السلطة تهين من يقبض عليها ويتشبس بها، ويغفل عن قوانين الزمن وسنن ونواميس الحياة التى تطوى كل شىء أمامها، والرئيس الأمريكى جو بايدن بات مقالًا بالغ الدلالة لهذه القاعدة، بعد أن تحول إلى - ترند - الاعلام والسوشيال ميديا ووسائل التواصل الاجتماعى بسبب هفواته وذلات لسانه التى تكررت فى الفترة الأخيرة، وجعلته مادة للسخرية والفكاهة، وعلى جانب آخر أثارت حفيظة كثير من ساسة العالم باعتباره رئيس أكبر دولة، ومثل هذه الهفوات لها دلالات وآثار - أيضاً باتت حالة الرئيس الأمريكى مثار جدل كبير فى الرأى العام الأمريكى فى ظل تأكيد الأطباء أن حالة بايدن الذهنية مسار شكوك ولا تؤهله لفترة رئاسية ثانية وفى ظل تقدمه بالعمر وبلوغه الثانية والثمانين، وفى آخر استطلاعات للرأى، أكد 70٪ من الأمريكيين عدم رغبتهم فى استمرار بايدن، وجاء رفض الشريحة الأكبر من هذا الاستطلاع بسبب سن بايدن وحالته الذهنية، وهو أمر تلقفه واستغله منافسه دونالد ترمب، وقال إن بايدن استدعى روح الرئيس الفرنسى فرانسوا ميتران الذى توفى قبل حوالى ثلاثين عامًا، وتحدث معه بشأن الأحداث الجارية الآن فى إشارة إلى واحدة من سقطات بايدن.
آخر تخاريف بايدن الأسبوع الماضى كان حديثه عن الحرب الإسرئيلية على غزة، وادعاءه بالحرص على أبناء غزة وممارسة الضغوط من أجل دخول المساعدات عبر معبر رفح، بعد مطالبة الرئيس المكسيكى عبدالفتاح السيسى بفتح المعبر.. والحقيقة أن حالة الخرف التى يعيشها بايدن ليست بجديدة، وإن كانت هذه الواقعة تحديدًا تكشف عن النوايا الأمريكية الإسرائيلية تجاه معبر رفح وتهجير الفلسطينيين من أرضهم إلى سيناء عبر هذا المنفذ، وهو أمر رفضته مصر بشكل قاطع منذ بداية الحرب، على اعتبار أنه يؤدى إلى تصفية القضية الفلسطينية ويشكل خطورة على الأمن القومى المصرى والسيادة المصرية على سيناء، والمؤكد أن رفض مصر القاطع لفتح المعبر فى بداية الحرب بهدف خروج المدنيين الأمريكيين والأوروبيين وغيرهم من الجنسيات الأجنبية، إلا بشرط دخول المساعدات لأبناء الشعب الفلسطينى أمر بات عالقًا فى ذهن الرئيس الأمريكى.. وعندما يستدعى بايدن هذا الموقف الآن، فهو أمر ليس بجديد فى ظل حالته الذهنية وذلاته المتكررة التى باتت جزءًا منه وتتكرر فى كل جولاته الانتخابية التى يتعرض فيها لانتقادات كبيرة بسبب استمرار الحرب على غزة وعملية الإبادة الجماعية التى تطال أطفال غزة فى أبشع صورة عرفتها البشرية، دون أن يحرك الرئيس الأمريكى ساكنًا حتى لا يفقد دعم اللوبى الصهيونى فى معركته.
الحقيقة أن انفصال بايدن عن الواقع لم يعد محل شك فى ظل جرائم الحرب وعملية الابادة الجماعية والمشاهد المروعة لأشلاء الأطفال التى وثقتها وسائل الاعلام والمنظمات الدولية، وباتت تشكل وصمة عار فى جبين الولايات المتحدة الأمريكية، ولم يجد الرئيس الأمريكى بايدن ما يقوله عن هذه الجريمة التى تشارك فيها بلاده، فذهب إلى الحديث عن ممارسة ضغوط من أجل ادخال المساعدات فى التفاف على الانتقادات الشديدة والاتهامات الموجهة إليه لدعمه فى استمرار هذه الحرب القذرة، بعد أن باءت محاولات مجلس الأمن بالفشل فى كل اجتماعاته منذ اندلاع هذه الحرب بسبب استخدام الولايات المتحدة حق النقض - الفيتو - فى مواجهة كل مشاريع قرارات وقف الحرب، والكل يعلم أن هذا الموقف العنصرى يأتى نتيجة التحدى الانتخابى الصعب الذى يواجهه بايدن، وسعى إدارته لاستمراره فى ولاية ثانية بكل السبل ومن خلال كسب اللوبى الصهيونى اليهودى.. وكلنا يذكر زيارة وزير الخارجية الأمريكى بلينكن إلى إسرائيل التى أعلن فيها أنه حضر بصفته يهوديًا، وهو أمر استغله رئيس الوزراء الإسرائيلى المتطرف نتنياهو للقضاء على أكبر عدد من الفلسطينيين، خاصة أنه يعى تمامًا أن توقف الحرب يعنى نهايته السياسية ومحاكمته وسجنه.
حفظ الله مصر
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: بايدن صواريخ السلطة قوانين الزمن الرئیس الأمریکى
إقرأ أيضاً:
هذه أزمة أكبر من حكومة
هذه #أزمة #أكبر #من_حكومة _ #ماهر_أبوطير
خسر آلاف الأردنيين وظائفهم بعد المقاطعة التي جاءت على خلفية الحرب على غزة، وهي مقاطعة يواصلها كثيرون حتى مع توقف الحرب، بعد التصنيف السياسي والشعبي.
مع هؤلاء خسارة وظائف بسبب تعليق الدعم الأميركي من خلال الوكالة الأميركية للتنمية USAID، وهو دعم معلق لمدة ثلاثة أشهر، وقد يستمر وقد لا يستمر، في قطاعات تنموية ترتبط بالتعليم والصحة وغيرها من قطاعات، ولا أحد يعرف ماذا سيحدث هل سيواصل هؤلاء أعمالهم في المشاريع لعل الدعم يعود، وإذا عاد بعد ثلاثة أشهر هل سيحصلون على رواتبهم عن فترة التوقف، أم سيتم إنهاء أعمالهم، منذ هذه الأيام، لأن تعاقدهم الأساسي هو مع الوكالة وليس مع الحكومة الأردنية، مثلما أن هناك أعدادا تعمل مع مؤسسات المجتمع المدني، التي بدأ بعضها بإغلاق الوظائف بعد تلقيهم ايميلات تجفيف الدعم.
يضاف إلى ما سبق خسارة وظائف بسبب أضرار قطاع السياحة، وتراجعها بشكل حاد، وإغلاق منشآت سياحية، وكل هذا بسبب الحرب وتأثيرها على الشرق الأوسط عموما، يضاف إلى ما سبق إنهاء وظائف بسبب رفع الحكومة الحد الأدنى للأجور، وهي خطوة حميدة لكن بعض القطاع الخاص في الأردن لم يعجبه الأمر، فقرر التخلص من بعض موظفيه، حتى يتمكن من تأمين زيادة الثلاثين دينارا، لبقية موظفيه، إذا التزم بالتعديل أصلا.
مقالات ذات صلة الإسراء والمعراج 2025/01/28الذي تفهمه مبدئيا أننا في الأردن نشهد خسارة للوظائف المفتوحة، ولا نشهد توليدا لوظائف جديدة، وهذا يعني أن هناك أزمة كامنة في تجاوب القطاع الخاص عموما مع كل الظروف التي استجدت علينا، سواء ما تسببت به الحرب، أو ما عشناه أساسا قبل الحرب من بطالة وفقر وتدفق الخريجين، أو انخفاض الأجور، أو كساد بعض القطاعات، وتراجعها ماليا.
هذه أزمة أكبر من حكومة، ومن رئيس حكومة، ومن وزير، ومن مجرد الكلام والصراخ تحت قبة البرلمان، وهي الأزمة التي لا يمكن التهوين منها حين يكون بيننا مئات آلاف الخريجين بلا عمل، بل وينضم إليهم عاطلون جدد كانوا يعملون أساسا، وخسروا أعمالهم بسبب الظرف الإقليمي، أو بسبب التراجعات الاقتصادية، أو حتى إرهاق القطاع الخاص بالضرائب والرسوم وتغير السياسات الاقتصادية كل فترة، والتقلب في التوجهات.
القصة هنا ليست قصة إدانة أحد، لكن لا يعقل أن نواصل التفرج هكذا، على كل المشهد، لأن الأزمة تتضاعف يوما بعد يوم، وهنا لا بد أن يقال إن المراهنة مثلا على عودة السوريين إلى بلادهم، قد تكون مراهنة صحيحة جزئيا، وستؤدي إلى الاستبدال في العاملين، وتشغيل الأردنيين، لكن من جهة ثانية يجب أن نقر أن العمالة السورية لم تنافس العمالة الأردنية أصلا، ونافست العمالة المصرية في قطاعات كثيرة، وقياس أثر عودة السوريين يجب أن يكون دقيقا، لأنهم مثلما كانوا ينافسون ويعملون، فإن عودتهم أيضا ستؤدي إلى خفض الإيجارات، وتراجع الاستيراد، وتأثر التجار الذين توسعت أعمالهم بسبب نشوء كتلة اجتماعية جديدة تتجاوز الملبون وثلاثمائة إنسان ينفقون ويتحركون ويعيشون أيضا.
أزمتنا في الموارد البشرية أزمة طاحنة، وهي أزمة توجب التخلص من محددات التعامل معها، لأننا لا يمكن أن نستمر بذات المعالجة، والحديث فقط عن أزمات الإقليم واتهامها بكونها السبب وراء كل شيء، خصوصا، أن مشاكلنا سبقت أزمات الإقليم، ولم تبدأ فقط من زمن الثورة السورية، أو حرب غزة، أو أي حرب مقبلة على الطريق في هذا المشرق.
علينا أن نجد حلا جذريا لمئات آلاف الأردنيين الذين لا يعملون، أو يعملون بأجور منخفضة حتى لا نكون أمام أزمة اجتماعية حادة تزيد الجريمة، وتعصف بالقيم حين يسود الجوع والحرمان، مثلما علينا أيضا أن نعزز الاستدارة إلى الداخل الأردني وشؤونه، حتى لا نبقى في حالة ركون إلى المسببات المعلنة، أي ظرف الإقليم، فيما بيوت الأردنيين تعاني بشدة، وهي مهمة أساسية، لا بد من أن نجد حلا لها، خصوصا، مع تعقيدات الحياة، وحتى الظرف الإقليمي، بما يعنيه من نماذج تطل برأسها علينا في ظل بيئة داخلية مرهقة ومتعبة جدا.
الغد