الكوابيس تلاحقهم.. مبادرات لتخفيف آثار الحرب الإسرائيلية على الأطفال النازحين بجنوب لبنان
تاريخ النشر: 15th, February 2024 GMT
جنوب لبنان- وجهه يقول الكثير رغم صمته، يبتسم وعيناه الممتلئتان بالدمع تخفيان تفاصيل كثيرة عن رحلة نزوحه، لكنه لم يستطع إخفاء خوفه على أطفاله، يقول حسن حمدان بحرقة للجزيرة نت "ما ذنبهم أن يعيشوا بخوف وقلق"، بعد أن نزح من قرية "عيتا الشعب" عند الحدود اللبنانية الفلسطينية إلى بلدة أنصار في قضاء النبطية جنوب لبنان.
اضطر حمدان، وهو أب لأربعة أبناء، منهم نور، إلى النزوح معهم بحثا عن مكان آمن، بعد أن تعرضت قريته الحدودية لقصف إسرائيلي، واستحضر صور أطفال الشهداء في قطاع غزة التي آلمته، فدفعه ذلك لاتخاذ قرار النزوح لحماية أسرته من الخطر، بحثا عن الطمأنينة والأمان.
نور حمدان نزحت مع عائلتها من بلدة عيتا الشعب إلى بلدة أنصار (الجزيرة) اللعب للتخفيفوفي محاولة لتخفيف أثر النزوح عن الأطفال، أُطلقت مبادرات إنسانية لاحتضان العائلات الجنوبية النازحة، كان منها مبادرة فريدة لتخفيف معاناة الأطفال من خلال تقديم الألعاب لهم في مراكز الإيواء، وتوظيفها كوسيلة لتخفيف الألم والقلق لديهم، إذ تعمل هذه الألعاب على توجيه الطاقة السلبية نحو نشاط إيجابي، وتعزز صحتهم النفسية.
تقول منال السويد النازحة من كفرشوبا أن أكثر ما يرهقها هو حال أطفالها، وتعبّر للجزيرة نت "الأطفال يشعرون بكمية كبيرة من الضغط والخوف، لا يستطيعون التحكم في مشاعرهم، ولا يعرفون كيفية التعامل معها، هم فعلا الضحايا".
وتضيف "دفعنا تكاليف النزوح أثمانا باهظة جدا، ولتخفيف حدة القلق والكوابيس لدى أطفالي الثلاثة، ورغم الوضع الاقتصادي الصعب، اشتريت الألعاب لهم وسيلة لتخفيف الألم الناجم عن النزوح، ولإدخال الفرحة إلى قلوبهم حتى ولو بشكل بسيط".
مي إسماعيل: تقديم الدعم التعليمي للأطفال هو نوع من المقاومة (الجزيرة) تعويض الفقدومن ناحية أخرى، وضع العدوان على القرى الحدودية في لبنان حال الطلاب في مهبّ الريح، فما أن انطلق العام الدراسي حتى أصدر وزير التربية القاضي عباس الحلبي في 16 أكتوبر/تشرين الأول الماضي قرارا بإقفال جميع المدارس في القرى الحدودية، خوفا من تفاقم الوضع الإنساني والأمني.
ومن هنا جاءت مبادرة السيدة مي إسماعيل، ناظرة وصاحبة مدرسة "إسماعيل واكد إسماعيل" في بلدة أنصار الجنوبية، في محاولة لاحتواء تداعيات العدوان على الأطفال وتخفيف معاناتهم، فقررت -بمساعدة عائلتها- استقبال الأطفال النازحين ودمجهم في برنامج التعليم بالمدرسة، تقول "قدمنا للأطفال جميع المستلزمات من كتب وقرطاسية، بهدف منعهم من فقدان العام الدراسي".
وتضيف للجزيرة نت "كعضو في لجنة النازحين في أنصار، قمنا بالترويج للمبادرة، حيث بدأنا بعدد قليل، لكنه ازداد يوما بعد يوم ووصلنا إلى 70 طالبا، قدمنا لهم الدعم التعليمي والنفسي".
وتوضح المتحدثة في السياق ذاته "يبدو على الأطفال النازحين مؤشرات الإرهاق النفسي، بسبب انعدام الاستقرار الذي عاشوه، لذا نشركهم في أنشطة ترفيهية مثل الرسم، لتعزيز تعبيرهم عن مشاعرهم، واليوم أصبح الطلاب أكثر استقرارا".
ويؤكد مدير المدرسة واكد إسماعيل "استقبلنا الطلاب مجانا، نظرا للحاجة الضرورية لدى العائلات النازحة، خاصة بعد قرار وزير التربية باستقبال المدارس الرسمية للنازحين، دون شمل المدارس الخاصة بهذا القرار".
ويوضح أنهم يهتمون بمساعدة النازحين وتأمين مستقبلهم، حيث نظموا الصفوف وفقا لاحتياجات كل تلميذ نازح، ويتابعون تقدمهم بكل التفاصيل الدراسية والمتابعة مع أولياء الأمور أيضا.
ولم يفت مدير المدرسة أن يعبر عن شكره لأهالي البلدة والبلدية، وكل من أسهم في نجاح المبادرة وساعد في تحقيقها.
واكد إسماعيل: نظمنا الصفوف وفقا لاحتياجات كل تلميذ نازح (الجزيرة) معاناة نفسيةتشعر أم محمد المعاذ، وهي نازحة من الحدود الجنوبية إلى مدينة صور، بالقلق رغم وصولها إلى مكان أكثر أمانا، فابنها البالغ من العمر (8 سنوات) يسألها أسئلة لا تستطيع الإجابة عنها، مثل "هل سنموت؟".
وتقول بحسرة، للجزيرة نت، "أحاول منعه من مشاهدة التلفاز كي لا يرى كوابيس في نومه، لكن كيف يمكنني محو الصورة التي أصبحنا نشاهدها عن أطفال غزة، والحرب والدمار وأصوات القصف التي سمعها وعاشها أثناء نزوحنا من الجنوب اللبناني؟".
وتؤكد الاختصاصية في علم النفس الإكلينيكي نجوى بنوت للجزيرة نت أن "الدور الأكبر يقع على الأهل في كيفية تعامل الأطفال مع التوتر والخوف، حيث يشجعونهم على التعبير عن مشاعرهم ومخاوفهم من خلال الأنشطة الفنية واللعب والرسم والتمارين البدنية، ومحاولة إبعادهم عن متابعة الأخبار، كما يجب المحافظة قدر الإمكان على انتظام حياتهم مثل النوم والاستيقاظ".
وتضيف بنوت "يمكن تعزيز قدراتهم على التعافي من خلال الدعم العائلي والعاطفي وتعزيز التفكير الإيجابي، وابتعادهم عن العزلة، وتجنب التصرف كما لو أنه لم يحدث شيء".
وعن التأثيرات طويلة المدى، تقول الاختصاصية بنوت أنها "تتمثل في اضطرابات النوم والسلوك العدواني، وتراجع مستواهم التعليمي، واضطرابات ما بعد الصدمة، التي يمكن أن تتسبب في أعراض جسدية، ويمكن أن يكون لها أثر كبير إذا لم يتم التدخل بشكل فوري، خاصة للأطفال الذين تعرضت منازلهم للقصف".
وتوضح للجزيرة نت "يجب أن يكون هناك جهد مشترك بين الأهل وأماكن النزوح، لتأمين بيئة مستقرة خالية من التهديدات، وتلبي الاحتياجات الأساسية من الطعام والشراب والنوم، لتكون عملية الدعم متكاملة من الناحية الجسدية والنفسية".
استقبال الأطفال النازحين ودمجهم في برنامج التعليم كمبادرة إنسانية فردية (الجزيرة) واقع صعبتغيرت تفاصيل الحياة اليومية في قرى جنوب لبنان بشكل جذري منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مع تصاعد حدة القصف الإسرائيلي على البلدات، فلم يعد هذا القصف مقتصرا على المناطق الحدودية النائية فقط، بل امتد إلى المنازل والمؤسسات التجارية والمنشآت الزراعية وحتى السيارات الخاصة.
ووفقا لتقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان في ديسمبر/كانون الأول الماضي، فقد تجاوز عدد القرى المستهدفة 90 قرية، وأشارت الأرقام التي نشرتها منظمة الهجرة الدولية ووزارة الصحة اللبنانية في الأول من فبراير/شباط الحالي إلى تجاوز عدد النازحين من الجنوب حاجز الـ83 ألفا، فيما بلغ عدد الإصابات 686 إصابة، ووصلت حالات الوفيات إلى 151 حالة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الأطفال النازحین للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
خبير استراتيجي: الانتهاكات الإسرائيلية للهدنة في لبنان تتم تحت أنظار لجنة المراقبة
أكد العميد طارق العكاري، المتخصص في الشأن الاستراتيجي والاقتصاد العسكري، أن رأس الناقورة لم يستطع جيش الاحتلال الإسرائيلي الدخول إليها أثناء القتال مع حزب الله، ودخلها منذ أيام فقط، إذ دخل إلى البلدات الغربية والقطاع الغربي وطالت الخروقات القطاع الشرقي وتوغلت الدبابات الإسرائيلية إلى بلدة بني حيان.
وأضاف «العكاري» خلال مداخلة هاتفية بقناة «القاهرة الإخبارية»، أنه أثناء اجتماع اللجنة الأمريكية - الفرنسية المراقبة لوقف إطلاق النار في لبنان مع قوات حفظ السلام، كانت الطائرات المسيرة الإسرائيلي على بعد أمتار من الاجتماع الذي عقد في رأس الناقورة، وكان يفجر ويسنف المنازل أثناء عقد الاجتماع.
وأشار الخبير الاستراتيجي إلى أن قوات حفظ السلام «اليونيفيل» كانت على بعد أمتار من التفجيرات التي تتم في القرى اللبنانية.
وأوضح أن الأمر الأن لا يتعلق بمسألة الخروقات الإسرائيلية لهدنة وقف إطلاق النار، بل الأمر يتعلق بخلافات غير ظاهرية بين حزب الله والحكومة اللبنانية، إذ أن الأول مستاء من أنه بعده أن ترك الجنوب اللبناني والحدود المتاخمة للأراضي الفلسطينية المحتلة لم يستطع الجيش اللبناني وقف الخروقات بسبب الحالة الضعيفة التي هو عليها.
اقرأ أيضاًالرئيس السيسي يؤكد لنجيب ميقاتي وحدة لبنان وسيادته وسلامة أراضيه
رئيس الحكومة اللبنانية يصل إلى مصر للمشاركة في أعمال قمة «منظمة الدول الثماني النامية»
وزيرا الزراعة في مصر ولبنان يبحثان ملفات التعاون المشترك بين البلدين