"اسأل نجاوب"..تثقيف المرضى وأسرهم بمستشفى 57357 في اليوم العالمي لسرطان للأطفال
تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT
نظم قسم التوعية بمستشفى سرطان الأطفال مصر 57357، برئاسة د. علا محمد، يوما تثقيفيا، تحت شعار "إسال نجاوب في 57357،،"، من خلال لجنة تثقيف المرضى، بقسم التوعية والتثقيف، وذلك في قاعة المؤتمرات بالمستشفى، بمناسبة اليوم العالمي لسرطان الأطفال.
مكافحة العدوىوقال أحمد سعيد، أخصائي مكافحة العدوى، خلال يوم التوعية، أن الوقت الحالي يشهد انتشار العدوى في الجهاز التنفسي، ناصحا الأسر بالحفاظ والاهتمام بصحة أولادهم، خاصة في مواسم تغيير الفصول والشتاء.
كما عرضت د. ياسمين سعد، استشاري التغذية العلاجية بمستشفى 57357، معلومات عن الروشتة التغذية السليمة للإنسان، وكذلك مرضى سرطان الأطفال، وضرورة حصول الجسم على كافة احتياجاتهم من النشويات والدهون والبروتينات والفيتامينات.
ونصحت الأمهات بتناول أطفالهم المصابين الغذاء بالكميات القليلة مع زيادة عدد المرات في اليوم، بحيث يتناول ما يكفي جسمه من الغذاء على مدار اليوم، مع ضرورة تغيير طعم الأكل، لأن مريض السرطان يشم رائحة مختلفة للطعام غير مقبولة لديه مثل الأسوياء، بل وأن بخار الطعام الساخن يعطي إشارة للمركز الشبع في المخ بأنه لا يحتاج لتناول الطعام.
محافظ قنا: نسير وفق خطة استراتيجية وطنية في ملفات الصحة والقمامة والبيئةوأكدت رباب حسن، مسؤول تثقيف المرضى، على أسر الأطفال مرضى السرطان، ضرورة النظافة الشخصية لأطفالهم، وكذلك غسل الأيدي لأنها تلامس كافة الأسطح، وقد تكون سببا في نقل العدوى للأطفال من أي سطح ملوث، كما عرضت معلومات عن متابعة الحالة الصحية للأطفال، وخاصة التهابات الفم، والعين، ودرجة حرارة الجسم، ونظافة الفم، مشددة على ضرورة ارتداء الكمامات للأطفال مرضى السرطان لحمايتهم من العدوى.
د. عمرو الكاشف، مشرف أول بقسم دعم القرار بصيدلية 57357، عرض معلومات توعوية عن ضرورة ترشيد استخدام المضادات الحيوية وعدم تناولها دون داعي، فهي تقاوم العدوى البكتيرية وليست الفيروسية، وليس معنى ارتفاع درجة الحرارة في جسم الإنسان أن يلجأ للصيدلية لشراء المضاد الحيوي لتناوله على أمل الشفاء، ولكن هذا تصرف خاطئ، ولا يتم تناول المضاد الحيوي إلا بوصفه من الطبيب المختص.
الجرعة المناسبةكما يجب تناول المضاد الحيوي بالطريقة والجرعة المناسبة التي يحددها الطبيب، سواء كانت قبل أو أثناء الطعام، وفي الوقت المحدد الجرعة لكي لا تقل من فاعلية الدواء، وكذلك عدد الجرعات وأيام العلاج وشدد على ضرورة حفظ الدواء طبقا لارشاداته الطبية لكي لا يفسد الدواء، أو تقل فاعليته.
وقال د. محمد صدقي، استشاري أورام الدم، أن طول مدة تناول المضاد الحيوي قد يخلق نوعا جديدا من الفطريات على الجسم.
مشيرا إلى أن التشخيص المبكر للسرطان عند الأطفال أمر هام للغاية، فهي لا تكون واضحة في كثير من الأحيان لديهم بخلاف الكبار، وتجمعت أعراضه في حروف كلمتي "صحة شعبنا"، حيث يمثل كل حرف منها عرض مختلف عن الآخر، وهي الصداع، والهزال، والشحوب، والعرج، وابيضاض العين، والنزيف، والأورام المرئية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الجرعة المناسبة التغذية العلاجية مستشفى سرطان الأطفال مصر المضاد الحیوی
إقرأ أيضاً:
مابل ولف ومدرسة القابلات (1920): الاستعمار المضاد (1-2)
عبد الله علي إبراهيم
د. حسن بلة الأمين، أطباء السودان الحفاة: قصة نجاح بهرت العالم، جامعة الخرطوم للنشر، 2012 (الطبعة الثانية، المصورات 2025)
(شرفت بطلب الدكتور حسن الأمين بلة تقديم كتابه أعلاه. فكتبت ما تجده أدناه)
هذا الكتاب شديد الحفاوة بتدريب القابلات بمدرسة الدايات التي نشأت في أم درمان في 1920. وبلغ من حفاوته أن قال إنها تجربة في الأطباء الحفاة، الممارسين للرعاية الصحية غير متفرغين، سبقنا إليها الصين التي جاءت بحفاة أطبائها في العقود الأخيرة من القرن العشرين. وتأسف المؤلف أن لم تجد تجربة القابلة السودانية الحفاوة التي لقيها طبيب الصين الحافي. فلا تجد ذكراً لها في أروقة كلية الطب التي نشأت بعدها في 1924. وتأسف شخصياً كخريج من هذه الكلية أنه لم يسمع عن إحساننا فن التوليد طوال سنيه بها. وسمى كسب مؤسسة القابلات كسباً عبقرياً. وذكر دهشة كل من سمع منه محاضراً عن هذه العبقرية. فوقف جراح سوداني بعد الاستماع له ببلد أجنبي:
“You made me feel proud as a Sudanese as I never felt before.”
"لقد جعلتني أحس بالزهو بأنني سوداني كما لم أحس من قبل".
وأراد المؤلف بالتوثيق لمدرسة القابلات أن نستصحب عبقرية تلك المدرسة في السياسة الصحية القومية وأن نبني عليها لعافية الريف خاصة. فظل المؤلف مهجساً بخبرة الطبيب الحافي في مدرسة القابلات لأربعين سنة أنفقها في لقاءات بمن كانوا من وراء تدريب أولئك الطبيبات الحافيات، وفي أبحاث عن حال هذا التدريب في إطار تخصصه في طب الأسرة. وكتب مؤلفاته بالإنجليزية ثم ساءه ألا يبلغ من ذلك شيء إلى بني بلده. فكتب كتابه هذا في العربية الذي تجوهرت فيه معارف أربعين عاماً في لغة أجنبية. وقال: "ارجو أن يكون هذا الكتاب تعبيراً عن حبي للوطن، وللمحتاجين للنصرة من أهله".
أدرك المؤلف مابل وولف، مؤسسة مدرسة القابلات في 1920، وأخذ منها لأنها عاشت لمائة عام. فهشت له وسعدت أن يطلبها طبيب سوداني شاب راغب في معرفة تجربتهن الباكرة في السودان. واجتمع معها بإلين كندل آخر مديرة بريطانية لمدرسة القابلات. ثم بحث عن مس إي هلز ينق التي خلفت مابل في العمادة. ثم التقى في السودان بالست بتول محمد عيسى الباشدايه الأولى بالمدرسة وعميدة المدرسة لاحقاً ولمدة طويلة. والتقى كذلك بست الدون من أوائل خريجات المدرسة وصارت عميدة لمدرسة الدايات بمدني. ثم ست حواء محمد صالح من رائدات التمريض والتوليد.
نشأ برنامج تدريب القابلات في مدرستهن على يد السيدة مابل وولف ولحقت بها أختها جيرترود لاحقاً لتساعدها لدى مرضها عام 1929. وحين شفيت مابل صارت جيرترود مساعدة لها. وجاءت مابل إلى السودان من مصر وكانت رئيسة التمريض بالفيوم فيها. وهدفت المدرسة إلى تحقيق وجود قابلة مدربة في كل قرية للتغلب على العادات الضارة بصحة المرأة، وترعى صحتها وصحة أطفالها.
وكان نهج مابل الدعوة بالحسنى لصحة الأمهات لا التأمر من عل. ولم تفهم من المقاومة التي لقيتها في تحديثها للولادة أنها صنع "متمردين" ذوي نية مبيته لإفشالها، بل زميلات لهن عزة بما تعودن من مهنتهن. وصح استصحابهن في ذلك الطريق المستجد عليهن. ومن مصابرتها على جفاء زميلات المهنة انتهازها زيارات التفتيش على القابلات للترويج للمدرسة بين الأهالي. فلم تر في معارضة دايات الحبل التقليديات للنظام الجديد دساً للتقويض. وسعت مابل في وجه مقاومتهن لتليين موقفهن بلقاءات معهن والحديث إليهن بأحاديث سمتها "أحاديث في التوليد". وكانت المقاومة حقيقة حتى طالبات المدرسة كرهن الإقامة في المدرسة. ووكزتها مرة داية حبل قائلة: "أنا وَلَّدت قبل يولدو أمك". وبدأ فصلها الأول وفيه اثنتان من دايات الحبل (عمرهما 68 سنة و70 سنة). وسارعت لتخريج دايات مثل عزيزة برسي (68 سنة) ومستورة خضر الأصغر قليلاً لتخرج من الحرج بأنها أجنبية لا تحسن الولادة السودانية. ثم جات جندية صالح التي لعبت، رغم أميتها، دوراً مميزاً في تقريب مهنتي القابلة والممرضة لجمهور النساء.
وأهم سمات نهج مابل هو حسها الفائق بالزمالة مع فريقها مع طاقم المدرسة. فقالت عن بتول عيسى: "إنها بحق امرأة غير عادية في توجهها ونظرتها للحياة، وفي تربيتها لابنها، وفي إحساسها العميق بالمسؤولية. يأتي العمل عندها أولاً مهما كلف ذلك. ولا تدخر وسعاً في ذلك. إن ثباتها على قيم وشرف العمل بمدرسة الدايات كان أعز شيء عندها". ونعت هي واختها جيرترود المرحومة جندية حين توفيت بالسرطان في 1936. ووصفتاها ب"المجاهد المحارب". وكتبتا شاهداً باسمهما على قبرها. وترقرقت عين حفيدة لجندية وهي تسمع من المؤلف ثناء مابل وأختها عليها.
وكان أبهر صور زمالة مابل هو تعلمها اللغة الدراجة السودانية لتصح دعوتها للتحديث بلغة القوم فتصل الشغاف. فلم تتعلل بمعرفتها عامية مصر دون تعلم عامية السودان. وبلغت من معرفة العامية السودانية مبلغ أهلها. ففي زيارة للمؤلف لها بمنزلها بإنجلترا كسرت زميلتها إناء ما فصاحت مابل: "انكسر الشر".
وأعانتها معرفة العامية السودانية على تملك زمام قاموس النساء السودانيات. فجمعت الكلمات في العامية عن الحمل ومتعلقاته لوظيفها في تدريب القابلات. وهو البدء من ثقافة طالب الخدمة ومؤديها لا افتراض خلوه منها لتجريعه ثقافة أرقى مزعومة. فأنشأت "دليل العربية السودانية لقابلات" ترجمت فيه المصطلحات العلمية في لغة ميسرة للتدريب فيه. ووظفت خيالاً شفيفاً للغاية. فجعلت الجسم في الكتاب ك: "شبه بيت مفروش. وكل العدة الفيه عندها فايدة مخصوصة. القلب يشبه الطرمبه فشان كلما ينفك يشفط الدم الفاسد". الصدر شبه قفص من عظم وفيه بالظهر عظام السلسلة واللوحتين. والفشافيش مثل شبابيك البيت. والمعدة متل الخرج. وهي "متل المرحاكة عشان بتفرم الأكل ناعم".
وجنح خيال مابل تستثمر في روتين حياة النساء اليومي لبلوغ مقاصدها. فلتقلع النساء عن لزوم السرير لأربعين يوما جاءت ماربل بمجاز "الجبنة" لتقريب مخاطر العادة. فصورت الرحم كجبنة. والرقاد يجعل الرحم كجبنة راقدة على جنبها يبقى فيها شيء من القهوة بعد صبها. وهذا ما يحدث للمرأة المستلقية فلا تنزل منها إفرازات الولادة. وزينت كل كتب منهجها بصور إيضاحية بريشتها فقد كانت رسامة موهوبة أيضاً. بل لربما كان الفن هو الذي ساقها إلى هذه المخاطرة الرشيقة مع مستعمَرين تحت حكم بلدها.
ودخلت بإحسان تعليم القابلات المطبخ لتأتي لهن بمجازات قريبة إلى افهامهن. فاخترعت مجاز "كشف الحلة" مثلاً من واقع النساء لتأليف الحوامل ليحضرن للعيادة. وتخريج المجاز في سؤالها للحامل: إذا كانت لك حلة على النار هل ستتركين الطعام يحرق أم أنك سترفعين الغطاء عنها مرة بعد مرة للتأكد من نضج الطبيخ قبل الحريق؟ وصار "كشف الحلة" عبارة في وفود الحوامل للكشف الدوري عليهن.
وسخي المثال الديني لمابل في التدريب. فواتاها في ما ورد في المنهج: "عليك أن تتذكري أن كل مولود تساعدينه من ظلام الرحم إلى ضياء الحياة هو هبة من الله وعليك أن تكوني جديرة بهذه الهبة الربانية". وزكى المنهج التوليد من جهة تقواه فاستثمرت من الدين الشعبي قوله: إذا ولدت الداية 99 ولادة بكرية (تلد لأول مرة) فلها الجنة. وحز في نفس المؤلف أن نغادر هذه البركة، وهي مطلب البروف عبد الله الطيب من التعليم، في تعليمنا الطبي المعاصر وممارسته فيتقدس عندنا الكسب والجاه. فعبارة طب الجاه بالمقابل هي: علم بالعينات الخمس: عيادة وعربة وعروس وعمارة وعزبة
لا مندوحة أن ينصرف الذهن إلى عقد مقارنة بين مدرسة القابلات وبخت الرضا بقرينة أنهما خدمتان تعليميتان من مستعمر واحد. وقد جاء ذلك المستعمر بتكليف ذاتي لانتشال أهل المستعمرة من وهدة الفاقة إلى رحاب الحداثة. ولكن في المماثلة بين التجربتين ظلم كبير لمدرسة القابلات. فاختلف التدريب في مدرسة القابلات عن معهد بخت الرضا من جهة تقييم المؤسستين للثقافة السودانية. فاتفق كلاهما على شح مواردها في ما يليهما من فن. ولكن بينما قامت فلسفة بخت الرضا على أخذ التلميذ من فقر ثقافته (المفترض من الاستعمار) إلى غنى ثقافتهم في مدرسة غنية لبيئة فقيرة (أو غبية)، في قولهم، كانت فلسفة مدرسة القابلات في استثمار ثقافة النساء للنفاذ بالحداثة لهن. فدربت القابلات لأداء مهمتهن داخل أكثر البيوت فقراً وتسخير إمكاناته لغرضها. فلتوقع ألا تكون بالبيت إنارة فالقابلة دُربت القابلة على حفظ استعمالات وجرعات الأدوية. كما تستخدم حواسها بالذوق أو الرائحة لتتعرف على المساحيق في صندوق المهنة. وكانت القابلات يُدربن على الولادة ونظافة الطفل على دمى من مواد محلية تصنعها المتدربات وهذا باب في المشاركة مميز في التدريب. وأعطوا اسم "ظريفة" لدمية الولادة لأنها تسمح للجميع توليدها. وجرى تدريب خياطة الأنسجة بالمقص على إطارات السيارات الداخلية. واحترمت مابل أمية قابلاتها فرتبت لهن أقراص ملونة تقف بها الداية على مراحل الحرج في النفاس في المستشفى. وهكذا قبلتهن أميات كما ولدتهن أمهاتهن ووفرت لهن طرائق للتوطن في المهنة ومعرفة لغتها.
واختلفت المؤسستان حيال الهرمية المؤسسية التي شابها استعلاء المستعمر على من هم دونه.
ibrahima@missouri.edu