(إي إن آر) بروكسل "د ب أ": في خضم ثورة مزارعي الاتحاد الأوروبي ضد الإصلاحات البيئية، وقبل نحو أربعة أشهر من انتخابات البرلمان الأوروبي، كشفت المفوضية الأوروبية النقاب عن أهدافها فيما يتعلق بالتغير المناخي حتى عام 2040، وعن خارطة طريق للمرحلة المقبلة في مسار تحول التكتل للحياد الكربوني. كانت الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد تعهدت بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، ووضعت هدفا أوليا مؤقتا لعام 2030 بخفض الانبعاثات بواقع 55% مقارنة بمستويات عام 1990.

وأعلنت المفوضية الأوروبية مؤخرا هدفها المهم، المتمثل في الوصول إلى خفض الانبعاثات بواقع 90%، بحلول عام 2024.

وجاء إعلان المفوضية-الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي- في الوقت الذي ألقت فيه احتجاجات المزارعين بظلالها على مساعي تحول التكتل إلى مستقبل أكثر صداقة للبيئة.

ونظم المزارعون احتجاجات خارج مقر البرلمان الأوروبي، للتعبير عن غضبهم إزاء تراجع الدخل، وارتفاع التكاليف، وما وصفوه بـ "اللوائح الخضراء المجحفة".

وأوضح مفوض المناخ لدى الاتحاد الأوروبي ووبكي هوكسترا، أن التكتل سوف يسعى جاهدا من أجل "تحول عادل" لمستقبل أخضر، من شأنه أن يسمح للشركات بالازدهار، وضمان عدم تخلف "أي شخص عن الركب".

وفي إشارة إلى حجم التوتر السياسي الذي وصلت إليه مسألة البيئة في ظل احتجاجات المزارعين، أظهرت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين تراجعا في وقت سابق يوم الثلاثاء الماضي، حيث وجهت ضربة قاضية لمشروع قانون كان يرمي إلى الحد من استخدام المبيدات الحشرية بواقع النصف بحلول العقد الجاري، وأعلنت سحبه.

وأقرت فون دير لاين بأن المقترح "صار رمزا للاستقطاب"، بعدما تعثر في ظل انقسامات بين نواب الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء.

ومن الممكن أن يؤدي السخط المتصاعد إلى محاولات تبني هدف خفض الانبعاثات الكربونية بواقع 90% بحلول عام 2024.

وذكرت المفوضية الأوروبية أن الهدف الجديد-مقترح 90%- من شأنه أن يخفض حالات الوفاة في سن مبكرة، بسبب رداءة جودة الهواء، من 466 ألفا في 2015، إلى 196000 في 2024.

كما ترى المفوضية أن المقترح يبعث بـ "إشارات واضحة"، وأن سوق التكنولوجيا النظيفة سوف يزداد إلى قرابة 600 مليار يورو (646 مليار) بحلول عام 2023.

وقالت المفوضية إن الاتحاد الأوروبي يخصص في الوقت الحالي 4% من إجمالي الناتج المحلي للتكتل لاستيراد المواد الهيدروكربونية (النفط والغاز الطبيعي والفحم)، وأشارت إلى أنه خلال الفترة بين عامي 2030 و2025، سوف يتعين على الاتحاد الأوروبي استثمار 5ر1% إضافية سنويا على التحول في مجال الطاقة.

ولذلك تقترح المفوضية تحرير الموارد، بإبعادها "عن الاستخدامات الأقل استدامة، مثل تقديم الدعم للوقود الأحفوري".

ويتعين أن توافق الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، والبرلمان الأوروبي، على المقترح الذي من شأنه أن يؤجج الجدل خلال فترة ما قبل انتخابات البرلمان الأوروبي المقررة في يونيو.

وينزل المقترح الجديد بمستوى الطموح، مقارنة بمشروعات قوانين سابقة، ويسقط الإشارات المباشرة إلى الجهود التي يتعين على القطاع الزراعي أن يبذلها.

وانضمت الأحزاب اليمينية المتطرفة، والمناهضة للاتحاد الأوروبي، لحركة المزارعين، ويتوقع أن تحقق مكاسب واسعة في انتخابات البرلمان الأوروبي المقبلة.

ولاقت سياسات المناخ في الاتحاد الأوروبي رد فعل عنيف على نحو متزايد من بعض الصناعات، ويدعو العديد من زعماء التكتل حاليا إلى "توقف" بعض القواعد البيئية الجديدة.

وبناء على مبادرة من الدنمارك، أرسلت 11 دولة من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خطابا مشتركا للمفوضية الأوروبية ذكرت فيه أن عملية التحول لتحقيق هدف عام 2040 "الطموح" يجب أن تكون "نزيهة وعادلة" وأن تضمن "عدم تخلف أحد عن الركب، وخاصة المواطنين الأكثر عرضة للخطر".

وبالنسبة للجماعات المعنية بالبيئة، يعد طموح المفوضية الأوروبية أقل بكثير مما هو مطلوب، وعلى سبيل المثال، غياب موعد مستهدف للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، وأوجه الدعم الخاصة به.

وقالت الناشطة لدى منظمة "جرينبيس" (السلام الأخضر) سيلفيا باستوريلي: "'يماثل هذا المعنى وضع هدف للوقاية من مرض سرطان الرئة، دون وجود خطة للتوقف عن التدخين".

وفي ظل دعوة الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري بما لا يتجاوز 5ر1 درجة مئوية زيادة عن مستويات ما قبل عصر الصناعة، و"بالنظر لمسؤولية الاتحاد الأوروبي عن الانبعاثات التاريخية، سيكون الأمر أكثر إنصافا استهداف تحقيق صافي انبعاثات صفر بحلول عام 2040"، بحسب ما ذكره الصندوق العالمي للطبيعة (سابقا الصندوق العالمي للحياة البرية).

وأعرب الصندوق عن أسفه لقرار المفوضية بالتخلي عن الخفض المستهدف للانبعاثات في مجال الزراعة بواقع 30%، والذي كان متضمنا في مسودة سابقة. ويمثل القطاع الزراعي 11% من إجمالي انبعاثات الاتحاد الأوروبي.

وقالت المنظمة الأوروبية لحماية المستهلك: "رغم المحاولات المضنية التي تقوم بها المفوضية الأوروبية للتعامل مع المزارعين برفق وعناية، تقف الحقائق مستعصية: إذ تسهم أنظمتنا الغذائية والزراعية بقسط كبير من التأثيرات المناخية في الاتحاد الأوروبي."

وشددت المفوضية الأوروبية على أنه في حين أن الهدف هو خفض غازات الدفيئة، بنحو 90% بحلول عام 2040، مقارنة بمستويات عام 1990، يتعين ضمان القدرة التنافسية للزراعة الأوروبية وإجراء حوار استراتيجي مع دوائرها المختلفة ومع المزارعين.

يشار إلى أن هدف تحقيق خفض بواقع 90% بحلول 2040، ليس مقترحا تشريعيا، بل توصية أولية.

وفي نهاية المطاف، من شأن الهدف الجديد أن يمثل خارطة طريق للمفوضية الأوروبية، بتشكيلها الجديد بعد انتخابات البرلمان الأوروبي، لتوجيه استثمارات طويلة الأجل في السباق نحو التكنولوجيا الخضراء، وهو هدف انغمست فيه بقوة الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي، وغير ذلك من الاقتصادات المتقدمة.

وفي نفس الوقت، يواصل المزارعون في أنحاء الاتحاد الأوروبي احتجاجاتهم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: انتخابات البرلمان الأوروبی فی الاتحاد الأوروبی المفوضیة الأوروبیة خفض الانبعاثات بحلول عام عام 2040

إقرأ أيضاً:

رئيسة المفوضية الأوروبية: أوروبا أكبر شريك تجارى ومستثمر لمصر

وجهت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين الشكر إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال افتتاح مؤتمر الاستثمار المصرى الأوروبى، وأشادت بتنظيم المؤتمر والذى يتزامن مع مرور مائة يوم منذ أن بدأنا حقبة صداقة جديدة بين الاتحاد الأوروبى ومصر، موضحة أننا اليوم بالفعل نجنى ثمار هذا التعاون.
وأكدت لقد كانت الاستجابة التى تلقيناها منذ شهر مارس الماضى كانت هائلة بشأن المشاركة فى هذا المؤتمر، والشركات الأوروبية ستوقع أكثر من 20 صفقة ومذكرة تفاهم جديدة مع شركاء مصريين والتى تبلغ قيمتها أكثر من 40 مليار يورو.
وأوضحت أن الاتفاق الجديد يقوم على العلاقات العميقة بين شعبينا، وبناءً على عقود من التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبى، حيث تعد أوروبا بالفعل أكبر شريك تجارى ومستثمر لمصر، وتمثل 40% من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.، مؤكدة أن اتفاقنا الجديد يؤكد قرارنا بالوصول إلى مستوى جديد من المشاركة الإستراتيجية بيننا.
وقالت إنه فى مارس الماضى، رحبتم بى وبخمسة زعماء أوروبيين آخرين هنا فى هذه المدينة الجميلة والخالدة، ووقعنا نحن الاثنان على شراكة إستراتيجية وشاملة جديدة.
وقالت إن مصر هى بوابة لأوروبا بين إفريقيا والشرق الأوسط وبين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهادئ والهندى، لذلك فإن استقرار مصر وازدهارها ضرورى للمنطقة بأكملها.
وأكدت أننا اليوم نأتى إلى القاهرة، برفقة الشركات الأوروبية والمستثمرين والمؤسسات المالية، وفى الواقع لدينا أكثر من 1000 ممثل للشركات الأوروبية فى المؤتمر حريصون على الاستماع إلينا عن الفرص التجارية الجديدة، ولكننا بطبيعة الحال حريصون أيضًا على أن نسمع منهم ما هى الإجراءات الإضافية التى يمكن اتخاذها لتسهيل الاستثمار.
وقالت «إن الاتحاد الأوروبى يحرز تقدما فى الالتزامات التى قطعناها على أنفسنا قبل ثلاثة أشهر فقط، وأذكر ثلاثة منها، أولا، المزيد من المساعدات المالية، ثانيا المزيد من الاستثمارات فى القطاعات الإستراتيجية، وثالثا المزيد من المهارات للعمال المصريين.
وقالت إننا نركز على نقطتين الأولى فى مارس، حيث أعلنا حزمة مالية واستثمارية كبرى بقيمة 7.4 مليار يورو. وأكدت «أننا اليوم نوقع المليار يورو الأول من المساعدات المالية الكلية،وستكون هذه الحزمة مصاحبة ومحفزة لأجندة الإصلاح فى مصر التى يحتاجها القطاع الخاص».
وأضافت أن شأن هذه الإصلاحات أن تعزز بيئة أعمال أقوى، وجذب المزيد من الاستثمار وخلق المزيد من فرص العمل الجيدة فى مصر.
وأكدت أن النقطة الثانية هى أننا مع شراكتنا الإستراتيجية التزمنا بتعزيز استثماراتنا الإستراتيجية فى مصر، ونهدف إلى تعبئة استثمارات أوروبية جديدة بقيمة 1.8 مليار يورو، وستخصص إلى القطاعات الإستراتيجية التى حددناها معًا فى شهر مارس الماضى.
وأضافت خلال كلماتها «اسمحوا لى أن أعطى مثالا واحدا فقط، فلدى مصر هدف طموح يتمثل فى أن تصبح مركزًا للطاقة النظيفة، وهذا يصب فى مصلحة أوروبا أيضًا».
وأوضحت أن هذا المركز للطاقة النظيفة من شأنه أن يضع مصر فى قلب مفترق طرق البحر الأبيض المتوسط، مع ممرات جديدة لنقل الكهرباء النظيفة والهيدروجين، ولكن أيضًا إنشاء سلاسل قيمة جديدة للتكنولوجيا النظيفة التى تمتد عبر منطقتنا، من الخليج إلى أوروبا.
وأشارت إلى أننا نعتمد على البطاريات، والألواح الشمسية وتوربينات الرياح والتى يتم إنتاجها فى الغالب بعيدًا، مؤكدة أنه ماذا لو وحدنا قوانا لإنتاجها فى منطقتنا المشتركة؟ ولذلك، فإننا نستثمر الآن فى هذه الرؤية، كما لم يحدث من قبل، ولتحقيق هذا علينا أيضًا تعزيز المهارات، حيث إن المصريين بحاجة إلى الازدهار فى اقتصاد الغد.
وأكدت أن هذا هو المثال الثالث والأخير، فاليوم نوقع على مشروع جديد بقيمة 25 مليون يورو، لتوفير التدريب على التكنولوجيا النظيفة والرقمية للشباب المصرى لكى تجد الشركات العمالة الماهرة التى يمكنها أيضا العثور على وظائف جيدة وكسب عيشهم.
وقالت نحن ندعم شراكتنا الجديدة باستثمارات عامة كبيرة ولكن الذى يحدث فرقا حقا هو شراكة القطاع الخاص مع شراكتنا الإستراتيجية، حيث أنشأنا الإطار من الثقة واليقين حول الاتجاه المستقبلى لعلاقتنا، وهذه هى بالضبط الرسالة التى يحتاجها القطاع الخاص ويتوقع أن يسمعها منا.
وأكدت التزامنا بدعم مصر فى إصلاحاتها والتىن عززت بالفعل ثقة وتحركات القطاع الخاص.
وأكدت أن العلاقات بين مصر وأوروبا أصبحت أقرب من أى وقت مضى لذا فهذه شراكة حقيقية مربحة للجانبين لمصر وأوروبا على حد سواء، للناس والأعمال التجارية، ومن أجل الصالح العام.

مقالات مشابهة

  • ضوء أخضر من الاتحاد الأوروبي لاستحواذ "لوفتهانزا" الألمانية على "إيتا" الإيطالية
  • من المجر إلى هولندا.. هل يؤدي توسع نفوذ اليمين الراديكالي في أوروبا إلى التأثير على قرارات الاتحاد؟
  • النمسا والتشيك والمجر تكافح لإعادة ترتيب البيت الأوروبي
  • الاتحاد الأوروبي: نموذج "الدفع أو الموافقة" من "ميتا" ينتهك قواعد المنافسة الرقمية
  • القومي للمرأة ينظم مشروع معالجة الهجرة الغير شرعية بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي
  • نائب رئيس المفوضية الأوروبية يزور المتحف القومي للحضارة
  • الاتحاد الأوروبي بصدد توجيه الاتهام إلى ميتا بانتهاك قانون الأسواق الرقمية
  • رئيسة المفوضية الأوروبية: أوروبا تساند شراكتها الجديدة مع مصر باستثمارات كبيرة
  • رئيسة المفوضية الأوروبية: أوروبا أكبر شريك تجارى ومستثمر لمصر
  • "وطنيون من أجل أوروبا" تحالف جديد لإعادة تحديد سياسات الاتحاد الأوروبي