الفكر السوداني في جهود حيدر ابراهيم علي وعقلانية ماكس فيبر
تاريخ النشر: 15th, February 2024 GMT
طاهر عمر
ماكس فيبر في فكرة زوال سحر العالم يوضح بأن الدين و الفكر الديني التقليدي لم يعد قادر على لعب دور بنيوي على صعد الإجتماع و الإقتصاد و السياسة و هنا تأتي أهمية العقلانية في فكر ماكس فيبر لكل من يريد مقاربة ساحة الفكر السودانية و قد رأينا تواطؤهم مع فكر وحل الخطاب الديني و يمكننا أن نرصد تواطؤ النخب السودانية مع الخطاب الديني في مساومة الشفيع خضر بين يسار سوداني رث و يمين سوداني غارق في وحل الفكر الديني.
و كذلك محاولة الحاج وراق في طرحه في ندوة في مركز الدراسات السودانية و بصوت متهدج أقرب للبكاء يوصي بمهادنة الطائفية و مهادنة النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية و يمكنك أيها القارئ أن تضيف مؤالفة الدكتور النور حمد بين العلمانية و الدين في لقاء نيروبي و كذلك يمكنك أن تمر أيها القارئ على تواطؤ حيدر ابراهيم علي مع الخطاب الديني و هو يقدم للاهوت التحرير و فيه يؤكد على أن الدين يمكن أن يلعب دور في المجتمع و السياسة و الاقتصاد و هذا معاكس لما بثه ماكس فيبر في فكرة زوال سحر العالم بأن الدين لم يعد قادر على لعب دور بنيوي في السياسة و الإجتماع و الإقتصاد.
من الملاحظات المهمة في تخبّط حيدر ابراهيم علي أنه يتحدث عن لاهوت التحرير و فيه يؤكد على دور للدين في المجتمع و الاقتصاد و السياسة وفقا لتجربة امريكا اللاتنية و في نفس الوقت ينتقد الجمهوريين السودانيين و فكر الأستاذ محمود محمد طه و إصرارهم على دور الدين في الإجتماع و الإقتصاد و السياسة و هنا يظهر حيدر و هو يكيل بمكيالين و هذا هو عيب النخب السودانية في المماحكات.
و هنا أردت أن أوضح فقط رفض حيدر ابراهيم علي لفكر الجمهوريين و قبوله للاهوت التحرير و فيه يؤكد حيدر تواطؤه مع الخطاب الديني و يؤكد بأن للدين دور في الإجتماع و الإقتصاد و السياسة و هذا ما يضحك ماكس فيبر الذي يؤكد على زوال سحر العالم و إنفكاك العالم من أسر الدين و بالتالي نتسأل كيف يستطيع حيدر الحديث عن العقلانية و هو يتحدث عن وثوقيات و حتميات الماركسية التي إنتقدها ماكس فيبر و في نفس الوقت يتحدث عن العقلانية التي ترفض الوضعية أي ماركسية ماركس و أفكار دوركهايم و ترفض أفكار أوجست كونت و كذلك ترفض أفكار سان سايمون؟
و فوق هذا كله ترفض العقلانية أن يكون للدين دور بنيوي في السياسة و الإجتماع و الإقتصاد في الوقت نفسه يقدمه حيدر في لاهوت التحرير أي للدين دور في الإجتماع و السياسة و الإقتصاد. الشئ المضحك أن حيدر ابراهيم علي لم ينتبه لحديث ماكس فيبر و هو عندما تحدث أي ماكس فيبر عن العقلانية ربطها بالرأسمالية مباشرة و ربط صفة العقلانية بالرأسمالية و وضّح أن الرأسمالية نتاج الفكر البروتستانتي و بالخصوص فكر كالفن و معروف أن فكر كالفن قدم فضيلة العمل على الطقوس الدينية و أن الإزدهار المادي الدنيوي هو الأساس و بالتالي قد فارق الإيمان التقليدي لذلك كان ماكس فيبر يقول أن عقلانية الرأسمالية الدليل عليها أنها لم تظهر في المجتمعات التقليدية مثل مجتمعنا السوداني كمجتمع تقليدي للغاية.
و من هنا نسأل حيدر ابراهيم علي و هو يتحدث عن العقلانية هل يقصد الحديث عن الفكر الليبرالي و الديمقراطية الليبرالية أم ما زال متمسك بأدوات الماركسية التقليدية و في نفس الوقت يتجراء و يتحدث عن العقلانية و ينسى أنها صفة ملازمة للرأسمالية؟ ماكس فيبر عندما تحدث عن العقلانية يقول أنه إستنبطها من حقول أدبيات النظريات الإقتصادية و تاريخ الفكر الإقتصادي و هنا وجب الحديث عن دور ماكس فيبر و أفكار ماكس فيبر و هو ينتقد ماركسية ماركس و خطاء ماركس القاتل في إعتقاده أن البنى التحتية هي موتور قاطرة التاريخ في صور المناشط الإقتصادية و في حقيقة الأمر أن البنى الفوقية هي العمود الفقري لحركة المجتمع و إنفتاح مسيرة الإنسانية على اللا نهاية و هي تعتمد على عقلانية الفرد و أخلاقيته و هي تزدهر على إيقاع مجد العقلانية و إبداع العقل البشري كما تحدث عنه ادم اسمث.
و بالطبع يلزمنا توضيح تأثير ديفيد هيوم على ادم اسمث و عمانويل كانط و دوره في فصل الميتا عن الفيزيقيا و بالتالي يسهل فصل الدين عن الدولة عندما يصبح الدين عند كانط شأن فردي و ليس كما يتوهم حيدر ابراهيم علي في لاهوت التحرير أن للدين دور في الإجتماع و الإقتصاد و السياسة. و بالمناسبة عمانويل كانط في تأثره بديفد هيوم و ادم إسمث نجح فيما فشل فيه ماركس في مقاربته لنظرية القيمة لديفيد هيوم و أقصد أن كانط عبر مقاربة الفلسفة المثالية الألمانية بالتجريبية الإنجليزية نجح في أن يفلت بأن تصل به الى غايتها و منتهاها كما فعلت بهيغل و ماركس. و هذا الذي لم ينتبه له حيدر ابراهيم و هو ممسك بأدوات الماركسية التقليدية حيث لم يفلت ماركس من ايمانه بالمطلق و هو يسير نحو نهاية متوهمة للتاريخ.
لذلك يمكننا القول أن ماكس فيبر رفض مثالية افلاطون و مثالية المسيحية و مثالية الفلسفة المثالية الالمانية و مثالية الهيغلية و الماركسية التي يتوسل بها حيدر ابراهيم علي في مقارباته و نحن نسأله أي حيدر كيف بعد تمسكه بأدوات الماركسية التقليدية يستطيع الحديث عن العقلانية؟ و كيف يقدم حيدر لاهوت التحرير في وقت رفض فيه ماكس فيبر في عقلانيته مثالية المسيحية؟ هنا يبدو أن حيدر ابراهيم علي يجيد عمل الحواة و يبدو في تقديمه للاهوت التحرير حاوي ماهر لا يفوقه في هذا المجال إلا حسن حنفي في تواطؤ مع خطاب الإسلام السياسي.
ما أريد قوله أننا نحتاج لخطاب نزعة إنسانية تمجد العقلانية و إبداع العقل البشري و تقف من الخطاب الديني موقف واضح بعيدا عن ترقيع النخب السودانية و تلفيقكم و توفيكم الكاذب بخطاب يشبه فكر حيدر ابراهيم علي في لاهوت التحرير و حديثه عن أن الدين يمكنه أن يلعب دور اقتصادي و إجتماعي و سياسي و هنا يظهر حيدر ابراهيم علي كمجاور و مساكن بل مصادق لخطاب الإسلام السياسي و غير قادر على تجاوزه بشكل واضح كما فعل إدورد سعيد في كتابه الأخير الأنسنة و النقد الديمقراطي بعد أن تحرر من أفكار ميشيل فوكو و دوره في بث أفكار ما بعد الحداثة التي جعلت من ميشيل فوكو يظن أن الخمينية ثورة و بعدها ندم ميشيل فوكو على فعلته بل قال بأن خطاءه يجعله أن لا يحسب نفسه كمفكر إستراتيجي فمتى يفيق حيدر من لاهوت التحرير و يلحق بإدورد سعيد بعد أن تخلص من أفكار فلاسفة ما بعد الحداثة؟
و بعدها تحدث إدورد سعيد عن نزعة إنسانية لا يمكن أن تكشف عن وجهها إلا بعد تحقيق القطيعة مع التراث الديني أي حيث لا ينفع لاهوت التحرير الذي يتحدث عنه حيدر ابراهيم علي. على أي حال يمثل حال النخب السودانية و حيدر ابراهيم علي من بينهم حال فلاسفة أوروبا بين الحربين العالمتين و كانت في حالة إضطراب ناتج عن نهاية فلسفة التاريخ التقليدية و بداية فلسفة التاريخ الحديثة و في ظل الفوضى و الخراب إنتبه كثير من الفلاسفة و علماء الإجتماع و الإقتصاديين و الشعراء بأن هناك تحول هائل في المفاهيم سيعم كل أرجاء أوروبا و من بينهم يمكننا أن نذكر ماكس فيبر و عقلانيته التي إنتصرت للفكر الرأسمالي و الديمقراطية الليبرالية.
و هي ليست كنظم حكم فحسب بل فلسفة لترسيخ فكرة العيش المشترك و بشرط إنساني أي السياسة التي بموجبها قد أصبحت الديمقراطية الليبرالية بديلا للفكر الديني و بالتالي يصبح الدين كشأن فردي و يمثل أفق الرجاء بالنسبة للفرد في مواجهة مصيره بعيدا عن وساطة رجال الدين و لا يتم الوصول لهذا الهدف إلا عندما يجرّد الدين من أي قوة سياسية و أي قوة إقتصادية و هنا تظهر خطورة لاهوت التحرير عندما يقحم الدين في السياسة و يجعل للكنيسة قوة اقتصادية و قوة سياسية و هذا نتاج إلتباس في مفهومي ممارسة السلطة في مجتمعات ما بعد الثورة الصناعية و إلتباس في مفهوم الدولة الحديثة نجده عند أتباع أفكار فلاسفة ما بعد الحداثة كما رأيناه في إعتقاد ميشيل فوكو أن الخمينية ثورة و أنظر اليوم ماذا فعلت الخمينية بالإيرانيين.
تمسك حيدر ابراهيم علي بأدوات الماركسية التقليدية و عنده ما زال ماركس طليق بعكس ماركس الذي يرزح في الأغلال في نظر أتباع الشيوعية في المجتمعات الغربية المتقدمة التي لم يصل شيوعيي العالم الثالث لمستواهم من حيث الوعي جعلت من حيدر محبوس في حيز معالجة مشاكل ما بعد الكلونيالية و قد حرم نفسه من أن يرى المشهد الكلي أي دولة ما بعد الثورة الصناعية كدولة حديثة و كيفية ممارسة السلطة.
و نختم المقال أن أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية فارقت أدب الليبرالية التقليدية التي أضنت ماركس و ماركسيته التي لا تجذب غير المثقف المنخدع كما يقول ريموند أرون و نشرت أفكار الليبرالية الحديثة التي لم يستطع المثقف التقليدي في السودان من إلتقاط موجاتها و لهذا ما زال المثقف التقليدي السوداني يتهيب الحديث عن الديمقراطية الليبرالية و في نفس الوقت بلا خجل يتحدث عن العقلانية و لا يدري بأنها صفة ملازمة للرأسمالية كما وصفها ماكس فيبر بعقلانية الرأسمالية.
و شتان ما بين عقلانية ماكس فيبر و عقلانية من يمتلك أدوات الماركسية التقليدية التي لا تؤمن بفكرة الدولة من الأساس بل ترى أن الدولة أداة في يد الطبقة الحاكمة و عندما إنتصرت الشيوعية في الإتحاد السوفيتي و لأنها لا تؤمن بفكرة الدولة من الأساس نجدها إستخدمت قوة الدولة و حطّمت بها المجتمع الى لحظة تنامي الوعي بخطر الشيوعية و وضوح الرؤية و نضوج الهدف للإنفلات و الإنعتاق من الشيوعية كأبغض نظام شمولي و بعدها إنهارت المنظمومة الإشتراكية في أوروبا الشرقية كأن شئ لم يكن.
taheromer86@yahoo.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدیمقراطیة اللیبرالیة النخب السودانیة فی نفس الوقت الخطاب الدینی فی الإجتماع فی المجتمع الحدیث عن أن الدین ما بعد دور فی
إقرأ أيضاً:
الثقافة تطرح على رئيس الوزراء 3 محاور لاستعادة دورها في قيادة الفكر والإبداع
التقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة؛ لمتابعة استراتيجية عمل الوزارة ونهجها الذي يستهدف تحقيق التأثير الثقافي الإيجابي محليًا ودوليًا وتعزيز الهوية الثقافية المصرية، بالإضافة إلى أهم الأنشطة والفعاليات المُنفذة.
وأوضح الوزير في مُستهل اللقاء أن وزارة الثقافة تبتكر نهجًا جديدًا يواكب العصر ويضع الوزارة في المكانة التي تستحقها؛ لتكون قائدة في الفكر والإبداع داخل مصر وخارجها، ويقوم ذلك النهج على ثلاثة محاور رئيسة، وهي: "تحسين الهيكل المؤسسي" والهوية المرئية، و"تطوير أفكار حديثة" لإنشاء بيئة إبداعية وتبنّي استراتيجيات تسويقية جديدة لتقديم مبادرات مؤثرة، و"تحقيق عوائد استثمارية" من خلال استغلال الأصول الحالية وتطوير مصادر مستدامة وبناء شراكات محلية ودولية.
وفي هذا الصدد، أفاد الدكتور أحمد فؤاد هنو بأنه بالنسبة للمحور الأول الخاص بتطوير الهوية والتأثير المؤسسي لوزارة الثقافة يستهدف تسليط الضوء على الوزارة باعتبارها حجر الأساس للابتكار في مصر، لكونها تؤدي دورًا رياديًا في تشكيل الهوية الثقافية للبلاد، لافتًا إلى أن ذلك التطوير المؤسسي يتطلب خطوات جديدة من شأنها تعزيز المرونة والتأثير في المشهد الثقافي المحلي والدولي، وتشمل: خلق بيئة عمل تدعم التعاون، وإعادة بناء الهوية البصرية للوزارة، وتبني أهداف ثابتة ولكنها تواكب العصر، وتحديد مكانة الوزارة كمؤسسة مُلهمة.
وأشار وزير الثقافة إلى أن خلق بيئة عمل تدعم التعاون يتحقق من خلال تحسين العمل الداخلي للوزارة والتنسيق بين مؤسساتها على أساس توزيع المهام، والتصدي للبيروقراطية، ورعاية العاملين ودعمهم صحيًا ونفسيًا.
فيما تستهدف إعادة بناء الهوية البصرية للوزارة لكي تعكس قيمها وأهدافها، حسبما أوضح وزير الثقافة، تطوير شعار يعبر عن التراث والإبداع معًا، وتوحيد الخطوط والألوان في جميع المطبوعات والمنصات الرقمية، وإطلاق موقع إلكتروني ومنصات رقمية حديثة تكون نموذجًا يُحتذي به في الكفاءة والجاذبية. وعرض الوزير خلال اللقاء عددًا من النماذج البصرية.
وبصدد تبني أهداف ثابتة تواكب العصر، أوضح وزير الثقافة أن العصر الحالي يتطلب تحديثًا في استراتيجية تنفيذ الأهداف لتناسب احتياجات الحاضر وتطلعات الغد، حيث تتحرك تلك الاستراتيجية في 3 أهداف رئيسة، وهي: "توجُه داخلي" يستهدف ثقافة ووعي كل مصري واكتشاف المبدعين للحفاظ على التراث، و"توجُه خارجي" يشمل رسائل موجهة للعالم لتقديم ثقافتنا ومواجهة ما يأتينا من أفكار مغايرة للثقافة المصرية، و"توجُه للصناعات الثقافية" من أجل زيادة التمويل الذاتي من خلال تلك الصناعات.
وبشأن تحديد مكانة الوزارة كمؤسسة مُلهمة، أشار الدكتور أحمد فؤاد هنو إلى أن وزارة الثقافة تُعد مصدر إلهام لكل الوزارات والمؤسسات من حيث الابتكار والأفكار المتجددة، لذا؛ لا بُد من الاهتمام بقضايا دولية وأمور مجتمعية تظهر الوزارة كشريك مسؤول، ودعم العلاقات بين المبدعين وتأكيد التعاون معهم، والتعاون مع الوزارات الأخرى من خلال اتباع نهج يعزز التكامل بين الأنشطة الثقافية واحتياجات الوزارات.
وقال الوزير: أما فيما يتعلق بالمحور الثاني الخاص بـ "تطوير أفكار حديثة"، فيتسنى ذلك من خلال إنشاء فرق دعم من الموظفين لسهولة خلق أفكار جديدة وتنفيذها مثل فريق هيكلة الفعاليات وفريق الدعم اللوجستي وفِرق التسويق الرقمي والإعلامي، وكذا إطلاق خطة للعام من خلال مشروع كبير؛ مثل مشروع "ثقافة مصر" لتثقيف كل مواطن من كل الفئات والشرائح العمرية.
وأضاف: بالنسبة للمحور الثالث والأخير الخاص بـ "تحقيق عوائد استثمارية"، فيُعد المحور الأساسي الذي يمكّن الوزارة من تحقيق رؤيتها، حيث يستهدف ذلك المحور استحداث مصادر تمويل مستدامة ومتنوعة. وبذلك تهدف الوزارة من خلال رؤيتها الجديدة إلى تحقيق التوازن بين الحفاظ على الهوية والاستدامة الاقتصادية وتحويل المواهب إلى صناعات ثقافية مُربحة.
وفي هذا السياق أيضًا، لفت الدكتور أحمد فؤاد هنو إلى أنه يمكن تحقيق العوائد الاستثمارية من خلال الأصول المادية والأصول غير المادية، حيث تضم الأصول المادية الأصول الثقافية التي تُدار من قبل الآخرين بشكل تجاري مع مراعاة توجهات الوزارة، أما الأصول غير المادية فتُدار من قبل الوزارة منفردة أو بالتعاون مع مؤسسات وكيانات لها خبرات في تلك الاستثمارات.
وتابع الوزير أن مشروعات الأصول المادية يتضمن استغلال الأسوار والساحات للمواقع الثقافية التابعة للوزارة بأسلوب يعكس الطابع الثقافي المصري ويحقق عائدًا ماليًا لدعم الأنشطة الثقافية. بالإضافة إلى مشروعات إعادة تشغيل السينمات، والحفلات الغنائية بالأوبرا، وغيرها من مشروعات استغلال الأصول المادية. وأشار وزير الثقافة إلى عدد من نماذج المشروعات التي تتم دراستها أو تنفيذها في هذا الصدد لتحويل الأصول الثقافية غير المُستغلة إلى موارد اقتصادية مستدامة.
وانتقل الدكتور أحمد فؤاد هنو للحديث عن مشروعات الأصول غير المادية، لافتًا إلى أن مصر لديها ثروة من الفنانين والمبدعين الذين يقومون بأعمال ذات قيمة كبيرة معنوية ومادية، منوهًا إلى أن إدارة المحتوى الثقافي المختلف وتسويقه تتحول إلى عائد مادي.
ونوّه وزير الثقافة بعدد من المشروعات التي تتضمن تطوير المستنسخات ذات القيمة والكتب ونشرها وبيعها، بالإضافة إلى إنتاج أفلام سينمائية وتعليمية ووثائقية وأفلام رسوم متحركة بتكلفة منخفضة وتسويقها على نطاق واسع.
ولفت الوزير، في السياق ذاته، إلى إطلاق مشروع لصناعة وصيانة الآلات الموسيقية، سعياً لإحياء صناعة الآلات الموسيقية التقليدية والحديثة، وتوفير صيانة عالية الجودة للآلات المستخدمة في مصر والمنطقة، وذلك بغرض تلبية احتياجات الموسيقيين والفنانين المحترفين والهواة.
كما انتقل الدكتور أحمد فؤاد هنو للحديث عن مشروع للتعاون مع مصممي أزياء محترفين لتكوين فريق داخلي من مصممي ملابس وازياء العروض لأعمال المسرح والسينما للمؤسسات الخاصة والحكومية، معربا عن تطلعه أن يصبح هذا المشروع "براند مصري" يصمم مجموعة من الأزياء مستوحاة من التراث المصري، سواء أزياء الفراعنة أو الملابس الشعبية التقليدية أو الإسلامية، مع التركيز على الترويج لهذه المجموعات في الأسواق العالمية، مضيفاً: نستهدف من خلال هذا المشروع سد احتياجات صناعة السينما والمسرح ودمج الأصالة الثقافية المصرية مع الاناقة الحديثة لجذب جمهور عالمي، مع تصدير الهوية المصرية بطريقة عصرية وحديثة من خلال صناعة الأزياء.
وفي ذات السياق، أشار وزير الثقافة إلى فكرة "رحلات في الإنجازات" التي تستهدف تنظيم رحلات مدرسية مميزة تأخذ الطلاب في جولة حية لاكتشاف إنجازات مصر خلال العقد الأخير، بحيث تشمل هذه الرحلات زيارة المشروعات القومية، من طرق حديثة، ومدن جديدة، ومنشآت كبري، ليتعرف الطلاب عن قرب على ما حققته بلادهم، منوها إلى أن الفكرة لا تكتفي بالتعريف بالإنجازات بل تهدف إلى غرس الفخر والانتماء في نفوس الأجيال القادمة ليشعروا بأنهم جزء من هذه النهضة العظيمة.
وتطرق الدكتور أحمد فؤاد هنو، خلال اللقاء، إلى الأنشطة الخاصة بتوعية المجتمع فيما يتعلق بالعديد من القضايا المحلية والدولية، لافتا في هذا الصدد إلى الاهتمام بمفهوم ثقافة الأم المصرية، وذلك بالنظر لدورها المحوري في تشكيل وعي ابنائها ومعرفتهم بهويتهم وتاريخهم، وكذا فكرة تنظيم حملات توعية للرياضيين والجماهير بالتزامن مع انطلاق الأحداث الرياضية ذات الجماهيرية الكبيرة، هذا إلى جانب إنشاء مراكز ثقافية في داخل النوادي والمراكز الرياضية.
وأشار الدكتور أحمد فؤاد هنو إلى الفكرة الجار العمل عليها بالتعاون بين وزاراتي الثقافة والبيئة لإقامة مهرجان "الفن والطبيعة"، الذي يستهدف الجمع بين الابداع الفني والتوعية البيئية، وبما يسهم في زيادة الوعي بالمشكلات البيئية والاحتفاء بجمال الطبيعة.
وعن العلاقات الثقافية الخارجية، لفت الوزير إلى مشروع "أم كلثوم بيننا"، هذا المشروع الذي يستهدف احياء حفلات السيدة أم كلثوم في مختلف المحافظات المصرية، وبعض الدول العربية، من خلال تقديم تجربة فنية استثنائية باستخدام التقنيات الحديثة، هذا إلى جانب مشروع "مصر الخالدة" الذي يستهدف استثمار الفعاليات الدولية التي تنظمها وزارة الثقافة بالداخل أو التي تشارك فيها خارجياً في الترويج الايجابي للوجه الحقيقي المشرق للحضارة المصرية ومواجهة وتصحيح أي أفكار مغلوطة عنها.
وأشار وزير الثقافة، خلال حديثه عن قطاع الفنون التشكيلية، إلى برنامج خدمات ورش التدريب الذي تم اعتماده للتدريب على المهارات الحرفية التقليدية بأجر مناسب، كذا مسابقة "تفانين في 48 ساعة".
ونوه الوزير إلى جهود إحياء الرموز التراثية، من خلال إطلاق مشروع لتصنيع دمى خشبية مستوحاة من الشخصيات التراثية المحبوبة في مصر وحول العالم، وهو ما يتيح فرصة لإحياء التراث الثقافي عبر اشكال فنية مميزة وجذابة.
وانتقل الدكتور أحمد فؤاد هنو للحديث عن جهود وزارة الثقافة في مجال التحول الرقمي لمواكبة التطور التكنولوجي، وبناء مصر الرقمية، حيث أشار إلى بروتوكولات التعاون التي تم توقيعها في هذا الشأن بين الوزارة ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، هذا فضلا عن جهود التطوير المؤسسي أيضا، من خلال تنفيذ العديد من الدورات التدريبية الخاصة ببناء وتنمية القدرات الرقمية.
وعن أهم المشروعات الجاري تنفيذها، أشار الدكتور أحمد فؤاد هنو إلى أن هناك 54 مشروعا تعمل الوزارة عليها حالياً، تتضمن إنشاء وتطوير المؤسسات الثقافية، ما بين قصور ثقافة، ومسارح، ومكتبات، ومتاحف، ومراكز حرفية وتعليمية، لافتا في هذا الصدد إلى عدد من المشروعات التي تم افتتاحها، ومنها المسرح الصيفي بالطور، وقصر ثقافة الحي السابع بمدينة السادس من أكتوبر.
وحول أهم الأنشطة التي نفذتها الهيئة العامة لقصور الثقافة خلال الفترة من يوليو وحتى ديسمبر الجاري أشار وزير الثقافة إلى أن عدد هذه الأنشطة اقترب من 43 ألف نشاط تنوع بين المحاضرات والندوات والاسابيع الثقافية والملتقيات والعروض المسرحية والسينمائية والموسيقية، وبلغ عدد المستفيدين من تلك الأنشطة نحو 1.8 مليون مستفيد.
وتطرق الوزير إلى عدد من الأنشطة والفعاليات الدولية التي شاركت فيها وزارة الثقافة، والتي من بينها مهرجان "جرش"، ومهرجان "فريج الفن والتصميم"، هذا إلى جانب العديد من الأحداث الثقافية لتعزيز التعاون الدولي الثقافي.