الأزمة الاقتصادية صعبة لكن مصر ليست لبنان
تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT
قبل أيام خفض صندوق النقد الدولى توقعاته لمعدل النمو فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 2.9 فى المئة بسبب تداعيات الحرب الوحشية التى تشنها إسرائيل على غزة.
وذكرت كريستالينا جورجييفا مديرة الصندوق أن اقتصاديات الدول المجاورة لإسرائيل والأراضى الفلسطينية تأثرت بقوة جراء الحرب، وهو ما ضاعف التحديات أمام الاقتصادات التى كانت ماتزال تتعافى من صدمات سابقة.
والحقيقة، فإن مصر كانت من أكثر الدول تأثرا بالحرب، حيث تراجعت عائدات السياحة بقوة، وانخفضت عائدات قناة السويس إلى مستويات متدنية، نتيجة التوتر والاضطرابات، وهو ما أثر بشكل مباشر وقوى على العملة الصعبة، ليرتفع معدل التضخم إلى مستويات قياسية.
ولنا أن نتخيل الوضع العام للاقتصاد المصرى لو لم تندلع الحرب الإسرائيلية على غزة.
فرغم التباطؤ فى نمو بعض الأنشطة خلال العام الماضي، إلا أن الاصلاحات الاقتصادية التى تسارعت فى الآونة الأخيرة كادت أن تحقق استقرارا نسبيا، خاصة مع انتعاش قطاع السياحة، وتحسن معدل الاستثمار الأجنبى طفيفا مع الرخصة الذهبية، وتشجع أصحاب رؤوس أموال عربية للاستثمار فى مصر.
ولم يكن غريبا قبل عام أن يبلغ معدل النمو المتوقع للعام المالى الحالى 4.2 فى المئة، غير أن تبعات الحرب انخفضت به إلى 3.5 فى المئة. لذا فقد كنت قلقا من اندلاع الحرب فى أكتوبر الماضي، وكتبت فى مقال لى هنا فى المكان ذاته، إن الآثار السلبية للحرب ستكون وخيمة وموجعة.
ويعنى ذلك أن الأمور لم تكن شديدة السوء إن لم تقم الحرب، وأن متغيرا خارجيا هو الذى أثر بشكل واضح فى تصاعد الأزمة. ويعنى أيضا استبعاد تام لما يردده البعض من اقتراب الوضع الاقتصادى فى مصر من مثيله فى لبنان، ذلك لأن هناك فوارق كبيرة يدركها كل ملم بالاقتصاد تجعل مصر بعيدة كل البعد عن هذا التشبيه. وأول هذه الفوارق هو تنوع الأنشطة والموارد الاقتصادية، فمصر لديها سياحة متعددة الأغراض، ومجرى مائى عظيم وحيوى هو قناة السويس، وقاعدة صلبة من الانتاج والتصدير، فضلا عن ريادة وسبق فى مجالات الطاقة المتجددة وتكنولوجيا المعلومات بينما يعتمد الاقتصاد اللبنانى بالدرجة الأولى على تحويلات المهاجرين والعاملين بالخارج.
كذلك، فإن الاستقرار السياسى المتحقق فى مصر يميزها عن لبنان، خاصة فى ظل وجود مؤسسات منظمة وقوانين واضحة ومنظومة عمل محددة وكوادر إدارية وخبراء يمكن من خلالهم افتراض السيناريوهات واقتراح الحلول والعمل على تفعيلها.
يضاف لذلك أن حجم المشروعات التنموية الكبير الذى تم إنجازه خلال السنوات الأخيرة فى مختلف أنحاء مصر، أتاح للمستثمرين الأجانب والعرب فرصا لم تكن متاحة من قبل، وأولد أفكارا جديدة بشأن مشروعات عملاقة.
فضلا عن ذلك، فإن وضع مصر السياسى يجعلها قادرة على التفاوض بشكل واضح لتحقيق الاستقرار والسلام فى المنطقة وهو ما يمنحها إطارا تفاوضيا مميزا على الساحة الدولية.
إننى أثق فى القيادة السياسية للدولة المصرية، وفى تفانيها لبذل كل جهد لتحسين أحوال المصريين، وأؤمن أن كل أزمة مُعلمة، وكل تراجع يلحقه تقدم.
وسلام على الأمة المصرية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: هانى سرى الدين الازمة الاقتصادية صندوق النقد الدولي منطقة الشرق الأوسط اقتصاديات الدول الحرب الإسرائيلية على غزة
إقرأ أيضاً:
مدير «العربي للدراسات»: لا يمكن حسم مستقبل الأزمة الأوكرانية مع قدوم رئيس جديد
قال الدكتور محمد صادق إسماعيل، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية ومدير المركز العربى للدراسات السياسية والاستراتيجية، إنه لا يمكن حسم مستقبل الأزمة الروسية الأوكرانية مع قدوم رئيس جديد، خصوصاً فى ظل موقف ثنائى من الحزبين الجمهورى والديمقراطى، إذ يدعم الديمقراطى ومرشحته كامالا هاريس الدعم المالى والمادى لأوكرانيا، بينما يرفض «ترامب» إخراج الأموال ما يجعل مصير الأزمة على موائد المفاوضات.
وأضاف «إسماعيل»، فى حواره لـ«الوطن»، أنه لا يعتقد أنه سيكون هناك فارق كبير بين دونالد ترامب وكامالا هارس فيما يتعلق بالدعم الأمريكى لإسرائيل، ومستقبل القضية الفلسطينية.. وإلى نص الحوار:
فى رأيك.. كيف تؤثر الانتخابات الأمريكية على خريطة الحروب فى العالم؟
- أظن أن الانتخابات الأمريكية من شأنها إحداث نوع من التغير الطفيف فى بعض الأمور، والمتوسط فى أمور أخرى، وثبات فى بعض القضايا، فمثلاً فى علاقتها مع الصين ستستمر السياسة الديمقراطية فى عهد الرئيس الأمريكى الحالى جو بايدن، الذى أطلق على الصين عام 2021 عدواً مباشراً للولايات المتحدة، وبالتالى حال فوز كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية، ستستمر نفس السياسات، لكن ليس من الناحية العسكرية أو الأمنية، بمعنى أنه لا توجد حرب أمنية أو عسكرية بين الطرفين، فالحرب اقتصادية.
ماذا عن السياسات الأمريكية تجاه الصين حال فوز الجمهورى دونالد ترامب؟
- فيما يتعلق بفوز دونالد ترامب أعتقد أن الموضوع سيكون أكثر حدة ما بين الطرفين الأمريكى والصينى، خصوصاً أن «ترامب» أعلن أنه سيفرض العديد من الضرائب والغرامات على بعض الشركات وبعض البضائع الصينية، ما سيكون له تداعيات على الاقتصاد الأمريكى بل والعالمى.
ما توقعاتك للتعامل الأمريكى مع الجانب الروسى؟
- فيما يتعلق بالجانب الروسى أعتقد أن «ترامب» سيسعى إلى إنهاء الحرب، لأنه من المعلوم أن سياسته هى دخول الأموال إلى الولايات المتحدة الأمريكية وليس الخروج منها، وجو بايدن خلال الأربع سنوات الماضية أنفق مليارات الدولارات على الدعم اللوجيستى والعسكرى وأيضاً المالى لأوكرانيا، ولكن «ترامب» لن يقدم أموالاً، ربما يدعم سياسياً وليس اقتصادياً أو حتى عسكرياً، وبالتالى طبعاً سيسعى إلى إنهاء هذه الحرب أو حتى على الأقل تهدئة حدتها، مما يعنى أنه فى هذا المحور سيكون هناك تغير واضح فى السياسات الجمهورية عن الديمقراطية، خصوصاً أنه يريد أيضاً تدشين صفقة مع روسيا يُنهى بها هذه الحرب.
كيف ترى تأثير الانتخابات الأمريكية على الشرق الأوسط أو الصراع فى المنطقة؟
- لا أعتقد أنه سيكون هناك فارق كبير بين دونالد ترامب وكامالا هاريس فيما يتعلق بالدعم الأمريكى لإسرائيل، رغم أنه من المعلوم أن الدعم الأمريكى فى عهد جو بايدن كان مباشراً لإسرائيل منذ 7 أكتوبر، إذ قدَّمت الولايات المتحدة كل شىء لإسرائيل ودعمتها سياسياً خلال المواقف السياسية الخاصة بمجلس الأمن واستخدام حق الفيتو 5 مرات لحماية إسرائيل، إضافة إلى مواصلة دعمها سياسياً وعسكرياً بإمدادات لوجيستية عسكرية، وأيضاً أسلحة، فضلاً عن تدشين جسر جوى مع الجانب الإسرائيلى وتدشين أسلحة ومعدات وما إلى ذلك، وكلها أمور تشير إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تقصر مع إسرائيل فى حربها لإبادة الشعب الفلسطينى وجنوب لبنان، وبالتالى هى شريك رئيسى فى هذه الجريمة النكراء فى حق العرب.
كيف ترى مستقبل الأزمة الروسية - الأوكرانية فى ظل الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟
- لا يمكن حسم مستقبل الأزمة الروسية - الأوكرانية مع قدوم رئيس جديد، بمعنى أنه فى حال فوز كامالا هاريس ستستمر السياسات على نفس الشاكلة، وسيستمر الدعم الأمريكى المقدم لأوكرانيا، وبالتالى تستمر هذه الحرب بما تحمله من كوارث على الاقتصاد العالمى والدول الأوروبية، لأن الأخيرة أيضاً عانت خلال هذه الحرب من مشاكل كثيرة، فى ظل إنفاق مليارات الدولارات خارج الدول الأوروبية، إنما فى حال فوز «ترامب» فمن المتوقع أن يتوقف الدعم المالى لأوكرانيا، وبالتالى سيكون الاعتماد كله على الدول الأوروبية، وفى هذه الحالة سيجدون أنفسهم أمام خيارين إما أن تقوم أوروبا بالدورين الأمريكى والأوروبى فى دعم أوكرانيا، وإما أن تقلص أيضاً أوروبا الدعم السخى الذى كان يقدَّم لأوكرانيا، وفى هذه الحالة لن يكون هناك حل إلا الجلوس على موائد المفاوضات، والبحث عن مستقبل جيد لمسألة تدشين تسوية سياسية.