تُثير زيارة رئيس الهيئة التنفيذية للقيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة حضرموت سعيد أحمد المحمدي، للسعودية ولقائه في منطقة شرورة، قائد قوات الدعم والإسناد في القوات المشتركة للتحالف العربي لدعم الشرعية، اللواء الركن سلطان بن عبدالله البقمي الكثير من التساؤلات.

 

وأمس الثلاثاء، التقى القيادي في الانتقالي المحمدي، في ختام زيارته للمملكة العربية السعودية، قائد قوات الدعم والإسناد في القوات المشتركة للتحالف العربي، اللواء الركن سلطان بن عبدالله البقمي.

 

وبحسب الموقع الرسمي للمجلس الانتقالي فإن المحمدي ثمن دور قوات التحالف العربي في تحرير العاصمة عدن من جماعة الحوثي وتطهير حضرموت من الإرهاب.

 

ولم يذكر الموقع مزيدا من التفاصيل، بشأن اللقاء، إلا أن تصريحات القيادي في الانتقالي خلت من المصطلحات المتشنجة والحديث عن فك الارتباط (الانفصال)، وتضمنت تصريحاته أيضا الثناء على الجهود الشخصية للواء البقمي في توفير عوامل الأمن والاستقرار لحضرموت والجنوب والمحافظات اليمنية المحررة.

 

وتأتي زيارة المحمدي برفقة عضو الجمعية الوطنية للمجلس عمر باشقار، ومدير مكتب رئيس الهيئة سعيد خالد، تزمنا مع تصعيد الانتقالي في حضرموت لمنع قوات "درع الوطن" المدعومة سعوديا من الاستقرار بالمحافظة.

 

كما تأتي زيارة المحمدي إلى السعودية بعد أيام من تصريحات له طالب فيها بإخراج قوات "درع الوطن" من حضرموت.

 

اقرأ أيضا: حضرموت من جديد.. صراع سعودي إماراتي بلباس عسكري وتمرد للانتقالي على العليمي

 

وزعم القيادي في الانتقالي أن قوات "درع الوطن" شكلت لتحل محل قوات المنطقة العسكرية الأولى، الموالي الكثير من أفرادها للحوثيين والجماعات الإرهابية"، مطالبا قيادة التحالف العربي بالإسراع في إخراجها من وادي حضرموت، مؤكدا رفضه القاطع لإدخال أي قوات لمناطق الساحل.

 

وفي 17 من يناير الماضي أعلنت الهيئة التنفيذية للقيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة حضرموت عن رفضها المطلق لاستقدام أي قوة إلى ساحل حضرموت.

 

ودعت الهيئة -في بيان لها- أبناء المحافظة إلى مؤازرة ما سمتها قوات "النخبة الحضرمية" التي تمولها الإمارات، والتصدي للمؤامرات التي تستهدف إضعافها وإسقاطها والتعدي على صلاحياتها في حماية وتأمين مدينة المكلا ومديريات الساحل.

 

وحمل انتقالي حضرموت كامل المسؤولية الجهة التي منحت الإذن (السعودية) بدخول قوات إلى المكلا، متوعدة بالتصعيد، إذا لم تنسحب تلك القوات، لافتة إلى أنها ليست ضد قوات درع الوطن، لكنها مع نشرها لتأمين مناطق الوادي والصحراء.

 

تكهنات الزيارة

 

لقاء المحمدي بقائد قوات التحالف العربي، البقمي، في الوقت الحالي بعد التصعيد أثار الكثير من التساؤلات، منها: هل هي مراوغة سعودية لتفكيك انتقالي حضرموت وضم من تبقى من قيادات مجتمعية وقبلية في المحافظة إلى صفها وسحب البساط على الإمارات؟

 

هذا اللقاء يعود بمحافظة حضرموت إلى الواجهة مجددا، ولكن هذه المرة من بوابة الصراع المستتر بين الدولتين المتحالفتين في اليمن، المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة.

 

وخلال الأشهر الأخيرة اتخذ الصراع الراهن في حضرموت يافطة الحضور العسكري، وعكس حالة المنافسة لدى كل دولة لتعزيز السيطرة الفعلية على المحافظة الغنية بالنفط، وذات الأولوية العالية بالنسبة للسعودية، وهو امتداد لحالة الشد والجذب بين الدولتين، وينعكس من فترة لأخرى على الكيانات المحلية التابعة لهما.

 

تتواجد الدولتين فعليا في حضرموت منذ منتصف العام 2015م، عندما شنتا عملية عسكرية ضد تنظيم القاعدة، الذي سيطر على الوضع، بعد سقوط الدولة في صنعاء، وانتهت تلك العملية، بنتيجة لازال يسودها الغموض، في المعركة مع تنظيم القاعدة، وآلت السيطرة الكاملة للدولتين، واللتان عززتا حضورهما عبر العديد من الأوجه، منها تنصيب المسؤولين المحليين التابعين لهما، أو تعزيز تواجدهما العسكري، واتخاذ منشآت حكومية مقرات لهما، كمطار الريان، ثم إنشاء قوات عسكرية تدين لهما بالولاء.

 

منذ منتصف العام الماضي ومع ظهور الخلافات السعودية الإماراتية وتباين أجنداتهما في اليمن إلى العلن عمدت الرياض إلى أسلوب آخر لاستمرار توسعها في الوصول للساحل الحضرمي تكللت بإنشاء "مجلس حضرموت الوطني" وعملت على تحييد قيادات في الانتقالي عن داعمها أبوظبي.

 

بإعلان شخصيات ومكونات حضرمية عن تشكيل "مجلس حضرموت الوطني"، ليكون حاملا سياسيا لأبناء محافظة حضرموت، فإن وحدة أبناء المحافظة، من الناحية الظاهرية، تكون قد قطعت شوطا يزيد من العقبات أمام المجلس الانتقالي الذي يسعى للسيطرة على محافظتي حضرموت والمهرة تمهيدا لمشروع الانفصال.

 

ونظرا لأن السعودية تتمتع بشريط حدودي مع حضرموت والذي يمثل نسبة كبيرة من حدود اليمن بالمملكة، سعت السعودية إلى إبقاء تلك المنطقة (وادي حضرموت) منطقة هادئة شبيهة بما هو معروف بالمنطقة الخضراء بالعاصمة العراقية بغداد عبر احتوى القيادات القبلية والمجتمعية بالترغيب تارة والترهيب تارة أخرى.

 

اقرأ أيضا: وسط غموض وتعدد التكهنات .. ما الذي يدور حول حضرموت في السعودية؟

 

ومن أجل محاصرة الإمارات وأذرعها جنوب اليمن عهدت السعودية على إنشاء وحدة عسكرية تحت إمرتها بمسمى "درع الوطن" يكون مخلبها الخشن ضد شقيقتها الإمارات اللتان يتنازعان المحافظة النفطية بينهما.

 

وفي محاولة لبسط سيطرتها في العمق الجغرافي لحضرموت منعت قوات "النخبة الحضرمية" المدعومة إماراتيا تقدم قوات "درع الوطن" التي أنشأتها السعودية مؤخرا باتجاه مدن الساحل الخاضعة لسيطرة النخبة، الأمر الذي قاد أبوظبي لتحريك أدواتها الانتقالي لإقامة مهرجان وتحشيد تحت ذريعة دعم النخبة الحضرمية.

 

حضرموت في عيون الغرب

 

خلال الأعوام الأخيرة، طرقت دول غربية أبواب حضرموت كثيراً، مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، إذ كانت ترسل سفراءها لزيارة المحافظة بشكل دوري.

 

وفي 31 مايو/ آيار من العام الماضي، شملت النقاشات الحضرمية في السعودية وجود سفراء أوروبيين يجتمعون للمرة الأولى مع الوفد الحضرمي، في اهتمام واضح بالمحافظة.

 

وذكرت بعثة الاتحاد الأوروبي في اليمن، بأن سفراء الاتحاد الأوروبي حينها أجروا نقاشاً جيداً مع المحافظ "مبخوت بن ماضي" والعديد من ممثلي المحافظة، وهم يؤكدون على هوية وصوت حضرموت القوي في اليمن. وهي المرة الأولى التي يشير فيها الأوروبيون إلى مصطلح "الهوية". مما قد يُفهم أن هناك مساعٍ لتدويل مستقبل حضرموت كفكرة مستقلة عن جنوب اليمن وعن دولة الوحدة، وهو أمر بالمناسبة؛ يتناقض مع المواقف الأوروبية في مسألة "الوحدة اليمنية" التي تعلن عنها باستمرار في ديباجات بياناتها وتصريحاتها الرسمية المتعلقة بالشأن اليمني.

 

يشار إلى أن الدول الأوروبية تلعب دورا مزدوجا في ظاهره، لكنه في باطنه يبدو منسجما إلى حد كبير مع المساعي السعودية في اليمن. 

 

من الواضح أن السعودية التي وجهت دعوة لسفراء الدول الغربية للالتقاء بالشخصيات الحضرمية في الرياض، تريد الإيحاء بأن مستقبل محافظة حضرموت يشكل أهمية بارزة ونقطة ارتكاز أساسية في أي تسوية قادمة، وهو ما يمكن أن يهيئ مساحة كبيرة للمناورة الحضرمية بشكل مستقل، لتشكيل رافعة تمثّل أبناء حضرموت في الاستحقاقات القادمة بعد الحرب، وبعيداً عن فكرتي دولة الوحدة أو مطالب انفصال جنوب اليمن التي يقودها المجلس الانتقالي الجنوبي.

 

ورغم أنّ القيادات الحضرمية التي تحمل مثل هذه المواقف ليست لديها حاضنة شعبية في الداخل، ولا تملك قوة عسكرية على الأرض، غير أنّ التأثير السعودي على حضرموت قد يساعد على تهيئة الأجواء لذلك مؤقتا، ويمكن أن تبني المملكة من خلالها مقاربة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في المحافظة الحدودية المرتبطة معها.

 

قوات درع الوطن والنخبة الحضرمية

 

وتشكلت قوات درع الوطن في التاسع والعشرين من يناير 2023م، بقرار من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي حمل الرقم (18) لسنة 2023م، وتتبعه بشكل مباشر، وهو من يحدد عددها، ومهامها، ومسرح عملياتها، بأوامر مباشرة منه، كجزء من القوات المسلحة، وعين لها العميد بشير سيف قائد غُبَيْر الصبيحي قائدا، وذلك بعد توافق مع باقي أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، بما فيهم عضو مجلس القيادة رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي.

 

اقرأ أيضا: حضرموت في مربع الاستهداف.. بين سياسة الرفض والتبعية للانتقالي؟

 

أما قوات النخبة الحضرمية فأنشأتها دولة الإمارات عقب سيطرتها على المحافظة في العام 2015م، وجاء في تقرير الأمم المتحدة نشر في يناير/كانون الثاني 2017 "بينما تُعتبر قوات النخبة رسمياً تحت سيطرة الحكومة الشرعية للبلاد، لكنَّها تخضع فعلياً لقيادة عمليات الإمارات العربية المتحدة".

 

وتتنوع النخبة الحضرمية بين قوات أمنية، وقوات مسلحة، شُكل أغلبها في ألوية قائمة بذاتها، وبأسماء مختلفة، وألحقت بقيادة المنطقة العسكرية الثانية، التي تتمركز بمدينة المكلا، وهذه الألوية هي: لواء شبام، ولواء الأحقاف، ولواء الريان، ولواء بارشيد، وتتمركز جميعها في مدن ساحل حضرموت، وخضعت قياديًّا لمحافظ حضرموت السابق الذي أصبح نائبا لرئيس المجلس الانتقالي اللواء فرج البحسني، بوصفه السابق قائد المنطقة العسكرية الثانية.

 

تدين قوات درع الوطن بالولاء أكثر للمملكة العربية السعودية، بينما تدين قوات النخبة الحضرمية لدولة الإمارات العربية المتحدة، رغم أن غالبية المنخرطين في القوتين من مواطني محافظة حضرموت، وهذا التوزيع المختل في البنية الهيكلية لتلك القوات أسهم في ارتفاع حدة الصراع بينهما، وتربص كل طرف بالآخر.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن السعودية الامارات الانتقالي قوات درع الوطن المجلس الانتقالی النخبة الحضرمیة قوات درع الوطن فی الانتقالی حضرموت من حضرموت فی فی الیمن

إقرأ أيضاً:

خلافات السعودية والإمارات المتصاعدة خلقت تعقيدات في طريق حل الأزمة اليمنية (ترجمة خاصة)

قال خبراء وباحثون عرب وغربيون إن خلافات بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة المتصاعدة حول اليمن خلقت تعقيدات في طريق حل الأزمة اليمنية التي تشهدها البلاد منذ عشر سنوات.

 

ونقلت قناة " TRT World" التركية عن الباحثين قولهم إن التوترات بين السعودية والإمارات، ليست حاليا في محور سياسة الشرق الأوسط، إلا أن أهداف الرياض وأبو ظبي المتباينة في اليمن تشكل قضية خطيرة.

 

وبحسب الباحثين فإنه من غير المرجح أن تنقطع العلاقات الإقليمية بين الدولتين، كما حدث مع قطر في عام 2017، فإن الرياض وأبو ظبي لديهما أولويات ومواقف ومصالح مختلفة خلقت تعقيدات.

 

ويروا أن مسألة تطبيع العلاقات مع إسرائيل إلى بعض الصراعات في أفريقيا؛ مثل الحرب الأهلية السودانية، لا تتوافق المصالح السعودية والإماراتية، لذلك من الطبيعي أن يكون هناك بعض الاحتكاك في الشؤون الثنائية.

 

وأشاروا إلى أن هناك أيضا منافسة اقتصادية خطيرة بشكل متزايد بين هاتين الدولتين من دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تسعى كلتاهما إلى تحقيق خططهما الخاصة بالتنمية والتنويع الاقتصادي.

 

ويحتفظ خبراء الشرق الأوسط بسلسلة من الآراء حول طبيعة علاقة ولي عهد السعودية ورئيس الوزراء، محمد بن سلمان، برئيس الإمارات العربية المتحدة، محمد بن زايد.

 

ويؤكد بعض المعلقين أن الخلاف المزعوم بين هذين الزعيمين العربيين كبير لدرجة أن بلديهما سيتوقفان قريبا عن الاستمرار في تحالفهما، بينما يشير آخرون إلى اجتماع جرى بين الزعيمين، الشهر الماضي، في شرق المملكة العربية السعودية كعلامة على عدم وجود توترات خطيرة.

 

وقال جوزيف كيشيشيان (زميل بارز في مركز الملك فيصل في الرياض) في مقابلة مع TRT World: "بصفته الطرف الأكبر بين هذين الزعيمين، يتوقع "محمد بن زايد" أن يتم معاملته باحترام، وهذا هو سبب ظهور خلافات دورية".

 

وأضاف "محمد بن زايد هو زعيم إقليمي يحب إرساء الاتجاهات، وتأكيد تأثيره على الساحة الدولية، الأسئلة حول كيفية تطور علاقته مع محمد بن سلمان الشاب الصاعد والزعيم السعودي الواثق من نفسه، واستعراض عضلاته كحاكم فعلي لأكبر نظام ملكي عربي خليجي، أثارت باستمرار مناقشات مثيرة للاهتمام، وإن كانت تخمينية إلى حد ما".

 

وقال عزيز الغشيان، وهو زميل في مشروع النزاعات الطائفية والوكلاء وإزالة الطائفية في جامعة لانكستر، لTRT World: "في تقديري، أفضل طريقة لوصف العلاقة بين الدولتين، في الوقت الحالي، هي أنها مزيج من الود والتوتر والبراغماتية".

 

لا تشكل التوترات بين محمد بن سلمان ومحمد بن زايد "خصومة مريرة"، وفقا لحسين إبيش، وهو باحث مقيم بارز في معهد دول الخليج العربية في واشنطن.

 

وبدلا من ذلك، وصفها بأنها جزء من "علاقة تنافسية تم احتواؤها، ويمكن التحكم بها"، وهي أفضل حالا من "سراب الهيمنة والتبعية" التي سعت لها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في فترة ما بعد عام 2011، عندما كانت تداعيات اضطرابات الربيع العربي والصراعات المسلحة تغذي عدم الاستقرار في جميع أنحاء العالم العربي.

 

وأضاف إيبيش: "غير أنه تكمن تحت قشرة الوحدة -غير الواضحة- علاقة تنافسية لم يتم حلها تعكس واقع القوة الاقتصادية والسياسية، وحتى العسكرية في الخليج".

 

بدأت السلطات في الرياض، في عام 2021، تطلب من الشركات الأجنبية، التي لها وجود في المملكة العربية السعودية، إنشاء مقار رئيسة لها في المملكة بحلول عام 2024.

 

وبالرغم من أن القيادة في المملكة العربية السعودية أشارت إلى أن هذا كان جزءا من إستراتيجية تهدف إلى تأمين التزام حقيقي طويل الأجل بتنمية البلاد، إلا أنه يشكل تحديا لموقف الإمارات العربية المتحدة كدولة في مجلس التعاون الخليجي، حيث أقامت معظم الشركات الأجنبية العاملة في الخليج مقرات لها هناك.

 

اليمن كمصدر للخلاف

 

من حيث الهيكل الأمني لشبه الجزيرة العربية، فإن اليمن هو أكبر مصدر للخلاف بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

 

ابتداء من شهر مارس 2015، قادت الرياض وأبو ظبي معا تحالفا عسكريا عربيا يهدف إلى قلب مكاسب الحوثيين في عامي 2014/2015، غير أنه، بعد عدة سنوات من تلك العملية، أدركت القيادة الإماراتية مدى كارثيتها وغيّرت مسارها.

 

في عام 2019، سحبت الإمارات رسميا قواتها من اليمن، وبدأت في التركيز على التأثير على المشهد في جنوب اليمن من خلال جهات فاعلة غير حكومية بديلة، وقد استلزم ذلك دعم الإمارات لجماعات يمنية مختلفة، مثل المجلس الانتقالي الجنوبي، بينما تركت المملكة العربية السعودية لمحاربة الحوثيين في شمال اليمن.

 

وأضاف حسين إبيش: "الحقيقة هي أن الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ذهبتا إلى اليمن في المقام الأول بأجندات مختلفة، وتابعتا حروب مختلفة، ولكنها متداخلة وذات أطر أيديولوجية متباينة، وبمرور الوقت، أصبح ذلك أكثر وضوحا مما كان عليه في البداية، ولا يزال صحيحا الآن".

 

لا أحد ينكر أن تضارب المصالح هذا بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تجاه اليمن قد خلق ديناميات على الأرض تخدم مصالح الحوثيين، وبالتالي مصالح إيران.

 

كان عدم التوافق بين الرياض وأبو ظبي عاملا كبيرا ساهم في ضعف وعدم فعالية مجلس القيادة الرئاسي، وهو الهيئة التي تقود الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع الحوثيين.

 

يعارض المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي ترعاه الإمارات، العناصر المدعومة من السعودية في اليمن، التي تؤمن بالوحدة بين الشمال والجنوب.

 

وكما أوضح جوزيف كيشيشيان، فإن دعم أبو ظبي للمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يدعو إلى إعادة تأسيس دولة جنوب اليمن المستقلة التي كانت موجودة سابقا من 1967-1990، أدى إلى "اختلافات خطيرة" بين السياسات الخارجية السعودية والإماراتية تجاه اليمن، مما أدى إلى "الجمود المستمر في هذا البلد المنحوس".

 

ويوضح كيشيشيان أن الشريكين في مجلس التعاون الخليجي يدعمان مجموعات يمنية مختلفة تعمل على إدامة التشرذم الحالي لأهداف عملية.

 

إضافة إلى ذلك، لا يبدو أن الرياض وأبو ظبي مستعدتان لتنحية خلافاتهما ودعم قيادة واحدة يمكنها هزيمة الحوثيين، والحفاظ على وحدة اليمن، والاستثمار في إعادة إعماره.

 

وقالت فينا علي خان، الباحثة في شؤون اليمن والخليج الفارسي ل TRT World: "لا تزال هناك شائعات بأن [الإمارات] تدفع للسيطرة على ميناء عدن عبر موانئ دبي العالمية. والأهم من ذلك، لا تزال الانقسامات الحادة موجودة داخل قوات الكتلة المناهضة للحوثيين، مع تزايد العداوات بين المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات العمالقة، التي يفترض ظاهريا أن تكون في مضمار واحد. وبصراحة، لا تزال الأجندات السعودية - الإماراتية المتضاربة في اليمن تساهم في تفتيت المجلس الانتقالي الجنوبي".

 

ومع ذلك، تمكنت الرياض وأبو ظبي حتى الآن من منع مصالحهما المتضاربة في اليمن من تأجيج أزمات شاملة في الشؤون الثنائية، حتى لو أمضى بعض المعلقين سنوات في الإشارة إلى أن التحالف السعودي - الإماراتي يتدهور.

 

وبدلا من ذلك، "أثبتوا براعتهم في تجزئة خصوماتهم، خاصة عندما وصل الوضع بين القوات المتحالفة معهما على الأرض إلى نقطة الغليان"، كما قالت الباحثة فينا علي خان.

 

مصالح السعودية في جنوب اليمن

 

ستعتبر القيادة السعودية العودة الفعلية أو القانونية إلى تقسيم اليمن كارثية. هناك أسباب مختلفة، بما في ذلك حقيقة أن الرياض لا تعتقد أنه يمكن لها أن تحقق نفوذا كافيا في دولة مستقلة في جنوب اليمن قد تعود إلى الظهور في المستقبل. ومع ذلك، قد يترك صانعو السياسة في الرياض في وضع يتعيّن عليهم فيه الاستفادة القصوى من الانفصال في جنوب اليمن.

 

وقال إبيش: "أعتقد أن [المسؤولين السعوديين] سيتعين عليهم فقط قبول بأنه أمر واقع، لكنهم لن يعجبهم ذلك؛ هذا ليس في مصلحتهم، إذا كان بإمكانهم فعل أي شيء لضمان عدم حدوث ذلك فسيفعلون ذلك".

 

ويتفق خبراء آخرون مع هذا الرأي. وقال كشيشيان ل TRT World: "بالرغم من أن جنوب اليمن الناشئ افتراضي، إلا أنه سيشكل تحديات خطيرة للرياض، التي ربما لن ترحب بأي قوى انفصالية في شبه الجزيرة العربية، وهو أمر لا يرغب مجلس التعاون الخليجي، على الأرجح، في رؤيته أيضا".

 

إلا أنه إذا حدث مثل هذا الانقسام في اليمن، سواء كان رسميا أو غير رسمي، فمن المرجح أن ترد الرياض بحذر من أجل تجنب تفاقم أو تعقيد التوترات التي يمكن أن تأتي بنتائج عكسية ضد المصالح الأمنية الجيوسياسية للمملكة العربية السعودية.

 

وقال عزيز الغاشيان: "أتوقع أن تقيم النخبة الحاكمة السعودية كيف يؤثر جنوب اليمن المستقل على الاستقرار على الحدود السعودية".

 

وأضاف: "بالنسبة للمملكة العربية السعودية أصبح من الواضح أنها مستعدة لأن تكون براغماتية في من تتعامل معه، مع ذلك لا أرى السعوديين مستريحين ببساطة للسماح للمجلس الانتقالي الجنوبي بالحكم في الجنوب لوحدهم، لذلك إذا حصلت دولة في جنوب اليمن، فإن هذا سيعني أن كلا اليمنين سيدخلان في مجال المنافسة السعودية - الإماراتية لسنوات قادمة".

 

الديناميات الإقليمية والصورة الأوسع

 

لطالما كانت المنافسة الشرسة ومستويات التوتر العالية بين دول مجلس التعاون الخليجي موجودة. ومع ذلك، على مر التاريخ، بقت هذه التوترات تحت السطح في ظل أوقات الأزمات في المنطقة. هذا هو الحال اليوم وسط حرب إسرائيل على غزة، التي توسعت إلى البحر الأحمر، وربما تؤدي إلى حرب شاملة في لبنان.

 

وفي هذا السياق، من المرجح أن يقوم محمد بن سلمان ومحمد بن زايد؛ باعتبارهما زعيمين براغماتيين، بتخفيف واحتواء التوترات بين بلديهما فيما يتعلق باليمن، وتهميش التوترات، مع عدم حلها.

 

فبعد السيطرة على وقف إطلاق النار في نهاية المطاف في غزة، والعنف في البحر الأحمر وجنوب لبنان وشمال إسرائيل، سيكون من المهم مراقبة كيفية حدوث التوترات بين الرياض وأبو ظبي حول مستقبل اليمن.


مقالات مشابهة

  • سلطة محافظة أبين تؤكد وقوفها إلى جانب القبائل المطالبة بالإفراج عن الجعدني 
  • الدكتور بن حبتور يشيد بالمسيرة الشعبية لأحرار حضرموت ضد قوى الاحتلال
  • خلافات السعودية والإمارات المتصاعدة خلقت تعقيدات في طريق حل الأزمة اليمنية (ترجمة خاصة)
  • أبين تستعر.. القبائل تحشد رجالها وسلطة وقوات المحافظة تخلي مسؤوليتها
  • قيادة أبين تجدد وقوفها لمطالب قبائل المحافظة بالإفراج عن "الجعدني" المختطف لدى مليشيا الانتقالي
  • اليمن.. هروب استثمارات المغتربين إلى الخارج
  • صحيفة: هروب استثمارات المغتربين اليمنيين إلى الخارج
  • الانتقالي يكشف عن أزمة داخل المجلس الرئاسي بسبب توجيهات سعودية
  • ماذا ينتظر أهالي الإسماعيلية من الحكومة المرتقبة؟.. انتعاش سياحي وتجاري
  • دعوات متواصلة في حضرموت لطرد الاحتلال الإماراتي