أشقاء رغم البعد الجغرافي
تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT
خليفة بن عبيد المشايخي
khalifaalmashayiki@gmail.com
قد نختلف أو نتفق في مواضيع كثيرة، إلا أنه رُب أخ لك لم تلده أمك لا يختلف عليه اثنان، وحينما يكون الوعي يقود إلى فهم ذلك والإيمان به إيمانًا مطلقًا، فإن ثمة تآلف وتوافق سيحدث لا محالة، وستسير الأمور إلى وفاق دائم وحب دائم وتصالح دائم.
ففي عرف العلاقات العامة والخاصة هناك ضوابط تستدعي العمل والتمسك بها ليكون مسارها صحيحاً وسليمًا ومتوافقًا والأحوال والأهداف التي تتطلع إليها، فلا شك أن الهمجية والغوغائية في العلاقات والجهل بأسسها وأنماطها وعدم الاكتراث بعوامل عدة كالفهم والتواضع والاحترام والتقدير والمداراة وغير ذلك، يقود إلى ضياعها وعدم استمرارها على النحو الذي نرجو ويضمن سلامتها وديمومتها وبقاءها واستمرارها.
وعندما نأتي لننظر إلى السلف من أجدادنا وآبائنا، نجدهم احتفظوا لأنفسهم بتاريخ موغل في القدم، هذا التاريخ تمثل في أخلاقهم وأساليبهم وتعاملهم الطيب مع الآخرين وجوانب كثيرة. فعلى غرار ذلك، تأسست جسور المحبة والتعارف والعيش الكريم مع الآخرين، وكان أهلنا في الماضي سفراء عُمان في الخارج من حيث عاداتهم وتقاليدهم وأساليبهم وأفعالهم الطيبة، وعلاقاتهم المتميزة التي كانت مبنية على الاحترام والتقدير مع الآخر أينما حلوا وارتحلوا ومكثوا. وبمناسبة الزيارة الكريمة لحضرة صاحب السمو أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد التي قام بها منذ أيام للبلاد، فإننا نجد أن جمعا كبيرا من الأجداد سافروا إلى هذه الدولة الخليجية العربية المتزنة والتي اكتسبت احترام العالم أجمع، بحثًا عن العمل والرزق الحلال، فركبوا البحار والأهوال حتى وصلوا إليها، وعبروا قاصدين الكويت ديار آل الصباح، فمكثوا في بلادهم سنوات طويلة ضيوفا أعزاء معززين مكرمين، لم يجدوا إلا احتراما وتقديرا وعونا وتسهيلاً لأمورهم في كل شيء. وفي قراءة سريعة لما بين الشعبين الشقيقين نجدهم ملتفين حول بعضهم، محبين لجميعهم، ومترابطين فيما بينهم، تربطهم علاقات قوية قديمة، وأواشج قربى متأصلة، وأواصر مجتمعية وتاريخية وإنسانية متشابهة.
وشهدت طوال مسيرتهم تطورا كبيرا وملحوظا، وتنسيقا حميما في مجالات متعددة، وأصبح الدور المحوري للقيادات السياسية في البلدين، يعمل على إرساء المزيد من مجالات التنسيق السياسي والتعاون الاقتصادي والعلاقات الثقافية على مدى القرون والعقود التي مضت.
إن الزيارة التي قام بها صاحب السمو أمير دولة الكويت مؤخرا إلى سلطنة عُمان، وفيها تم افتتاح مصفاة الدقم بمحافظة الوسطى، ستضيف للعلاقات العُمانية الكويتية بعدًا آخر وكبيرًا، سيتعلق جزء منه بانتعاش الاقتصاد في البلدين، وفي تمتين العلاقات بينهما والمصالح المشتركة وعرى التفاهم والتحابب بين الطرفين والجانبين، وستفتح آفاقًا أرحب لفرص الاستثمار المتعددة وتوحيد الصف ووحدة الكلمة. إن عُمان ودولة الكويت الشقيقة يعبران بعلاقاتهما إلى بر الأمان بهدوء، بضربان أروع الأمثلة في الحب والتفاهم والتلاحم والصفاء والنقاء بدون ضجيج أو إزعاج أو تهويل؛ فالشعب الكويتي منذ الأزل شعب راقٍ محبٌ لنا.
وفي الجانب الآخر نبادلهم نحن هذا الحب والتقدير ومجالات التعاون المتوارثة والمستمرة بين الجانبين؛ فللكويت فضل كبير على العُمانيين، وإن سألت أحدًا من أجدادنا وآبائنا الذين تغرَّبوا فيها في ستينيات القرن الماضي فما فوق، سيُحدِّثُك عن أخلاق أهل الكويت وحبهم لنا، وكذلك أهل الكويت يشيدون دائمًا بمواقف العُمانيين ووقفتهم معهم في الظروف والملمات.
لقد سعدنا هنا في عُمان بوجود أمير الإنسانية بيننا منذ أيام والذي بزيارته لبلادنا فتح ذكريات جميلة ومواقف أجمل، تعبر على الدوام عن اعتزازنا بما يربطنا من علاقات ممتازة مع هذه الدولة وشعبها.
ختامًا.. حفظ الله عُمان والكويت وشعبيهما من كل سوء وشر ومكروه، وحقق لهم تطلعاتهم وبارك جهودهم، والله نسأل أن يدرأ عنَّا المخاطر والفتن ما ظهر منها وما بطن، ويبعد عنا المشاكل، ويبقى على ما ينفع الناس ويعزز من مستوى العلاقات على كل الأصعدة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
نجيبة الرفاعي: الكتابة بحث دائم عن الذات
الشارقة (الاتحاد)
ضمن فعاليات الدورة 43 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، أقيمت ندوة أدبية لمناقشة المجموعة القصصية «أبحث عني» للكاتبة الإماراتية نجيبة الرفاعي، بمشاركة الناقد والكاتب الصحفي الدكتور أيوب الحجلي، وإدارة الكاتبة فاطمة المزروعي، وتناولت الدور العميق للكتابة في استكشاف الكاتب لذاته وتفاعله مع تفاصيل الحياة.
وقالت نجيبة الرفاعي: «الكتابة بالنسبة لي محاولة لفهم النفس البشرية، فهي رحلة للبحث في أعماق الذات». وأشارت إلى أن مجموعتها القصصية جاءت بعد انقطاع دام 18 عاماً، حيث كان آخر أعمالها القصصية في عام 2006، مؤكدة أن انشغالها بالكتابة التربوية فرض عليها الابتعاد عن الأدب، لكنها عادت أخيراً بدافع من حنين قوي للكتابة.
أوضحت الرفاعي أن المجموعة تتناول أسئلة كبرى حول حقيقة الإنسان والسعادة وسبل تحقيقها، مشيرة إلى أن هذه الأسئلة تقودها إلى الإيمان بأن السعادة الحقة لا يمكن بلوغها إلا بالقرب من الله. ولفتت إلى أن بعض قصص المجموعة مستوحاة من مشاهدات وتجارب شخصية، وذكرت قصة «بائع المناديل» المهداة إلى طفل قابلته في الحرم المكي، وقصة «طلسم» التي تنتقد فوضى النشر وأشباه الأدباء.
من جانبه، أبدى الدكتور أيوب الحجلي رأيه النقدي في المجموعة، مشيراً إلى أن الأدب هو وسيلة للبحث عن الذات، وأن الرفاعي نجحت في التعبير عن ذاتها بعمق.
واعتبر الحجلي أن النصوص تحمل في طياتها رموزاً من البيئة الإماراتية، مما أضفى عليها خصوصية ثقافية وقوة، لافتاً إلى أن لغة السرد جاءت سلسة وعميقة، تعكس مهارة الكاتبة وقدرتها الإبداعية.