمة العسكرية وتجريده من رتبة الفريق أول بعد حلّ قوات الدعم السريع. وهذه كلها تُعتبر خطوات تكميلية وضرورية بعد قرار تصنيف مليشيا الدعم السريع (قوات الدعم السريع المحلولة) منظمة إرهابية.
٤/ اللجنة الفنية كوّنها مجلس الوزراء السوداني في العام ٢٠١٤ بالقرارات ٣٥٨، ٣٥٩ و ٣٦٠ استناداً على المادة ٣٤ من قانون غسل الأموال ومكافحة الأرهاب
٥/ جاءت قرارات هذه اللجنة الفنية متأخرة كثيراً عن قرار حلّ الدعم السريع الذي أصدره الفريق أول البرهان قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الانتقالي في شهر سبتمبر من العام الماضي ومرور ما يزيد عن الخمسة أشهر على صدور العقوبات الأمريكية وبعد أن تمدّدت مليشيا الدعم السريع إلى كل ولايات دارفور وولاية الجزيرة وتخوم ولايات القضارف وسنار والنيل الأبيض وتنشط المليشيا يومياً في القيام بمناوشات عسكرية وهجوم متكرر عنيف على حاميات الجيش بجنوب وشمال كردفان وغيرها.
٦/ ومن الحيثيات المذكورة في النقطة (٥) أعلاه يمكننا أن نستخلص أنّ حكومة الأمر الواقع الحالية بالسودان ليست متحمسة لتوصيف مليشيا الدعم السريع بالإرهابية وربما تفضّل التلويح بوصف الأرهاب كورقة سياسية وتكتيكية للضغط على المليشيا وقائدها المغرور ودليلي على ذلك أنه صدر من الاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء بتاريخ ٨ /٢ /٢٠٢٤ تصريح باعتماد منبر جدة منبراً أوحد للتفاوض مع المليشيا التي صُنّفت كمنظمة إرهابية يوم ١/ ٢/ ٢٠٢٤.
ولا أدري إن كان مقبولاً الجلوس للتفاوض مع منظمات إرهابية والسعي معها للوصول لتفاهمات واتفاقيات سياسية تكون مرضية للمنظمة الإرهابية..؟!
ما مدى إلزامية تصنيف المليشيا بالإرهاب على دول الإقليم والمجتمع الدولي:
سوف أتطرق في هذه الجزئية للملامح العامة عن التعامل مع تصانيف الإرهاب التي تصدر من الدول المنفردة كالسودان حسب قوانين الأمم المتحدة. مرجعي في هذا المنحى وثيقة عمل صادرة عن دائرة المساعدة الفنية بمكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات والصادر بتاريخ ٦/ ٤ /٢٠٠٦ بعنوان؛ منع الأعمال الإرهابية: استراتيجية العدالة الجنائية تطبق معايير حكم القانون.
الهدف من بروتوكولات الأمم المتحدة التي أصدرتها عن الأرهاب وتعريفه وبيان طرق مكافحته وتجريمه أنّ الدول الأعضاء ستقوم بإدراج نصوص هذه التعريفات والجرائم في قوانينها الوطنية وبذا يسهل التعامل بين الدول عندما تصنف دولة ما أشخاصاً أو منظمات إرهابية حيث أن الأزدواجية الإجرامية (التجريمية) في القوانين تجعل من السهل عملية تبادل الإرهابيين وتسليمهم بين الدول كما أننا في هذا البروتوكول نجد نصوصاً وفقرات متعددة تجرّم تقديم العون للمنظمات الإرهابية أو التحريض أو التآمر معها .. وكما تعلمون فهنالك دول متورطة مع المليشيا وقدمت لها العون في العدوان على المواطنين السودانيين وإرهابهم وقدمت للمليشيا الأسلحة والمعدات الحربية والدعم اللوجستي.. ونصّ هذا البروتوكول إلى منع المنظمات غير الحكومية من التورط في مساعدة المنظمات الإرهابية .. ومعلوم أنّ لدينا أمثلة من منظمات وطنية وغيرها تورطت في دعم مليشيا الدعم السريع.
ويجيز هذا البروتوكول استخدام المعلومات التي تقدمها أجهزة المخابرات كبينة مقبولة في إدانة الإرهابيين وتحضّ على تبادل المعلومات بين الدول على تسليم المتهمين بالإرهاب حتى في عدم وجود اتفاقيات تبادل المجرمين
ويجب على وزارة الخارجية تعميم هذه القرارات على المنظمات الدولية والإقليمية وعلى سفارات الدول التي لها تمثيل لدينا ..
وأما فيما يلي الكباب المذكور في عنوان المقال فإن سلاح الجو السوداني قد قام بتحويل جثث كثير من جنود المليشيا المتمردة إلي كباب محترق وعصف مأكول ..
ودنيا زايلي ..
————————————————————
(١) ويكيبيديا
(٢) وكالة السودان للأنباء (سونا)
(٣) UN Security Council Resolutions
(٤) موقع اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإلكتروني
(٥) فانون مكافحة الإرهاب للعام ٢٠٠١
(٦) قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب لسنة 2014
—————-
بابكر إسماعيل
٩/ ٢/ ٢٠٢٤
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: ملیشیا الدعم السریع القانون الدولی الأمم المتحدة اللجنة الفنیة هذا التصنیف الفریق أول الفریق أو
إقرأ أيضاً:
مقتل 18 مدنيا في هجوم لقوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة
قتل 18 مدنيا وأصيب آخرون جراء هجوم لقوات الدعم السريع على قرى في ولاية الجزيرة وسط السودان.
وقالت شبكة أطباء السودان (غير حكومية) أمس الاثنين في بيان إن 13 شخصا قتلوا وأصيب آخرون جراء هجوم للدعم السريع على قرية البروراب بمجمع قرى الشيخ مكي شرقي ولاية الجزيرة.
وأشارت الشبكة إلى أن الهجوم أسفر عن نزوح عشرات الآلاف إلى عدد من الولايات المتاخمة، مما تسبب في كارثة إنسانية.
من جانبها، أفادت منصة "نداء الوسط" السودانية بأن قوات الدعم السريع هاجمت أمس الاثنين القرية 50 في منطقة أم القرى شرق الجزيرة وقتلت 5 أشخاص.
استنكار أممي
وقال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الأسبوع الماضي إن 25 امرأة على الأقل تعرضن لعنف جنسي، من بينهن فتاة تبلغ من العمر 11 عاما لقيت حتفها نتيجة لذلك.
وأضاف المكتب أن تقارير وصلته تقول إن قوات الدعم السريع صادرت أجهزة إنترنت في 30 قرية على الأقل، وأحرقت محاصيل زراعية.
وقالت كليمنتاين نكويتا سلامي ممثلة الأمم المتحدة في السودان "أشعر بصدمة وانزعاج شديدين إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في ولاية الجزيرة، والمماثلة للمستوى الذي شهدناه في دارفور العام الماضي"، في إشارة إلى إقليم دارفور غرب السودان.
طرد وقتل وسلب
وفي سياق متصل، قالت إحدى الناجيات لوكالة رويترز -وهي أم لرضيع يبلغ من العمر شهرا واحدا- إن قوات الدعم السريع اقتحمت منازل المواطنين في ولاية الجزيرة أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وطردتهم خارج القرية بالسياط، ثم أطلقت عليهم النار.
بدوره، قال هاشم بشير -الذي بُترت إحدى ساقيه قبل الحرب- إن قوات الدعم السريع طردته من منزله في قرية النايب، كما قالت ابنة أخيه فائزة محمد إن القوات نزعت منها مجوهراتها وسرقت هاتفها ولم تسمح لهم بأخذ أي شيء معهم، حتى وثائق الهوية.
وتتعرض ولاية الجزيرة منذ أسبوعين لهجمات عنيفة استهدفت 65 قرية وبلدة على الأقل زادت حدتها بعد انشقاق قائد قوات الدعم السريع في الولاية أبو عاقلة كيكل وإعلان انضمامه إلى الجيش.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023 يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 11 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.