الرئاسة الأميركية والمسألة العُمْرية
تاريخ النشر: 15th, February 2024 GMT
من بين أهم المهارات السياسية الواجب توفرها فيمن يشغل منصب الرئاسة الأميركية، القدرة على إقناع أعضاء الكونغرس وأعضاء حزبه وعامة الشعب بالمبادرات التي سيتخذها، والأولويات الأساسية التي يراها.
هنا يبدو المشهد مرتبطاً ارتباطاً جذرياً بالقدرات الذهنية للرئيس، على مستوى زمني ثلاثي الأبعاد: درايته بالماضي، ومعاصرته وفهمه للحاضر، ناهيك عن رؤيته الاستشرافية للمستقبل.
باتت مسألة عمر الرئيس تمثل محوراً مركزياً في التصويت له أو الامتناع عن دعمه، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة شهدت مرشحين متقدمين في العمر من قبل، وقد كان آخرهم الرئيس الجمهوري رونالد ريغان، فإن أعمارهم لم تمنع نجاحاتهم.
اليوم يسعى الرئيس الأميركي جو بادين لإعادة انتخابه رئيساً، وهو في الثانية والثمانين من عمره، بينما منافسه الرئيس السابق دونالد ترمب، يبلغ السابعة والسبعين.
هل التقدم في العمر يمثل عائقاً في طريق أي مرشح لمقعد الرئاسة؟
ينبغي ربط الجواب بالمكانة، بمعنى أن من سيشغل المكتب البيضاوي، سوف يصبح -ولو بصورة مجازية- مدير مجلس إدارة الكون، وللقارئ أن يتخيل ما الذي يمكن أن يصيب المسكونة وساكنيها من جراء أي اضطراب ذهني، أو نقص في الذاكرة، يحل بصاحب ذاك المقعد الوثير.
انفجر الحديث في الأيام القليلة المنصرمة عن قضية عمر المرشح جو بايدن، والذي تكلم بصورة بعيدة عن الواقع بكثير من العلل في الذاكرة، كحديثه عن لقاءات جمعته برؤساء قضوا منذ أكثر من عقدين، مثل الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران.
هل تلقَّى بايدن طعنة نافذة في الأيام القليلة الماضية، تزعج الديمقراطيين بأكثر من تأثيرها عليه، انطلاقاً من قناعة بأن مستقبله بات خلفه وليس أمامه، وعلى هذا الأساس تدور عقارب الساعة سريعة بحثاً عن خليفة له؟
مؤكد أن التقرير الذي أصدره المدعي العام الخاص، روبرت هور، قد سلَّط الضوء على «الذاكرة الضعيفة» لبايدن.
هور برَّأ بايدن من سوء التصرف بالوثائق السرية، أي انتفاء سوء النية سياسياً؛ لكنه عمَّق فكرة «الذاكرة الضعيفة» للرئيس الذي يسعى لإعادة انتخابه قبل نهاية العام الحالي.
لم يعد أمر ذاكرة بايدن يوارى أو يدارى، وغالب الظن أن ذلك هو سبب تراجع نسب تأييده بشكل عام، وفي مواجهة ترمب بنوع خاص، بينما أظهرت استطلاعات رأي متعددة أن غالبية الأميركيين، جمهوريين وديمقراطيين، لديهم مخاوف بشأن إشكاليته العمرية، وعلى الرغم من سعي مساعديه إلى إظهاره كشخص قوي وقادر على أداء المهمة؛ لكن تقرير هور، وأخطاءه اللفظية، تقطع بأن عمره بات بالفعل عقبة في طريق إعادة انتخابه رئيساً من جديد.
هل أميركا أقل أمناً وأماناً مع رئيس في أوضاع بايدن العمرية؟
لم يوفِّر الجمهوريون من دون أدنى شك أزمة بايدن العمرية، فقد كان لهم –وهو ما فعلوه- أن يعزفوا على الأوتار العقلية المتآكلة للرجل الثمانيني، وهو ما تجلى في تصريحات رئيس اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري رونا مكدانيل، التي أشارت إلى أن: «إعادة انتخاب رجل متعاطف ومُسن لا يستطيع تذكر الأحداث الكبرى من حياته إلى المكتب البيضاوي، ستجعل أميركا أقل أماناً بلا شك».
تبدو أميركا اليوم أمام بايدن البريء قانونياً؛ لكنه المقيد سياسياً، وهو ما أكده تقرير هور بالفعل؛ إذ يصعب على أي مدعين عامين أن يحاججوا بسوء نية الرجل في احتفاظه بالوثائق السرية، لظروف ذهنية.
غير أن هذه البراءة تنسحب على وضعيته حينما كان نائباً للرئيس بهذه الحالة العقلية، فما بالنا اليوم بعد أكثر من عقد ونصف عقد من اليوم الذي شغل فيه ذلك المنصب؟
المسألة العمرية تمتد كذلك إلى المرشح الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترمب، فقد لام في تصريحات أخيرة له، المرشحة الجمهورية نيكي هايلي، واتهمها بالفشل في وقف الاعتداء على مبنى الكونغرس قبل 3 سنوات.
بدا الأمر وكأنه زلة لسان من جانب ترمب؛ لكنها زلة مخيفة تكاد تُظهر ارتباكاً عقلياً عند الرجل بدوره، فهايلي لم يكن لها أي دور يُذكر في ذلك النهار، ولهذا علَّقت بعبارة لم تخلُ من تشبيه حالة ترمب العقلية بوضع الرئيس الحالي بايدن: «ما يقلقني هو أنني لا أقول شيئاً مهيناً، ولكن عندما نتعامل مع ضغوط الرئاسة، لا يمكن أن يكون لدينا شخص آخر نتساءل عما إذا كان مؤهلاً عقلياً للقيام بذلك».
أما كارثة ترمب الأشد هولاً فجاءت على لسانه، خلال حديثه في تجمع بمدينة كنوواي بولاية ساوث كارولاينا، وفيها أشار إلى تشجيع روسيا لغزو دول من «الناتو» إن لم يدفعوا مساهماتهم المالية.
هل ضبابية الشيخوخة باتت تخيم فوق سماوات أميركا؟
تبدو الازدواجية الأميركية واضحة؛ بل وفاضحة لقضايا كثيرة نادت بها واشنطن– أوباما، في زمن ما عُرف بالربيع العربي المغشوش؛ حيث علت الأصوات بضرورة تمكين الشباب من المسؤولية والسلطة؛ لكن اليوم يتوارى هؤلاء لصالح مرشحين طاعنين في السن.
هل زمن «حكم المسنين» الذي أصاب روسيا قد حل ببلاد العم سام بدورها؟
(الشرق الأوسط)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه بايدن المسنين امريكا عجوز بايدن مسن مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
لم يتسامح مع كل من أذوه ونالوا منه.. ترامب ينتقم من بايدن
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه سيلغي التصريح الأمني لسلفه الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، وينهي الإحاطات الاستخباراتية اليومية التي يتلقاها، انتقامًا منه، لقيام بايدن بنفس الشيء معه في أعقاب هجمات 6 يناير، وفق ما ذكرت صحف دولية.
وأعلن ترامب قراره في منشور قال فيه: "ليست هناك حاجة لاستمرار جو بايدن في الحصول على معلومات سرية، لذلك، فإننا نلغي على الفور التصاريح الأمنية لجو بايدن، ونوقف إحاطاته الاستخباراتية اليومية".
وأضاف ترامب: "لقد وضع هذه السابقة في عام 2021، عندما أصدر تعليماته لمجتمع الاستخبارات بمنع الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة (أنا!) من الوصول إلى تفاصيل تتعلق بالأمن القومي، وهي مجاملة مقدمة للرؤساء السابقين".
ومن المعتاد أن يتلقى الرؤساء السابقون بعض التقارير الاستخباراتية حتى بعد مغادرة مناصبهم.
أنهى بايدن إحاطات ترامب الاستخباراتية بعد أن ساعد ترامب في تحفيز الجهود الرامية إلى قلب الانتخابات الرئاسية لعام 2020 وحرض على هجوم 6 يناير على الكابيتول.
في ذلك الوقت، قال بايدن إن سلوك ترامب "المتقلب" يجب أن يمنعه من الحصول على إحاطات استخباراتية.
وعندما سُئل في مقابلة مع شبكة “سي بي إس نيوز” الأمريكية عما يخشاه إذا استمر ترامب في تلقي الإحاطات، قال بايدن في ذلك الوقت إنه لا يريد “التكهن بصوت عالٍ” لكنه أوضح أنه لا يريد أن يستمر ترامب في الوصول إلى مثل هذه المعلومات.
ولم يعلق بايدن بشكل فوري على الخطوة.
وتعد خطوة ترامب هي الأحدث في جولة انتقامية لترامب وعد بها خلال حملته الانتخابية.
كما ألغى ترامب التصاريح الأمنية لأكثر من أربعين مسئول استخبارات سابقا وقعوا على رسالة عام 2020.