لعل من الملاحظ واللافت للنظر لكل راصد لموقف المؤسسات الدينية من القضية الفلسطينية، وضوح موقف الأزهر وبروزه، ومواكبته لما يجري في أرض فلسطين، ولم يكن ذلك وليد اليوم فقط، فيما نراه من مواقف شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وهذا الإرث التاريخي والفكري للأزهر هو الرصيد الكبير الذي ترتكن إليه المؤسسة الأزهرية في التعبير عن مواقفها.
مؤخرا صدر كتاب ضخم من أربعة أجزاء، بعنوان: (الأزهر والقضية الفلسطينية)، صدر عن مشيخة الأزهر، وتم عرضه للجمهور في المعرض الدولي للكتاب بالقاهرة، والذي انتهى منذ ما يقرب من عشرة أيام، الكتاب يقع في أكثر من ألف وستمائة صفحة، وهو تجميع لبحوث كتبها علماء من مختلف بقاع العالم الإسلامي لمؤتمرات أقامها الأزهر نصرة للقضية الفلسطينية، منذ ستينيات القرن الماضي.
وهي بحوث كانت لمؤتمرات في العصر الذهبي لمصر والأزهر في موقفها من القضية الفلسطينية، كانت وسائل الإعلام والأجهزة الرسمية والشعبية موحدة في موقفها من فلسطين، وسوف يلاحظ الناظر لفهرس أي جزء من الأجزاء الأربعة، وينظر نظرة عجلى على أسماء المشاركين في هذه المؤتمرات، إما ببحوث أو كلمات، سيجد تنوعا وثراء في المشاركة تشمل كل الدول العربية والإسلامية، مما يدل على موقف موحد تجاه قضية فلسطين.
وليس التنوع في المشاركات من حيث الجنسيات فقط، بل في التخصصات، فستجد بحوثا وكلمات على مستوى المشايخ، فتبدأ من شيخ الأزهر آنذاك، الشيخ محمد محمد الفحام، وشيوخ تولوا المشيخة فيما بعد كالشيخ عبد الحليم محمود، إلى رئيس الوعظ بالأزهر الشيخ عبد الله المشد، وبقية التخصصات السياسية والعسكرية، فتجد بحثا للواء الركن العراقي محمود شيت خطاب، في بحث ماتع له عن: أهداف إسرائيل التوسعية في البلاد العربية، يجمع فيه بين الحديث العسكري المختص، والسياسي الدقيق، والعاطفة الدينية الجياشة، التي تربط بين السياسي والإيماني.
اللافت للنظر أيضا، وجود علماء كبار من دول حين تنظر الآن إلى طرح هذا الفقيه أو العالم، وحال بلده الآن، ستسأل: ما الذي وصل بهذه البلدان من بلدان يخرج فيها عالم وفقيه بآراء قوية ضد الكيان الصهيوني، لحالها الآن، من دول تدعم الكيان، بل تقيم جسرا بريا يسعفه، فستجد قاضي القضاة بالإمارات، ووزير الأوقاف الأردني، وقد وقعوا جميعا على بيان وتوصية للمجمع، استخرجوه من البحوث المقدمة، يقضي بحرمة المعاونة للكيان، ومروق من يقوم بذلك من الدين.
إن القضية الفلسطينية واحدة من القضايا التي لم تغب ولن تغيب عن ضمير الأزهر الشريف بجميع هيئاته وقطاعاته المختلفة منذ بدايتها؛ فهي ليست قضية ثانوية، أو مسألة هامشية، وإنما ينظر إليها على أنها قضية ترتبط بدين وشرع وكرامة وعزةجاءت الكتب الأربعة في موضوعات كلها تغطي جوانب مهمة متعلقة بفلسطين، ما بين الشق التاريخي المتعلق بأحقية المسلمين والعرب لها، وبين الواجب المنوط بالمسلمين نحوها من تحرير أرضها، وبذل كل جهد لذلك، كما في الجزء الأول منها. أما الجزء الثاني فركز على مكانة القدس وفلسطين عند المسلمين، ودورهم في استرداد بيت المقدس. وجاء الجزء الثالث متحدثا عن الجانب التاريخي في علاقة اليهود بالمسلمين تاريخيا منذ عصر النبوة وحتى العصر الحديث. وخصص الجزء الرابع أبحاثه للحديث عن الصهيونية وجرائمها تجاه الإسلام والمسلمين وأرض فلسطين، سواء ما يتعلق بجرائمها الدينية أو السياسية والعسكرية.
الكتاب في أجزائه الأربعة يعبر بحق عن موقف ثابت ومستقر للأزهر وعلمائه، منذ بدء التفكير الصهيوني في احتلالها، فهي كما قال أمين عام مجمع البحوث الدكتور نظير عياد في مقدمة الجزء الأول: (فإن القضية الفلسطينية واحدة من القضايا التي لم تغب ولن تغيب عن ضمير الأزهر الشريف بجميع هيئاته وقطاعاته المختلفة منذ بدايتها؛ فهي ليست قضية ثانوية، أو مسألة هامشية، وإنما ينظر إليها على أنها قضية ترتبط بدين وشرع وكرامة وعزة، كما أن المتابع للتاريخ والدارس لأحداثه يدرك أنه منذ اللحظة الأولى والأزهر الشريف ـ من خلال علمائه عبر سنوات عديدة ـ كان له الحظ الأوفر والنصيب الأكبر في العمل على تبصير الناس بحقيقة هذه القضية؛ سواء من خلال: إصدارات علمية، أو حلقات نقاشية، أو ملتقيات فكرية، أو مؤتمرات دولية، بجانب ما صدر عنه من أحكام وفتاوى خالدة، سطرها علماؤه بخصوصها؛ والتي كانت ـ ولا زالت ـ مصدر توجيه وتبير بحقوق هذه القضية وشعبها من ناحية، وكشف عن آلية التعامل مع هذا الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية، وفق ما قرره الشرع الحكيم من ناحية أخرى).
لا يمكن لمقال محدود الكلمات أن يعرض لكل ما في الكتاب، ولكنه يعطي لمحة مهمة عنه، ومجرد إشارة لأهميته ودوره في بيان موقف المؤسسة الأزهرية على الدوام من أهم القضايا العربية والإسلامية: فلسطين، ولو كان لنا من نصح لمشيخة الأزهر ومجمع البحوث، فهو توفير المادة على موقعهم، بصيغة بي دي إف، ليتسنى لكل مهتم قراءته، فإن إصدارات المجمع لا تصل لمساحات كبيرة من الجمهور خارج مصر للأسف، فضلا عن الحاجز الإعلامي المضروب على الأزهر مؤسسة وشيخا، والبديل هنا أن تتاح المادة للجميع، خاصة وأن الهدف من الإصدار ليس الربح.
[email protected]
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية كتاب الاحتلال احتلال فلسطين كتاب رأي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القضیة الفلسطینیة
إقرأ أيضاً:
انطلاق «القاهرة السينمائي».. الدورة 45 ترفع شعار دعم القضية الفلسطينية
الفن واحد من أقوى الأسلحة التى يمكن من خلالها التعبير عن أوجاع الأمة ورصد معاناتها والتطرق إلى كافة القضايا الإنسانية من خلاله، لذلك اختار مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته الـ45 أن يكون معبراً عن أوجاع الفلسطينيين وإعلان الدعم الكامل لقضيتهم من خلال أشكال مختلفة. بدأ رئيس مهرجان القاهرة السينمائى الدولى الفنان حسين فهمى إعلان دعمه للقضية الفلسطينية فى الدورة الـ45 وتوضيح أن سبب إلغاء المهرجان العام الماضى كان من أجل دعم الشعب الفلسطينى لما يتعرض له خلال أحداث طوفان الأقصى من جرائم من قبل الاحتلال الإسرائيلى.
وأنه على مدار السنوات الماضية وخلال وجوده فى أكثر من مهرجان دولى فى الخارج من بينها برلين وفينسيا وجد أنهم يتناولون القضايا السياسية ويركزون على قضية أوكرانيا وما يحدث بها، لذلك وجد أنه لا بد أن ندافع عن قضايانا العربية، لذا قرر إقامة الدورة هذا العام لتكون منبراً للدفاع عن القضايا العربية وعلى رأسها فلسطين ولبنان، وكانت أولى خطوات دعم المهرجان للقضية الفلسطينية اختيار الفيلم الفلسطينى «أحلام عابرة» للمخرج رشيد مشهراوى ليكون هو فيلم الافتتاح الذى تم تصويره فى بيت لحم، وتدور قصته حول شخص يدعى «سامى» 12 عاماً، يأخذنا معه فى رحلة ليوم واحد، برفقة عمه وابن عمه الأكبر، بحثاً عن طائره المفقود، وقد أخبره جيرانه أنه ربما عاد إلى موطنه الأصلى وتكون الرحلة من مخيم للاجئين فى الضفة الغربية إلى مدن فلسطينية تشمل بيت لحم والقدس القديمة وحيفا، ونكتشف من خلال الرحلة الحياة اليومية الصعبة للفلسطينيين.
وتم تخصيص عدد من الجوائز للسينما الفلسطينية، بالإضافة إلى وجود عدد من البرامج والعروض والفعاليات التى تبرز الصوت الفلسطينى، ولم يتوقف الأمر عند ذلك ولكن أعلن مدير المهرجان عصام زكريا أن المهرجان رفض وبشكل قاطع التعاون مع أى جهة مدرجة فى قائمة المقاطعة ليعلنوا من خلال ذلك أن القضية الفلسطينية ستظل هى قضية مصر الأولى.