ابتدر الحديث وزير الإعلام الأسبق، فيصل محمد صالح، بقوله إن الراحل قيمته الوطنية تتعدى الصحفيين لتصل لكل المجتمع السوداني وهو في المهنة مدرسة وقامة مهنية عالية وسامية.

كمبالا: التغيير

بعد رحلة امتدت لسبعين عاما في بلاط صاحبة الجلالة السودانية، انطفأ قنديلها المضيء وخبأ شعاعها بوفاة عميدها الراحل محجوب محمد صالح الذي توفاه الله أمس الأول بعد صراع مرير مع المرض ووري الثرى بالعاصمة المصرية، القاهرة.


لم يكن صالح مجرد صحفي امتهن، المهنة من أجل لقمة العيش بل مدرسة متفردة لها باع طويل في مسيرة الصحافة السودانية حفل مشواره بالعديد من المواقف السياسية والتاريخية البارزة.
ولهذا الدور أقامت نقابة الصحفيين السودانيين وطيبة بريس ومركز الأيام للدراسات عزاء لراحل بكمالا تحت شعار: الراحل محجوب محمد صالح.. صاحب القلم الذهبي والموقف المبدئي والعطاء الوطني”.
وتباري الحاضرين في ذكر مآثر فقيد الصحافة وعميدها.

مدرسة وقامة

وابتدر الحديث وزير الإعلام الأسبق، فيصل محمد صالح، بقوله إن الراحل قيمته الوطنية تتعدى الصحفيين لتصل لكل المجتمع السوداني وهو في المهنة مدرسة وقامة مهنية عالية وسامية. وأكد فيصل، أن الذين عملوا معه في صحيفة الأيام وفي صحف أخرى استفادوا من مدرسته وحاولوا أن يكونوا تلاميذ لهذا الأستاذ العظيم ومدرسته العظيمة التي تركت آثارها في الصحافة السودانية.


وأوضح أن الراحل محجوب يعد أحد الأعمدة المؤسسة لصحافة السودانية، ومؤسس النهضة الحقيقة لصحافة السودانية، منذ الأربعينيات، والخمسينيات التي شهدت تأسيس صحيفة الأيام وإلى وقت قريب.
وأشار إلى أنه، لا يوجد رئيس تحرير خدم في المنطقة العربية والإفريقية مثل الراحل وظل صامد في هذه المهنة الصعبة.
آخر الحكماء
وقال، فقدنا محجوب في زمن فيه أبناء الوطن يتحاربون ويتقاتلون، بصورة محزنة، وكنا نمني أن نقدم لمحجوب وطنا ينظر إليه بسعادة وأن ما قدمه أسمر.
وأشار إلى أن الناس يفتقدون الحكماء ولعل الأستاذ محجوب من آخر الحكماء الذين تبقون لنا.
ولفت إلى أن أستاذا محجوب يرحل ويترك أثر باق وممتد لكل من يريد أن يستفيد من مدرسته سواء على المستوى الصحفي أو الوطني.
ونتمنى أن يكون هنالك كثير من داخل الوسط الصحفي يأخذون الشعلة من أستاذ محجوب ويستمرون في المسيرة للأمام.

ولد الراحل محجوب محمد صالح في 12 أبريل من العام 1928م، في مدينة الخُرْطُوم بحري، التي تلقى بها مراحل تعليمه الأولية، والمتوسطة، والتحق بكلية الخُرْطُوم الجامعية في عام 1947، وكان يشغل منصب سكرتير اتحاد الطلاب وقتها.
برحيل الأستاذ محجوب محمد صالح أنكسر المرق وأتشتت الرصاص، بهذه العبارة ابتدر نقيب الصحفيين السودانيين عبد المنعم أبو إدريس الصحافة السودانية حديثه، وقال بموت الراحل انكسر مرق الصحافة السودانية.
وأضاف: “قيام النقابة واحدة من الهموم الكبيرة للراحل وظل يدفع بها في كل لحظة وحين”.
وتابع: “مبادرة الراحل لعبت دورا كبيرا في جمع الكيانات الثلاثة المختلفة، التي انخرطت في عشرات الاجتماعات بمركز الأيام والتي تبلورت في قيام انتخابات النقابة”.


وكشف ابودريس ، عن أن الراحل كان سكرتير نقابة الصحفيين السودانيين في العام 1953م، وأنه سلم نقابة الصحفيين الحالية محاضر النقابة في ذلك العام، تم اداعها في دار الوثائق.
وقال لا نعرف ماذا حدث لدار الوثائق بعد قيام الحرب اللعينة، ولكن نحتفظ بنسخة إلكترونية منها.
مؤكدا أن من الوفاء للراحل إن نعض على هذه النقابة بالنواجذ، وان تنجح ويلتف حولها كل الصحفيين والصحفيات”.
وأوضح أن الشعب السوداني فقد واحد من العقول الراجحة التي كانت تقدم ما يجمع السودانيين وما يكمن أن يهييء لهم الطريق للخروج من المذاق الموجودين فيه الآن.

وبدأ الراحل محجوب محمد صالح مسيرته في بلاط صاحبة الجلالة بصحيفة سودان ستار الناطقة باللغة الإنجليزية، في العام 1949م، كما عمل لفترة وجيزة بصحيفة السودان الجديد، قبل أن يؤسس مع زميليه بشير محمد سعيد ومحجوب عثمان صحيفة الأيام التي صدر أول أعدادها في الثالث من أكتوبر من العام 1953.

خسران كبير

من جهته قال مدير طيبة بريس محمد لطيف، إن الحزن خزان بأن محجوب لم يمت في أرضه ولم يدفن في ترابه، وشخص مثل محجوب يستحق أن يشيع التوسيع اللائق به، لأنه أعطى ولم يستبق شيئا.
ويضيق، المؤسف أن محجوب يغادر وفي قلبه حسرة للحالة التي يمر بها السودان، وأنا أشعر باليتم بعد رحيله.
وأوضح لطيف، أن الراحل لم يكن مجرد صحفي بل كان شعلة من الوطنية، ومشغول باستمرار بالأزمة السودانية، ولكن للأسف ظلت تصورات محجوب تصطدم بعناصر آلت على نفسها أن يكون السودان في مؤخرة الركب، ومتعثرا، لذلك هنالك خسران كبير بأن يرحل محجوب ولم تتح له الفرصة ليسهم في إنقاذ البلد “.
وأكد أن قيام عزاء طيبة بريس للراحل في كمبالا لأن محجوب ظل السند والعضد والمستشار غير مدفوع الأجر لطيبة بريس منذ تأسيسها وحتى رحيله، لذلك سنظل أوفياء للراحل، الذي سيظل رقم فارق في الحياة السودانية.

أصوات وأصداء

وشغل الأستاذ محجوب منصب مدير تحريرها في أول اصادره لها، كما ترأس الراحل مركز الأيام للدراسات الثقافية والتنمية حتى وفاته، أشتهر بعموده أصوات وأصداء الذي تناول فيه تحليل الوضع السياسي في السودان، والمشاكل التي تواجه المواطن العادي.
له العديد من المؤلفات أبرزها سفره القيم، تاريخ الصِّحافة السودانية في نصف قرن، بجانب أضواء على قضية الجَنُوب وغيرها ونال العديد من الجوائز داخل وخارج السودان.
شخصية مهمة
ويقول عضو جائزة محجوب محمد صالح، السرد السيد، إن الشعب السوداني فقد شخصية مهمة في وقت استثنائي والبلاد تشهد التمزق والحرب المدمرة.
وأضاف:” رؤية الراحل متسامحة تسامحا تحرريا وفي نفس الوقت رؤيته ثاقبة “.
وتابع:” الناس فكروا منذ وقت مبكر في إعطاء هذه الشخصية حقها من خلال ربطها بجائزة كبيرة لصحافة السودانية السودانية في مختلف المجالات “.
ويقول الأمين العام لحزب المؤتمر السوداني، عبد القيوم عوض السيد، إن الراحل محجوب محمد صالح كانت مساهماته في المجال العام متخطية كل الحدود، وأي شخص يلمس في الراحل ما يليه.
ويضيف:” بالنسبة لنا في الحركة السياسية لم يفرق بين شخص وآخر، وإذا طلبنا منه استشارة أو مشاركة في منشط لم يتأخر قط “.
وأكد عبد اليوم أن واحدة من المآسي أن يرحل محجوب بعيدا عن وطنه ونحن موجودون الآن في كمبالا بسبب الحرب”.
وسيظل الثالث عشر من فبراير من عام الفين واربعة وعشرين علامة سوداء في تاريخ الصحافة السودانية بفقدها لاحد اعمدتها الصلبة واركانها الأساسية بفقدان عميدها محجوب محمد صالح.

الوسومالصحافة السودانية محجوب محمد صالح

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الصحافة السودانية محجوب محمد صالح الصحافة السودانیة

إقرأ أيضاً:

نقيب الصحفيين: ملف المحبوسين سيُطرح خلال المؤتمر العام.. وتشكيل لجنة قانونية لمساعدتهم

أكد خالد البلشي نقيب الصحفيين، أن ملف الصحفيين المحبوسين هو ملف شائك، نتمنى أن ينتهي؛ حيث أنه يؤثر على الصحفيين وأسرهم، الذي يمر ثقيلًا عليهم لمرور سنوات طويلة، تجاوزت مدة الحبس الاحتياطي المقررة قانونًا.

وأعلن خلال مؤتمر صحفي نظّمته النقابة اليوم، لأسر الصحفيين المحبوسين، عن تشكيل لجنة قانونية بالنقابة لمتابعة المحبوسين، واتخاذ الإجراءات اللازمة لإنهاء حبسهم.

وقال نقيب الصحفيين، إن ملف المحبوسين سيكون أحد المحاور الرئيسية التي سينظرها الموتمر العام السادس؛ لإنهاء هذا الملف وتلك الانتهاكات بحق الصحفيين، مؤكدًا أن النقابة ستستمر في دعم الزملاء المحبوسين وأسرهم، برغم قدرات النقابة المحدودة، ولكن ستظل قضيتهم مطروحة طوال الوقت، حتى حلها.

مقالات مشابهة

  • بن حبتور: الراحل حسن عبد الوارث كان شخصية استثنائية حمل أوجاع المجتمع وطموحاته
  • “الصحفيين العرب” يرسل برقية شكر للرئيس.. ودعوته لرعاية احتفالية العيد الـ60
  • رحل محمد حسن وهبه، وما الذي تبقى من زيت القناديل؟
  • توم بيرييلو: تأهل المنتخب السوداني لأمم إفريقيا مثال آخر على الروح السودانية التي لا تقهر في مواجهة الشدائد
  • رئاسة مجلس الوزراء: عدم قبول أي بطاقة إعلامية غير صادرة عن وزارة الإعلام أو اتحاد الصحفيين
  • اتحاد الصحفيين العرب يتسلم مقره الجديد في القاهرة
  • استبيان حول أوضاع ومستقبل الصحافة ضمن أعمال المؤتمر السادس للصحفيين
  • ضمن أعمال المؤتمر السادس للصحفيين.. استبيان حول أوضاع المهنة ومستقبلها
  • نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام أحمد علي عبدالله صالح يلتقى مبعوث الرئيس الروسي الى الشرق الاوسط ‏
  • نقيب الصحفيين: ملف المحبوسين سيُطرح خلال المؤتمر العام.. وتشكيل لجنة قانونية لمساعدتهم