أكدوا لـ(البلاد) أنها مدخل للأرق.. مختصون يحذرون من تشتت الأفكار قبل النوم
تاريخ النشر: 15th, February 2024 GMT
جدة – ياسر خليل
أكد أطباء مختصين بمركز طب وبحوث النوم بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، أن من أسوأ العادات التي تعيق جودة النوم وتمهد للأرق ، هي إشغال الذهن والتفكير بأمور عديدة ومنها العمل قبل النوم، مشيرين إلى أن هذه العادة تجعل الفرد لا يتمتع بمراحل النوم الصحية، إذ يكون الفرد في حالة من الأرق والتقلبات النفسية.
يقول استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النوم مدير مركز طب وبحوث النوم بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، البروفيسور سراج عمر ولي: التفكير واشغال الذهن بأمور العمل قبل النوم يعتبر من أسوأ العادات التي قد ينتهجها البعض وخصوصًا الأشخاص الذين يعملون في مهن تتطلب منهم وضع خطط جديدة يوميًا في مهام أعمالهم، فهذا الأمر يعيق الدخول في مراحل النوم والتمتع بجودته الصحية، والأفضل أن ينهي الفرد كل ارتباطاته وخططه قبل ساعات من موعد النوم حتى تكون التهيئة للنوم بطريقة صحية.
وأضاف: هناك أمر آخر، إذ يكون إشغال الذهن من خلال استخدام الجوال، فمن أسوأ العادات اصطحاب الجوال إلى سرير النوم لمتابعة بعض الأمور المرتبطة بالعمل إلى آخر لحظات الدخول في النوم، فهذا الأمر يؤثر على النوم بشكل كبير بسبب الضوء الأزرق الساطع الخارج من شاشات الأجهزة، إذ يسبب للمخ حالة من الارتباك؛ فهذا الضوء له تأثير مشابه لتأثير ضوء الصباح الذي يحفز المخ على عدم إفراز هرمون الميلاتونين، وهو هرمون يحفز الجسم على النوم.
واختتم البروفيسور ولي حديثه بقوله: التفكير قبل النوم أو استخدام الجوال يترتب عليه استهلاك المزيد من الوقت ، وبالتالي فإن عدم حصول الإنسان على ساعات كافية من النوم بصورة يومية، له مضاعفات تنعكس سلباً على جودة العمل، والدراسة، وأداء الوظائف المعرفية الأخرى، لذا فإن نقص العدد المطلوب يومياً من ساعات النوم، يسبب ضعف الذاكرة، وقلة التركيز، وضبابية التفكير، والنعاس المُفرط أثناء ساعات النهار، مما يضعف إنتاجية الفرد وتدهور أدائه المهني، وهذا ينعكس سلباً على مقدّرات المجتمع ومستوى اقتصاده، فالأولى أن نبعد التفكير وإشغال الذهن من غرف النوم.
أما استشاري أمراض الصدرية واضطرابات النوم بمركز طب وبحوث النوم بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة الدكتور فارس الحجيلي فيقول: كثرة التفكير قبل النوم من أهم مسبِّبات الأرق الذي يعتبر من أكثر اضطرابات النوم شيوعاً، فمن الصعوبة أن نجد إنساناً لم يمرّ بتجربة الأرق في يوم من الأيام خلال فترة حياته، وتتعدد أنواع وأسباب الأرق، ويشمل الأرق أي مشكلة تتعلق بالشروع في النوم أو القدرة على الاستمرار فيه، وقد يسبب الأرق كثيراً من المشكلات، إذا كان من النوع المزمن، وتعد معرفة أسباب عدم النوم بشكل جيد والتفكير الزائد من الخطوات الأولى للعلاج، فعند معرفة السبب يمكن التوجه نحو العلاج، كونها تعد مرحلة تشخيص للحالة التي يمر بها الشخص، وهنا أولاً علينا أن نعلم فيما إذا كانت الحالة سببها عضوي أم لا، لذلك ينصح التوجه إلى الطبيب المختص لاستشارته من أجل معرفة فيما إذا كان السبب عضوياً أم لا.
وأضاف: عند حالات التفكير الزائد قبل النوم يجب الابتعاد عن السرير مع الأخذ بعين الاعتبار ألا تيشغل الفرد نفسه بأمور قد تجعله أكثر نشاطاً، مثل تصفح الإنترنت أو مشاهدة التلفاز؛ لتجنب استمرار السهر وصعوبة الرجوع إلى النوم، كما أن ممارسة تمارين الاسترخاء قبل الذهاب إلى النوم بساعة واحدة، مع عدم ممارسة أي عمل أو الانشغال بأي شيء، يساعد الفرد على النوم بسهولة دون تفكير زائد يسبب له القلق والتوتر.
وخلص د. الحجيلي إلى القول: هناك أسباب كثيرة تدعو الأفراد إلى كثرة التفكير قبل النوم، ومنها أن الدماغ يحاول استرجاع ما حدث عندما يكون الشخص على سريره، حيث إن كثيراً من الأشخاص يكون يومهم مزحوماً بالعديد من الأحداث وضغوطات الحياة، وخلال تلك الضغوطات لا يُفكر الإنسان كثيراً كونهُ يكون منشغلاً كثيراً بما بين يديه، لذلك عندما يأوي الشخص إلى فراشه يكون الجو ملائماً للتفكير، ويبدأ عندها التفكيرَ، لذا يتوجب عليه عدم اشغال الذهن بالتفكير وجعل النوم أولوية صحية مطلقة.
ويتفق الباحث في طب النوم بمركز طب وبحوث النوم بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة الدكتور عمر قصي قنبر مع الآراء السابقة ويقول: للأسف هذه مشكلة يعاني منها الكثيرون، فإشغال الذهن والتفكير في أمور عديدة قبل النوم يعني الدخول في مرحلة الأرق، والأفضل في هذه الحالة وإذا مضت 20 دقيقة على محاولة الخلود إلى النوم دون جدوى مغادرة السرير لأن مرحلة التفكير قبل النوم من أخطر الوسائل السلبية على الإنسان وصحته النفسية.
وأضاف: هناك بعض العادات السيئة التي تعيق الدخول في مراحل النوم الصحية ومنها: جدول نوم غير منتظم، قيلولة النهار غير المنتظمة، النوم في بيئة غير مناسبة، استخدام الهواتف الذكية أو مشاهدة التلفزيون أو اللعب بالألعاب الإلكترونية قبيل النوم، الإفراط بالطعام قبل النوم، الإفراط بتناول الكافيين والمنبهات، الإفراط بالتدخين.
وأكد د. قنبر في ختام حديثه أن فهم أسباب صعوبة النوم والتفكير الزائد والتخيل عند النوم يعتبر الخطوة الأولى في علاج حالة الأرق وصعوبة النوم، لذا يتوجب على الأشخاص الذين يعانون من هذه المشكلة ضرورة مراجعة الطبيب المختص لدراسة الحالة ووضع العلاج اللازم.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: الدخول فی
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي… أهو باب لمستقبل واعد أم مدخل إلى المجهول؟
في إحدى المناسبات الاجتماعية، وجدت نفسي طرفاً في نقاش محتدم حول الذكاء الإصطناعي. كان بعض الحاضرين يرونه المستقبل الحتمي، الذي لا مهرب منه، وأنه سيُحدث نقلة نوعية في حياتنا، جاعلاً إياها أكثر يسرًا وإنتاجًا. وعلى الضفة الأخرى، وقف من يراه تهديدًا داهمًا، وكابوسًا مقبلًا قد يعصف بوظائف البشر، وربما يُفضي إلى نهايات مأساوية لا تختلف كثيرًا عمّا تُصوّره أفلام الخيال العلمي. وبين هذين الرأيين، جلست متأملاً، أتساءل: ما الذي يدعو بعض الناس إلى هذا الخوف العميق من الذكاء الإصطناعي؟
طالعتُ مؤخرًا مقالًا تناول هذه المسألة بشيء من التحليل، وبيّن أن رفض الذكاء الإصطناعي لا يعود إلى الخشية من فقدان الوظائف فحسب، بل يمتد إلى أسباب نفسية أعمق وأبعد غورًا. ومن أبرز هذه الأسباب، أن الذكاء الإصطناعي بالنسبة للكثيرين لا يزال بمنزلة “الصندوق الأسود”؛ يُنجز أعمالًا مبهرة دون أن يُفصح عن كيفية اتخاذه لتلك القرارات أو الأسباب الكامنة خلفها. والبشر بطبيعتهم يميلون إلى الفهم والإدراك، فإذا واجهوا أنظمة تتخذ قرارات غامضة، دون تفسير بيّن، نشأ لديهم شعور بالتهديد. ولذا، فإن الثقة بتقنيات الذكاء الإصطناعي تزداد حين تكون قراراتها مفسّرة ومعلّلة، سيما إذا اقترنت بشروحات مقنعة تبيّن لماذا اختارت هذه النتيجة دون غيرها.
ثم أن ثمة عقبة أخرى، وهي أن الذكاء الإصطناعي يفتقر إلى المشاعر والعواطف. والناس بطبعهم يفضّلون التفاعل مع من يُظهر تعاطفًا وتفهّمًا لحالاتهم النفسية والانفعالية. من هنا، يبدو الرفض واضحًا لاستخدام هذه التقنيات في مجالات تتطلب لمسة إنسانية، كالعلاج النفسي أو تقديم المشورة في العلاقات الشخصية. إلا أن بعض الشركات تسعى لتجاوز هذه المعضلة، بمحاولة إضفاء مسحة إنسانية على الذكاء الإصطناعي، وذلك بمنحه أسماء مألوفة وأصواتًا ودودة، كما هو الحال مع “أليكسا” و”سيري”، مما يُسهّل على المستخدمين التفاعل معه وقبوله.
ومن بين الأسباب التي تُثير حفيظة البعض تجاه هذه التقنية، اعتقادهم بأنها جامدة لا تتغير، ولا تملك مرونة البشر في التعلّم من الأخطاء. فالإنسان، وإن أخطأ، يتعلّم ويطوّر أداءه، بينما يُنظر إلى الذكاء الإصطناعي على أنه آلة صمّاء، لا تعرف التراجع ولا التصحيح. غير أن الحقيقة أن كثيرًا من الأنظمة الذكية مصمّمة لتتعلّم وتتطور مع مرور الوقت، كما نرى في خوارزميات التوصيات لدى “نتفليكس”، التي تتحسّن كلما زاد تفاعل المستخدم معها.
أما أكثر ما يُثير الهلع، فهو الخوف من أن يبلغ الذكاء الإصطناعي حدّ الاستقلال التام، فيتّخذ قرارات دون تدخل بشري، مما يولّد شعورًا بفقدان السيطرة. لذا، ليس من الغريب أن نرى الكثير من الناس يتحفّظون على السيارات ذاتية القيادة، خشية أن تنقلب إلى “آلات مجنونة” تتحكّم في مصائرهم. والحل يكمن في إيجاد توازن دقيق، يُبقي الإنسان داخل دائرة القرار، ويمنحه شعورًا بأنه ما زال ممسكًا بزمام الأمور.
ومهما بلغ الذكاء الإصطناعي من تطوّر وتقدّم، فلن يكون بديلاً عن الإنسان، بل أداة في خدمته، تُعينه على تحسين حياته وتيسيرها. فالرهان الحقيقي لا يكمن في مقاومته أو رفضه، بل في إدراك كيفية التعامل معه بحكمة، بحيث يتحوّل إلى حليف لا خصم، وشريك لا خصيم.
jebadr@