اهتمام دولي وتركي بقمة «السيسي - أردوغان».. ووسائل الإعلام: تحول جديد في الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT
«BBC»: «أردوغان» فى زيارة تاريخية.. و«رويترز»: المباحثات تشمل الأوضاع فى غزة.. و«Breaking BNN»: تكتب فصلاً جديداً فى العلاقات بين البلدين
سلطت الصحافة ووسائل الإعلام الدولية والتركية الضوء على زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان لمصر، مؤكدة أن جدول أعمال الزيارة يضم ملفات مهمة من المقرر أن يناقشها الزعيمان المصرى والتركى، وفى مقدمتها الحرب على غزة، كما تطرقت بعض الصحف إلى استعراض أسباب وأهمية الزيارة، بجانب عودة العلاقات المصرية التركية إلى مسارها الطبيعى، فى سياق التطورات الإقليمية والدولية المتلاحقة.
ونشرت «رويترز» تقريراً بعنوان «أردوغان يقول إن غزة ستكون على رأس جدول أعمال المحادثات مع السيسى»، وأبرزت تصريحات الرئيس التركى بشأن غزة خلال كلمته التى بثها التليفزيون بعد أن ترأس اجتماعاً لمجلس الوزراء، الاثنين الماضى، حيث أوضح أن الهجوم الإسرائيلى على غزة سيتصدر محادثاته مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، مضيفاً: «سنناقش قضايا مختلفة بما فى ذلك الاقتصاد والتجارة والسياحة والطاقة».
وأشار موقع Jerusalem The Post إلى تصريحات الرئيس التركى حول الحرب فى غزة، بنفس العنوان، كما تطرق موقع Monitor East Middle إلى نفس الخبر تحت عنوان: «الرئيس التركى أردوغان يضع أزمة غزة فى مركز الاهتمام خلال زيارتيه المقبلتين للإمارات ومصر»، كما نوه إلى تصريح «أردوغان» الذى قال فيه إنه سيناقش خلال زيارته إلى القاهرة موضوعات مختلفة بما فى ذلك الاقتصاد، والتجارة والسياحة، والطاقة، وتطرق أيضاً موقع Breaking BNN للزيارة تحت عنوان: «مهمة أردوغان فى الشرق الأوسط: السعى لتحقيق السلام فى أزمة غزة»، حيث نقل تصريحات الرئيس التركى بشأن الحرب فى غزة، لافتاً إلى أن زيارته لمصر تحظى بأهمية خاصة لأنها تمثل فصلاً جديداً فى العلاقات التركية المصرية، كما وصف الزيارة بأنها شهادة على التزام «أردوغان» بالقضية الفلسطينية وإيمانه بقوة الدبلوماسية فى حل النزاعات، وخلص إلى أن مهمة الرئيس التركى فى الشرق الأوسط هى منارة أمل وسط فوضى عارمة فى غزة، وتعكس الزيارة نقطة تحول محتملة فى الصراع.
وفى سياق متصل، نشر موقع «وكالة سبوتينيك الروسية»، فى نسخته العربية خبراً بعنوان: «زيارة أردوغان إلى مصر.. أهداف سياسية واقتصادية مهمة»، ركز خلاله على زيارة الرئيس التركى التاريخية للقاهرة، ونشر تصريحات دائرة الاتصال التابعة للرئاسة التركية بشأن أجندة أعمال الزيارة، والتى تحمل العديد من الرسائل السياسية والاقتصادية، أهمها تغيير سياسة أنقرة تجاه القاهرة، وبحث سبل التبادل التجارى بالعملات المحلية، وتوقيع اتفاقيات تعاون فى مجالات عدة. واستعرض التقرير تعليقات بعض المحللين حول الزيارة، حيث اعتبر المحلل السياسى التركى جواد كوك، أن زيارة أردوغان لمصر ولقاءه الرئيس السيسى تأكيد على أن حكومة أنقرة تحاول تغيير سياساتها تجاه القاهرة بشكل جذرى، وأن تركيا تعلم أن حل الأزمات الإقليمية فى المنطقة، خاصة ما حدث فى قطاع غزة من عدوان إسرائيلى، لا يمكن التحرك فيه دون مصر، وهو ما دفع الرئيس التركى لاستغلال قضية غزة من أجل تحسين العلاقات الثنائية، متوقعاً أن تقبل مصر وترحب بالمبادرة التركية لاستعادة العلاقات.
ونشر موقع Mirror Cyprus خبراً بعنوان: «أردوغان يبدأ جولة تاريخية فى الشرق الأوسط»، أوضح خلاله أن المحطة الأخيرة لـ«أردوغان» خلال جولته للمنطقة التى تستغرق ثلاثة أيام، ستكون مصر، الدولة ذات الثقل الإقليمى التى تلعب دوراً حاسماً فى الأزمة المستمرة فى القضية الإسرائيلية الفلسطينية، وسيناقش أردوغان التحسن الأخير فى العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية، وما يجعل هذا اللقاء تاريخياً أنه يأتى بعد انقطاع دام 11 عاماً.
كما ينظر إلى زيارة «أردوغان» إلى القاهرة على أنها ذروة عملية التطبيع بين البلدين التى بدأت أوائل عام 2021، وبجانب ذلك عينت تركيا ومصر سفيرين فى العام 2023 كرمز للعصر الجديد، وتبادل وزيرا خارجية البلدين الزيارات لرفع مستوى الحوار وإنجاز عملية التطبيع، وتطرق الخبر إلى آخر زيارة رئاسية من تركيا إلى مصر قام بها الرئيس السابق عبدالله جول، فى أوائل العام 2013.
ونشر موقع هيئة الإذاعة البريطانية BBC، فى نسخته التركية، مقالاً بعنوان: «أردوغان يزور مصر لأول مرة منذ 11 عاماً: ما أهمية الزيارة؟»، موضحاً أنها تاريخية إذ تأتى بعد فترة من البرود بين البلدين، واصفاً تلك الخطوة بالتطور التاريخى ليس فقط فى مصر من حيث العلاقات التركية المصرية ولكن من الناحية الإقليمية، وتوقع التقرير أن تحظى الزيارة بمتابعة من إسرائيل وقبرص واليونان وليبيا والسودان ودول عربية أخرى، كما تطرق المقال إلى الملفات المتوقع أن يتضمنها اللقاء بين الزعيمين ومن بينها التطورات الإقليمية، وخاصة الوضع فى غزة، وتنشيط العلاقات الثنائية، كما ذكر المقال أن تركيا ومصر كثفتا حوارهما بشأن ليبيا، وأن أنقرة تواصلت مع إدارة بنغازى، التى تسيطر على جنوب ليبيا، وأن القنصلية العامة فى هذه المدينة سيتم افتتاحها قريباً، تعتبر تطورات مهمة.
ومن ناحية أخرى، يرى الجانب المصرى أن البند الأول والرئيسى فى جدول أعمال زيارة أردوغان يجب أن يتناول العلاقات الثنائية، كما أبدى الجانب المصرى اهتماماً فيما يتعلق بالتركيز على الاقتصاد والتجارة والاستثمار خلال الزيارة، وتعد مصر أكبر شريك تجارى لتركيا فى أفريقيا، لذا فمن المتوقع أن يكون الهدف من الزيارة زيادة حجم التجارة إلى 15 مليار دولار، بالإضافة إلى مناقشة تجديد الاتفاقيات القائمة أو إبرام اتفاقيات جديدة متعلقة بالجانب الاقتصادى، وهو ما تناقلته مواقع تركية مثل 24T، وHaber N.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مصر تركيا أردوغان السيسي العلاقات الثنائیة الشرق الأوسط فى غزة
إقرأ أيضاً:
قيادة الشرق الأوسط بعيدًا عن أمريكا
بدر بن علي الهادي
الحديث عن استقلال الدول العربية وقيادة الشرق الأوسط بعيدًا عن النفوذ الأمريكي يشكل نقطة محورية في إعادة التفكير في دور المنطقة في العالم؛ حيث بدأنا نُلاحظ تحركات سعودية جريئة في الآونة الأخيرة تعكس رغبة حقيقية في التوجه نحو استقلال سياسي واقتصادي يتماشى مع مصلحة الدول العربية والإسلامية في المستقبل.
لاحظنا سعي المملكة العربية السعودية، باعتبارها واحدة من أبرز القوى في المنطقة، إلى التحرر من الهيمنة الأمريكية، وبدء مشروع نهضة يُركز على الاقتصاد والصناعة بدلًا من الحروب والاعتماد على النفط.
منذ عقود، كانت السياسة الأمريكية تشكل عاملًا رئيسيًا في تحديد مصير العديد من دول المنطقة، من خلال التدخلات العسكرية أو النفوذ السياسي، فضلًا عن الوجود العسكري الذي أدى إلى استمرار الاضطرابات في الشرق الأوسط، إلّا أن السعودية، رغم أنها كانت في كثير من الأحيان حليفًا وثيقًا لأمريكا، بدأت مؤخرًا في التوجه نحو تنويع تحالفاتها، مستفيدة من الفرص الجديدة مع قوى مثل الصين وروسيا. وهذا التحول جاء نتيجة لما وصفه البعض بأنه ضرورة استراتيجية لتجنب الاعتماد الكامل على واشنطن.
تسعى السعودية إلى اتخاذ قرارات سيادية بعيدًا عن الضغوط الأمريكية، خاصة في مجالات التجارة والأمن، فالمملكة قد بدأت بالتحرك في عدة محاور:
1. تنويع التحالفات: عبر تعزيز علاقاتها مع روسيا والصين، وهو ما يعد تحولا استراتيجيا يعكس استقلالية في السياسة الخارجية.
2. الاستقلال الاقتصادي: بدأ يظهر التركيز على تطوير الصناعات المحلية وتحقيق الاستقلال التكنولوجي من خلال مشروعات "رؤية 2030"، بالإضافة إلى تعزيز مشاريع الطاقة المتجددة.
3. إصلاح الصناعات الدفاعية: في خطوة نحو تقليل الاعتماد على السلاح الأمريكي، بدأت السعودية بتطوير الصناعات العسكرية المحلية وتعزيز قدراتها الدفاعية، وهو ما يُعد حجر الزاوية في تعزيز الاستقلال العسكري.
4. تطوير القوة العسكرية: يمكن أن تشكل القيادة العسكرية العربية المشتركة بديلًا حقيقيًا للوجود الأمريكي في المنطقة، وتحقيق الاستقلال الأمني الذي يوفر حماية حقيقية للدول العربية بعيدًا عن التدخلات الأجنبية.
إلا أن هناك تحديات وملفات تضغط عليها الولايات المتحدة في التعاطي من التطور السعودي حيث تعد المملكة العربية السعودية مثلها مثل العديد من الدول الأخرى، تواجه تحديات كبيرة في طريق الاستقلال عن أمريكا.
وأبرز هذه التحديات هو التهديد الأمريكي في استخدام الملفات القديمة، مثل قضية 11 سبتمبر وحقوق الإنسان، كورقة ضغط على الرياض.
ومن أجل تجاوز المملكة هذه العقبات، يجب على السعودية أن تتحرك بحذر وأن تعمل على تعزيز الجبهة الداخلية من خلال التعليم، والإعلام، والاقتصاد. كما إن توحيد الصف العربي والإسلامي يمكن أن يكون قوة داعمة لهذا الاتجاه؛ حيث إن وجود إيمان حقيقي بالقدرة على التغيير، يدعم السعودية في قيادة مشروع وحدوي يركز على النهضة الاقتصادية بعيدة عن الحروب، وتحقيق الوحدة الثقافية بين العرب والمسلمين من خلال إصلاح التعليم وتنمية اقتصادات دول المنطقة.
وإذا تمكنت السعودية من الإيمان بقدرتها على التغلب على التحديات السياسية والاقتصادية، يمكنها أن تصبح القيادة الفعلية للشرق الأوسط الجديد، وتعيد رسم خارطة القوى في المنطقة.
الطريق نحو الاستقلال العربي وقيادة الشرق الأوسط ليس سهلًا، لكنه ممكن، إذا ما توفرت الإرادة السياسية والشعبية. فالسعودية ومن خلال قوتها الاقتصادية والسياسية، قد تكون على أعتاب مرحلة جديدة في تاريخ المنطقة، لكن التحديات، خاصة تلك التي قد تفرضها الولايات المتحدة، ستظل حاضرة، وستحتاج المملكة إلى اتخاذ قرارات جريئة تضمن مستقبلًا مشرقًا للدول العربية والإسلامية بعيدًا عن التبعية للقوى الغربية.
لذا يجب على المحيط الخليجي دعم المملكة العربية السعودية في رؤيتها لقيادة الشرق الأوسط وبناء شرق أوسط جديد مهتم برفاه الإنسان من خلال النشاط الاقتصادي والتجاري ومشاركة العالم في البناء بعيدا عن الحروب التي أهلكت الشرق الأوسط لأكثر من قرن مصلحة عامة لجميع دول العالم وأولى اتباعها ودعمها لتنتفع به بقية الدول.
الإنسان العربي يحتاج ليعيش كشعوب العالم الأخرى بعيدا عن الحروب وإراقة الدماء. فهل من مستمع وهل من مجيب؟!