رحلة أحلام المستقبل لفتى مهاجر من درعا تنتهي بغرقه في مياه المانش
تاريخ النشر: 15th, February 2024 GMT
دفعت الأوضاع المعيشية الصعبة، ومرض الأب عائلة الفتى عبادة عبد ربه من مدينة درعا جنوب سوريا، إلى إرساله في رحلته الأخيرة للهجرة إلى بريطانيا عبر قناة المانش التي غرق فيها.
وقالت "بي بي سي" إن الفتى 14 عاما، تعرض لضغوطات كبيرة، من قبل عائلته من أجل الهجرة، التي لم يكن مقتنعا بها، وكان يخاف لأنه لا يعرف السباحة.
وغرق مع عبادة 4 آخرون، على بعد 10 أمتار من الشاطئ شمالي فرنسا، خلال محاولته العبور إلى بريطانيا، على متن قوارب صغيرة بداية العام الجديد.
وقالت إن الفتى تعرض للتحريض من قبل رجال مرافقين له والمهربين على خوض رحلة الهجرة، والتحلي بالقوة، فسافر لأجل ذلك إلى بنغازي في ليبيا من سوريا.
وكان شقيق عبادة ويدعى ندى، سبقه في رحلة الهجرة إلى بريطانيا، قبل عامين، رغم محاولة والده ثنيه عن الأمر، بحجة أن الحرب ستنتهي في سوريا، لكنه لم يستمع لوالده.
وقال ندى إنه حين وصل إلى بريطانيا، أبلغ السلطات بأنه تلقى تهديدات بالقتل في الجامعة، بسبب عدم موالاته للنظام السوري، وعدم رغبته الانخراط في الجيش.
وحصل على الحق في اللجوء ببريطانيا، ولم شمل عائلته قريبا، لذلك دفع شقيقه من أجل اللحاق به، كون سنه صغيرة، ويمكنه الدراسة في إنجلترا.
ووصل العديد من أبناء عمومته إلى إنجلترا أيضا، منذ اندلاع الحرب في سوريا، وتشكلت هنا شبكة أقارب من درعا.
وقالت "بي بي سي"، إن عمهما الموظف في دبي بالمال، ولكن لم يكونا يستطيعان الالتحاق به في الخليج، فدبي ليس لها نظام اللجوء. ولم يكن باستطاعة عبادة الذهاب إلى المدرسة هناك، وكانت العائلة حريصة على الذهاب إلى بريطانيا.
يبدو أن عبادة تحمس للرحلة بتشجيع من والده وأخيه، ولكنه سرعان ما ذاق مخاطرها وهو في الطريق.
ففي تشرين الأول/أكتوبر 2023، وبعد شهور من الانتظار في ليبيا، حاول الأخوان عبور البحر الأبيض المتوسط على متن قارب، من العاصمة طرابلس، ولكن خفر السواحل التونسيين أعادوهما إلى ليبيا، حيث وقعا في يد جماعات مسلحة محلية.
وعندما علم عبادة أنهم وجدوا مهربا إلى إيطاليا، اتصل بوالديه وقال لهما إن هذه ستكون آخر محاولة له لعبور البحر المتوسط، وإذا فشلت فإنه سيعود إلى البيت.
وقال فارس: "أمسكنا بيده، وقلنا له نحن معك لا تخش شيئا"، عندما استقلوا قاربا مطاطيا آخر في كانون الأول/ ديسمبر.
هذه المرة نجوا بأعجوبة، بعد 22 ساعة في البحر، أنقذهم خفر السواحل الإيطاليون، وسجلتهم السلطات هناك كمهاجرين، وهو ما يجعل من الصعب عليهم طلب اللجوء في بلد آخر من الاتحاد الأوروبي، ما عدا إيطاليا.
وبعد الإفراج عنهما، سافرا من بولونيا إلى ميلانو، ثم عبرا الحدود إلى فرنسا.
وتسلل القلق إلى ندى أيضا، وأخبر أخويه بأن قوانين اللجوء في بريطانيا بدأت تتعقد، وأوضح: "قلت لهما اذهبا إلى ألمانيا أو إيطاليا، لأن قوانين اللجوء هنا أصبحت أكثر صرامة. القوانين الجديدة صعبة جدا على طالب اللجوء".
نظرياً، وحسب قانون الهجرة الجديد، الذي دخل حيز التنفيذ في يوليو/تموز، فإن عبادة لا يحق له طلب اللجوء أصلاً، ولا البقاء في بريطانيا. ولكن في الواقع، وبغياب أي اتفاق بشأن وجهة إرسال الوافدين عبر القوارب الصغيرة، كان عبادة سينضم إلى عشرات الآلاف من اللاجئين العالقين في بريطانيا، بمصير مجهول.
واصل إخوة ندى رحلتهم إلى باريس، رغم أنهما لا يعرفان أحداً في دول الاتحاد الأوروبي. وكان ندى في انتظارهما في إنجلترا، وعدد آخر من الأقارب.
يتذكر ندى ما قاله له عبادة: "أريد الذهاب إلى بريطانيا لأنك هناك".
وفي مطلع كانون الثاني/يناير، وصل عبادة وأيسر شقيقه وستة من الأصدقاء السوريين إلى كالي نصبوا خيمة تحت جسر، لتجنب أعين الشرطة الفرنسية، غير أن الشرطة أخيرا أمرتهم بالرحيل.
وبعد أكثر من أسبوع، طلب منهم مهربون سوريون الاستعداد، للعبور إلى بريطانيا مقابل 2000 يورو لكل منهما. وحددوا موعد الرحيل السبت ليلا، خفت قوة الرياح على الساحل، ولكن درجات الحرارة كانت فوق التجمد بقليل، وكانت درجة الحرارة في البحر 7 درجات مئوية.
وفي ظلام ويمرو الحالك، حاول عبادة ركوب القارب المطاطي مع المتدافعين، وبعد لحظات وجد نفسه وأخاه أيسر في عمق البحر البارد.
يقول فارس، الذي نجا بنفسه وحاول مساعدة غيره، إنه لم يتمكن مع رؤية عبادة في الظلام، إلا أنه سمع صوت عبادة وأخيه وهما "يصرخان ويستغيثان"، ويضيف: "لم أستطع رؤيتهما، لقد اختفيا في الماء، سحبهما الماء، ولم أستطع أن أمسك بهما، لم نكن نعرف أن الأمور ستسير على ذلك النحو".
ووصلت طائرة عمودية تابعة للبحرية وزورق إلى موقع الحادث، وساعدت فرق الإنقاذ في إسعاف 20 مهاجرا، إلا أن عبادة لم يكن من بينهم.
ويقول الرقيب ماكسيم موني، أحد الذين شاركوا في مهمة إنقاذ أخرى في المنطقة نفسها في تلك الليلة: "لا تزال الصرخات تتردد في أذني، صرخات الموت".
وبعد دقائق، تلقى ندى مكالمة هاتفية في لندن تخبره: "لقد مات كلاهما".
كانت تلك المكالمة من شخص سوري ضمن المجموعة التي حاولت العبور نحو الشواطئ البريطانية، إذ تمكن الرجل من سحب أيسر من الماء وقد فارق الحياة، ثم خرجت جثة عبادة إلى الشاطئ، فقد غرق كلاهما على بعد 10 أمتار فقط من الشاطئ.
أجهش ندى بالبكاء عندما تذكر المكالمة الهاتفية التي تلقاها عن أخويه، بدأ يتنهد ثم مسح الدموع من عينيه.
وقال التقرير إن عبادة وأخوه سيدفنان في كالي، فالسلطات الفرنسية تقول إنه يستحيل نقلهما إلى بريطانيا، فيما تبقى تكاليف نقلهما إلى سوريا فوق المستطاع بحسب ندى.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي من هنا وهناك المرأة والأسرة حول العالم حول العالم سوريا الهجرة الموت سوريا موت النظام هجرة حول العالم حول العالم حول العالم حول العالم حول العالم حول العالم سياسة سياسة من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إلى بریطانیا
إقرأ أيضاً:
القاهرة تعلن عن فقدان 17 شخصا بعد غرق مركب سياحي في البحر الأحمر
القاهرة - قالت السلطات المصرية إن 17 شخصا بينهم أجانب فقدوا بعد انقلاب يخت سياحي قبالة ساحل البلاد على البحر الأحمر يوم الاثنين25نوفمبر2024، بينما تم إنقاذ 28 آخرين.
وأفاد بيان لمحافظة البحر الأحمر المصرية، أن السفينة التي كانت تحمل 31 سائحا من جنسيات مختلفة وطاقم مكون من 14 فردا، أرسلت إشارة استغاثة في الساعة 5:30 صباحا (0330 بتوقيت جرينتش).
وانطلقت السفينة "سي ستوري" يوم الأحد في رحلة غوص تستغرق عدة أيام من بورت غالب بالقرب من مرسى علم في جنوب شرق مصر، وكان من المقرر أن ترسو يوم الجمعة في مدينة الغردقة على بعد 200 كيلومتر (124 ميلا) إلى الشمال.
وقال محافظ البحيرة عمرو حنفي، إن بعض الناجين تم إنقاذهم بطائرة، فيما تم نقل آخرين إلى بر الأمان على متن سفينة حربية.
وأضاف الحنفي في بيان "تجري حاليا عمليات بحث مكثفة بالتنسيق مع القوات البحرية والقوات المسلحة".
ولم تؤكد السلطات جنسيات السائحين.
قالت السفارة الصينية في مصر يوم الاثنين إن اثنين من مواطنيها "بصحة جيدة" بعد "إنقاذهما في حادث غرق السفينة السياحية في البحر الأحمر"، حسبما ذكرت وسائل إعلام رسمية صينية.
وأكدت وزارة الخارجية الفنلندية لوكالة فرانس برس أن أحد مواطنيها مفقود.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية البولندية باول ورونسكي إن السلطات "لديها معلومات تفيد بأن اثنين من السائحين ربما كانا يحملان الجنسية البولندية".
وقال لوكالة الأنباء الوطنية "هذا كل ما نعرفه عنهم. هذا كل ما يمكننا قوله في الوقت الراهن".
- ألقيت على جانبها -
ولم يستجب مكتب محافظ البحر الأحمر على الفور لطلب وكالة فرانس برس للتعليق على السبب المحتمل للحادث.
وقال مدير منتجع للغوص قريب من عملية الإنقاذ، إن أحد أفراد الطاقم الناجين قال إنهم "تعرضوا لموجة في منتصف الليل، ما أدى إلى انقلاب السفينة على جانبها".
أوقفت السلطات في مدينة الغردقة عاصمة البحر الأحمر، الأحد، الأنشطة البحرية وميناء المدينة بسبب "سوء الأحوال الجوية".
وقال مدير الغوص لوكالة فرانس برس إن الرياح حول مرسى علم ظلت مواتية حتى ليل الأحد، قبل أن تهدأ مجددا بحلول الصباح.
وبحلول ظهر يوم الاثنين، أصبح من غير المرجح بشكل متزايد "إنقاذ الـ17 مفقودا بعد 12 ساعة في المياه"، وفقا للمسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالحديث إلى وسائل الإعلام.
وشهدت منطقة مرسى علم حادثي قارب مماثلين على الأقل في وقت سابق من هذا العام، لكن لم تقع وفيات.
يعد ساحل البحر الأحمر من أهم المقاصد السياحية في مصر، وهي دولة يبلغ عدد سكانها 105 ملايين نسمة وتعاني من أزمة اقتصادية خطيرة. وعلى المستوى الوطني، يوظف قطاع السياحة مليوني شخص ويساهم بأكثر من 10% من الناتج المحلي الإجمالي.
تتنقل العشرات من قوارب الغوص بين الشعاب المرجانية والجزر قبالة الساحل الشرقي لمصر كل يوم، حيث تكون قواعد السلامة صارمة ولكن يتم تطبيقها بشكل غير متساو.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، تم إنقاذ 30 شخصا من قارب غوص غارق بالقرب من شعاب ديدالوس في البحر الأحمر.
وفي يونيو/حزيران، تم إجلاء عشرين سائحا فرنسيا بأمان قبل غرق قاربهم في حادث مماثل.
وفي العام الماضي، توفي ثلاثة سياح بريطانيين بعد اندلاع حريق في يختهم، ما أدى إلى اشتعال النيران في سفينتهم.
Your browser does not support the video tag.