لجريدة عمان:
2025-03-16@10:30:14 GMT

«بغداد»..ملتقى شباب القصيدة

تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT

شغلت زيارة الأماكن القديمة التي أمضى الشعراء في أكنافها شطرا من حياتهم، أذهانهم، وأثارت في أنفسهم لواعج الحنين مع إدراكهم بأن الزمن يمضي إلى الأمام، وسكب الشعراء حروف كلماتهم على الأطلال، منذ أن تفتّح وعي الإنسان، وأدرك حركة الزمن، فصارت (المقدّمة الطلليّة) غرضا شعريا وركنا من أركان القصيدة العربية في العصر الجاهلي، ومن أشهرها معلقة امرئ القيس التي مطلعها:

قفا نبكِ من ذكرى حبيب ومنزل

بسقط اللوى بين الدخول فحوملِ

وعندما زار الشاعر الراحل سليمان العيسى عام 1969م بغداد التي أمضى فيها شبابه طالبا في دار المعلمين العالية، بعد مرور اثنين وعشرين عاما على تخرّجه منها، ألقى قصيدة حملت عنوان (خذي شفتي) في مهرجان الشعر التاسع، الذي أقيم أواخر أبريل 1969م، سرعان ما جرتْ على كلّ لسان، واستنسخها الطلبة، وحفظوها، وصاروا يردّدونها في كلّ حفل تقيمه (الدار) التي تحول اسمها إلى (كلية التربية)، وقبل أن أذكر شيئا من أبيات القصيدة، لابدّ من الإشارة إلى أن العيسى، المولود عام 1921 م في أنطاكيا التركية والمتوفى بدمشق عام 2013 م دخل دار المعلمين العالية عام 1944م وتخرّج فيها عام 1947م، وخلال تلك السنوات تعرّف على الشاعر الرائد بدر شاكر السياب، ولقيا اهتماما من د.

محمد مهدي البصير، وأدخلهما في لجنة ثقافية طلابية كان يشرف عليها، فاقتربا أكثر ثم اتسعت الدائرة فتعرفا على لميعة عباس عمارة، وإحسان الملائكة، شقيقة الشاعرة نازك، وآخرين.

وقد عُرف عن الشاعر سليمان العيسى توجّهاته الوطنية والقومية، وقصائده الحماسية التي ردّدت بعض أبياتها الحناجر في المسيرات الشعبية بدول عربية عديدة، لكنّه كشف في قصيدته (خذي شفتي) أن تحت الجوانح قلبا رقيقا، ينبض بالمحبة، وهناك ما يشغل الشاعر غير القضايا القومية التي عُرف بها، وكادت أن تتسبّب بطرده من (الدار) بأمر من الوصي عبد الإله، لكنه تراجع عن ذلك، بعد تدخّل الخيّرين، من أساتذته:

خذي شفتي يا دارُ، ولْيركَعِ الحبُّ

يُسَلِّمُ عِنْدَ الباِبِ بالدمعة الهُدْبُ

لثمتُكِ سبعا.. ما ارتَويتُ.. ولا اكتفَى

على العَتَباتِ السمر ثغرٌ ولا لبُ

أتيتكِ هذا الصبحَ كالسرِ زائرا

كما ارتعشَتْ في العُشِّ صاديةٌ زُغْبُ

خذي شفتي فالطفلُ عاد.. ولَمْلِمي

أغانيه.. هل تَبْلى أغانيه.. هل يخبو؟

هنا وقفَتْ يوما.. هناك تحدَّثَتْ

هنا ابتسمَتْ.. لما التقى الدربُ والدربُ

هنا ارتعشَ الثغرُ الجميلُ مُتَمْتِما

بنصفِ صَباحِ الخير.. حسْبُ الهوى حَسْبُ

فالماضي لا يعود، وإن عاد الشاعر إلى طفولته، يقول الكاتب الأوروجوياني إدواردو جاليانو: «حتَّى حين نَعود، نحْن لا نعُود، شيءٌ منَّـا يذهبُ للأبَد»، لذا، غلّف القصيدة حزن، وقد اختار لقصيدته البحر الطويل ليتوافق مع إيقاعه النفسي الحزين وهو يستعيد ذكريات مضت، مثلما استعدت ذكريات الدراسة الجامعية، عندما حللتُ ضيفا على جامعة بغداد، وملتقاها «ملتقى جامعة بغداد الدولي للشعر الفصيح»، الذي نظمه قسم النشاطات الطلابية بالجامعة، متيحة لي فرصة الاستماع إلى قصائد الطلبة المشاركة في الملتقى الذي يشرف عليه أساتذة متخصصون، ونقاد أكفاء، فمن أهدافه الكشف عن مواهب الطلبة ليس فقط في جامعة بغداد، بل في الجامعات العراقية، والتعريف بها، وقد سبقت الملتقى تصفيات، ومنافسات، أجريت لاختيار الأفضل، فبلغ عدد المشاركين حوالي مائة شاعر وشاعرة من جميع المحافظات.

ورغم أن الطابع التقليدي غلب على الكثير من النصوص المشاركة، لكنّ الملتقى وفّر فرصة للمشاركين لمراجعة أنفسهم، وأدواتهم، لتطويرها، والتعرّف على الهِنات التي وقعوا بها، شأن بدايات كلّ الذين سلكوا هذا الطريق، كما أنه جعلهم يبنون علاقات مع شعراء شباب يسيرون معهم على الطريق نفسه، وهذا أعاد إلى ذهني ذكريات لا تمحى خلال مشاركاتي في لجان تحكيم الملتقى الأدبي الذي تقيمه وزارة الثقافة والرياضة والشباب، الذي عرّفنا على الكثير من المواهب ليس في الشعر الفصيح فقط، بل في الشعبي، والقصّة القصيرة.

إن المواهب الشابة تحتاج إلى الرعاية، ومثل هذه الملتقيات تتيح فرصة لهذه الشريحة التي نعقد عليها الآمال المضيئة، فالغد المشرق للشباب.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

ضمن برنامج العلماء الضيوف.. “الشؤون الإسلامية” تنظم ملتقى “القيم المجتمعية في الآيات القرآنية”

 

ضمن برنامج العلماء ضيوف صاحب السمو رئيس الدولة “حفظه الله”، حضر الشيخ الدكتور سعيد بن محمد بن خليفة آل نهيان ملتقى القيم المجتمعية في الآيات القرآنية الذي نظمته الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة مساء أمس في بيت محمد بن خليفة بمنطقة العين تحت شعار “قيم مجتمعية، ورؤى حضارية”.
كما حضر الملتقى، سعادة أحمد راشد النيادي مدير عام الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، وجمع من المسؤولين والموظفين والموظفات في الهيئة، وأعيان منطقة العين.
هدف الملتقى إلى تسليط الضوء على منظومة القيم التي أرساها كتاب الله تعالى في بناء مجتمع متماسك وتحقيق السعادة الأسرية، انطلاقا من رؤية مفادها أن القرآن الكريم نبراس لحياة أسرية يسودها الوئام ومجتمع ينعم بالانسجام والترابط.
وتضمنت فعاليات الملتقى جلستين حواريتين، حملت الأولى عنوان “قيم المجتمع، ومجتمع القيم .. رؤية قرآنية” وشارك فيها فضيلة الدكتور عبدلله أكيك، وفضيلة الدكتور حسن ال سيد خليل، وفضيلة الدكتور محمد داؤود خارسيوف، من العلماء الضيوف، وأدارها محمد الحمادي من الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة.
وتحت عنوان “الأسرة النموذجية في القرآن الكريم .. مقوماتها وقيمها”، عقدت الجلسة الثانية بمشاركة الدكتورة هبة عوف المريجي، والدكتورة مريم الرميثي من جامعة الإمارات، والدكتورة شيخة الكعبي، من الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، وقدمتها روضة الهاشمي من الهيئة.
وقد استعرض المتحدثون في الجلستين محاور عدة تتعلق بأهمية القيم القرآنية في بناء مجتمع متراص البنيان، وأسرة مستقرة، فيما أشاد الحضور بالمستوى الرفيع للملتقى، وبأهمية الموضوعات التي تم تناولها.وام


مقالات مشابهة

  • القصيدةُ إذ تتوهّجُ؛
  • جامعة الأقصر تشارك في ملتقى "إدراك" للقاءات الحوارية بين الجامعات والمعاهد.. صور
  • جامعة سوهاج تشارك في ملتقى إدراك لطلاب الجامعات والمعاهد المصرية
  • الأوقاف: ملتقى مسجد السيدة زينب يستعرض القدرات الإبداعية لذوي الهمم
  • «الشؤون الإسلامية» تقيم ملتقى القيم المجتمعية بالقرآن
  • "السنة النبوية واستقرار الأوطان".. محور ملتقى الفكر الإسلامي بمسجد الحسين
  • الاحتفاء بأربعة كُتّاب مصريين في ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي
  • «الشؤون الإسلامية» تنظم ملتقى «القيم المجتمعية في الآيات القرآنية»
  • ضمن برنامج العلماء الضيوف.. “الشؤون الإسلامية” تنظم ملتقى “القيم المجتمعية في الآيات القرآنية”
  • «لغة القرآن».. ملتقى الأوقاف الفكري بمسجد الحسين في الليلة الثالثة عشرة من رمضان