بوابة الوفد:
2025-01-30@18:19:26 GMT

الرابعة يا مصريين

تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT

نعيش اليوم حالة تكررت خلال المائتى عام الأخيرة ثلاث مرات.. وللأسف خرجنا من المرات الثلاث بكارثة مروعة.. فهل نكرر فى المرة الرابعة ما فعلناه فى المرات الثلاث السابقة؟

الحكاية ببساطة أن مصر شهدت خلال القرنين الأخيرين أربع محاولات جادة لتحقيق نهضة شاملة.. أولاها كان فى عهد محمد على الذى نهض بمصر زراعيًا وصناعيًا وتعليميًا وعسكريًا وتمكن من بناء إمبراطورية مصرية كبيرة.

ولكن تآمر على مصر أكبر دول ذلك الزمان: إنجلترا وروسيا وبروسيا والنمسا، وساندتها دولة الخلافة العثمانية، فيما خانت فرنسا «محمد على» فلم تقدم له الدعم الكافى لمواجهة الدول الخمس، فتم هزيمته عسكريًا وإجباره على قبول معاهدة 1840 التى قلصت نفوذ مصر وأجهضت نهضة مصرية كان كفيله – لو نجحت- بأن تجعل مصر دولة عظمى.

وتكررت تجربة مماثلة فى عهد الخديو إسماعيل، والذى حكم مصر بدءًا من 18 يناير 1863 وكان حلمه الكبير هو أن يجعل مصر قطعة من أوروبا، فنهض بالزراعة والصناعة والنقل والمواصلات والبريد، وحصل من السلطان العثمانى على فرمان يقضى بحق مصر فى سك النقود الخاصة بها، وشهدت البلاد نهضة عمرانية ما زالت آثارها بقاية حتى اليوم، ولكن تمت تصفية مشروع النهضة بإغراق مصر فى الديون تبعه ضغوط من إنجلترا وفرنسا أجبرا السلطان العثمانى على خلع إسماعيل من حكم مصر، وهو ما تم بالفعل فى 26 يونيو 1879، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل وجهت إنجلترا جيوشها فاحتلت مصر عام 1881 ولمدة 71 عامًا كاملة!

تجربة النهضة الثالثة كانت على يد الرئيس جمال عبدالناصر فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى، الذى أراد أن يجعل من مصر دولة زراعية وصناعية ونووية، ولكن انجلترا وفرنسا وأمريكا وإسرائيل أجهضوا هذه التجربة بالعدوان الثلاثى عام 1956، ثم بالعدوان الإسرائيلى على مصر واحتلال سيناء عام 1967، وهو العدوان الذى ضرب مصر واقتصادها فى مقتل ما زالت تعانى من آثاره حتى اليوم.

والأن تعيش مصر تجربة النهضة الرابعة، وتم تشييد بنية أساسية تكفل تحقيق نهضة صناعية وزراعية كبيرة، ولكن ذات التجربة تتعرض لمحاولات إجهاض لا تخطئها عين، وهذه المحاولات بدأ تنفيذها بشكل مكثف منذ سنوات، بإشعال الحرائق على حدودنا الغربية فى ليبيا التى تسلل إليها عدد كبير من الإرهابيين الذين كانوا يستهدفون مصر أساسًا، ثم أشعلوا النار فى الحدود الجنوبية فى السودان فتدفق منها ملايين السودانيين لاجئين لمصر هربًا من الحرب الأهلية الدائرة هناك.

وليس هذا فقط، فهناك ضغوط مروعة على الاقتصاد الوطنى، وهى ضغوط جعلت الجنيه يتهاوى تحت ضربات الدولار، فاشتعلت أسعار كل شيء فى مصر بدرجة غير مسبوقة، لم يكتفوا بذلك، بل أرادوا قطع الشريان الرئيسى الذى يضخ العملة الصعبة فى قلب الاقتصاد المصرى وهى قناة السويس، فأغلقوا باب المندب ومنعوا مرور السفن فى البحر الأحمر وقناة السويس تحت زعم هجمات الحوثيين على السفن المارة فى البحر!

والآن يشعلون النار فى حدودنا الشرقية التى تشهد تصعيدًا وتحرشًا إسرائيليًا بمصر غير مسبوق منذ توقيع معاهدة السلام فى نهاية سبعينيات القرن الماضى.

والمعنى ببساطة أننا أمام محاولات خبيثة تستهدف إجهاض المحاولة الرابعة لنهضة مصر، وعلى كل مصرى أن يدرك هذا الأمر جيدًا، فالحكاية أخطر بكثير من غلاء الأسعار واحتفاء بعض السلع وتراجع قيمة الجنيه والتضخم، الحكاية أننا أمام مؤامرة خبيثة لتدمير مصر وإجهاض حلمها فى النهضة

وإما أن ننتبه لهذا الأمر فنتصرف كما لو كنا فى حالة حرب، وإلا ستكون نهايتنا جميعًا.

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: كلمات عام الأخيرة أوروبا

إقرأ أيضاً:

«الجارديان»: «ترامب» يهدد آمال «غزة» فى إعادة الإعمار

سلطت صحيفة الجارديان البريطانية الضوء أمس على الأسباب التى تضيع الآمال الفلسطينية فى التخلص من آثار الحرب المدمرة التى لحقت بهم، وذكرت افتتاحية الصحيفة عدة أسباب من شأنها ضياع ذلك الحلم فى إعادة الإعمار، وأضافت: يعود الفلسطينيون إلى الشمال – لكن رغبة الرئيس الأمريكى فى «تطهير» القطاع، على الرغم من عدم واقعيتها، تثير قلقًا عميقًا.

وتابعت: «يعود الفلسطينيون إلى ديارهم فى شمال غزة، على الرغم من أن القليل من منازلهم ما زالت قائمة. لقد دمرت المستشفيات والمدارس والبنية الأساسية الأخرى. بالنسبة للبعض، كانت هناك لقاءات حزينة؛ بينما يبحث آخرون عن جثث أحبائهم. إنهم يبحثون عن الأمل وسط أنقاض حياتهم السابقة. ولكن هناك تهديدات جديدة تلوح فى الأفق. فإسرائيل والأمم المتحدة فى مواجهة بشأن مستقبل وكالة الأونروا، وكالة الإغاثة للفلسطينيين. ومن المقرر أن يدخل قانون إسرائيلى ينهى كل أشكال التعاون مع الوكالة حيز التنفيذ اليوم ــ فى الوقت الذى تتدفق فيه المساعدات التى تشتد الحاجة إليها أخيراً على غزة. ويقول خبراء المساعدات إن أى كيان آخر لا يملك القدرة على توفير الدعم الطويل الأجل اللازم للسكان.

ولفتت إلى القضية الثانية المتعلقة باستمرار وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى. قائله «فالانتقال إلى المرحلة الثانية ـ والتى من المفترض أن تنسحب فيها إسرائيل بالكامل، وأن تنزع حماس سلاحها ـ سوف يكون أكثر صعوبة».

وفى الوقت نفسه هناك مخاوف بشأن الهجوم الإسرائيلى على جنين فى الضفة الغربية المحتلة، والذى وصفه المسئولون الإسرائيليون بأنه تحول فى أهداف الحرب. وفى لبنان، أطلقت القوات الإسرائيلية النار على 26 شخصًا احتجاجًا على استمرار وجودها وقد تم تمديد الموعد النهائى لانسحابها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار حتى الثامن عشر من فبراير.

ولكن التهديد الجديد هو اقتراح ترامب برغبته فى «تطهير هذا الشيء بأكمله»، مع مغادرة مليون ونصف المليون فلسطينى غزة مؤقتًا أو على المدى الطويل، ربما إلى الأردن أو مصر. ونظرًا لتاريخهم من النزوح القسرى، ليس لدى الفلسطينيين أى سبب للاعتقاد بأنهم سيعودون على الإطلاق. ويبدو هذا وكأنه نكبة أخرى.

وأضافت: طرح الرئيس الأمريكى الفكرة مرة أخرى، وورد أن إندونيسيا كانت وجهة بديلة وهذا أكثر من مجرد فكرة عابرة. فقد أبدى قلقه على الفلسطينيين، قائلًا إنهم قد يعيشون فى مكان أكثر أمانًا وراحة. لقد أوضحوا رعبهم بوضوح. ولا يغير تغليف الهدايا من حقيقة أن الإزالة القسرية ستكون جريمة حرب.

وأكدت الجارديان أن هذه التعليقات البغيضة هى موسيقى فى آذان أقصى اليمين الإسرائيلى. وربما تكون مقصودة فى المقام الأول لمساعدة بنيامين نتنياهو على إبقاء شركائه فى الائتلاف على متن الطائرة. فقد رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي- الذى من المقرر أن يلتقى ترامب فى الأسبوع المقبل - خطط «اليوم التالي» فى غزة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى سعيه إلى تأجيل مثل هذا اليوم. وإن طرد الفلسطينيين من الشمال سيكون أكثر صعوبة الآن بعد عودة مئات الآلاف. ولا تريد مصر والأردن استقبالهم لأسباب سياسية وأمنية. وقد أوضح لاعبون أقوياء آخرون معارضتهم - ولا يزال ترامب يأمل فى تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية فى إطار صفقة إقليمية أوسع. ومع ذلك، قد تأمل إدارته أن يؤدى الضغط الكافى على المساعدات إلى تحويل أصغر داخل المنطقة، أو ربما تحويل أكبر فى مكان آخر.

وأشارت الصحيفة إلى أنه لا يحتاج اقتراح ترامب إلى أن يكون قابلًا للتطبيق ليكون ضارًا. فهو يعزز اليمين المتطرف فى إسرائيل- الذى حفزه بالفعل إلغاء العقوبات الأمريكية على المستوطنين العنيفين فى الضفة الغربية - ويزيد من نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين. يبدو أن ترامب ينظر إليهم باعتبارهم عقبة أمام تطوير العقارات وصفقته الكبرى التى ناقشها منذ فترة طويلة، وليس بشرًا لهم الحق فى إبداء رأيهم فى حياتهم. غالبًا ما بدا التزام الولايات المتحدة بحل الدولتين نظريًا إلى حد كبير. لكنه لا يزال مهمًا. ولا يزال الفلسطينيون بحاجة إلى مستقبل طويل الأجل فى دولة خاصة.

مقالات مشابهة

  • «الأزمة الاقتصادية» الباب الخلفى لمجتمع دموى
  • أصبحت أفعالكم لا تليق بمقام أم الدنيا
  • الرئيس المقاول
  • «الجارديان»: «ترامب» يهدد آمال «غزة» فى إعادة الإعمار
  • «ترامب».. لا بد منه!
  • قضية القضايا
  • عادل حمودة يكتب: الجيوب والقلوب
  • ترامب: المصالح الأمريكية تدهورت خلال الفترة الماضية.. ولكن هذا الأمر انتهى
  • البابا تواضروس وحديث الوحدة الوطنية
  • الفن.. والتحريض على القتل!