لجريدة عمان:
2024-09-19@23:31:12 GMT

ستة أيام..

تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT

ها قد انقضى عام كلمح البصر، عشنا فيه تجارب كثيرة متعددة، بعضها خضناه برغبتنا وإرادتنا، والآخر كان لزامًا علينا أن نعيشه ولم نكن نرغب فيه أو نختاره، وحرب الإبادة بحق أخوتنا الفلسطينيين مثال على ذلك. عام أعتقد أنه مثَّل صدمة كبيرة لكثير من المؤمنين بالتفوق الأخلاقي الغربي الناتج والمنبثق من تفوقه العلمي، ولكن قد أضاء الصبح لذي عينين وصار جليا البون الشاسع بين الحضارتين، الإسلامية العربية والاستعمارية الغربية في النظر والتعامل مع الإنسان والحيوان والجماد وقت التفوق العلمي والعسكري، وغدت المنفعة هي الرب الذي يصبو إليه الإنسان ذو الفكر الغربي، أما الروحانية الشرقية فصارت متحفا جيدا للتأمل والضحك على الإنسان من حيث كونه إنسانا بفطرته السليمة وقدسيته الممنوحة له من الله نفسه، حيث جعله خليفته في أرضه.

لا شك بأن الإنسان يتأثر بما يحدث له في الحياة، وسواء كانت تلك الأحداث اختيارية أم مفروضة عليه، فإن القراءة باعتبارها أحد أهم مصادر المعرفة تظل حاضرة وبقوة في حياة كل إنسان. فالذي يريد أن يبدأ مشروعه التجاري الجديد ولم تكن له خبرة في إدارة المشاريع فإن أول ما يقوم به هو القراءة والاطلاع في هذا المجال، والذي يريد النبوغ في تخصصه الأصلي أو الفرعي فالقراءة هي السبيل الأول لنيل مبتغاه، والذي يعيش الأحداث الجسيمة ويتساءل عن مبدئها وأصلها وعلتها، كقضية فلسطين واحتلالها من الصهاينة والفرق بين المصطلحات وأهمية تلك الفروقات في الحياة الواقعية وعلى المدى البعيد؛ فلا سبيل له إلى ذلك كله إلا عبر القراءة فالقراءة ثم القراءة.

يأتي معرض مسقط الدولي للكتاب والذي يفتتح أبوابه بعد ستة أيام، تحديدا يوم 21 فبراير 2024 حتى 2 مارس 2024، في فترة حرجة تمر بها المنطقة العربية خاصة والعالم أجمع. ولا شك أن جزءا كبيرا من الكتب التي سيبتاعها القراء من المعرض ستكون حول القضية المفصلية التي تشغل بال كل قارئ على حدة، والقضية الأم التي تشغل بال المجتمع بأسره اليوم ستكون حاضرة بلا شك ضمن هذه القراءات وهي القضية الفلسطينية؛ ولكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن، هل ستكون كل الكتب المكتوبة عن فلسطين كتبا مهمة ومفيدة؟ وهل ستكون هذه الكتب موضوعية وتسهم في وعينا بما يخدم أوطاننا والقضية الإنسانية العادلة؟ قطعا لا؛ هناك من ينظر إلى كل شيء نظرة نفعية خالصة، وهناك من يدس السم بالعسل.

فالذي يرى النفع هدفا وغاية في ذاته، لا يرى بأن عليه التحري وأخذ الأحسن في المجال الذي يطبع وينشر فيه الكتب؛ فتصبح مطبوعاته هي ما يشغل الناس في فترة ما، أو لنقل بأنه يطبع «حديث الساعة» ليجني ما يمكن جنيه في فترة القبول والطلب من الناس، فيطبع ويبيع الغث والسمين من الكتب. والذي يدس السم في العسل، يرى في ذلك فرصة لزرع بذور فاسدة في عقل الشعوب المراد قهرها، وليس هذا من قبيل حديث المؤامرة، وإنما هو واقع يدركه من يقرأ التاريخ والحاضر بتحولاته السياسية والاقتصادية الكبرى. وهنا بالذات تكمن أهمية المثقف كجرَّاح يشرّح الثقافة ويستأصل منها الضار ببلده ووطنه وعقيدته، ويقدم للناس النافع المفيد. والذي يقرأ أحداث حرب الإبادة في غزة وما حولها اليوم، يرى ما ذكرته واقعا. قبل عدة أيام نشر موقعا الجزيرة والـ BBC مقالا بعنوان «إدانة منتقدي إسرائيل باعتبارهم معادين للسامية تحريف للتاريخ» وأقتبس من الـ BBC «يتناول الكاتب في مقاله ما يواجهه اليهود الذين يتجرأون على انتقاد إسرائيل وممارساتها ضد الفلسطينيين، حيث يوصفون دائمًا بأنهم متنصلون من يهوديتهم بل وأحيانًا كارهون ليهوديتهم وبأنهم معادون للسامية مع أنهم يهود». إن هذا الفعل المشوه للحقائق هو سبيل كل سلطة تسعى لتوطيد أساسات بقائها لأطول فترة ممكنة، فتكرار الكذبة وإبرازها كالوجه الأوحد للحقيقة؛ ينشئ جيلا متأثرا بالمُستعمِر خانعا له، وتغدو الكذبة حقيقة مع مرور الزمن!. فيغدو الثائر على الاستعمار المنافح عن أرضه وأهله ووطنه إرهابيا مخربا! وشيئا فشيئا يصبح المواطن الجيد هو المواطن الذي يحتمي بحمى الاستعمار ويمكِّن له.

من فضل الله علينا أنا ولدنا عمانيين، وهذه التربة التي كانت عصية على الدولة الأموية والعباسية وطردت المستعمر البرتغالي يوما ما، تعرف ألاعيب المستعمرين وحبائلهم؛ ولأنها كذلك بالذات ينبغي على أهلها أن يبنوا على ما بناه آباؤهم من عز ورفعة ومقاومة للظلم والطغيان. وبما إن الإنسان يبدأ بالأهم قبل المهم؛ فإن القراءة عن الشيء وقت حدوثه يتيح له تمحيص الحقائق بمقارنتها مع الواقع، والقراءة للدكتور عبدالوهاب المسيري وإدوارد سعيد ونعوم تشومسكي اليوم تعد ضرورة ماسة، فمن الأفضل أن تعرف عدوك وهو في الطريق قبل معرفته وهو يخلع باب المنزل! والصهيونية عقيدة استعمارية لا تعرف حدودا ولا حُرمة ولا قيودا، فلنواجهها بالمعرفة والفعل، ومعرض مسقط الدولي للكتاب فرصة لبداية الطريق.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

عشية الدخول المدرسي.. أولياء أمام التحدي

بعد التحية والسلام قراء وقارئات موقع النهار الكرام، أردنا اليوم أن نتطرق إلى موضوع هام هو انشغال الجميع في هذه الأيام، “الدخول المدرسي”. فما من أسرة إلا وحديثها يصب حول دراسة الأولاد وكيف سيكون الجو العام للدراسة هذا الموسم، لذا ارتأينا اليوم. أن نلم بموضوع الطفل والدراسة، من خلال الأسئلة المتكررة التي وردتنا بكثرة من أمهات وآباء. همهم الأول والأخير مردود أولادهم ونجاحهم. في مشوارهم التعليمي خاصة الأطفال حديثي العهد مع التعليم. ولإثراء الموضوع اخترنا الإجابة على انشغالات مختلفة تكررت من طرف قرائنا، نأمل أن تستفيدوا منها.

بعد تعلقه الشديد بالألعاب الإلكترونية.. كيف أشجع ابني على القراءة؟

أم آدم من تيبازة، واحدة من السيدات الحريصات جدا على مستقبل أولادهم الدراسي، تقول أن لها ابن في الخامسة من عمره، مقبل على القسم التحضيري، لاحظت في الصائفة الأخيرة أن ابنها صار شديد التعلق بالأجهزة الإلكترونية ومشاهدة الرسوم المتحركة على التلفاز، فانتابها القلق بشأن ابنها، وتريد معرفة طرق لتنمي حب المطالعة لدى ابنها وتشجيعه أكثر على القراءة خاصة وان التعليمي النظامي يحتاج

الرد:

سيدتي الفاضلة قلقك في محله، وحرصك على تنمية حب القراءة في ابنك من الأساسيات التي يجب التركيز عليها، ففي هذا العصر الأطفال كلهم يفضلون مشاهدة التلفزيون، الألعاب الإلكترونية، أو الكومبيوتر على تصفح كتاب، ولكن قليلاً من التشجيع سيعود بمزيد من النفع، وفيما يلي بعض النقاط الصغيرة والتجارب السريعة لكل أم حريصة على تطوير هذا الجانب في ابنها:

قراءة قصة قبل النوم للطفل من عمر قبل المدرسة أي من 3-5 سنوات مهمة جداً، لتعريف الطفل على أهمية القراءة، وبناء ذكريات عن الاستمتاع بقراءة القصص. لابد من تخصيص مكان أو ادراج في المنزل فيه العديد من الكتب، فالطفل الذي يكبر محاطا بالكتب سينظر للكتاب كصديق، هذا لا يعني أن يحرم الطفل من اللعب، بل يجب الموازنة. كوني المثال ودعي طفلك يشاهدك وأنت تقرئين كتاباً أو مجلة، فالصغار هوايتهم التقليد. للأطفال الأكبر سناً اختاري لهم الكتب التي تهمهم، فمثلاً إن كان طفلك يحب كرة القدم مثلا، وكانت طفلتك تحب والحيوانات فابحثي لهم عن قصص أو كتب معلومات تهتم بهذا الموضوع، حب الطفل لما يقرأ مهم جداً لاستمرار القراءة. حافز القراءة يختلف من طفل لآخر، وبعض المكافآت مهمة جداً كالنجمة الذهبية أو فسحة يحبها عندما ينتهي من قراءة كتاب ما، واحذري سيدتي أن تكافئي طفلك على قراءته بالسماح له بمشاهدة برامج تلفزيونية، فأنت بذلك تقولين له: إن التلفزيون أهم من الكتاب. خصصي وقتاً معيناً في اليوم للقراءة، وفي هذا الوقت يقفل جهاز التلفزيون، وتوضع الهواتف المحمولة في زاوية من المنزل، وغير مسموح عمل أي شيء في هذا الوقت سوى القراءة. ابنتي خجولة ولا تندمج مع تريباتها..

سيدة من عيد الدفلى تقول في رسالتها: لي ابنة تبلغ من العمر 12 سنة، منذ أن كانت صغير وهي تحب اللعب بمفردها، خجولة جدا، ولا تندمج تريباتها، ولا تتكلم إلا مع أخ لها في الخامسة من عمره، حتى في المدرسة لا تخالط زملائها، بالرغم من أنها تشعر بالراحة معهم وتعيد لي ما يحدث لهم، لكنها لا تشاركهم في شيء، ودوما تطلب مني مرافقتها إلى هناك، بالرغم من أن هناك من الجيران من يدرسون معها في نفس القسم ونفس المدرسة،  أنا لست منزعجة من مرافقتي لها، بل خائفة جدا على مستقبلها، فكيف يمكنني مساعدتها لأخلصها من عقدتها وأجعلها تندمج أكثر مع أترابها وتصبح شخصيتها اجتماعية.

الرد:

سيدتي كل التوفيق أتمناه لك ولابنتك، أعلم حجم قلقك، فما تقدمت به حقا إن تفاقم ولم يتم علاجه قد يؤثر في البناء السوي لشخصية ابنتك.

في البداية سيدتي أتمنى منك أنت اختيار الألفاظ المناسبة التي تستعملينها مع ابنتك، تجنب وصفها بالخجولة فتكرار هذه الكلمة أمامها يغذي شعورها بالخجل، لهذا يجب استبدال ذلك بعبارات إيجابية تعزز ثقتها بنفسها وتحررها من أي عاداتها تلك، واعلمي أن الأطفال يحبون جدا أسلوب المكافئة، لهذا في كل مرة تلاحظين تصرف جميل منها كافئيها بما يليق، لتتحفز وتنجح فيها بالاندماج مع أصدقائها، أيضا من الضروري أن تجعلينها تواجه مواقف الخجل وتعلمينها كيف تصحح أخطائها دون أن تعيبي تصرفها، وهكذا رويدا رويدا سوف تتخلص ابنتك من الخجل بإذن الله، وتصبح فاعلة وسط تريباتها، والله المستعان.

لأن خبرتي قليلة أريد النصيحة.. فما هي أسس التربية الصحيحة؟

في سؤال طرحته كذلك متصلة من الشرق، تقول أنها أم لتوأم، وخائفة جدا على مستقبلها، وتتمنى لهما النجاح، لكن خبرتها القليلة في الحياة جعلتها محتارة في الأسس الأولى التي يجب أن تركز عليها لتبني فيهما شخصية قادرة على التفوق والنجاح في مشوار حياتهما خاصة الدراسي، فطرحت سؤالها وقالت: كيف أبدأ؟ وماذا يمكن أن أفعل؟

الرد:   

موفقة سيدتي، وصدقيني أن حرصك هذا هو ما سوف يجعل منك أما ناجحة بإذن الله، وفخورة بأولادك إن شاء الله، فليست كل الأمهات خبيرات بتربية أطفالهن، خصوصاً الجديدات منهن، فتلجأ الكثيرات للتعلم من خلال الإنترنت، أو من نصائح الأمهات الأخريات، لكن أنا شخصيا أرى أن نجاح فلذات أكبادنا مقرون بأسمى معاني الحب الذي نكنه لهم، ونزعه في قلوبهم بلمسات بسيطة لكن مفعولها سحري مستقبلا.

1 علميه كيف يحافظ على المناطق الحساسة في جسمه.

2 شجعيه على الصلاة، ولا تنسى تعليمه الحسن مع الآخرين.

3 تواصلي معه ليخبرك بكل ما يحدث في حياته، وكوني مصدر أمان واستمعي له.

4 دربيه على التعامل مع الآخرين بشكل لائق ولبق.

5 قبليه أو احضنيه عندما يفعل خيرًا.

6  كوني أنت القدوة ولا تلقي عليه الأوامر وتفعلين عكسها.

وسوف ترين كيف يصبح أولادك أرضية خصبة تزرعين فيهم القيم المثلى وسوف تحصدين ثمارا طيبة بإذن الله.

بسبب إعادتها للسنة الدراسية ابنتي لا تتجاوب معي..

في سؤال آخر طرحته السيدة أم أروى، تقول أنها محتارة جدا، لا بل حزينة لأمر ابنتها المتخلفة في دراستها، حيث أعادت السنة الدراسية مرتين، بالرغم من جهودها المبذولة رفع مستوى ابنتها، علما أنها في المرحلة الابتدائية، فكيف تتصرف حتى ترفع من مستوى ابتها وتؤهلها للنجاح..؟

الرد:

لا يختلف اثنان أنه من دواعي الحزن والأسف لدى أي أم أو أب، أن يرى أولاده يعيدون السنة مر أو مرتين، لهذا ومن الضروري الانتباه لنقاط جد مهمة في هذه المسألة، لأن الإجابة عن هذا السؤال تستدعي الكثير من التفاصيل، وكخطوة أولى وضرورية ننصح بها في هذه الحالة هو معرفة ما إذا كان للطفل أي مشاكل خاصة لم تنتبه له الأسرة، وإلا لماذا لم تُثمر كل المجهودات المبذولة لتعليمها؟

اعرضي ابنتك على طبيبة نفسانية، وهي ستشخص حالة ابنتك، وتوجهك لبعض الطرق لتعليمها وتلقينها دروسها.

حاولي سيدتي أن تستعيني بالأدوات المدرسية الجذابة التي تجعلها تحب وقت الدراسة أكثر.

تحدثي مع معلمتها لتعطيك معلومات عن سلوكها في القسم سواء مع أقرانها من التلاميذ، ومعها هي أيضا، وأن تعطيك تقويم عام لمستوى ابنتك حتى تتضح أماك الأمور أكثر، والله ولي التوفيق.

مقالات مشابهة

  • السيد نصر الله: الحزام الأمني الذي يتحدث عنه العدو سيتحول إلى جهنم لجيشه ونعتبره فرصة تاريخية ستكون لها تأثيرات كبرى على المعركة معه
  • عشية الدخول المدرسي.. أولياء أمام التحدي
  • لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة تندد "بالانتهاكات الجسيمة" التي ترتكبها إسرائيل في غزة للمعاهدة العالمية لحماية الأطفال
  • "صندوق القراءة" أكتوبر المقبل في دبي
  • وزير الخارجية المصري: حماس تؤكد لنا التزامها الكامل باقتراح وقف إطلاق النار الذي توصلنا إليه في 27 مايو والتعديلات التي أجريت عليه في 2 يوليو
  • حياته كلها مع الكتب
  • مدبولي: الحفاظ على القيم والأخلاق حجر الأساس الذي تنطلق من خلاله مبادرة بداية
  • كيف ستكون الحرب النووية بين روسيا وأميركا؟ ومن سينجو؟
  • لماذا يجب علينا قراءة الكتب الطويلة؟!
  • هذه الأسلحة ستكون أشد فتكا من الأسلحة النووية والعالم يتسابق لامتلاكها