النصر المطلق ومرامي وعود نتنياهو العرقوبية
تاريخ النشر: 15th, February 2024 GMT
"النصر المطلق" ومرامي وعود نتنياهو العرقوبية
"ميؤوس منهم في واشنطن: بايدن دفن احتمالات إسرائيل لتحقيق النصر وإعادة المخطوفين".
الأهم عجز إسرائيل عن تحقيق النصر لأسبابٍ كثيرةٍ أبرزها قدرات المقاومة الفلسطينية ومقدّراتها.
الاعتبارات السياسية الاستراتيجية تظلّ أهم من رغبة إسرائيل في القضاء على حماس وإعادة مخطوفيها إلى ديارهم.
الأصوات القائلة إن شعارات النصر المطلق لا تعكس الحقيقة، وتلّح في مطلبها بإعلان الحقيقة، ما زالت قليلة، لكنها صادرة عن أشخاص أو جهات ذوي أهلية.
تطلّع إسرائيل لبروز عشائر مسلّحة تسيطر على الحياة العامة وتقدّم مساعدة مدنية للمواطنين، يبدو حاليا مجرّد أمنياتٍ خفيّة أكثر من كونه هدفاً يمكن تحقيقه.
لا تنفكّ الحرب بعيدة عن "النصر المطلق" الذي يتحدّث عنه نتنياهو دون أن يحدّد موعداً لانتهاء المواجهات العسكرية، أو تحديد الاستراتيجية التي ستأتي في أعقابها.
شعارات يكرّرها كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين والأمنيين عن مآل الحرب على غزّة ونتائجها المرتقبة، يتأكّد أكثر فأكثر أنها لن تتماشى مع أهداف وُضعت لها.
"لا انكسارٍ قريبا لحماس رغم تلقّيها ضرباتٍ قاسية واستمرار القتال بكل أنحاء القطاع فلم يتم القضاء عليها بل تعود، بالتدريج لمناطق خرج منها الجيش الإسرائيلي، خاصة في شمال غزّة".
* * *
لا يبدو أن صبر الرأي العام والحقل السياسي في إسرائيل قد عِيلَ من الشعارات التي يكرّرها كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين والأمنيين عن مآل الحرب على قطاع غزّة وعن نتائجها المرتقبة، والتي يتأكّد أكثر فأكثر أنها لن تتماشى مع الأهداف التي وُضعت لها.
ومع أن الأصوات التي تقول إن هذه الشعارات لا تعكس الحقيقة، وتلّح في مطلبها أن تعرف تلك الحقيقة، ما زالت قليلة، إلا أنها صادرة بالأساس عن جهات أو أشخاص من ذوي الأهلية في مجالات تخصّصهم.
من هذه الأصوات على سبيل المثال ميخائيل ميلشتاين، وهو عقيد احتياط شغل منصب رئيس الساحة الفلسطينية في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) ويشغل حالياً منصب رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه دايان لدراسات الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب.
وفي أحدث ما كتبه من مقالات، لا تنفكّ الحرب بعيدة عن "النصر المطلق" الذي يتحدّث عنه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من دون أن يحدّد موعداً لانتهاء المواجهات العسكرية، أو تحديد الاستراتيجيا التي ستأتي في أعقابها.
يُضاف إلى ذلك أن آخر الوقائع لا تدلّ على انكسارٍ قريبٍ لحركة حماس، ورغم تلقّيها ضرباتٍ قاسية واستمرار القتال في كل أنحاء القطاع لم يتم القضاء على هذه الحركة التي تعود، بالتدريج، إلى المناطق التي خرج منها الجيش الإسرائيلي، وخصوصاً في شمال قطاع غزّة.
في غضون ذلك، لا تبرز مؤشراتٌ تدلّ على احتجاج شعبي ضد "حماس"، أو على تطوّر بديل محلي للحركة. أمّا تطلّع إسرائيل إلى بروز عشائر مسلّحة تسيطر على الحياة العامة وتقدّم المساعدة المدنية للمواطنين، فيبدو، في المرحلة الحالية، أقرب إلى مجرّد أمنياتٍ خفيّة أكثر من كونه هدفاً يمكن تحقيقه.
ووفقًا لقراءة أصواتٍ أخرى لا تعوزها الأهلية، "النصر المطلق" على حركة المقاومة الإسلامية الذي يتحدّث عنه نتنياهو في الآونة الأخيرة ليس أكثر من وعد، ولكنه من جملة وعوده العرقوبيّة الكثيرة، فضلاً عن انتفاء أي إشارة إلى أن إسرائيل قريبة من الوفاء به.
لكن نتنياهو يتمسّك به، لمجرّد أنه يتيح إمكان اتهام جهةٍ أخرى بعدم تحقيقه. وبحسب ما يرتسم في الأفق، هناك أكثر من جهة ستكون مرشّحة لهذا الاتهام، ويبقى في مقدّمها الولايات المتحدة التي تُتهم بأنها تفرض قيوداً وتضع عراقيل، أو أحزاب المعارضة، أو ربما الجنرالات وقادة المؤسّسة الأمنيّة غير القادرين على تنفيذ المهمة الموكلة إليهم.
ولن تكون هذه أول مرّة يتصرّف فيها نتنياهو على هذه الشاكلة، كما يؤكّد المحلل العسكري لصحيفة هآرتس عاموس هرئيل.
في واقع الأمر، وفي ضوء آخر المتابعات، بدأ يُسمع مثل هذا الاتهام، لا سيما في اتجاه الولايات المتحدة، على لسان بعض أبواق نتنياهو، فقد حمل عنوان أحد التعليقات في صحيفة يسرائيل هيوم يوم الثلاثاء (1322024): "ميؤوس منهم في واشنطن: بايدن دفن احتمالات إسرائيل لتحقيق النصر وإعادة المخطوفين".
وفي قراءة كاتب التعليق، يهودا بلانغا، أستاذ تاريخ الشرق الأوسط بجامعة بار إيلان، يعود ما أقدم عليه بايدن إلى معرفته أن التأييد غير المشروط لإسرائيل سوف يكلّفه خسارة أصوات الناخبين العرب والمسلمين في الولايات الأهم في الولايات المتحدة.
وإذا كان بايدن راغباً في البقاء في البيت الأبيض بعد الانتخابات الرئاسية، في نوفمبر المقبل، فهو لا يستطيع أن يتغاضى عن تظاهرات الاحتجاج على الحرب في قطاع غزّة التي تقوم بها جاليات إسلامية وعربية مؤيدة للفلسطينيين في ولايات مثل ميشيغن وبنسلفانيا وأوهايو.
كما أن الاعتبارات السياسية الاستراتيجية تظلّ أهم من رغبة إسرائيل في القضاء على حماس وإعادة مخطوفيها إلى ديارهم. وفي مُجرّد هذا ما يجسّد المقولة السالفة بشأن الوعود العرقوبية، والأهم عجز إسرائيل عن تحقيق النصر لأسبابٍ كثيرةٍ أبرزها قدرات المقاومة الفلسطينية ومقدّراتها.
*أنطوان شلحت كاتب وباحث في الشأن الإسرائيلي
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل وعود نتنياهو بايدن حماس غزة المقاومة الفلسطينية النصر المطلق الرأي العام النصر المطلق أکثر من ة التی
إقرأ أيضاً:
هآرتس : بعد مرور 400 يوم.. سنسمي الولد باسمه: “حرب سلامة نتنياهو”
#سواليف
قبل بضع سنوات، طلبت من #نتنياهو أن يوقف الكارثة في حالها ويوقف إضحاكنا برواية الضحية هذه. تحدثت عن الشاعرة زلدا، التي رغم الفجوة في جيلنا (تعلمت الحبو في بيتها)، واعتقدت أنها صديقتي. وصفت كيف توسلت لأمي، من الجيل الثاني الكلاسيكي، بألا تحدثني كثيراً عن #الكارثة.
الآن، أطلب من نتنياهو ترك النهضة في حالها، والتوقف عن إزعاجنا بهذه الرواية الخيالية. نتنياهو فنان الكلام ويعرف كل نظريات الرواية ومبناها. في جميع خطاباته في الفترة الأخيرة، بدءاً بالاحتفالات الحكومية بذكرى 7 أكتوبر وحتى الاحتفال بإنهاء دورة للضباط، كرر “النهضة”، وكأنه إذا كرر هذه الكلمة سنصل إلى الهدف.
مثل كل أولاد #إسرائيل، ترعرعت على الانتقال من الكارثة إلى النهضة. في الروضة والمدرسة ومعهد اللغة والخدمة الوطنية – وقفنا في هذه الاحتفالات وأنشدنا كل الأناشيد. انتقلنا في غضون أسبوع من بطولة الفدائيين إلى يوم الذكرى ويوم الاستقلال. ترعرعت بين الحروب والانتفاضات، وعمليات “صغيرة” وحافلات متفجرة، وصواريخ وكاتيوشا. ولكن لم يهيئنا أحد لأحداث 7 أكتوبر الفظيعة وحرب الفوضى المستمرة منذ ذلك الحين. قرأت بأن ليئات تسيلي النبيلة، التي عادت من أسر حماس، شرحت لطلابها أثناء جولة في “يد واسم” بأن كل يوم في الكارثة “كأنه 7 أكتوبر”. لذلك، سأمتنع عن تسمية هذا اليوم الفظيع بـ “الكارثة”. سأستخدم في هذا المقال المصطلح التاريخي “المذبحة”، المصطلح الذي ينطوي على القتل، والاغتصاب، والسلب، والتدمير، والإحراق، والخنق، والاختطاف وبالأساس العجز.
مقالات ذات صلة شهداء ومصابون بقصف إسرائيلي شمال ووسط قطاع غزة 2024/11/14جميعنا، كل من وقف ذات يوم في الاحتفالات وهو يرتدي أزرق – أبيض، عرف هذا العجز من الروايات. لم نصدق أن ستحدث في إسرائيل مذبحة بهذا الحجم، أو يخفق #الجيش_الاسرائيلي في الدفاع حتى عن نفسه. بهذا المعنى، كانت 7 أكتوبر لحظة “مذبحة”. في المذابح الكثيرة التي مرت علينا، وأيضاً في الكارثة، لم يكن لدينا جيش أو دولة. أما هنا فلنا دولة وجيش، والجميع لم يقم بعمله. هذا يسمى إهمالاً إجرامياً، لذلك لا كلمات لوصف ذلك. ولكن إذا كانت لأحد حاجة قوية لطرح أسماء فلدي عدد منها: حرب الإهمال والتخلي، حرب الغطرسة، حرب #الفوضى، حرب حقائب الأموال، حرب التصور، حرب المذبحة، حرب الجنوب والشمال.
بعد مرور 400 يوم والعجز لم ينته، بل يتفاقم. يكون في الأنباء خليط غير معقول من قتلى الحرب كل يوم، مع صفارات إنذار وصواريخ، وعدم اهتمام بالكثيرين المخلين، وإحصاء صغير للأيام، أما المخطوفون فما زالوا في غزة. هل يحاول أحد وبحق تحقيق أهداف الحرب؟ ربما الانشغال بالأسماء أسهل من الاعتراف بقدرتنا الحقيقية ومن إعادة المخطوفين إلى البيت.
عندما يعود كل المخطوفين، وبعد أن أسمع الموسيقى وأذهب الى المقهى لأول مرة بعد 7 أكتوبر (الأمور التي ابتعدت عنها منذ ذلك الحين)، وأتطوع لتجنيد مجموعة من مؤلفي النصوص الموهوبين لوضع الاسم الأكثر نجاحاً لهذه الحرب. ولكن حتى ذلك الحين، أعتقد أنه من المفيد لنا تسمية الولد باسمه، أو الحرب باسمها، حرب “سلامة نتنياهو”. أهداف هذه الحرب واضحة، وهي قابلة للتحقق، وها نحن في الطريق إليها!