المسجد كما أفهمه يا معالي وزير الأوقاف
تاريخ النشر: 15th, February 2024 GMT
#المسجد كما أفهمه يا معالي #وزير_الأوقاف
أ.د رشيد عبّاس
قرأتُ بعناية ما تفضل به وزير الأوقاف مؤخراً حول إلزام الأئمة بخطبة الجمعة, حيث جاء في حديثه: (أن خطبة الجمعة الموحدة التي توزع على أئمة المساجد، غير ملزمة من حيث المادة العلمية المرفقة، بينما ترسل الوزارة الموضوع مرفقا بمادة علمية مقترحة, وأن الإلزام هو فقط في الموضوع والمحاور الأساسية لموضوع الخطبة, وأن للخطيب مطلق الحرية في استعراض مشاكل الناس حسب السياق المكاني والزماني الذي يمر فيه مجتمع المنطقة التي يخطب بها, منوها سماحته أن هناك تحديات تتعلق في عشوائية بناء وتشييد المساجد في كثير من الأماكن، مشددا على ضرورة تنظيم بناء المساجد على أن تكون المسافة بين كل مسجد وآخر كيلو متر واحد طولي).
من يتدبّر كتاب الله عز وجل يجد أن لفظ المسجد والمساجد والمسجد الحرام وردت في القرآن الكريم ثماني وعشرين مرة، ووردت الإشارة إلى المسجد الحرام بلفظ بيت سبعة عشر مرة، ووردت الإشارة إليه باسم مقام إبراهيم ومصلى مرة واحدة، ووردت الإشارة إلى المساجد بلفظ البيوت مرة واحدة، ولكل مرة مناسبتها, وهذا يؤكد بشكل عام أن للمسجد دور كبير وعظيم في الوسط الاجتماعي الذي يتواجد فيه, ولكي يؤدي المسجد هذا الدور, عليه أن يتحرر من (التأطير) الفكري والأيدولوجية والعمل على تدريب وتأهيل خطبائه على مواكبة المستجدات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المنطقة, ضمن ضوابط ومحددات تضعها الدولة.
مقالات ذات صلة اللغة العربية: خطوة إلى الأمام، وأخرى إلى الخلف 2024/02/14والسؤال المفصلي هنا, هل تغير دور المسجد عما كان عليه في السابق عن دوره في الوقت الحالي؟
لقد تتبعتُ بناءً على السؤال السابق دور المسجد في كل من الخلافة الإسلامية, والخلافة الراشدة, والخلافة الأمويّة, والخلافة العباسيّة, والخلافة العثمانيّة, وتوقفتُ هذه الأيام على دور المسجد في (الخلافة المبعثرة) اليوم بسبب الفِرق والأحزاب الدينية المنتشرة في عالمنا العربي والإسلامي, وما لحق بهذه الخلافة من البدع الدينية للأسف الشديد, وقد توصلتُ بعد عناء شديد أن دور المسجد في الخلافة الإسلامية كان إطارهُ إسلامياً, وفي الخلافة الراشدة كان إطارهُ راشداُ, وفي الخلافة الأمويّة كان إطارهُ أموياً, وفي الخلافة العباسية كان إطارهُ عباساً, وفي الخلافة العثمانيّة كان إطارهُ عثمانياً.
ولعل القارئ هنا يعي بالضبط ما لمقصود بالإطار الاسلامي.. والإطار الراشد.., والإطار الأمويّ.., والإطار العباسي.., والإطار العثماني.
وقد يتساءل البعض, هل دور المسجد في (الخلافة المبعثرة) كما هي عليه الأن بسبب تعدد الفِرق والأحزاب الدينية إطارهُ مبعثراً؟
اعتقد جازماً وفي سياق ما تفضل به وزير الأوقاف مؤخراً حول إلزام الأئمة بخطبة الجمعة, أن دور المسجد في (الخلافة المبعثرة) مبعثراً, وأقصد بالتبعثر هنا هو عدم وجود ربط حقيقي بين مواكبة المستجدات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المنطقة مع رؤية العقيدة الاسلامية ومذاهبها المعروفة, وذلك ضمن ضوابط ومحددات تضعها الدولة.
إن الربط الحقيقي بين مواكبة المستجدات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المنطقة (مع) رؤية العقيدة الاسلامية ومذاهبها المعروفة كدور كبير للمسجد, يحتاج يا معالي وزير والذي نحترمه إلى أن نتحرر من (تأطير) أفكار وأيدولوجيات خطبة المسجد, وأن يخضع خطباء المساجد لمزيد من الدورااااااااات المهنية, وتأهيل هؤلاء تأهيلاً حقيقيا لمثل هذا الربط ضمن ضوابط ومحددات تضعها الدولة, فهناك يا معالي وزير عناوين (خُطب) تعطى لخطباء المساجد لا تشكل حاجة وأيدولوجية للحاضرين ولا تراعي مستوياتهم الثقافية, ويصعب أيضاً على بعض الخطباء ربطها بمستجداتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المنطقة (مع) رؤية العقيدة الاسلامية ومذاهبها المعروفة.
اعتقد أن الخروج من هذه الاشكالية يتوقف على تأهيل وتدريب خطباء المساجد من خلال تمكين قدرة هؤلاء على الربط الحقيقي بين المستجدات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المنطقة مع رؤية العقيدة الاسلامية ومذاهبها المعروفة, ضمن محددات الدولة, ومن ثم ترك تقدير عناوين الخطب للخطيب, فهو بعد التدريب والتأهيل الأقدر على تلمس الحاجات الفكرية والايدولوجية للمجتمع المحلي للمسجد.
وبعد..
لقد (فهمت) أن دور المسجد في كل من الخلافة الإسلامية, والخلافة الراشدة, والخلافة الأمويّة, والخلافة العباسيّة, والخلافة العثمانيّة كان دوراً إعلامياً تثقيفياً لبث رؤية العقيدة الإسلامية ومذاهبها المعروفة في نفوس الناس بطابع السمة العامة للخلافة السائدة وقتها, واليوم وبوجود تكنولوجيا الاتصال والتواصل, وبوجود وسائل التواصل الاجتماعي لم يعد هذا الدور مقبولاً إلى حد ما, إنما ينبغي أن يأخذ المسجد دوراً جديدا في الربط الحقيقي بين المستجدات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المنطقة مع رؤية العقيدة الاسلامية ومذاهبها المعروفة, فبدلاً من أن تكون عنوان الخطبة عن (أحكام الوضوء) على اهميتها مثلاً.. يمكن استبدالها برؤية العقيدة الإسلامية ومذاهبها المعروفة من ترشيد مياه الوضوء واستثمارها في ري المزروعات, في الوقت الذي نعاني منه من شح المياه والذي نضطر معه إلى بناء اتفاقيات لا تخدم الأمة.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: المسجد وزير الأوقاف دور المسجد فی وزیر الأوقاف فی الخلافة
إقرأ أيضاً:
وزير الأوقاف يفتتح ملتقى الفكر الإسلامي في رحاب مسجد الحسين
افتتح الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، ملتقى الفكر الإسلامي بساحة مسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه) عقب صلاة التراويح، ضمن جهود الوزارة لنشر الوعي الديني المستنير وتعزيز القيم الروحية والوطنية خلال شهر رمضان المبارك.
وشهد الملتقى حضور نخبة من كبار العلماء والمفكرين، من بينهم الدكتور عبد الهادي القصبي، شيخ مشايخ الطرق الصوفية ورئيس المجلس الأعلى للطرق الصوفية، و الدكتور محمد مهنا، أستاذ القانون الدولي بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، والدكتور ممدوح غراب، رئيس جامعة السادس من أكتوبر ومحافظ الشرقية السابق، بالإضافة إلى الدكتور محمد عبد الرحيم البيومي، أمين عام المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، والشيخ خالد خضر، رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف.
كما حضر عدد كبير من قيادات الوزارة ومديرية أوقاف القاهرة، وجمع غفير من طلبة العلم بالأزهر الشريف، الذين حرصوا على الاستفادة من المحاضرات العلمية والتربوية التي يقدمها الملتقى.
وأدار اللقاء الإعلامي الكبير حسن الشاذلي، الذي أضفى على الفعالية طابعًا متميزًا بحسن تقديمه.
وخلال كلمته، أكد الدكتور أسامة الأزهري أن ملتقى الفكر الإسلامي يمثل منارة لنشر الفكر المستنير وتعزيز القيم الأخلاقية والروحانية والوطنية، مشيرًا إلى أن وزارة الأوقاف تحرص على تنظيمه سنويًا ليكون منصة تجمع العلماء والمفكرين من أجل نشر الوعي الصحيح وتصحيح المفاهيم المغلوطة.
كما شدد على أهمية استغلال شهر رمضان في التزود بالتقوى وتطهير القلوب بالأخلاق الحسنة، حيث يجسد هذا الشهر الكريم معاني الروحانية والتراحم والتكاتف المجتمعي.
وأشار الوزير إلى أن وزارة الأوقاف تركز في أنشطتها الرمضانية على ثلاث ركائز أساسية: الروحانية التي تعني تعلق القلب بالله والتزود بأنوار القرآن الكريم، الأخلاق التي تُهذب النفس وتدعو إلى حسن التعامل مع الناس، والوطنية التي تتجلى في تعزيز قيم التكاتف والاصطفاف الوطني خلف مؤسسات الدولة.
كما وجه وزير الأوقاف رسالة تضامن إلى الشعب الفلسطيني، مؤكدًا أن مصر قيادةً وشعبًا ترفض تمامًا أي محاولات لتهجير الفلسطينيين، وأن الحل العادل للقضية الفلسطينية يكمن في إقامة دولة مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
من جانبه، أشاد الدكتور عبد الهادي القصبي بدور وزارة الأوقاف في نشر الفكر الوسطي، مؤكدًا أن بناء الوعي الديني الصحيح هو السبيل للنهوض بالمجتمعات.
فيما أوضح الدكتور محمد مهنا أن الملتقى يعكس تفاعل الفكر الإسلامي مع قضايا الواقع، مشيرًا إلى أن القيم الروحانية والأخلاقية والوطنية هي الأساس لبناء المجتمعات.
أما الدكتور ممدوح غراب، فشدد على أهمية نشر الوعي وتعزيز الانتماء الوطني، مؤكدًا أن التعليم وحده لا يكفي، بل يجب غرس القيم الدينية والفكرية الصحيحة في الأجيال لمواجهة التحديات الفكرية المعاصرة.
يُذكر أن ملتقى الفكر الإسلامي يُعد من أهم الفعاليات الفكرية التي تقدمها وزارة الأوقاف خلال شهر رمضان، حيث يهدف إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة، والتصدي للفكر المتطرف، وترسيخ قيم التسامح والتعايش السلمي، فضلًا عن كونه منصة تجمع العلماء والمفكرين لتقديم رؤى مستنيرة حول القضايا المجتمعية.
واختتم الملتقى بأداء مبتهل وزارة الأوقاف الشيخ عبد اللطيف العزب وهدان، الذي قدم ابتهالًا دينيًا مؤثرًا تفاعل معه الحضور، وسط أجواء إيمانية عبقة تعكس روح الشهر الفضيل وأهمية هذه اللقاءات الفكرية في نشر العلم وتعميق الفهم الديني الصحيح.