عربي21:
2024-07-02@01:04:10 GMT

هل تنتصر غزة هذه المرة أيضا؟

تاريخ النشر: 15th, February 2024 GMT

غزة المدينة القديمة بقدم التاريخ والتي لم تنعم بالراحة منذ لحظة وجودها على تلك الأرض.. ومنذ خط التاريخ اسمها عندما أنشأها الكنعانيون في القرن الخامس عشر قبل الميلاد، ومن وقتها هي عرضة للاستعمار والمستعمرين المختلفين، وكأنه كُتب على أهلها منذ أولى لحظات ميلادها المقاومة. فعبر تاريخ غزة الطويل وأهلها يقاومون كل محتل يأتيهم فيخرج وتبقى غزة وأهلها.



وأجمل مَن وصف غزة كان المؤرخ المقدسي عارف العارف في كتابه "تاريخ غزة" حيث قال:

"غزة ليست وليدة عصرٍ من العصور، وإنما هي بنت الأجيال المنصرمة كلها.. لم يبق فاتح ولا غازٍ، إلا ونازَلته، فإمّا يكون قد صرعها، أو تكون هي قد صرعتْه".

ولكن ما يحدث الآن في غزة فاق في بشاعته ما مر عليها مجمّعا منذ نشأتها، حيث كانت تقاوم في كل مرة محتلا واحدا مهما كانت قوته، أما الآن فغزة تقاوم العالم كله غربه وشرقه، كافره ومسلمه، وكأنهم اتفقوا على التخلص من معنى الحرية والكرامة المرفوعة دائما بتلك البقعة الصغيرة بالحجم الكبيرة بالأفعال.

في زماننا هذا تحالف الأخوة مع الأعداء، كما فعل الثوران الأحمر والأسود عندما اتفقا مع الأسد لقتل أخيهما الأبيض، ولم يدركا حينها أنهما وضعا نفسيهما على قائمة طعامه بانتظار دورهما بالافتراس إلا حين فرَغ من أكل أخيهما فقال آخرهم: أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض.

هذا تماما ما يحدث معنا منذ قرون، لكننا نتناسى وما فلسطين إلا تذكرة بالأندلس حين تخلينا عنها فصرنا فريسة كل يوم تؤكل منا قطعة حتى تقلصنا لما يسمى بالوطن العربي، وصمودنا حتى الآن ككتلة واحدة ليس لشيء سوى لأن هناك رقعة جغرافية متماسكة تجمعنا جبرا ولكن للأسف قلوبنا شتى.

استطاع الغرب تقسيمنا وتقزيمنا ونحن رضينا، لذا فالعار عارنا، والجريمة جريمتنا وليست جريمة الغرب الذي استطاع أن يستفيد لصالح شعوبه من خلال عملاء زرعهم في أراضينا فسامونا سوء العذاب، ولكن العار الأكبر أننا صرنا كشعوب أشبه بحكامنا؛ بخنوعنا وصمتنا وخذلاننا لبعضنا البعض.

فبعد فشل سايكس بيكو في تفتيت رقعة الوطن العربي بشكل شعبي بعد تفتيتها جغرافيا، أتوا لنا بكيان سرطاني تمت زراعته في قلب الوطن العربي ليقسمه قسمين: آسيوي وأفريقي، وبدأ بمد جذوره من خلال عملائه الذين أجلسهم على عروش دولنا فيُصمتهم بمجرد التلويح بكراسي عروشهم حتى صار الكيان هو من يحكم الوطن العربي كله عدا غزة.

غزة مُحاصرة لأكثر من عقد من الزمن بدبابات وأسلحة العدو الصهيوني من جانب؛ ومن جانب آخر حصار أشد وطأة من دول الجوار أو كما يطلق عليهم دول الطوق، وهو بالفعل طوق من فولاذ استخدمه الصهاينة لخنق "الثور الأبيض" آخر المقاومين له، والذي إذا سمحنا بأكله أُكلنا جميعا من بعده وحالنا سيؤول لحاله، وهو ما يحدث الآن.

لكن السؤال هنا: كيف وصل بنا الحال أن جعلوا منا مشاركين في تلك الجريمة فتحولنا جميعنا للثور الأسود ونحن نعلم خاتمة القصة؟

منذ أيام أعلنت إسرائيل أنه لن تكون هناك عملية عسكرية برفح إلا بتنسيق مع الجانب المصري.. والآن يقوم الجيش الإسرائيلي بعملية عسكرية في رفح لقتل مَن تبقى من أهل غزة؛ في إبادة جماعية تحت سمع وبصر العالم.

وهذا يعني أن النظام المصري وافق على العملية، وما كان يعلنه من الرفض وتحريك قوات على الحدود إنما هي مسرحية لذر الرماد بعيون المصريين ليس أكثر، فلا يفتحون أعينهم إلا وتكون الكارثة قد وقعت بالفعل على رأس أهل غزة والمصريين معا، ونكون أمام خيار واحد وضعه السيسي والكيان الإسرائيلي لنختاره بإرادتنا المجبرة المقهورة، وهو فتح المعبر لهروب أهل غزة من الإبادة الجماعية.

نحن أصبحنا شركاء ليس في جريمة واحدة، بل في جريمتين وهما:

- جريمة التهجير بصمتنا العاجز المتخاذل.

- وجريمة السكوت عن أرضنا التي يبيعها السيسي ويتنازل عنها كيفما شاء ولمن يشاء.

تذكروا جيدا أن اليهود بدأوا احتلال فلسطين بالسيطرة على أرضها باحتلال عسكري دعمته وأيدته القوى العظمى حينها (بريطانيا) وأُمهر بوعد بلفور.. ونحن الآن في مصر يتم احتلالنا احتلالا من نوع آخر، احتلالا اقتصاديا، فيستولون على أرضنا باسم الاستثمار. وجميعنا نعلم أن الإمارات ما هي إلا برڤان تختفي خلفه الصهيونية، كما فعلت من قبل في منازل القدس القديمة.. والآن تعاد القصة مرة أخرى حرف.. حرف مع تغير المكان فبدل القدس صارت مصر كلها، وسيُمهر هذا الاحتلال باسم صفقة القرن برعاية أمريكا.

ولكن يمكن لكل هذا أن يتوقف ومصر هي الوحيدة القادرة على ذلك كما تم من قبل في 2012، عندما أرسل الرئيس محمد مرسي المساعدات مع وفد بقيادة رئيس الوزراء فاضطرت إسرائيل لوقف إطلاق النار فورا.

إسرائيل لا تعرف سوى صوت القوة في 2012، وهو الصوت الذي اسمعهم إياه د. مرسي الذي كان يتحدث باسم 100 مليون مصري. وعلى النظام المصري الآن إذا أراد وقف القتل والتهجير والحفاظ على الأرضي المصرية أن يتبع خطوات مرسي رغم كرههم له ولكن تجربته أثبتت نجاحها.

لن أقول أنقذوا غزة، بل أقول أنقذوا أنفسكم في غزة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة حصار المصري الاحتلال مصر غزة الاحتلال حصار مجازر مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

جبل.. بي بي سي تلاحق عراقيًا خطيرًا في بلجيكا

السومرية نيوز-دوليات

انطلاقًا من حادثة غرق قارب في البحر شمال فرنسا قبل حوالي شهرين، ما أدى لوفاة خمسة أشخاص، من بينهم طفلة تدعى سارة، قادت شبكة "بي بي سي" البريطانية، تحقيقا وملاحقات طويلة للمهرب الرئيسي المسؤول عن وفاة هؤلاء الأشخاص بينهم الطفلة سارة، والمهرب عراقي كردي، يطلق عليه لقب "جبل". يتحدث فريق بي بي سي، عن كيفية تمكنه من التوصل الى "جبل" العراقي في بلجيكا، ويقول وصلنا إلى "أنتويرب في أيار، وبدأنا العمل على خطة لتحديد موقع جبل ومواجهته، وقد زودنا أحد عملائه السابقين بصورة له، كما زودنا مصدر آخر بنسخة من جواز سفره العراقي وبطاقة هوية أوروبية يبدو أنها صدرت في عام 2021 في بلدة إيطالية نائية على أحد التلال، حيث تجري هناك تحقيقات في عمليات الجريمة المنظمة".

اكتشفنا أن الاسم الحقيقي لهذا الشخص الملقب جبل، هو "ريبوار عباس زنكنة"، كردي من شمال العراق، غير متزوج، ويبدو أنه مسلم متدين، جبل نفسه مهاجر، لكن وضع هجرته غير واضح، ومن المعروف أنه كان يعيش مؤخرًا في كاليه وبروكسل وأنتويرب، قيل لنا إنه عمل مع شريكين وقد يكون هناك شخصية أكثر أهمية في العراق.

التقى زميلنا محمود، الذي يتحدث العربية ويتظاهر بأنه مهاجر يبحث عن طريق إلى بريطانيا، بوسيط في صالون حلاقة في أنتويرب، والذي أكد أنه يعرف جبل وسيرتب له الاتصال بنا، انتظرنا قرابة أسبوعين، ولكن في النهاية رن هاتفنا في وقت متأخر من إحدى الليالي.

جاء الصوت في الهاتف، "مرحبا. إذن، هل تريد الذهاب إلى بريطانيا؟ كم عدد المقاعد التي تحتاجها؟ هل أنت مستعد؟"

فريق بي بي سي كان يراقب المهرب جبل في معسكر للاجئين في لوكسمبورج حيث حاول الاختفاء هناك، تحدث جبل إلينا بعبارات قصيرة ومختصرة. وفي تلك المكالمة، وفي مكالمتين هاتفيتين لاحقتين، أكد لنا أنه لا يزال مهتم جدا بالموضوع، مؤكدا لنا أن الرحلة عبر القناة كانت "آمنة"، وأنه طور من الأداء منذ وفاة سارة.

سألنا جبل "كم شخص منكم مستعد؟"، مضيفا أنه ليس من الممكن العبور في اليوم التالي نظرا لأن الطقس في كاليه لم يكن جيدا بما يكفي، ولكن بعد ساعات من تلك المكالمة الأولى، علمنا من مصدر أن جبل غادر أنتويرب مؤخرا على عجل. وكان السبب أنه الاعتقال لتورطه في الوفيات الخمس التي وقعت في أبريل/نيسان، كان جبل هاربا.

في ذلك المساء الأول في لوكسمبورغ، تمكن زميلنا من التحدث إلى جبل عبر الهاتف، وادعى أيضا بأنه مهاجر يدعى محمود، وفي تحرك منسق، قام زميل آخر من بي بي سي بالتجول حول محيط المجمع في نفس الوقت، وأطلق بوق السيارة على فترات منتظمةـ وعند الاستماع إلى المحادثة، سمعنا بوضوح صوت بوق سيارة زميلنا الآخر في خلفية المكالمة مع المهرب للتأكد من أنه موجود في هذا المجمع".

لقد كان جبل هنا في المجمع، ولكن كيف نغريه للخروج دون إثارة الشكوك؟ إذا هرب مرة أخرى وفشلنا في تعقبه، فسنعود إلى نقطة البداية، كان الخيار الوحيد هو المراقبة، وهكذا، لمدة ثلاثة أيام، ظل فريقنا يراقب، ويرصد مدخل المجمع، وكان هناك من يراقب من نقطة عالية تطل على المركز، مما يمنحنا رؤية للداخل.

وأخيرا في اليوم الثالث وقبل الساعة الثالثة ظهرا بقليل رصدنا جبل، وكان يخرج مع مجموعة من المهاجرين الآخرين، استدار إلى اليسار، متجها نحو محطة الترام، عندها بدأ فريقنا في الركض نحوه، كان المهرب يتجول بلا مبالاة عبر ساحة عامة تغمرها أشعة الشمس، ولم يكن ليدرك أن هناك أحدا يلاحقه.

بدا رجلا قصير القامة، ممتلئ الجسم، يبلغ من العمر 39 عاما، يرتدي بدلة خضراء شاحبة وقبعة بيسبول، وكأنه شخص عادي يقوم بنزهة بعد الظهر سيرا من مركز استقبال المهاجرين إلى محطة ترام قريبة، قلنا له لقد عرفناك انت المهرب، وبينما كنا نتحدث إليه، بادرنا قائلا، "ليس أنا يا أخي. لا أعرف أي شيء ما مشكلتك؟"، بدا قلقا، لكنه حافظ على صوته منخفضا ولم يواجهنا بينما كان يتراجع نحو محطة الترام.

أخرجت صورة لسارة، وسألته عما إذا كان هو المسؤول عن وفاة الطفلة البالغة من العمر سبع سنوات. هز رأسه مرة أخرى، ثم اتصلنا برقم هاتفه، كان بإمكانه تجاهله، كان بإمكانه الانتظار في صمت حتى وصول الترام، ولكن عندما طلبنا منه الرد على هاتفه، وإظهاره لنا، بدا مرتبكا للحظة، لكنه فعل ما طلبناه، اقتربنا، ورأينا شاشة الهاتف ورأينا رقم هاتفنا الذي كنا نستخدمه للاتصال به منذ أيام لتنظيم رحلة بالقارب إلى بريطانيا، الآن تأكدنا لا يمكن أن يكون هناك شك في هويته.

وفي أعقاب مواجهتنا مع جبل، أبلغنا الشرطة الفرنسية، التي تقود التحقيق في الوفيات التي وقعت في أبريل/نيسان، بالنتائج التي توصلنا إليها، فقالوا إنهم لن يعلقوا في هذه المرحلة.


مقالات مشابهة

  • عضو الزمالك: لم تتحقق أي طلب من شروطنا ولكن المكاسب قادمة
  • نحدثكم عن التاريخ.. ولكم في التاريخ عظاتٌ
  • سلطات الاحتلال تهدم قرية العراقيب للمرة الـ227
  • السلطات الإسرائيلية تهدم قرية العراقيب للمرة الـ227
  • للمرة الـ227.. جرافات إسرائيل تهدم قرية العراقيب
  • وسائل إعلام عبرية توضح لماذا تنتصر الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة
  • "اليونيسيف": أكثر من 96% من سكان قطاع غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي
  • للتاريخ.. ليس كل ما يعرف يُقال
  • الرئيس السيسى: مصر آمنة ومستقرة بإرادة شعب قوي تحمل تحديات ضخمة جدا
  • جبل.. بي بي سي تلاحق عراقيًا خطيرًا في بلجيكا