حكم صيام النصف الثاني من شعبان
تاريخ النشر: 15th, February 2024 GMT
حكم الصيام في النصف الثاني من شعبان سؤال يسأل فيه الكثير من الناس أجابت أهل العلم، وقال إن صيام أيام البيض مستحب؛ لما روى أبو ذر -رضي الله عنه- قال: قال صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذر: إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام، فصم ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة. رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه الألباني.
وفي مسند الإمام أحمد من حديث أبي ذر: من كان منكم صائمًا من الشهر ثلاثة أيام، فليصم الثلاث البيض.
قال شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.
ولا حرج في صيام اليوم الثاني عشر، ولا سيما إذا أردت الاحتياط بناء على كونه الثالث عشر في بعض البلدان.
ويستحب أيضًا الإكثار من صيام شهر شعبان، اقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلم-. فقد قالت عائشة -رضي الله عنها-: ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استكمل صيام شهر قط، إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر منه صيامًا، في شعبان. رواه البخاري ومسلم. وفي لفظ مسلم: وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِنْ شَهْرٍ قَطُّ، أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا.
وعن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- قال: قلت: يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم. رواه أبو داود والنسائي، وحسنه الألباني.
فهذه الأحاديث تدل على الترغيب في صوم أكثر شعبان، ويشمل ذلك نصفه الأول والأخير، ولكن ورد حديث يفيد النهي عن الصيام في النصف الثاني من شعبان، وهو حديث: إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ، فَلَا تَصُومُوا. رواه الترمذي.
وبعض أهل العلم يرى أنه ضعيف، ومنهم من يرى أنه صحيح، فقد صححه الترمذي وابن حبان والحاكم والطحاوي وابن عبد البر. وضعفه ابن مهدي وأحمد وأبو زرعة والأثرم.
وجمع بعض أهل العلم بينه وبين الأحاديث الدالة على مشروعية صيام النصف الثاني من شعبان، فقال بعضهم: النهي إنما هو في حق من ليس له عادة بالصيام، وأما من كان له عادة- كمن يصوم الإثنين والخميس، وكمن يكثر من الصيام في شعبان عادة-، فإن النهي لا يشمله.
قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: وَأَمَّا ظَنُّ مُعَارَضَته بِالْأَحَادِيثِ الدَّالَّة عَلَى صِيَام شَعْبَان، فَلَا مُعَارَضَة بَيْنهمَا، وَإِنَّ تِلْكَ الْأَحَادِيث تَدُلّ عَلَى صَوْم نِصْفه مَعَ مَا قَبْله، وَعَلَى الصَّوْم الْمُعْتَاد فِي النِّصْف الثَّانِي، وَحَدِيث الْعَلَاء يَدُلّ عَلَى الْمَنْع مِنْ تَعَمُّد الصَّوْم بَعْد النِّصْف لَا لِعَادَةٍ، وَلَا مُضَافًا إِلَى مَا قَبْله. اهـ.
وقال الحافظ في الفتح: قال القرطبي: لا تعارض بين حديث النهي عن صوم نصف شعبان الثاني، والنهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين، وبين وصال شعبان برمضان. والجمع ممكن بأن يحمل النهي على من ليست له عادة بذلك، ويحمل الأمر على من له عادة، حملا للمخاطب بذلك على ملازمة عادة الخير حتى لا يقطع. انتهى ملخصا.
والأولى أن تفطر اليومين الأخيرين من شعبان؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه، فليصم ذلك اليوم. رواه البخاري.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلم ش ع ب ان صیام ا
إقرأ أيضاً:
صيام أم انتقام؟؟
شهر رمضان من أكثر الشهور الهجرية قداسة عند المسلمين نظرا لنزول القرآن في هذا الشهر المبارك، وفيه العشر الآواخر التي هي أفضل عشر ليالٍ للعبادة وخاصة ليلة القدر التي عظَّمَها الله وقال عنها {لَيْلَةُ القَدْرِ خَيرٌ مِنْ ألْفِ شَهْرٍ}، وصومه هو الركن الرابع من أركان الإسلام، وهو أيضا شهر التوبة والغفران وتلاوة القرآن وتكثيف العبادات والأعمال الخيرية والتقارب بين المسلمين، ويساعد الصيام من الناحية النفسية على ضبط النفس وتربيتها وتهذيبها والارتقاء بها عن الشهوات والمشاحنات واكتساب عادات حميدة والتخلص من العادات السيئة، ويساهم في نزع الحقد والكراهية بين البشر والإحساس بالفقراء والمحتاجين ومعاناتهم والإحسان إليهم والارتقاء بالأخلاق الإسلامية العظيمة.
ولكننا مع الأسف نجد أن البعض وهم قلة قليلة بإذن الله يمارسون عصبية مٌفرطة في نهار رمضان وهم صائمون خاصة عند الاختلاط بالآخرين في الأماكن العامة، ولا شك أن لهذه العصبية أسباب كثيرة من أهمها نقص الماء في الجسم والذي يؤثر على وظائف الدماغ، ونقص مستوى السكر في الجسم الذي ينعكس سلباً على مستوى الجلوكوز خلال فترة الصيام مع المجهود الذهني أو البدني الذي يُصَعِّب التركيز والقدرة على التعامل مع الضغوط للصائم ويسبب سرعة الانفعال والشعور بالقلق والتوتر، ناهيك عن الانقطاع عن المنبهات خلال الصيام كشرب الشاي والقهوة خاصة لمن تَعوَّد عليها في الأيام العادية لأن الكافيين يُعتبر من محفزات الجهاز العصبي للشعور بالنشاط والحيوية ويُعزز من إفراز الدوبامين الذي يمنح شعوراً بالراحة والسعادة، أما المدخنين فإن أبرز أسباب العصبية عند أغلبهم هي الانقطاع المفاجئ عن التدخين خلال فترة الصيام الذي يسبب نقص كمية النيكوتين التي اعتاد عليها الجسم في الأيام العادية، وأخيرا اضطراب عادات النوم في شهر رمضان بسبب السهر وعدم الحصول على قسط كافِ من النوم وتغيير إيقاع الساعة البيولوجية الطبيعية الذي يؤثر على الحالة المزاجية للصائم.
أما معلم البشرية ورسولنا الكريم مُحَمَّد عليه أفضل الصلاة والسلام فقد علَّمَنا كيفية التعامل مع هذه العصبية في نهار رمضان وأختصرها في حديث عظيم قال فيه عليه الصلاة والسلام “إذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ” (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.(
في هذا الحديث بدأ النبي عليه الصلاة والسلام بنهي الصائم عن الرفث وهو فحش الكلام، والصخب وهو الصياح والخصام، وذكر عليه الصلاة والسلام في حالة التَعدِّي ما يجب قوله “فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ” ليُوضح في آخر العبارة قمة الأدب في عدم الانتقام للنفس وتذكير الشاتم أو المقاتل بعظمة الصيام وفضله عند الله عز وجل، وأقسم بعدها بمالك نفس محمد -عليه الصلاة والسلام- والذي يملك جميع الأنفس بأن لخلوف فم الصائم وهي تغيير رائحة الفم بسبب الصيام أطيب وأزكى عند الله من ريح المسك وهو أطيب الروائح وأزكاها إشارة منه عليه الصلاة والسلام إلى أن رُتبة الصوم من أعلى المراتب على غيرها ولا تستحق من المسلم أن يفرط فيها بسبب مشاتمة أو مقاتلة وينتقم لنفسه فيها، فهل يختار المسلم لنفسه الصيام أم الانتقام؟ .