مقارنة بين قدرات حزب الله وإسرائيل العسكرية.. من الأقوى؟
تاريخ النشر: 15th, February 2024 GMT
طالت اشتباكات الأربعاء بين القوات الإسرائيلية ومقاتلي حزب الله اللبناني مناطق أكثر عمقا، ما يؤشر على أن المواجهات قد تتوسع أكثر، وهنا تعود بنا الذاكرة إلى حرب 2006 التي انتهت بين الطرفين "بالتعادل" على حد تعبير أسوشيتد برس، ولكن اليوم، ما هي قدرات حزب الله العسكرية في مواجهة القدرات الإسرائيلية؟
يعد حزب الله اللبناني من أهم القوات شبه العسكرية في العالم العربي، حيث يتمتع بهيكلية داخلية صلبة وترسانة كبيرة.
وتدعم إيران الحزب الذي اكتسب خبرة قتالية ميدانية، على مدى 13 عاما من النزاع المسلح في سوريا، إثر تحول الثورة الشعبية إلى حرب أهلية، وقام الحزب حينها بترجيح الكفة لفائدة قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
ويفخر الحزب بانضواء مائة الف مقاتل تحت لوائه، فيما تشير تقديرات إلى أن العدد هو أقل من نصف ذلك العدد. وتريد إسرائيل من حزب الله أن يسحب وحدة الرضوان القتالية (وهي قوة النخبة للحزب) من المنطقة الحدودية اللبنانية، حتى يتمكن عشرات آلاف الإسرائيليين النازحين من شمال إسرائيل من العودة إلى المدن والقرى هناك.
ويمتلك حزب الله ترسانة كبيرة من الأسلحة معظمها صغيرة، وصواريخ جو-جو محمولة وغير موجهة، وفق مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن.
وتقدر الولايات المتحدة أن لحزب الله ومجموعات مقاتلة أخرى في لبنان حوالي 150 ألف صاروخ وقذيفة، علما وأن حزب الله عمل من أجل تطوير الصواريخ دقيقة التوجيه.
وكان حزب الله أطلق طائرات مسيرة على إسرائيل سنة 2006، وضرب إحدى سفنها الحربية بصاروخ أرض-بحر، كما تمتلك قواته بنادق هجومية ورشاشات ثقيلة وقذائف صاروخية والغام وأسلحة أخرى.
ويستعمل حزب الله خلال الاشتباكات الحالية باستمرار صواريخ كورنيت الروسية المحمولة المضادة للدبابات، وفي حالات نادرة أطلق الحزب صواريخ بركان التي يمكنها حمل رؤوس تفجيرية يترواح وزنها بين 300 و500 كيلوغرام.
وخلال الأسابيع الأخير أدخل الحزب أسلحة جديدة، منها صاروخ أرض-أرض يبلغ مداه عشرة كيلومترات برأس متفجر يزن 50 كيلوغراما.
ماذا عن القدرات الإسرائيلية؟تحتفظ الدولة العبرية منذ عقود ببرنامج أسلحة نووية غير معلن، وتحظى القوات الإسرائيلية بدعم لا محدود من الولايات المتحدة الأمريكية منذ عقود، من خلال تمويل سنوي بنحو 3.3 مليار دولار، إضافة إلى 500 مليون دولار مخصصة لتكنولوجيا الدفاع الصاروخي.
وتعد إسرائيل من أفضل القوات تسليحا في الشرق الأوسط، فقواتها الجوية تضم مقاتلات أف-35 المتطورة، وبطاريات الدفاع الصاروخية تضم صواريخ باتريوت.
كما تمتلك إسرائيل نظام الدفاع الصاروخي للقبة الحديدية، ونظامين آخرين تم تطويرهما مع الولايات المتحدة ،هما: "السهم" و"مقلاع داوود".
وتمتلك إسرائيل ناقلات جند مدرعة ودبابات، وأسطولا من الطائرات المسيرة، وتكنولوجيات اخرى تدعم حروب الشوارع.
ولدى الدولة العبرية حوالي 170 ألف جندي يقومون بالخدمة الفعلية، وقد تم استدعاء حوالي 360 ألف جندي من جنود الاحتياط خلال الحرب على غزة، وهو ما يمثل ثلاثة أرباع طاقتها التقديرية، وفق المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (وهو مركز ابحاث بريطاني).
وبدخول الحرب الإسرائيلية عتلى الفلسطينيين في غزة شهرها الخامس فإن معظم جنود الاحتياط عادوا إلى بيوتهم.
ما مدى خطورة التعصيد الأخير؟يعتقد معظم المحللين أن حربا شاملة لا يرغب فيها أي من الطرفين، لا حزب الله ولا إسرائيل، ولكن هناك مخاوف من أن أي سوء تقدير من أحد الطرفين، يمكن أن يشعل المنطقة. وكانت الولايات المتحد وفرنسا ودول أخرى أرسلت دبلوماسييها خلال الأسابيع الأخيرة للحد من تصاعد حدة التوتر على الحدود.
ويوم الثلاثء رد الأمين العام للحزب حسن نصر الله على تهديدات المسئولين الإسرائيليين بشن هجوم في حال عدم انسحاب قواته من الحدود، وقال: "إذا وسعتم (الحرب) فإننا سنوسع".
المصادر الإضافية • أ ب
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية رفض لانسحاب حزب الله من الحدود مع إسرائيل.. الخارجية اللبنانية: نريد حلًا كاملًا بين حزب الله وإسرائيل لا مجال للدبلوماسية والحرب آتية لا محالة.. تهويل أم تقديرات واقعية؟ بوليتيكو عن مسؤولين: قلق من تنفيذ حزب الله هجمات ضد أمريكيين داخل وخارج الولايات المتحدة إسرائيل جنوب لبنان لبنان حزب الله قوات عسكرية جيشالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل جنوب لبنان لبنان حزب الله قوات عسكرية جيش قطاع غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني روسيا إسرائيل حركة حماس طوفان الأقصى عيد الحب فلاديمير بوتين المملكة المتحدة احتجاجات رفح معبر رفح قطاع غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني روسيا إسرائيل حركة حماس طوفان الأقصى الولایات المتحدة یعرض الآن Next حزب الله
إقرأ أيضاً:
لماذا لا يُقرّ حزب الله بالهزيمة؟
استعاد كثيرون في الآونة الأخيرة ما فعله آية الله الخميني، عام 1988، حين "تجرّع السمّ"، وهو التعبير الذي استخدمه وصفاً لقبوله قرار مجلس الأمن الرقم 598 لإنهاء الحرب مع العراق. فإيران، رغم الجموح الإيديولوجيّ المعهود فيها، تصرّفت يومذاك تصرّف دولة استنفدت قدراتها وطاقاتها على مدى ما يقرب من عقد. ذاك أنّها أحسّت، اقتصاديّاً وعسكريّاً ومعنويّاً سواء بسواء، أنّ طريق حربها باتت موصدة تماماً. وبينما كانت علاقتها مع الولايات المتّحدة تزداد توتّراً، تبعاً لاحتجاز موظّفي السفارة الأميركيّة بطهران، دافعةً بعض المراقبين إلى عدم استبعاد حرب ما، بدا أنّ العالم لن يعاقب بغداد على استخدام القوّات العراقيّة أسلحة دمار شامل.
والخمينيّ ليس من كارهي الحروب. وكانت تلك الحرب، التي بدأها صدّام حسين، قد وفّرت له تصليب نظامه الإسلاميّ الناشئ الذي تعصف به تناقضات كثيرة. مع ذلك، وحين رجحت كفّة الخسائر على كفّة المكاسب، كما راحت قاعدة النظام الشعبيّة تكتوي بتأثيرات الحرب فيما يتقلّص استعدادها للتحمّل، قرّر الموافقة على وقف النار، ولو رأى الأمر كريهاً مثل تجرّع السمّ.
طرف راديكاليّ آخر، ولو اختلف مضمون الراديكاليّتين ووجهتهما، سبق أن أقدمَ، قبل سبعين عاماً بالتمام، على تجرّع سمّ من نوع آخر.
فبعد أشهر قليلة على ثورة أكتوبر البلشفيّة في 1917، وقّعت روسيا و"القوى المركزيّة" بقيادة ألمانيا معاهدة برِست ليتوفسك التي أوقفت الحرب بين الطرفين. لكنّ المعاهدة كانت مؤلمة جدّاً للحكّام الجدد من البلاشفة: فهي قضت بتخلّي بلادهم عن كامل أراضيها في مناطق البلطيق، وأوكرانيا، وبولندا، تاركةً لألمانيا أن تُلحق الكثير من تلك الأراضي "الروسيّة" بها.
وفوق هذا تنازلت موسكو، في الجنوب الشرقي، عن أراضٍ للدولة العثمانيّة، حليفة ألمانيا في الحرب. أي أنّ اتّفاقيّة السلام بدت عقابيّة جدّاً للروس، أذلّتهم وحرمتهم مدناً صناعيّة ومساحات زراعيّة جبّارة، فضلاً عن انتزاع مناطق ذات كثافة سكانيّة مرتفعة منهم. أما حلفاء روسيا في الحرب العالميّة، بريطانيا، وفرنسا، والولايات المتّحدة، وإيطاليا، واليابان، فاعتبروا سلامها مع ألمانيا خيانة ونكثاً بتعهّد التحالف الروسيّ معهم، كما قطعه العهد القيصريّ، لمواجهة الألمان. وكانت للموقف هذا تبعات حربيّة واقتصاديّة مؤلمة، فتشدّدَ الحلفاء أولئك في دعمهم الجيش الأبيض خلال الحرب الأهليّة الدائرة، وفي سحب استثماراتهم الضخمة من روسيا. ووُجّهت للقيادة البلشفيّة اتّهامات شتّى بالتفريط والتخلّي الوطنيّين، وكانت الاتّهامات تصدر عن اليمين القوميّ كما عن اليسار الأشدّ راديكاليّة. وحتّى قادة الحزب الحاكم أنفسهم لم يكونوا مُجمعين على الاتّفاقيّة المذكورة، بحيث هدّد زعيمهم فلاديمير لينين بالاستقالة في حال رفضها.
والحال أنّ روسيا البلشفيّة أقدمت على توقيع برِست ليتوفسك لأسباب كثيرة يتصدّرها اثنان:
الأوّل، الهزائم العسكريّة ورفض الجنود الروس البقاء في الخنادق. وكان الحزب البلشفيّ قد قدّم نفسه، منذ 1914، حزب الانسحاب الفوريّ والمباشر من تلك الحرب الدائرة بين إمبرياليّين، وبدعايته هذه خاطب الجنودَ الذين انحازوا إليه وقاتل بعضهم في صفوفه.
أمّا السبب الثاني، وهو ربّما كان الأهمّ، فأن لينين ورفاقه كانوا يحملون مشروعاً يستدعي كامل التفرّغ له، هو بناء نظامهم الاشتراكيّ في روسيا، والذي يخدمه السلام ويوفّر له البيئة المطلوبة بقدر ما يؤذيه استمرار التورّط في الحرب.
وقد يقال بحق إن الدقّة تخون مقارنة تلك التجارب بما يحصل راهناً في لبنان، ما يجعلها مقارنة فضفاضة وقليلة النفع. مع هذا، يبقى مفيداً التذكير بالمناخين الذهنيّ والسياسيّ اللذين يحيطان بتقديم تنازلات تترجم واقع الهزيمة والإقرار به، سيّما حين يصدر الإقرار عن طرف راديكاليّ ينطق بوعي صراعيّ ما.
فحزب الله لم يصفْ موافقته على وقف إطلاق النار بـ "تجرّع السمّ"، بل جاءت أوصافه أقرب إلى الادّعاء بأنّه هو مَن يجرّع إسرائيل السمّ. وتزويرٌ كهذا يقول إنّ ثمّة علاقة غريبة بين الحزب وجمهوره، أساسها افتراض الحزب وجود تسليم أعمى وتفويض مطلق من جمهوره لن تليهما محاسبة أو مساءلة، وهذا علماً بأنّ النتائج الكارثيّة المُرّة على الجمهور كانت وتبقى صعبة الإخفاء أو التمويه. وإلى هذا، فإنّ الحزب لا يريد أن يبني شيئاً يستدعي الحرص عليه وتقديم التنازلات الكبرى من أجله. فهو، بطبيعة الحال، لا يملك دولة كدولة الخمينيّ، بل يتحكّم بدولة من دون أي مسؤوليّة عنها. لكنّه، إلى ذلك، لا يملك مشروعاً كمشروع لينين. ذاك أنّ الدولة التي يقاتل لأجلها، وينضبط بمصالحها، ليست دولته هو، بينما المشروع الوحيد الذي يحرص عليه هو السلاح للسلاح، أي السلاح بذاته والسلاح فحسب.
هكذا نراه يستمرّ في سياسة ورواية ترفضان أن تقرّا بالهزيمة، وأن تبنيا على إقرار كهذا موقفاً كالذي وقفه الخمينيّ حين تجرّع السمّ، أو لينين حين كلّف ليون تروتسكي التوقيع على برست ليتوفسك.