الجزيرة:
2025-02-06@07:12:54 GMT

هل تصطدم أميركا مع الصين في الشرق الأوسط؟

تاريخ النشر: 20th, July 2023 GMT

هل تصطدم أميركا مع الصين في الشرق الأوسط؟

في الأول من يونيو/حزيران الماضي رفض وزير الدفاع الصيني "لي شانغ فو" عقد لقاء ثنائي مع نظيره الأميركي "لويد أوستن" وذلك على هامش منتدى "حوار شانغريلا" الذي عُقد في سنغافورة. لم تكن تلك هي المرة الأولى التي ترفض فيها الصين عقد محادثات بين وزير دفاعها ونظيره الأميركي، فقد رفضت في أوائل فبراير/شباط الماضي طلبا لذلك بعد أن قامت الولايات المتحدة بإسقاط منطاد صيني فوق المياه الإقليمية الأميركية.

قالت واشنطن إنه كان "منطادا للتجسس" عليها. ووصلت العلاقات بين الطرفين إلى مستوى غير مسبوق من التوتر حين قامت طائرة مقاتلة صينية باعتراض طائرة استطلاع أميركية في المجال الجوي الدولي فوق بحر جنوب الصين أواخر مايو/أيار الماضي، وهو ما اعتبرته أميركا عملا عدوانيا. علما بأن "لي شانغ فو" مدرج على قائمة العقوبات الأميركية منذ عام 2018 وذلك بموجب قانون "مكافحة أعداء الولايات المتحدة من خلال العقوبات"، المعروف اختصارا بقانون "كاتسا" (CAATSA)، وذلك لشرائه أسلحة روسية متطورة.

في الوقت الذي تبدو فيه الولايات المتحدة منشغلة بالحرب الروسية في أوكرانيا، وبالصراع مع الصين في بحر جنوب الصين، فإن بكين تتمدد في الفناء الخلفي للولايات المتحدة وفي واحدة من أهم مناطق نفوذها على مدار نصف القرن الماضي

هكذا تبدو العلاقات بين أكبر دولتين اقتصاديا وعسكريا، إحداهما هيمنت على النظام العالمي على مدار العقود الثلاثة الماضية دون منافسة حقيقية وهي الولايات المتحدة، والثانية قوة اقتصادية وتكنولوجية وعسكرية صاعدة تسعى لكسر هذه الهيمنة ومزاحمة أميركا، وربما أخذ مكانها في المستقبل كقطب عالمي جديد. وإذا كانت ساحة المعركة الحامية بين الدولتين تتركز في منطقة بحر جنوب الصين، خاصة في المساحة التي تقع من اليابان شمالا وحتى كوريا الجنوبية مرورا بالبقعة الساخنة وهي تايوان، فإن هناك ساحات أخرى للمواجهة بين الطرفين لا تقل سخونة وأهمية، لكن المواجهة فيها تأخذ أشكالا مختلفة.

يبدو الشرق الأوسط وخاصة العالم العربي منطقة نفوذ وتنافس جديدة بين القطبين الكبيرين، حيث يسعى كل منهما لتعزيز حضوره بها وجذبها لصالحه. صحيح أن الولايات المتحدة هي الأكثر حضورا وتأثيرا في المنطقة، سواء من خلال علاقاتها الأمنية والإستراتيجية مع بلدان المنطقة، أو من خلال الحضور العسكري الكثيف في تلك المنطقة الذي يصل لآلاف الجنود المرابطين في أكثر من دولة عربية، إلا أن الحضور الاقتصادي والاستثماري والتكنولوجي الصيني قد تجاوز في بعض الأحيان نظيره الأميركي.

على سبيل المثال، أصبحت الصين خلال السنوات الماضية هي الشريك التجاري الأكبر لدول الخليج العربي. كذلك نجحت بكين في بناء شراكات اقتصادية وتكنولوجية ودفاعية مع عدد من البلدان العربية كالسعودية التي وقعت مع الصين عددا من الاتفاقات الاقتصادية العام الماضي، وصلت قيمتها إلى حوالي 50 مليار دولار.

كذلك أصبحت الصين أكبر شريك تجاري للإمارات بأكثر من 60 مليار دولار، وهناك توقعات أن يصل حجم التجارة الثنائية بين البلدين إلى حوالي 200 مليار دولار بحلول عام 2030. في حين تمثل الصين شريكا اقتصاديا وتجاريا مهما لمصر، كما أن حجم الديون المصرية للصين تبلغ حوالي 8 مليارات دولار.

بكلمات أخرى، في الوقت الذي تبدو فيه الولايات المتحدة منشغلة بالحرب الروسية في أوكرانيا، وبالصراع مع الصين في بحر جنوب الصين، فإن بكين تتمدد في الفناء الخلفي للولايات المتحدة وفي واحدة من أهم مناطق نفوذها على مدار نصف القرن الماضي.

لذلك فإن السؤال المهم الآن هو: هل نحن على أعتاب وقوع صدام بين أميركا والصين في الشرق الأوسط؟ فالصين لم تتمدد فقط اقتصاديا وتجاريا كما أوضحنا آنفا، ولكن أيضا سياسيا وإستراتيجيا وعسكريا. فقبل 4 أشهر رعت الصين اتفاقا لتطبيع واستئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، وذلك في واحدة من أهم المفاجآت السياسية التي حدثت في المنطقة خلال الفترة الماضية. كذلك حاولت الصين بناء قاعدة عسكرية سرية لها في الإمارات قبل عامين، وهو ما شكل صدمة كبيرة في واشنطن نتيجة للتحالف الإستراتيجي بينها وبين أبو ظبي.

كذلك تحتفظ الصين بقاعدة عسكرية في جيبوتي منذ أكثر من 6 أعوام ولديها علاقات قوية مع بلدان القرن الأفريقي، وهي المنطقة نفسها التي تنتشر فيها القوات الأميركية أيضا. حيث تعتبر الصين أن جيبوتي تلعب دورا مهما في تسهيل وتحقيق أهداف مبادرة "الحزام والطريق" التي أطلقتها الصين قبل 10 أعوام. بل يشير بعض المسؤولين الأميركيين إلى أن القاعدة العسكرية الصينية في جيبوتي هي بداية لسلسلة قواعد عسكرية صينية في أفريقيا، وهو ما لا ينبغي استبعاده، فطرق التجارة دوما بحاجة للحماية الأمنية والعسكرية من قبل القوى الاقتصادية والعسكرية الكبرى.

لا توجد خيارات كثيرة أمام أميركا فيما يخص كيفية التعاطي مع زيادة الحضور والنفوذ الصيني في الشرق الأوسط، فهي إما أن تقبله باعتباره أمرا واقعا لا محالة، وبالتالي يكون هدفها الأساسي هو كيفية التقليل من آثاره السلبية على وجودها ومصالحها في المنطقة، أو أن تحاول إيقافه بشكل واضح وصريح، وهو ما قد يعني الدخول في مواجهة صريحة مع بكين قد لا تُحمد عقباها.

يخبرنا التاريخ أنه لم توجد قوتان كبيرتان قد تجاورتا وتعايشتا في منطقة نفوذ واحدة دون أن يقع بينهما صدام تنتصر فيه إحداهما على الأخرى. لذا فإن السؤال ليس: هل سيقع صدام بين واشنطن وبكين في المنطقة؟ بل متى؟ أما السؤال الأهم فهو كيف سيكون رد فعل دول المنطقة حين يقع هذا الصدام؟

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معناوظائف شاغرةترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الشرق الأوسط فی المنطقة مع الصین الصین فی وهو ما

إقرأ أيضاً:

ترامب يمنح إسرائيل أسلحة بمليار دولار ونتنياهو يسعى لتأمين 8 مليارات أخرى

  في خطوة جديدة تعزز الدعم العسكري لإسرائيل، كشفت تقارير إعلامية عن توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال فترة ولايته صفقة أسلحة بقيمة مليار دولار لصالح إسرائيل، بينما يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للحصول على حزمة إضافية تصل إلى 8 مليارات دولار لتعزيز القدرات الدفاعية والهجومية للجيش الإسرائيلي.  

تتضمن الصفقة الأولى التي أقرها ترامب مجموعة متطورة من الأسلحة والأنظمة الدفاعية، بما في ذلك صواريخ دقيقة التوجيه، وطائرات بدون طيار حديثة، وأنظمة رادار متقدمة لتعزيز قدرات الدفاع الجوي. وتأتي هذه الخطوة في إطار الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، التي تعتبر الأخيرة ركيزة أساسية للسياسات الأمريكية في الشرق الأوسط.  

الصفقة تمثل دعمًا مباشرًا لبرنامج التسلح الإسرائيلي، الذي يُعرف بأنه من بين الأضخم في المنطقة، وتؤكد التزام واشنطن بضمان تفوق إسرائيل العسكري النوعي على جيرانها.  

من جانبه، يسعى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى الحصول على دعم إضافي بقيمة 8 مليارات دولار من الإدارة الأمريكية، بهدف تمويل خطط عسكرية طموحة تشمل تحديث أسطول الطائرات الحربية الإسرائيلية، وتطوير أنظمة صواريخ هجومية بعيدة المدى، وتعزيز قدرات إسرائيل في الحرب السيبرانية.  

ووفقًا لمصادر مقربة من الحكومة الإسرائيلية، فإن هذه الحزمة تُعتبر حيوية للحفاظ على التفوق الاستراتيجي لإسرائيل، لا سيما في ظل التحديات الأمنية المتزايدة في المنطقة، بما في ذلك تهديدات إيران وحلفائها في الشرق الأوسط.  

أثارت هذه التطورات انتقادات واسعة من بعض الدول والمنظمات الدولية، التي ترى أن الدعم العسكري المفرط لإسرائيل قد يساهم في زيادة التوترات في المنطقة ويعرقل جهود السلام. كما حذر خبراء من أن تصاعد التسلح الإسرائيلي قد يدفع دولًا أخرى في المنطقة إلى الدخول في سباق تسلح غير مسبوق.  

على الجانب الآخر، دافعت واشنطن وتل أبيب عن هذه الصفقات باعتبارها جزءًا من تعزيز الأمن الإقليمي، حيث أكد مسؤولون أمريكيون أن دعم إسرائيل يأتي في إطار استراتيجية أوسع لضمان استقرار الشرق الأوسط وحماية المصالح المشتركة.  

تأتي هذه التحركات في سياق سياسي حساس، حيث يسعى نتنياهو لتعزيز شعبيته الداخلية عبر تحقيق إنجازات استراتيجية ملموسة، بينما تظهر هذه الصفقات استمرار التأثير العميق للعلاقة الأمريكية الإسرائيلية، حتى بعد انتهاء ولاية ترامب.  

بينما تستمر الصفقات العسكرية بين إسرائيل والولايات المتحدة في تعزيز القدرات العسكرية الإسرائيلية، يبقى التساؤل قائمًا حول تأثير هذه الخطوات على استقرار المنطقة، وما إذا كانت ستسهم في تقليل التوترات أو تعميق الانقسامات في الشرق الأوسط.

مقالات مشابهة

  • الصين تأمل في اتفاق يجنبها حربا تجارية مع الولايات المتحدة
  • أول تعليق من الصين على تصريحات ترامب بشأن غزة
  • الصين تفرض رسوماً على أميركا.. وأوروبا تحذر ترامب
  • الرئيس السيسي وملك الأردن يؤكدان أهمية التوصل إلى السلام الدائم في المنطقة
  • العلاقات الاقتصادية الروسية مع دول الشرق الأوسط تتقدم رغم التحديات
  • روبيو: الولايات المتحدة تدرس فرض إجراءات إضافية ضد الصين
  • الصين تفرض رسوما على أميركا وأوروبا تهدد ترامب برد حاسم
  • ترامب يمنح إسرائيل أسلحة بمليار دولار ونتنياهو يسعى لتأمين 8 مليارات أخرى
  • الصين تتحدّى ترامب.. هل تنفجر مواجهة تجارية قريبة مع الولايات المتحدة؟
  • طرح Meta AI في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا رسميًا