قال السفير الأميركي لدى الدوحة جيمي ديفيس إن الولايات المتحدة وأصدقاءها العرب يواصلون العمل من أجل وقف الحرب في قطاع غزة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، مؤكدا أن دولة قطر تحديدا تلعب دورا أساسيا في هذا الخصوص.

وأكد ديفيس في مقابلة مع الجزيرة -اليوم الأربعاء (14-02-2024)- أنه لا يملك جديدا بشأن المفاوضات التي جرت في العاصمة المصرية القاهرة -أمس الثلاثاء- لكنه قال إن الوسطاء يعملون على التوصل لحل للنزاع بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل، وإيجاد خطة لا تراجع عنها من أجل المضي قدما في إقامة دولة فلسطينية وتوفير مستقبل آمن لكلا الشعبين، وفق تعبيره.

وقال ديفيس إن هناك تفاؤلا حذرا لدى الوسطاء الذين يرون أن قبول الطرفين بالحديث إلى بعضهما يمكن أن يفضي إلى حل في نهاية المطاف، مؤكدا أن الجميع في المنطقة يعرف ما هي الفرص والتحديات بالنسبة لمستقبل قطاع غزة والشعب الفلسطيني.

تفاؤل حذر

وأضاف أن "الدبلوماسية تتطلب مباحثات مباشرة وفهما من كل الأطراف المعنية، ونحن متفائلون لأن الجميع مستعدون للجلوس من أجل إيجاد حل للأزمة".

وعن الدور القطري في هذا الملف، قال ديفيس إن دولة قطر لعبت دورا أساسيا في االتوصل لهدنة إنسانية بين حماس وإسرائيل ثم في احتمالية الوصول لوقف دائم للقتال، مشيرا إلى أن الدوحة "كانت الداعم الأساسي للفلسطينيين لسنوات وقدمت المساعدات الإنسانية لهم وكانت لديها دائما رغبة في تأمين المأكل والوظائف والعيش الكريم للعائلات".

وأكد ديفيس أن هذا الاهتمام القطري بالفلسطينيين "استمر بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي عبر جهود الوساطة من أجل إطلاق سراح الرهائن (الأسرى) بمن فيهم الأميركيون".

وأضاف أن قطر شكلت أيضا "منصة وفرصة من أجل إسرائيل وحركة حماس لكي تتمكنا من تبادل المقترحات والأفكار من أجل التوصل لحل لهذا النزاع"، مؤكدا أن دورها "أساسي في هذا الخصوص".

وعن التصعيد المتزايد في البحر الأحمر، قال السفير الأميركي إن الولايات المتحدة تضع تأمين الملاحة البحرية كهدف أساسي، مشيرا إلى أن أنشطة جماعة الحوثي على الملاحة انعكست على السوق في أنحاء العالم.

وأوضح أن جهود واشنطن تضمنت التأكد من عدم قدرة الحوثيين على استهداف السفن دون تبعات.

وبالنسبة للتصعيد المتبادل بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، قال ديفيس إن الجميع لا يريد اتساع هذا التصعيد بما في ذلك إسرائيل، معربا عن أمل الولايات المتحدة في العمل مع الجميع من أجل تامين مستقبل آمن للبنان.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: من أجل

إقرأ أيضاً:

لا تحلموا بالعودة للدولة القديمة

حرب أبريل أرّخت لعهد جديد وصفّرت العداد فهزمت منظومة المفاهيم القديمة، في أبعادها الاجتماعية والثقافية والسياسية، فاجتماعياً أحدثت توازناً ملحوظاً بين جميع فئات وشرائح المجتمع، فوحّدت الناس بمختلف خلفياتهم الجهوية والاجتماعية، وساوت بين الجميع حينما تذوق الجميع طعم الموت واستشعر مآسي الدمار والتبرم جراء ويلات التشرد، وهذا بدوره حرّك الضمير الجمعي للأمة، فأيقن الناس أن النجاة من جحيم الحرب لا يكون فردياً، وأن العمل الجماعي والتضامن الجمعي أصبح ضرورة وجودية لا فكاك منها، فانهزمت الفكرة الأحادية المكرسة لأمان البعض وفناء البعض الآخر، تلك الفكرة المجنونة التي سيطرت على ذهنية ومنهج روّاد الدولة القديمة، الذهنية التي أحرقت سكان الجنوب وأزهقت أرواح مواطني دارفور وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق، من منطلقات دينية منحرفة وتوجيهات تقليدية سالبة وغارقة في انتهاكات حقوق الانسان، واليوم لن تجد من يحدثك عن إبادة مجتمع بعينه ليسلم ويأمن المجتمع الآخر، فصار الجميع مهدد بالفناء وبالإبادة القسرية، المفروضة من شيطان الدولة القديمة المترنحة والآيلة للسقوط، المتدهورة والمتدحرجة كرتها الآن تزامناً مع انسكاب هذا المداد الحزين، فعندما يداهم الخطر الجميع يعمل الجميع بعقل الرجل الواحد وقلب المرأة الواحدة، والرافضون لأمان وسلام الوطن المناهضون لمشروع كنس أركان الدولة القديمة الفاسدة، هم في الأساس ثلة من الفاسدين الذين احتكروا الدخل القومي لمصالحهم الفردية، ولاذوا بالفرار لبلدان الغرب البعيد والشرق الأوسط القريب، وفي جيوبهم مدخرات المواطن وكنوز الوطن يصرفونها على شراء وقود الحرب – المرتزقة والسلاح.
ثقافياً اعترف الجميع بأن إيقاع اهازيج الحقيبة ما عاد معبراً عن الذائقة العامة، ولا معتبراً قاسماً مشتركاً بين أمزجة الناس الجمعية ومناهجهم الفنية، وأن للناس رقصاتهم الشعبية وغنائهم المحلي النابع من صفاء سمائهم الزرقاء المكسوة بالسحب، ومن نقاء باديتهم وحواضرهم ودامرتهم، فانصت من اعتادت أذنه على سماع النغم الواحد فتقبل الرقص على إيقاعات أخرى طبلها يستجيب لنغم جميل آخر، واحتفل الصغار من أبناء المدن المركزية بالزي الجديد للفرسان الجدد، فنُسفت أبجديات عروض مسرحية الرجل الواحد، واقتنع الجيل الحديث بأن الثراء في التنوع وأن الابداع في التعدد، ناهيك عن مزاحمة اللهجة اللغوية الجديدة للهجة المركزية المسيطرة، المولودة مع تاريخ تأسيس إذاعة أم درمان (العامية السودانية)، فأثرى قاموس ثوار التغيير الحاملين للواء التجديد المخزون المعرفي القومي ثراءً كبيراً، وفي اثناء مرور اللحظات المؤسفة لهذه الحرب هنالك غليان وتفاعل اجتماعي يجري بين الناس، وفي بعض الأحيان يولّد هذا التفاعل الخصومة الصارخة بين الشقيقين، بل حتى بين الأم وابنتها، إنّه الغليان المفاهيمي الذي يمور ويفور كالمرجل بين صفوف العلاقات الحميمة للأفراد والجماعات، هذا المطبخ الساخن المزدحم بالأدخنة والأبخرة سيخرج لنا طبخة مسبوكة ومتماسكة، لمجتمع سئم مرارات الحرب وأنهكته مآسي اللجوء ومعاناة النزوح وضياع الهجرة والتشرد، وبلا شك سوف يخرج الشيف المحترف من هذا المطبخ بمنظومة ثقافية متجانسة، تعبر عن اللوحة الكبيرة للوطن الجميل المنظور اليه من زوايا مختلفة.
سياسياً انهزمت جميع اطروحات المشاريع المقدمة من الأحزاب، وفشلت جميع المؤتمرات التي تنادي بحل المعضلة الوطنية الكبرى، وأخفقت التحالفات السياسية ومعها الحركات المسلحة والعسكر في الإتيان بمسودة جديدة تزيح المأساة عن كاهل الشعب المكلوم، واستكان الناشطون الخاضعين لأجندة الدولة القديمة، فما استطاعوا مجاراة الحراك الثوري منذ ابريل قبل عام وبضعة أشهر، وذهبت أدراج الرياح الأطروحات الكثيفة التي تكدست بها دور البحوث العلمية بالجامعات والمعاهد العليا، وعجزت في أن تقدم دواءً ناجعاً لأمراض المنظومة القديمة، فقفز إلى سطح الأحداث منظرون حداثيون يؤمنون بالتجديد والتغير واجتثاث الجذور التالفة للشجرة القديمة، فتقدم خطهم السياسي الرائد ليتوافق مع خط حراك أبريل الكاسح الماسح كالسيل الجارف، واتسقت الرؤى الجديدة مع آلة التغيير وبدأت ملامح الشكل الجديد للدولة الجديدة، الدولة الكاسرة لقيد وشرط الجهة والنوع والحزب والعرق في التموضع فيما يتعلق بالحصول على أي محاصصة متعلقة بالشأن العام، أو اجتياز امتحان من الامتحانات المؤهلة لولوج باب أي مؤسسة من مؤسسات العمل العام، على دعاة البقاء على النمط القديم أن لا يحلموا حلماً باذخاً وطويلا، لأن سفينة التغيير الحقيقي قد مخرت عباب البحر، ورفعت رايات السلام المسنود بالمدفع الرزّام، الذي اقسم الفارس الممسك بزناده قسماَ غليظاً أن لا عودة للقديم المهترئ البالي، لقد ولى عهد الظلام بكلفة باهظة في الأرواح والممتلكات، لكن هذا ديدن الانعتاق ومهر التحرر الذي لا يسلك تفرعات الطرق القصيرة ولا يقبل بأنصاف الحلول.

إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • الخارجية الأميركية: بلينكن شدد لنظيره الأردني على التزام واشنطن بإقامة دولة فلسطينية مع ضمانات أمنية لإسرائيل
  • لا تحلموا بالعودة للدولة القديمة
  • واشنطن تدعو إسرائيل للتحقيق في تقارير استخدامها المدنيين كدروع بشرية
  • فنلندا: الصين يمكنها أن تلعب دورا مهما في إقناع روسيا بإنهاء الحرب في أوكرانيا
  • انطلاق فعاليات مؤتمر إطلاق التقرير المشترك حول تقيم العلاقات الزوجية في العالم العربي
  • المندوبية الدائمة لدولة فلسطين تشارك في اجتماع المؤتمر السادس الإقليمية لمقاطعة إسرائيل
  • سفير الصين بموسكو: واشنطن تحيك المؤامرات ضد السيارات الكهربائية الصينية
  • واشنطن تعلق على تصنيف حزب الله بجامعة الدول العربية
  • خبير أمني فلسطيني للجزيرة نت: إسرائيل فشلت في القضاء على حماس وستعجز عن احتلال غزة
  • وزير المالية الإسرائيلي: لن أسمح مطلقا في ولايتي الحكومية بإقامة دولة فلسطينية