قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، إن الله عز وجل يترك حرية اختيار السبيل، وحرية السعي فيه، وذلك ليتناسب مع المسئولية، فكل مسئول عن اختياره، ولذا يحاسبهم الله سبحانه وتعالى، قال تعالى : ﴿وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِى الشَّاكِرِينَ﴾ [آل عمران :145].

وفي هذا إقرار لحرية العقيدة ، وحرية الرأي، وحرية الرؤية والمنهج.

فهؤلاء الكافرين بحبهم للدنيا، وإفسادهم في الأرض، ورغبتهم الشديدة في العلو والهيمنة يفقدون أي نصيب في الآخرة، وفي ثوابها، وفي جنة الخلد، يقول تعالى : ﴿تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًا فِى الأَرْضِ وَلاَ فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [القصص :83]. فهم يريدون العاجلة ويعاقبهم الله بالتعجيل لهم فيها كي يستحقوا العذاب جزاء على إعراضهم عن الله ودعوته التي فيها صالحهم والخير لهم، قال تعالى : ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ العَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا﴾ [الإسراء :18].

فهناك حرية في دخول الجنة، وحرية في دخول النار، فإذا أراد أحد من الناس أن يدخل النار حزنا عليه، ولكن لا نحمله قهرا على أن يدخل الجنة، فما بالهم لا يتركونا ندخل جنة ربنا على هوانا، لماذا يريدون أن يحملونا قصرا على دخول النار ؟ نحن نتركهم يختارون سبيلهم، فلم لا يتركونا نختار سبيلنا ؟ لم يصدون عن سبيل الله ؟

إنهم عتاة تعاملوا مع الله والمؤمنين بهم، وهم لا يعجزونه سبحانه وبتجبر، وتعامل الله برحمة وتركهم يأخذون فرصتهم ويختارون سبيلهم، فانقلبت الفطرة، وأصبح المنكر عندهم معروفا، وأصبح المعروف عندهم منكرا، فسدوا على المؤمنين طريق الجنة، وفتحوا طريق النار للناس، ثم يهرفون بما لا يعرفون ويدعون إلى الحرية والإبداع، أي حرية يقصدون ؟ لو كانت هناك ثمة حرية لتركتم أهل الجنة يختارونها ويسيرون إليها برغبتهم.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: المسئولية علي جمعة الجنة النار

إقرأ أيضاً:

«رمضان» شهر التقوى والمغفرة

شرع الله الصيام مغفرة للسيئات، وزيادة في الحسنات، ورفعة في الدرجات، ولله الحمد على أن جعلنا من عباده الصائمين، إذ إن الصيام عبادة راقية، كتبها الله تعالى على جميع المكلفين، فقال سبحانه: ﴿يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون﴾، وفرضه عز وجل في شهر رمضان، قال تعالى: ﴿فمن شهد منكم الشهر فليصمه﴾.
للصيام فضائل جمة، وفوائد مهمة: أولاً: «الصيام طاعة لله تعالى»، وسبب لمرضاته، ونيل جزيل ثوابه، قال رسول الله ﷺ: «كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله عز وجل: إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به، للصائم فرحتان، فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فيه -أي: رائحة فم الصائم- أطيب عند الله من ريح المسك».
الأمر الثاني «الصيام يشفع لصاحبه» يوم القيامة، «يقول الصيام: أي رب، إني منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفعني فيه». كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. والأمر الثالث أن «الصيام منجاة من النار»، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من صام يوماً في سبيل الله، باعد الله بينه وبين النار مسيرة سبعين خريفاً»، والأمر الرابع الصيام سبيل إلى دخول الجنة من باب الريان، لقوله صلى الله عليه وسلم: «ومن كان من أهل الصيام، دعي من باب الريان»، والأمر الخامس أن للصيام فوائد صحية عظيمة، فهو يساعد على إزالة السموم من الجسم، وتقوية جهاز المناعة، وتحسين وظائف القلب والأوعية الدموية، إضافة إلى دوره في ضبط مستويات السكر في الدم، والمساعدة في فقدان الوزن بشكل صحي.
وينبغي للأبوين أن يعودا أولادهما على الصيام منذ صغرهم، حسب قدرتهم وطاقتهم، ليكون الصيام رفيقاً لهم طوال حياتهم، ويفوزوا جميعاً برضا ربهم، وثواب صيامهم.
فقد فرض الله علينا الصوم، وجعل له حكماً بالغة، ومقاصد سامية، قال جل في علاه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، ولذا فإن معرفة المقاصد في العبادة لها دورٌ كبير في تحسين أداء العبادات، فهي تزيد الإيمان، ولها أثر واضح على النفوس والأبدان. وإنَّ من أبرز مقاصد الصيام، التحقق بمقام التقوى بامتثال أوامر الله واجتناب نواهيه، كما أشارت الآية في قوله تعالى: (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
تقوى الصائم
تقوى الصائم تعني: ضبط نفسه عن الشهوات، وتزكيتها من الرذائل، قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ»، فحري بالصائم أن يحرص على ضبط جوارحه عموماً، فلا تمتد يده إلى شبهة، ولا تخطو رجله إلى باطل، ولا يُجري على لسانه كذباً ولا نميمة ولا غيبة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَ شَرَابَه».
حديث
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: «كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا النبي صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله، ومعه مخصرة، فنكس فجعل ينكت بمخصرته، ثم قال: ما منكم من أحد، ما من نفس منفوسة إلا كتب مكانها من الجنة والنار، وإلا قد كتب شقية أو سعيدة فقال رجل: يا رسول الله، أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ فمن كان منا من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة، وأما من كان منا من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة، قال: أما أهل السعادة فيسيرون لعمل السعادة، وأما أهل الشقاوة فيسيرون لعمل الشقاوة ثم قرأ: {فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى} [الليل: 6] الآية.

أخبار ذات صلة 20 مليون درهم دعماً لحملة «وقف الأب» من محمد جمعة النابودة «التحبير» تواصل استقبال المشــاركات

مقالات مشابهة

  • مختار جمعة: الصالحون كانوا يستعدون لرمضان بالدعاء قبل حلوله بستة أشهر
  • شخصيات إسلامية.. سمع النبي قراءته في الجنة حارثة بن النعمان الأنصاري
  • هل حديث طواف الملائكة في الأرض بحثًا عن مجالس الذكر صحيح؟.. أحمد عمر هاشم يرد
  • رمضان.. حللت أهلًا
  • داعية إسلامية تروي قصة «المكيدة التاريخية لإبليس.. أول جريمة قتل في التاريخ» |فيديو
  • نشرة التوك شو| أصداء مشادة ترامب وزيلينسكي.. وعلي جمعة يوضح الحكمة من خلق الجنة والنار
  • «رمضان» شهر التقوى والمغفرة
  • فتاة تسأل: طالما ربنا بيحبنا ليه خلق الجنة والنار؟.. الدكتور علي جمعة يجيب
  • ليه أكتر أهل النار النساء؟ طالبة تسأل والدكتور علي جمعة يجيب
  • وليك الجنة.. علي جمعة: لو واحد إداك عشرة جنيه قديمة خدها وابقى غيرها .. فيديو