«مصر - تركيا».. صفحة جديدة للشراكة (ملف خاص)
تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT
الرئيس: تنسيق مشترك للاستفادة من موقع الدولتين كمركزَى ثقل بالمنطقة لتحقيق السلم والاستقرار.. وتوفير بيئة تحقق الازدهار والرفاهية التواصل الشعبى لم ينقطع فى السنوات الـ10 الماضية.. ومصر الشريك التجارى الأول لتركيا فى أفريقيا.. وأنقرة أهم مقاصد صادراتنا سنسعى معاً إلى رفع التبادل التجارى إلى 15 مليار دولار وتعزيز الاستثمارات.
عقد الرئيس عبدالفتاح السيسى، اليوم، قمة مباحثات موسَّعة مع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، لدفع الجهود المشتركة لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، والتباحث بشأن العديد من الملفات والتحديات الإقليمية، خاصة وقف إطلاق النار فى قطاع غزة وإنفاذ المساعدات الإنسانية لأهالى القطاع، كما شهدت الزيارة توقيع الرئيس السيسى، ونظيره التركى عدداً من اتفاقيات التعاون بين البلدين.
ورحب «السيسى»، فى بداية المؤتمر الصحفى المشترك عقب قمة المباحثات، بالرئيس التركى، والوفد المرافق له فى أول زيارة إلى مصر منذ أكثر من 10 سنوات، قائلاً: «نفتح معاً صفحة جديدة بين بلدينا بما يثرى علاقاتنا الثنائية، ويضعها على مسارها الصحيح، وأؤكد اعتزازنا وتقديرنا لعلاقاتنا التاريخية مع تركيا والإرث الحضارى والثقافى المشترك بيننا».
وتابع الرئيس: «يهمنى هنا إبراز استمرار التواصل الشعبى خلال السنوات العشر الماضية، كما شهدت العلاقات التجارية والاستثمارية نمواً مطرداً خلال تلك الفترة، فمصر حالياً الشريك التجارى الأول لتركيا فى قارة أفريقيا، كما أن تركيا تعد من أهم مقاصد الصادرات المصرية، وقد أثبتت التجربة الجدوى الكبيرة للعمل المشترك بين قطاعات الأعمال بالبلدين، وبالتالى سنسعى معاً إلى رفع التبادل التجارى إلى 15 مليار دولار خلال السنوات القليلة القادمة، وتعزيز الاستثمارات المشتركة، وفتح مجالات جديدة للتعاون».
وأكد «السيسى»، خلال المؤتمر، الاهتمام بتعزيز التنسيق المشترك والاستفادة من موقع الدولتين كمركزَى ثقل فى المنطقة، بما يسهم فى تحقيق السلم وتثبيت الاستقرار، ويوفر بيئة مواتية لتحقيق الازدهار والرفاهية، إذ تواجه الدولتان العديد من التحديات المشتركة مثل خطر الإرهاب، فضلاً عن التحديات الاقتصادية والاجتماعية التى يفرضها علينا الواقع المضطرب فى المنطقة».
وأعرب «السيسى» عن الاعتزاز بمستوى التعاون القائم بين مصر وتركيا من أجل النفاذ السريع لأكبر قدر ممكن من المساعدات الإنسانية إلى أهلنا فى غزة، أخذاً فى الاعتبار ما تمارسه السلطات الإسرائيلية من تضييق على دخولها، ما يتسبب فى دخول شاحنات المساعدات بوتيرة بطيئة لا تتناسب مع احتياجات سكان القطاع، مضيفاً: «توافقتُ والرئيس أردوغان، خلال المباحثات، على ضرورة وقف إطلاق النار فى القطاع بشكل فورى وتحقيق التهدئة بالضفة الغربية، حتى يتسنى استئناف عملية السلام فى أقرب فرصة، وصولاً إلى إعلان الدولة الفلسطينية ذات السيادة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة».
وتابع الرئيس: «أكدنا ضرورة تعزيز التشاور بين البلدين حول الملف الليبى بما يساعد على عقد الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وتوحيد المؤسسة العسكرية بالبلاد، ونقدر أن نجاحنا فى تحقيق الاستقرار الأمنى والسياسى سيمثل نموذجاً يحتذى به، حيث إن دول المنطقة هى الأقدر على فهم تعقيداتها وسبل تسوية الخلافات القائمة فيها»، موضحاً: «همّنى كذلك الترحيب بالتهدئة الحالية فى منطقة شرق المتوسط، ونتطلع للبناء عليها وصولاً إلى تسوية الخلافات القائمة بين الدول المتشاطئة بالمنطقة، ليتسنى لنا جميعاً التعاون من أجل تحقيق الاستفادة القصوى من الموارد الطبيعية المتاحة بها».
وأشار «السيسى» إلى أن المباحثات شهدت كذلك تأكيد الاهتمام المشترك بالتعاون فى أفريقيا والعمل على دعم مساعيها للتنمية، وتحقيق الاستقرار والازدهار، و«أتطلع لتلبية دعوة الرئيس أردوغان لزيارة تركيا فى أبريل المقبل، لمواصلة العمل على ترفيع علاقات البلدين فى شتى المجالات، بما يتناسب مع تاريخهما وإرثهما الحضارى المشترك».
من جانبه، أعرب الرئيس التركى رجب طيب أردوغان عن سعادته بالوجود فى القاهرة مرة أخرى بعد فترة طويلة، موجهاً الشكر والتقدير إلى الرئيس السيسى، وجميع المصريين على حسن الاستضافة.
وأضاف «أردوغان»، فى كلمته بالمؤتمر الصحفى، الذى عقد بقصر الاتحادية: «نحن عازمون على زيادة حجم استثماراتنا التركية فى مصر بحدود 3 مليارات دولار، ووضعنا اليوم فى المشاورات مع الرئيس السيسى هدفاً وهو الوصول بحجم التبادل التجارى إلى 15 مليار دولار فى أقرب وقت، كما تبادلنا الآراء أيضاً فى إمكانية اتخاذ تدابير إضافية من أجل زيادة التعاون التجارى والاقتصادى، ويمكن أن نطور علاقاتنا فى مجال الطاقة وتعزيز الروابط بين البلدين فى المجالات السياحية والتعليمية والثقافية وسنبذل قصارى جهدنا».
وتابع الرئيس التركى: «نتقاسم مع مصر تاريخاً مشتركاً يمتد لما يزيد على ألف عام، ونحن نريد الارتقاء بمستوى علاقاتنا إلى المسار الأفضل، ونجد أن الإرادة نفسها موجودة لدى الجانب المصرى، وقد رفعنا مستوى تعاوننا إلى مستوى مجلس التعاون الاستراتيجى رفيع المستوى، وأعربت عن انتظارى لزيارة الرئيس السيسى إلى أنقرة من أجل عقد الاجتماع الأول لمجلس التعاون الاستراتيجى، وهذا الاجتماع سوف يكون بمثابة مرحلة جديدة فى العلاقات الثنائية».
وحول الأوضاع فى «غزة»، قال «أردوغان»: «ما يحدث فى القطاع من مآسٍ إنسانية تصدَّر جدول أعمال لقائى مع الرئيس السيسى، فهناك أكثر من 28 ألف فلسطينى استشهدوا، وأصيب ما يقارب 70 ألفاً، وجرى استهداف المساجد والكنائس والمدارس والمستشفيات ومبانٍ تابعة للأمم المتحدة».
وأضاف: «إيصال المساعدات إلى قطاع غزة من أهم أولوياتنا، ومن تركيا أرسلنا 31 ألف طن مساعدات، وأقدر دعم الجهات المصرية فى هذا الصدد، كما أشكر الهلال الأحمر المصرى وكذلك وزارة الصحة المصرية وجميع الجهات المصرية فى هذا الصدد، وإلى جانب مساعداتنا الإنسانية، والخبراء يتباحثون فيما بينهم من أجل بناء مستشفى ميدانى فى قطاع غزة، ونتطلع إلى دعم إخوتنا المصريين فى بناء هذا المستشفى الميدانى قريباً».
وحول تهجير الفلسطينيين، أضاف «أردوغان» أن «محاولات تهجير سكان قطاع غزة هى بحكم العدم، فلا يمكننا قبول تطهير غزة من السكان، ونقدر مصر وموقفها فى هذا الأمر»، وندَّد الرئيس التركى بموقف إدارة نتنياهو المستمرة فى مجازرها، قائلاً: «عليه أن يكف عن نقل مجازره إلى رفح، وعلى المجتمع الدولى ألا يسمح بهذا التصرف الجنونى، ومن أجل إيقاف إراقة الدماء فى غزة سنظل على تعاون مع مصر، وعلى مدى متوسط، فإن إعادة إعمار غزة وتضميد الجروح يتطلب منا العمل المشترك، ونحن جاهزون للعمل مع القاهرة فى هذا الشأن أيضاً».
وأشار «أردوغان» إلى تطرق المباحثات إلى ملفات ليبيا والصومال والسودان، قائلاً: «أكدنا الحرص على وحدة أراضى هذه الدول وأمنها واستقرارها، ونحن فى الشرق الأوسط أو أفريقيا أو أى مناطق تربطنا بها علاقات تاريخية وتعلق قلبى بها، نحرص على عدم حدوث حرب أو تهديد لحالة الاستقرار، وعازمون على الاستمرار فى التنسيق والتعاون مع مصر، فى تناول وتباحث كل هذه المسائل والقضايا العالمية، وأجدد شكرى الخالص للرئيس المصرى، وأتمنى أن تكون هذه الزيارة وسيلة خير لبلدَينا ومنطقتنا وللعالم برمَّته».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مصر تركيا أردوغان السيسي الرئیس السیسى بین البلدین قطاع غزة مع مصر من أجل فى هذا
إقرأ أيضاً:
إسرائيل هيوم: هل تشكل تركيا التهديد الكبير القادم لإسرائيل؟
حذر تقرير نشره موقع إسرائيل هيوم من أن تركيا قد تصبح التهديد الرئيسي التالي لإسرائيل بسبب وجودها العسكري المتزايد في سوريا، ودعمها النظام السوري الجديد، وتصاعد "الخطاب المعادي" لإسرائيل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقال إيتاي إيلناي -وهو مراسل استقصائي في الموقع- إن توسع نفوذ تركيا في سوريا وليبيا وأذربيجان يذكر إسرائيل بتصريح الرئيس التركي بأن "تركيا أكبر من تركيا"، في خطاب ألقاه في الأكاديمية التركية للعلوم يوم 18 ديسمبر/كانون الأول 2024.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2واشنطن بوست: الأرقام المهولة لحرب روسيا وأوكرانياlist 2 of 2صحف عالمية: نتنياهو يتعمد الغموض وترامب يتجاهل الفلسطينيينend of listوأشار التقرير إلى أن تصريحات أردوغان تأتي في ظل تزايد التوتر بين بلده وإسرائيل، وهو توتر تفاقم بعد سقوط نظام بشار الأسد المخلوع، وصعود حكومة جديدة في دمشق برئاسة أحمد الشرع الذي تدعمه أنقرة.
سوريا حجر الزاويةوعلى الرغم من أن تركيا لم تشارك في الهجوم الذي قاده الشرع، فإن خبراء تحدث الموقع معهم مقتنعون بأن أردوغان كان له يد في الأمر من وراء الكواليس، إذ ما كان الشرع ليشن الهجوم دون الحصول على موافقة أنقرة، وفق التقرير.
وأضاف التقرير أن النشاط التركي في سوريا هو حجر الزاوية في سياسة أردوغان التوسعية، إذ أقامت أنقرة وجودا عسكريا وسياسيا دائما شمالي سوريا، مما يعزز نفوذها في المنطقة.
إعلانوفي هذا الصدد، قدمت لجنة ناغل الإسرائيلية المتخصصة في قضايا الأمن والدفاع إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تقريرا الشهر الماضي، حذرت فيه من أن "إسرائيل قد تواجه تهديدا جديدا ينبثق من سوريا بدعم تركي"، خصوصا إذا أصبحت سوريا "وكيلة لتركيا كجزء من خطة أردوغان لاستعادة مجد الإمبراطورية العثمانية"، مما قد يؤدي إلى حرب مباشرة بين تركيا وإسرائيل، وفق الموقع.
وأكدت اللجنة أن "دخول الجيش التركي إلى سوريا قد يؤدي إلى إعادة تسليح سوريا بوتيرة متسارعة"، داعية نتنياهو إلى تبني نهج جديد يقوم على "عدم التساهل مطلقا" مع الوضع السوري.
ولفت الموقع إلى اجتماع أردوغان والشرع بداية هذا الشهر، والذي تطرق إلى توقيع اتفاقية دفاع مشترك بين أنقرة ودمشق، تتضمن إنشاء قاعدتين جويتين تركيتين وسط سوريا وتدريب الجيش السوري.
إيران فتركياوتساءل التقرير عما إذا كانت إسرائيل تتجه نحو مواجهة عسكرية مع تركيا، خاصة بعد ما وصفه بـ"إضعاف المحور الشيعي بقيادة إيران"، وأشار إلى أن "تركيا قد تتمكن عبر دعمها النظام الجديد في دمشق من إقامة جسر بري يربطها بإسرائيل، مما سيتيح لها وضع قوات عسكرية قرب الحدود الإسرائيلية".
ونقل التقرير عن الخبير في الشؤون التركية بجامعة تل أبيب الأستاذ حي إيتان ياناروكاك قوله "تركيا ليست إيران، فهي دولة أقوى ولديها جيش أكثر تطورا وموقع إستراتيجي أكثر أهمية".
وأضافت الباحثة نوعا لازيمي، من معهد مسغاف للأمن القومي، أن إسرائيل وتركيا تمكنتا في الماضي من الحفاظ على علاقات مستقرة نسبيا رغم الأزمات، ولكن "الخطاب العدائي المتزايد من جانب أردوغان قد يعكس استعداده للمضي قدما في تنفيذ طموحاته الإمبريالية"، حد تعبيرها.
بيد أن الأستاذة كارميت فالنسي من جامعة تل أبيب، والمسؤولة عن الملف السوري في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، حذرت من الاستعجال في اعتبار سوريا مجرد دمية بين يدي تركيا، وقالت "صحيح أن تركيا لديها طموحات توسعية، ولكن أردوغان ليس مثل خامنئي، فهو لاعب أكثر براغماتية".
إعلان تدهور العلاقةوأوضح الموقع أن العلاقات الإسرائيلية التركية شهدت تحسنا في السنوات الأخيرة، خاصة بعد لقاء الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ بأردوغان في أنقرة عام 2022، غير أن اندلاع الحرب الأخيرة أدى إلى انتكاسة كبيرة في هذه العلاقات، إذ جمدت تركيا تجارتها مع إسرائيل وأوقفت الخطوط الجوية التركية رحلاتها إلى مطار بن غوريون، في حين صعد أردوغان من تصريحاته ضد الهجمات الإسرائيلية على أهل غزة.
وأشار التقرير إلى أن تركيا عززت من قدراتها العسكرية في السنوات الأخيرة، وطورت مسيرات هجومية وصواريخ باليستية بمدى ألفي كيلومتر، وبدأت في التفكير ببرنامج نووي، كما أن تدخلها العسكري في ليبيا وأذربيجان وسيطرتها على شمالي سوريا يعكس طموحاتها التوسعية، وفق رأي الموقع.
واختتم التقرير بالإشارة إلى أن "العلاقات بين تركيا وإسرائيل لا تزال هشة، والسؤال المطروح الآن هو ما إذا كان أردوغان سيمضي قدما برؤيته التوسعية الجديدة، أم أنه سيحافظ على توازن إستراتيجي يمنع التصعيد إلى مستوى الصدام العسكري المباشر".