نعيش اليوم حالة تكررت خلال المائتى عام الأخيرة ثلاث مرات.. وللأسف خرجنا من المرات الثلاث بكارثة مروعة.. فهل نكرر فى المرة الرابعة ما فعلناه فى المرات الثلاث السابقة؟
الحكاية ببساطة أن مصر شهدت خلال القرنين الأخيرين أربع محاولات جادة لتحقيق نهضة شاملة.. أولاها كان فى عهد محمد على الذى نهض بمصر زراعيًا وصناعيًا وتعليميًا وعسكريًا وتمكن من بناء إمبراطورية مصرية كبيرة.
ولكن تآمر على مصر أكبر دول ذلك الزمان: إنجلترا وروسيا وبروسيا والنمسا، وساندتها دولة الخلافة العثمانية، فيما خانت فرنسا «محمد على» فلم تقدم له الدعم الكافى لمواجهة الدول الخمس، فتم هزيمته عسكريًا وإجباره على قبول معاهدة 1840 التى قلصت نفوذ مصر وأجهضت نهضة مصرية كان كفيله – لو نجحت- بأن تجعل مصر دولة عظمى.
وتكررت تجربة مماثلة فى عهد الخديو إسماعيل، والذى حكم مصر بدءًا من 18 يناير 1863 وكان حلمه الكبير هو أن يجعل مصر قطعة من أوروبا، فنهض بالزراعة والصناعة والنقل والمواصلات والبريد، وحصل من السلطان العثمانى على فرمان يقضى بحق مصر فى سك النقود الخاصة بها، وشهدت البلاد نهضة عمرانية ما زالت آثارها بقاية حتى اليوم، ولكن تمت تصفية مشروع النهضة بإغراق مصر فى الديون تبعه ضغوط من إنجلترا وفرنسا أجبرا السلطان العثمانى على خلع إسماعيل من حكم مصر، وهو ما تم بالفعل فى 26 يونيو 1879، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل وجهت إنجلترا جيوشها فاحتلت مصر عام 1881 ولمدة 71 عامًا كاملة!
تجربة النهضة الثالثة كانت على يد الرئيس جمال عبدالناصر فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى، الذى أراد أن يجعل من مصر دولة زراعية وصناعية ونووية، ولكن انجلترا وفرنسا وأمريكا وإسرائيل أجهضوا هذه التجربة بالعدوان الثلاثى عام 1956، ثم بالعدوان الإسرائيلى على مصر واحتلال سيناء عام 1967، وهو العدوان الذى ضرب مصر واقتصادها فى مقتل ما زالت تعانى من آثاره حتى اليوم.
والأن تعيش مصر تجربة النهضة الرابعة، وتم تشييد بنية أساسية تكفل تحقيق نهضة صناعية وزراعية كبيرة، ولكن ذات التجربة تتعرض لمحاولات إجهاض لا تخطئها عين، وهذه المحاولات بدأ تنفيذها بشكل مكثف منذ سنوات، بإشعال الحرائق على حدودنا الغربية فى ليبيا التى تسلل إليها عدد كبير من الإرهابيين الذين كانوا يستهدفون مصر أساسًا، ثم أشعلوا النار فى الحدود الجنوبية فى السودان فتدفق منها ملايين السودانيين لاجئين لمصر هربًا من الحرب الأهلية الدائرة هناك.
وليس هذا فقط، فهناك ضغوط مروعة على الاقتصاد الوطنى، وهى ضغوط جعلت الجنيه يتهاوى تحت ضربات الدولار، فاشتعلت أسعار كل شيء فى مصر بدرجة غير مسبوقة، لم يكتفوا بذلك، بل أرادوا قطع الشريان الرئيسى الذى يضخ العملة الصعبة فى قلب الاقتصاد المصرى وهى قناة السويس، فأغلقوا باب المندب ومنعوا مرور السفن فى البحر الأحمر وقناة السويس تحت زعم هجمات الحوثيين على السفن المارة فى البحر!
والآن يشعلون النار فى حدودنا الشرقية التى تشهد تصعيدًا وتحرشًا إسرائيليًا بمصر غير مسبوق منذ توقيع معاهدة السلام فى نهاية سبعينيات القرن الماضى.
والمعنى ببساطة أننا أمام محاولات خبيثة تستهدف إجهاض المحاولة الرابعة لنهضة مصر، وعلى كل مصرى أن يدرك هذا الأمر جيدًا، فالحكاية أخطر بكثير من غلاء الأسعار واحتفاء بعض السلع وتراجع قيمة الجنيه والتضخم، الحكاية أننا أمام مؤامرة خبيثة لتدمير مصر وإجهاض حلمها فى النهضة
وإما أن ننتبه لهذا الأمر فنتصرف كما لو كنا فى حالة حرب، وإلا ستكون نهايتنا جميعًا.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كلمات عام الأخيرة أوروبا
إقرأ أيضاً:
اليوم.. انطلاق ندوة تجربة سلطان النيادي لإلهام الشباب بمشاركة مصر والإمارات
تنطلق اليوم الأربعاء ، فعاليات ندوة خاصة تحت رعاية الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، وسلطان النيادي، وزير الشباب بدولة الإمارات العربية المتحدة ورائد الفضاء. الندوة تُقام بمقر التعليم المدني في الجزيرة، حيث تهدف إلى تسليط الضوء على تجربة النيادي كرائد فضاء، وما تحمله من إلهام عميق للشباب، في إطار تعزيز التعاون المثمر بين مصر والإمارات في مجالات تنمية الشباب والابتكار.
وأكد وزير الشباب والرياضة، الدكتور أشرف صبحي، أن هذه الفعالية تأتي ضمن سلسلة من الأنشطة المشتركة بين البلدين لتعزيز تبادل الخبرات وتحفيز الشباب المصري على الابتكار والإبداع في مختلف المجالات، مشيرًا إلى أهمية استعراض تجارب ملهمة مثل تجربة النيادي، التي تُعد مثالاً حيًا لما يمكن للشباب العربي تحقيقه من إنجازات عالمية.
تشمل الفعالية ندوة خاصة مع الكيانات الشبابية، يتم خلالها التركيز على أهمية العلوم والتكنولوجيا الحديثة، وما تعنيه رحلة سلطان النيادي إلى الفضاء بالنسبة للشباب الطامحين إلى تحقيق إنجازات مشابهة. كما تتضمن جولة تفقدية في مركز شباب الجزيرة للتعرف على الأنشطة والخدمات المقدمة للشباب، بهدف تعزيز الوعي بدور مراكز الشباب في بناء قدراتهم.
ومن المقرر أن تُشارك في الفعالية سعادة مريم الكعبي، سفيرة دولة الإمارات العربية المتحدة بجمهورية مصر العربية، التي ستُلقي كلمة خاصة تؤكد على متانة العلاقات الثنائية بين البلدين، والدور المحوري الذي تلعبه تلك الفعاليات في تعزيز التعاون الثقافي والمعرفي بين مصر والإمارات.
تهدف الندوة إلى تعزيز رؤية القيادة السياسية المصرية والإماراتية لبناء جيل واعٍ، ملم بالمتغيرات العالمية، وقادر على مواكبة التطورات التكنولوجية. كما تأتي الندوة في إطار مبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان"، التي أطلقتها القيادة المصرية لتنمية مهارات وقدرات الشباب والنشء.
وعقب اختتام فعاليات الندوة الخاصة بتجربة سلطان النيادي، المقررة اليوم ، بمقر التعليم المدني بالجزيرة، يقوم الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، بجولة تفقدية بمركز شباب الجزيرة للتعرف على الأنشطة والخدمات المقدمة للشباب، وذلك بمشاركة سعادة مريم الكعبي، سفيرة دولة الإمارات العربية المتحدة بجمهورية مصر العربية.
تأتي الجولة في إطار التعاون المشترك بين مصر والإمارات لتعزيز الأنشطة الشبابية وتطوير مراكز الشباب باعتبارها حاضنة رئيسية لإعداد جيل واعٍ قادر على المساهمة في بناء المستقبل. وسيقوم الوزير باستعراض البرامج والأنشطة التي يقدمها المركز، مع التركيز على كيفية توظيف هذه الأنشطة لدعم رؤية القيادة السياسية لبناء الإنسان المصري وتنمية مهارات الشباب.
وتسعى وزارة الشباب والرياضة من خلال هذه الفعالية إلى تقديم نموذج يحتذى به للشباب المصري في مختلف المحافظات، يُبرز أهمية الطموح والعمل الجاد للوصول إلى القمة. يُذكر أن الندوة تُعد جزءًا من سلسلة تعاون أوسع تشمل تنظيم فعاليات رياضية وثقافية بين البلدين.