سلط المحلل السياسي التركي، يوسف سلمان إينانج، الضوء على زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، للقاهرة، الأربعاء، بعد ما يقرب من عقد من العلاقات المتوترة مع مصر، مشيرا إلى أن كلا الزعيمين ينظر إلى الآخر كشخص غير مرغوب فيه.

وذكر إينانج، في مقال نشره موقع "ميدل إيست آي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن التوتر بين أردوغان والسيسي يرجع أساسًا إلى انقلاب الأخير على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر (محمد مرسي) عام 2013، لافتا إلى أن العلاقات بين القاهرة وأنقرة تحسنت منذ عام 2021 بعد فترة من الجهود الدبلوماسية وراء الكواليس.

 وظهر أول دليل على الانفراج في العلاقات الثنائية خلال بطولة كأس العالم في الدوحة عام 2022، عندما التقى أردوغان والسيسي لفترة وجيزة للمرة الأولى.

وفي أحدث علامة على تحسن كبير في العلاقات، قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، الأسبوع الماضي، إن تركيا قد تبيع طائرات مسيرة لمصر، مضيفا في مقابلة تلفزيونية: "لدينا اتفاق لتزويد (مصر) بطائرات مسيرة وتقنيات أخرى"، دون مزيد من التفاصيل.

وسافر فيدان، الذي قام بدبلوماسية مكوكية في المنطقة في أعقاب العدوان الإسرائيلي على غزة، إلى القاهرة، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والتقى بكبار المسؤولين المصريين، بما في ذلك السيسي.

وفي هذا الإطار، ينقل إينانج عن الأستاذ في جامعة الدفاع الوطني في تركيا، محمد أوزكان، أن الانفراج بين مصر وتركيا هو "تحول من العناد الاستراتيجي إلى العلاقات الاستراتيجية (..) فبعد الربيع العربي، كانت هناك قضايا معينة دافعت عنها تركيا ومصر بعناد. لكن الظروف المتغيرة تتسبب الآن في كسر هذا العناد نسبياً". وأضاف: "بالطبع، يبقى أن نرى مدى حيوية العلاقات بين البلدين".

وأشار أوزكان إلى أن فيدان يحاول تحسين العلاقات مع الدول الأخرى منذ تعيينه كجزء من سياسية خارجية بعد الانتخابات التركية الأخيرة، وفي هذا الإطار صدقت تركيا أخيرًا على طلب السويد للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، واتفقت مع الولايات المتحدة على بيع طائرات حربية من طراز F-16، وأجرت محادثات ثنائية مع اليونان، وعززت علاقاتها مع الإمارات وتركيا والسعودية.

وفي الوقت نفسه، اتخذت أنقرة عدداً من الخطوات للحد من وجود قادة جماعة الإخوان المسلمين في تركيا، وهو أحد أكبر مخاوف مصر، إذ توقفت قناة مكملين الفضائية، وهي قناة مناهضة للسيسي، عن البث من تركيا في عام 2021، وطُلب من بعض المنفيين البارزين في تركيا الحد من انتقاداتهم للنظام المصري.

عقد من التمزق

وحققت تركيا ومصر، اللتان كانت علاقتهما متوترة إلى حد ما خلال القرن الماضي، تقاربا كبيرا مع التوقيع على اتفاقية التجارة الحرة في عام 2005.

وبعد سنوات قليلة، أثناء وبعد الإطاحة بالرئيس المصري السابق، حسني مبارك، في عام 2011، قدمت أنقرة دعمها الكامل لخطوات التحول الديمقراطي في البلاد، وسافر أردوغان إلى القاهرة خلال فترة الحكومة الانتقالية واستقبل بحماس كبير.

وفي أعقاب انتخابات عام 2012، أصبح محمد مرسي، الذي كان آنذاك شخصية بارزة في جماعة الإخوان المسلمين، أول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر، وأدى فوزه إلى تعزيز العلاقات، ويرجع ذلك جزئيا إلى التقارب بين حزبه (الحرية والعدالة) وحزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان، وكلاهما له جذور إسلامية.

اقرأ أيضاً

مصر وتركيا.. عقد من الخلافات ينتهي بلقاء أردوغان والسيسي في القاهرة (إطار)

لكن رئاسة مرسي استمرت لمدة عام واحد فقط، لتصل العلاقات بين البلدين إلى نقطة الانهيار في عام 2013 عندما أطاح السيسي، وزير الدفاع آنذاك، بدعم من الإمارات والسعودية، بحكومة مرسي، وقتل أكثر من ألف متظاهر، وسجن عشرات الآلاف من المعارضين.

وحشدت حكومة السيسي وسائل الإعلام والشخصيات العامة ضد أردوغان ودعمه المزعوم لجماعة الإخوان المسلمين، التي حظرتها القاهرة بعد الانقلاب.

وإضافة لذلك، ظلت الخلافات بين مصر وتركيا حول عدد من القضايا الإقليمية، ولا سيما ليبيا والجرف القاري في شرق البحر الأبيض المتوسط، تشكل عقبات أمام إصلاح العلاقات.

العامل الإقليمي

وفي السياق، نقل إينانج عن رئيس مكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المركز الإيطالي للدراسات الدولية، جوزيبي دينتيس، أن الدول من الخليج إلى ليبيا، ومن السودان إلى إسرائيل وفلسطين، تتأثر بشكل مباشر بالتقارب في العلاقات بين مصر وتركيا، ففي العملية التي بدأت مع الربيع العربي، تبنت دول الخليج، باستثناء قطر، موقفا حمائيا للغاية ووضعت عقبات أمام التحركات الديمقراطية في العالم العربي.

وفي تونس، تم إخراج حركة النهضة، إحدى الحركات الأكثر رسوخًا في البلاد، من اللعبة السياسية بعد وصول قيس سعيد إلى السلطة، في حين استخدمت شخصيات، مثل الجنرال حميدتي في السودان وخليفة حفتر في ليبيا، قوة حكوماتهم غير الرسمية، وبالمثل وصل السيسي إلى السلطة بدعم مالي من الخليج، معتمداً على القوة الغاشمة للجيش.

وعلى عكس دول الخليج، دعمت تركيا الجهات الفاعلة الجديدة المنتخبة ديمقراطياً في هذه البلدان، بل دعمت عسكريا الحكومة المعترف بها دوليا ضد حفتر في ليبيا.

اقرأ أيضاً

قبل زيارة أردوغان.. تركيا توافق على تزويد مصر بطائرات مسيرة

لكن ذلك تغير خلال العقد الماضي، وبدأت كل من تركيا والخليج ومصر في تسوية القضايا المستعصية بينهما والتي تسبب التوترات، خاصة في ظل الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها كل منهما.

وفي المقابل، أعادت تركيا تأسيس علاقاتها مع الإمارات أيضًا في محاولة لجذب الاستثمارات من الدولة الخليجية الغنية بالنفط بعد سنوات من العلاقات المتوترة بسبب دعم تركيا للربيع العربي.

وقال دينتيس: "قد نشهد حقبة مثمرة جديدة بين البلدين، خاصة في ظل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الداخلية المشتركة"، واصفا زيارة أردوغان بأنها "فرصة لخطاب خفض التصعيد الإقليمي المستمر".

وأضاف: "من الواضح، من وجهة النظر المصرية، أن هذا الاختراق هو وضع إيجابي للغاية لأنه يمكن أن يوفر لها بعض الاستقرار في العديد من القضايا المحلية والإقليمية".

العدوان الإسرائيلي

ويعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، أحد أهم القضايا التي تؤثر على العلاقات التركية المصرية، خاصة بعدما أدى إلى مقتل أكثر من 28 ألف فلسطيني حتى الآن.

ويلجأ أكثر من 1.4 مليون فلسطيني إلى مدينة رفح، في أقصى جنوب قطاع غزة، بعد تهجير معظمهم من شمال ووسط القطاع خلال الأعمال القتالية. وتهدد الحكومة الإسرائيلية أيضًا بغزو بري للمدينة، وهو ما تعتبره مصر تصعيدًا كبيرًا.

ومنذ اليوم الأول للعدوان، كان المسؤولون الإسرائيليون يناقشون إمكانية إخلاء غزة ونقل الفلسطينيين إلى سيناء، عبر الحدود من رفح، ورفض الجانب المصري بشدة هذا الاقتراح وهو عاجز تماما في مواجهة الأزمة الإنسانية التي تتكشف في الجوار. وفي الأسبوع الماضي، بدأت إسرائيل أيضًا باستهداف الفلسطينيين في رفح، على بعد أمتار قليلة من مصر.

ووفقاً لأوزكان، فقد أدركت الدول الإقليمية الفاعلة، بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن هناك "حاجة للتواصل"، مضيفا: "حتمًا، تم فتح مساحة تواصل. ولذلك، تسارعت عملية التطبيع في العلاقات التركية المصرية".

ومع ذلك، يتوقع أوزكان أن تظل القاهرة وأنقرة حذرتين خلال استعادة علاقاتهما، "فهناك أزمة ثقة خطيرة تطورت على مدى السنوات العشر الماضية، ويبذل الجانبان جهودا للتغلب عليها".

ويرى أوزكان أن "موافقة تركيا على تزويد مصر بمعدات الصناعة الدفاعية وحتى التكنولوجيا هي جزء من محاولة لكسر انعدام الثقة بينهما".

فيما قال دينتيس إن الإرادة السياسية هي عامل رئيسي في التقارب بين مصر وتركيا، مضيفا: "سيعتمد جزء كبير من إعادة الضبط المحتملة على مستوى القيادة لحل النقاط الحاسمة: الملف الليبي؛ الطاقة والاستكشاف في شرق البحر الأبيض المتوسط، وقضية الإخوان المسلمين".

اقرأ أيضاً

مصر وتركيا.. توقعات بزيادة حجم التبادل التجاري إلى 10 مليارات دولار الفترة المقبلة

المصدر | ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: تركيا مصر عبدالفتاح السيسي رجب طيب أردوغان هاكان فيدان محمد مرسي الإخوان المسلمين الإخوان المسلمین بین مصر وترکیا العلاقات بین فی العلاقات فی عام

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية: مصر وتركيا يجمعهما تاريخ مشترك من الأخوة منذ وقت طويل

أعرب بدر عبدالعاطي، وزير الخارجية والهجرة، عن خالص سعادته بزيارة لدولة تركيا الصديقة ولقاء الرئيس رجب طيب أردوغان، فضلا عن إجراء مشاورات معمقة مع نظيره التركي حول مختلف القضايا الإقليمية والثنائية والدولية التي تهم البلدين.

«الوكيل» يبحث سبل تعزيز التعاون بين مصر وتركيا صاحب الثلاث جنسيات.. من هوعبدالرحمن القرضاوي المطلوب في مصر وتركيا والإمارات؟ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وتركيا

وأضاف «عبدالعاطي»، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التركي عبر فضائية القاهرة الإخبارية: «تتزامن هذه الزيارة الأولى له بصفته وزير خارجية مصر مع احتفال البلدين بهذا العام بمرور 100 عام على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وتركيا اللذان يجمعهما تاريخ مشترك وأواصر من الأخوة والعمل المشترك منذ وقت طويل، والدليل على ذلك توقيع الدولتين معاهدات كثيرة في مقدمتها معاهدة قادش عام 1269 قبل الميلاد كأول معاهدة تاريخية للسلام وترسيخ مفهوم التعايش السلمي».

تعزيز العلاقات الثنائية

وأكد أن الامتداد التاريخي الطويل بين البلدين يسهم في دفع تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وتركيا، والتفاهم حول العديد من القضايا الإقليمية والدولية التي تهم البلدين، وهو ما تبلور مؤخرا في تدشين المجلس الاستراتيجي المشترك رفيع المستوى برئاسة الرئيس السيسي ونظيره التركي رجب طيب أردوغان.

وعلى صعيد متصل أبدى هاكان فيدان، وزير الخارجية التركي، موقفاً داعماً لمصر في جهود إتمام تنفيذ بنود اتفاق إنهاء الحرب على غزة. 

وقال فيدان، في تصريحاتٍ صحفية، :" تهجير الفلسطينيين سيؤثر على السلام بالمنطقة، أرسلنا 97 ألف طن مساعدات إلى غزة منذ بداية الأزمة".

وأضاف :" يجب منع نتنياهو من تنفيذ سياسة التطهير العرقي في غزة،  وحماس لا تتردد بشأن تحقيق شروط اتفاق وقف إطلاق النار".

وأكمل :"نأمل استدامة وقف إطلاق النار بقطاع غزة".

وعبّر فيدان عن موقف تركيا الداعم لجمهورية مصر العربية قائلاً :" مصر تتولي دورا مهما في إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة".

وأضاف :" نشكر مصر على دورها ومساعيها لتحقيق وقف إطلاق النار بغزة" 

وأكمل وزير الخارجية التركي :"نقف ضد كل تدخل يهدف إلى إخراج الفلسطينيين من أرضهم".

بنود اتفاقٍ وقف إطلاق النار على غزة

أولا: انسحاب القوات الإسرائيلية

ستقوم قوات الجيش الإسرائيلي بالانسحاب بشكل كامل من كافة مناطق قطاع غزة، بما في ذلك محوري نتساريم وفيلادلفيا، على عدة مراحل.

ثانيا: فتح المعابر

سيتم فتح معبر رفح بشكل كامل لضمان حركة البضائع والمساعدات الإنسانية.

سيتم إدخال 600 شاحنة مساعدات يوميا وفق بروتوكول إنساني ترعاه دولة قطر.

ثالثا: إغاثة وإيواء المتضررين

سيتم إدخال 200 ألف خيمة و60 ألف كرفان لتوفير الإيواء العاجل.
سيتم إعادة تأهيل المستشفيات في القطاع وإدخال فرق طبية وجراحية ومشافي ميدانية.

رابعا: الإفراج عن الأسرى

سيجري تبادل أسرى يشمل الإفراج عن 1000 أسير فلسطيني، بينهم نساء وأطفال دون سن 19.

سيتم تسليم 33 أسيرا إسرائيليا بين أحياء وجثامين، على أن يتم استكمال التفاوض في مراحل لاحقة لتسليم بقية الأسرى.

خامسا: عودة النازحين وحرية الحركة

سيجري عودة النازحين إلى مناطق سكناهم في شمال وجنوب القطاع دون تفتيش، وضمان حرية التنقل بين المناطق.

سيجري الانسحاب التدريجي من المناطق المحتلة في قطاع غزة.

سادسا: وقف الطلعات الجوية

ستتوقف الطلعات الجوية ويغيب الطيران الإسرائيلي عن أجواء القطاع بين 8 إلى 10 ساعات يوميا.

سابعا: المرحلة التنفيذية

سيجري تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق على مدى 6 أسابيع، تليها المرحلتان الثانية والثالثة لاستكمال البنود المتفق عليها.


ثامنا: إعادة تأهيل المناطق المتضررة

تأهيل المستشفيات والبنى التحتية الأساسية لضمان تقديم الخدمات للسكان.

مقالات مشابهة

  • حيثيات إعدام عامل قتل شخصا بسبب خلافات زوجية فى أبو النمرس
  • اتحاد الكرة يعقد مؤتمرا صحفيا بمناسبة زيارة مسئول فيفا للقاهرة
  • أردوغان: زيارة الرئيس السوري “تاريخية”.. ونرغب في تطوير التعاون ورفع العلاقات إلى مستوى إستراتيجي
  • غزة وسوريا والعلاقات الثنائية| تفاصيل زيارة وزير الخارجية إلى تركيا
  • أردوغان: زيارة الرئيس السوري الانتقالي إلى تركيا.. تاريخية
  • أردوغان: زيارة أحمد الشرع إلى تركيا “تاريخية”
  • الشرع: الشعب السوري لن ينسى وقفة تركيا معه والمرحلة المقبلة تشهد تحولًا في العلاقات
  • مصر وتركيا تؤكدان في بيان مشترك رفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم
  • وزير الخارجية: مصر وتركيا يجمعهما تاريخ مشترك من الأخوة منذ وقت طويل
  • رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع يتوجه إلى تركيا في زيارةٍ رسميةٍ يلتقي خلالها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان