تتمتع دول مجلس التعاون الخليجي بإمكانات تؤهلها لأن تصبح مُحركاً جديداً للنمو الاقتصادي العالمي، وذلك من خلال مواصلة تنويع الاقتصاد في حقبة التحوّل عن الاعتماد الرئيسي على النفط، بحسب ما أكده التقرير الحديث الذي نشرته شركة كي بي إم جي لوار جلف بالتعاون مع القمة العالمية للحكومات، ويتناول سُبل استفادة دول المجلس من مزايا تنوِيع الاقتصاد والمكاتب المركزية لإدارة المشاريع، بهدف تطوير القدرات والكفاءات وتعزيز التعاون فيما بينها.

ويؤكد التقرير، الصادر بعنوان “الاستفادة من سياسات تنويع الاقتصاد في دول مجلس التعاون الخليجي” أن التنويع الاقتصادي مهمة لا تخلو من التحديات، وتتطلب تحقيق تحول عملي في نظام تعامل الدول؛ ومن بينها دول مجلس التعاون، مع إدارة المشاريع.

ويدعو التقرير إلى بناء منظومة تَستثمر في قدرات القطاع الحكومي ورأس المال البشري، وكذلك تيسير الإجراءات والتركيز على المشروعات الاستراتيجية ذات المدى الزمني الطويل.

 

مستقبل اقتصادي متنوع

وقال إميليو بيرا، الرئيس التنفيذي والشريك الأول في شركة كي بي أم جي: تنويع اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي ضرورة ملحّة وفرصة واعدة، وبفضل الرؤية الحكيمة والسياسات الذكية والتركيز على التنمية المُستدامة في دول المجلس؛ فهي تمتلك اليوم القدرة على صياغة مستقبل اقتصادي جديد حيوي يتسم بالمرونة والتنوع، وذلك في انسجام تام مع التقدم العالمي اقتصاديا، وكما يؤكد تقرير كي بي إم جي والقمة العالمية للحكومات، فإن تنويع الاقتصاد مهمة جوهرية لتحقيق استقرار وازدهار اقتصادي دائم على المدى البعيد لدول الخليج.

 

فرص التنويع الاقتصادي

من جانبه، قال محمد يوسف الشرهان، مدير مؤسسة القمة العالمية للحكومات: للتقرير الذي تعاونت في نشره القمة العالمية للحكومات مع كي بي إم جي؛ إسهامٌ كبيرٌ في أبحاث التنويع الاقتصادي، الذي بدوره له أهمية بالغة في عالمنا اليوم، حيث تعمل الدول على تطوير استراتيجياتها الاقتصادية وتسعى إلى تحقيق مستقبل اقتصادي محايد مناخيا؛ وفي هذا المشهد الاقتصادي العالمي الجديد الذي يتشكل، نطمح إلى مساعدة الحكومات وصنّاع السياسات، وتزويدهم برؤى قيّمة حول التنويع الاقتصادي وما يحمله المستقبل من تحديات وفرص.

وتاريخياً، استفادت دول مجلس التعاون الخليجي من الاحتياطيات الهيدروكربونية الضخمة، ومع ذلك، وبفعل التغيرات في معطيات الطاقة العالمية والتركيز المتزايد على الاستدامة، يشهد موضوع الطاقة في العالم تطوراً ملحوظاً، ويشترك العديد من الدول في المجلس في رؤى استراتيجية وأجندات وطنية، مثل رؤية السعودية 2030، ورؤية عُمان 2040، وأجندة دبي الاقتصادية D33، ورؤية نحن الإمارات 2031، ومن المتوقع أن تسفر هذه الرؤى والأجندات عن تحويل اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي إلى محركات فعالة لتحقيق النمو والازدهار، اعتماداً على القدرات والمعارف.

 

دور مكاتب إدارة المشاريع

ويشير التقرير إلى أن دور المكاتب المركزية لإدارة المشاريع في دول مجلس التعاون الخليجي يكتسب أهمية متزايدة، مع انتقال المنطقة إلى عصر ما بعد الاعتماد على النفط، والسعي لتحقيق اقتصادات مستدامة ومتنوعة، وتلعب هذه المكاتب دوراً فعالاً في ضمان نجاح تنفيذ المشاريع الاستراتيجية في مختلف القطاعات، ولمشاركتها في هذه المبادرات أهمية بالغة لنجاح جهود دول المجلس.

وعلاوة على ذلك، تتأكد ضرورة تأسيس مكاتب مركزية لإدارة المشاريع، من خلال تصاعد أهمية وجود مستودعات مؤسسية للمعرفة، وتوفير التوجيه المركزي، والدعم، وضمان أفضل الممارسات، وتعزيز ثقافة التميز في إدارة المشاريع في جميع أنحاء المنطقة. وبفضل الاستعانة بالرؤى الوطنية المتاحة، تسهم مكاتب إدارة المشاريع في تحويل اقتصاد دول المجلس، وتساعد في صياغة مستقبل واعد وأكثر استدامة للمنطقة والعالم.

ووفقاً للدراسة، تفتح بدايات الثورة الصناعية الرابعة، التي تمتاز بتقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات وتكنولوجيا النانو، الباب نحو فرص واعدة عديدة، كما أنها تقدم نموذجاً جديداً للإنتاج، من خلال مرافق تصنيع حديثة ورقمية تستخدم أجهزة وآلات وأنظمة مترابطة بصورة فعالة لتحقيق إنتاجية وكفاءة لا مثيل لها. وبفضل إمكاناتها المالية وطموحها، فإن دول المجلس مؤهلة للمشاركة في الثورة الصناعية الرابعة وممارسة دور ريادي في عدد من قطاعاتها؛ ويؤدي استثمار الدول في الأبحاث، وتعزيز الشراكات مع شركات التكنولوجيا العالمية العملاقة، ودعم الشركات الناشئة المحلية في دول المجلس؛ إلى ريادة الابتكار التكنولوجي.

 

مساهمة القطاع الخاص

إضافة إلى ذلك، ينهض القطاع الخاص بدور حيوي في هذا السياق، وتعمل الحكومات على تهيئة بيئة مواتية للشركات الخاصة، بتخفيف القيود التنظيمية وتوفير حوافز للاستثمار، وتتجلى أهمية هذه التحولات في زيادة التنوع الاقتصادي، وتعزيز ثقافة الابتكار والمنافسة وترسيخ القدرة على إدارة الأزمات الاقتصادية.

وفيما يتحول العالم نحو المبادرات الخضراء والممارسات المستدامة، يكتسب التوجه الاستراتيجي لدول مجلس التعاون الخليجي نحو الطاقة النظيفة والاقتصادات الرقمية والتقنيات المبتكرة – أهمية أكبر، ومن خلال النماذج العالمية المشجعة التي تؤكد أهمية حماية الملكية الفكرية، وتعزيز القدرة التنافسية في السوق، وتَبَنِي سياسات التفكير المُستقبلي؛ تمهد دول المجلس السبيل إلى النمو الاقتصادي المتنوع والمستدام.وام


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

طرابلس تحتضن مباحثات مع تركيا لتعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري

في إطار تعزيز العلاقات الاقتصادية بين ليبيا وتركيا، استقبل وزير الاقتصاد والتجارة بحكومة الوحدة الوطنية، محمد الحويج، وزير التجارة التركي، عمر بولات، الذي وصل إلى العاصمة طرابلس على رأس وفد رفيع المستوى، ضم عددًا من المسؤولين الحكوميين ورجال الأعمال وممثلي الشركات التركية الناشطة في ليبيا.

وعُقد اجتماع موسع بين الجانبين بديوان وزارة الاقتصاد والتجارة، بحضور سهيل أبو شيحة، وكيل وزارة الاقتصاد والتجارة، وسعد حنيش، وكيل الوزارة، وعدد من مديري الإدارات والممثلين عن الجهات التابعة لوزارة الاقتصاد والتجارة، ومن الجانب التركي، حضر اللقاء نائب وزير التجارة مصطفى توزجو، والسفير التركي لدى ليبيا قوفين بيقيتيش، والنائبة بالبرلمان التركي روكين كيلرجين، إلى جانب عدد من كبار المسؤولين بوزارة التجارة التركية.

وتم خلال الاجتماع التأكيد على ضرورة تفعيل مذكرة التفاهم الموقعة في 13 أغسطس 2020، والتي تتضمن عدة محاور تتعلق بعودة الشركات التركية لاستكمال المشاريع المتوقفة، وتسوية المستحقات المالية العالقة، ودفع عجلة مشاريع البنية التحتية في ليبيا. كما شدد الطرفان على أهمية خلق مناخ استثماري مشترك يضمن تدفق رؤوس الأموال ويعزز ثقة الشركات الأجنبية، لا سيما التركية، في السوق الليبي.

وأكد الوزيران على ضرورة العمل المشترك لرفع مستوى التبادل التجاري بين البلدين ليصل إلى أكثر من 5 مليارات دولار سنويًا، من خلال إزالة العوائق أمام حركة السلع والخدمات، وتقديم التسهيلات الإدارية والجمركية للمنتجات الليبية المصدّرة إلى تركيا، ومنحها معاملة تفضيلية.

وعلى هامش الزيارة، عُقد اجتماع طاولة مستديرة ضم محمد الحويج، وزير الاقتصاد والتجارة، والوزير عمر بولات، والدكتور مصطفى المانع، مستشار رئيس الوزراء للمشروعات الاستراتيجية، والدكتور سهيل أبو شيحة، وكيل الوزارة، وأنور أبوستة، رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة طرابلس، وعددًا من رجال الأعمال الأتراك وممثلي الشركات التركية العاملة في ليبيا، حيث تم مناقشة التحديات التي تواجه الاستثمارات الأجنبية وسبل تجاوزها، إضافة إلى استعراض فرص التعاون المتاحة في مجالات الطاقة والبنية التحتية والإسكان والتجارة والصناعة.

وشدد الوزير التركي على الأهمية التاريخية للعلاقات الليبية– التركية، مشيرًا إلى أن مشاريع الإنشاءات التي نفذتها الشركات التركية في ليبيا منذ العام 1972 ساهمت في تعزيز مكانة تركيا عالميًا في قطاع المقاولات، وجعلتها تحتل المرتبة الثانية على مستوى العالم في هذا المجال. كما أكد التزام بلاده بالوقوف إلى جانب ليبيا في جهودها نحو إعادة الإعمار والتنمية.

واختتم اللقاء بالتأكيد على أهمية تسريع عقد اللجنة العليا الليبية– التركية المشتركة في أقرب وقت، برئاسة وزير الاقتصاد والتجارة الليبي محمد الحويج ووزير الطاقة التركي، لمتابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه وتوسيع مجالات التعاون الثنائي.

آخر تحديث: 1 مايو 2025 - 19:24

مقالات مشابهة

  • تأجيل القمة الثانية لدول مجلس التعاون الخليجي وآسيا الوسطى
  • “برلين” تتوقع جذب مزيد من السياح والزوار من دول مجلس التعاون الخليجي خلال العام الجاري
  • طرابلس تحتضن مباحثات مع تركيا لتعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري
  • مجلس جامعة الأقصر يقرر منح ترقيات لعدد من أعضاء هيئة التدريس
  • البديوي يؤكد أهمية القطاع الخاص في تعزيز جهود العمل الخليجي
  • عُمان تشارك في اجتماعات وزراء التجارة والصناعة بـ"دول المجلس"
  • المملكة تختتم مشاركتها في اجتماع لجنتي التعاون التجاري وشؤون التقييس بدول مجلس التعاون الخليجي في الكويت
  • أين وصل التعاون الاقتصادي بين أنقرة ودمشق؟
  • جامعة هيريوت وات ووكالة أورورا50 يصدران “تقرير مؤشر التنوع الجنساني في مجالس إدارات الشركات على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي لعام 2025”
  • بلدي شمال الشرقية يبحث المشاريع التنموية والخدمات العامة