جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-01@07:52:41 GMT

فلسطين .. والسيناريوهات المقبلة

تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT

فلسطين .. والسيناريوهات المقبلة

 

مسعود أحمد بيت سعيد

masoudahmed58@gmail.com

 

"هذا العالم يسحق العدل بحقارة كل يوم" غسان كنفاني.

طوت الحرب العدوانية الصهيونية الامبريالية على الشعب الفلسطيني منتصف الشهر الرابع وسط صمود شعبي اسطوري منقطع النظير، سطّر خلالها ملاحم بطولية فذة، غير أن الحرب ليست نزهة نروح بها عن النفس، حيث حصدت إلى الآن قرابة 30 ألف شهيد و80 ألف جريح وعشرات الآلاف من المفقودين، وأكثر من مليوني نازح، إضافة للتدمير الكامل للقطاع الصامد الجريح الذي تحول إلى مقبرة جماعية شاهدة على حجم الظلم والجور وازدواجية المعايير وسقوط ما تبقى من القيم الأخلاقية والقانونية.

نعم هذا العالم يسحق العدل بحقارة كل يوم، وهي وصمة عار لا تُمحى من على جبين الإنسانية على وجه العموم والأمة العربية بشعوبها وجيوشها وحكامها على وجه الخصوص، التي تقف عاجزة عن إدخال قطرة ماء لشعب عظيم يأبى أن يرفع الرايات البيضاء في خضم معركة الإرادات أمام الكيان الإرهابي النازي المتعطش للدماء وفي ظل أجواء مناخية قاسية تهدد وجوده أكثر من تهديد العدو نفسه، ناهيك عن الاستغلال البشع الذي تمارسه بعض الفئات الطفيلية التي تستغل مأساة الشعب لجني الأرباح دون وأزع أخلاقي أو وطني وشعب الجبارين، كما كان يردد دائمًا الزعيم الفلسطيني التاريخي الكبير ياسر عرفات، الذي تعلو قيمته وأهميته في هذه الظروف الصعبة، شامخًا في وجه المشروع الصهيوني العنصري الإجلائي الاستيطاني، يودِّع الأحبة وقوافل الشهداء بصمت فلسطين الحزينة المغتصبة التي ترنو وشعبها المكافح إلى الحرية والاستقلال.

لقد أيقظت المعركة الأبعاد التاريخية وأدخلت عوامل عديدة دينية وإنسانية وما زالت تتفاعل على قاعدة لا سلام ولا استقرار بالقفز عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني المناضل وإن كانت تجري في ظل أوضاع عربية بائسة لم تنضج بما فيه الكفاية بمقاييس الاستحقاقات وتحدياتها؛ إذ لم تلامس البعد الأكثر تأثيرًا وفاعلية وقابلية للحشد والتعبئة، وهو من الأسباب الجوهرية التي أظهرت العجز العربي الرسمي الشامل سواء اتفقنا أم اختلفنا.

وبما أن هذه الجولة من المواجهة شارفت على النهائيات، فمن المهم رصد مسارها وتداعياتها التي تتمحور حول سيناريوهين أو بالأحرى احتمالين؛ الأول: وقف الحرب، والثاني: توسيع دائرة المواجهة من أجل وقف الحرب، وسنحاول باختصار الاقتراب من هذين الاحتمالين وآفاقهما والنتائج التي قد تترتب عليهما. وإذا أُخذ الاحتمال الأول مدخلًا أوليًا والذي يحظى نسبيًا، بالجهد الإقليمي والدولي، سياسيًا ودبلوماسيًا وقانونيًا، فإنَّ آفاقه بحسب المعطيات واسعة وهو قادم، أكان عاجلًا أم آجلًا، مهما طال مداه زمنيًا، رغم الصعوبات التي تعترضه.

أما الاحتمال الثاني: توسيع دائرة المواجهة ويبدو إلى الآن إمكانيته محدودة طالما جميع الأطراف الفاعلة تلتقي على محاصرته باستثناء الكيان الصهيوني وقيادته اليمنية المتطرفة وعلى رأسها نتنياهو الذي يتهرب من الملاحقة القانونية الداخلية وجاءت الحرب لتضيف أسبابا أخرى في إنهاء حياته السياسية ويسعى لجر المنطقة إلى أتون حرب طاحنة. بيد أن لا أحد يشاطره أوهامه وأحلامه بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تتوجس خفية من تدحرج الأحداث وتطوراتها التي ستعرض مصالحها للخطر في عموم منطقة الشرق الأوسط كلها، وأعتقد أن الكيان الصهيوني بصرف النظر عن رغبته وطموحه الذاتي وبعيدا عن الربح والخسارة قد أصيب بنكسة معنوية ونفسية ويدرك تبعات أية مغامرة قد يقدم عليها وهو بهذا الضعف والوهن والإرهاق ولن يجرؤ على الانفراد بهذا القرار الاستراتيجي وسيخضع مرغماً للإرادة الأمريكية التي تتماهى شكلا مع فكرة التلويح بالقوة دون استخدامها لعله يُحقق ما عجز عن تحقيقه بالقوة العسكرية.

وبما أنَّ وقف العدوان هو المطلب الراهن فإنَّ إمكانية ترجيحه واردة، دون أن نهمل جميع الخيارات ما زالت مفتوحة؛ حيث الصراعات الاستراتيجية الكبرى ذات الأبعاد المتداخلة عندما تنسد أمامها المجاري التي تسرب احتقاناتها المتراكمة قد تقذف بكافة الاحتمالات الظاهرة إلى المجهول.

لكن.. ماذا بعد وقف الحرب؟ وبأي مدخل سيفتح سؤال اليوم التالي المغلق بمخاطره وأبعاده الفلسطينية والعربية والإقليمية؟ خصوصًا إن لكل فيه قول ورأي حبسته طبيعة المواجهة وأجلت إثارته وهو من السيناريوهات الخطيرة التي يراهن عليها العدو في تفجير التناقضات، ولن تجري كما يتوقع البعض دون تمحيص واستقصاء وتقييم ووضع النتائج الميدانية والسياسية في الميزان؛ سواء على الصعيد الداخلي الفلسطيني أو على صعيد محور المقاومة وكذلك على بقية الجبهات المعادية، وحيث الوقائع المادية والسياسية ستفرض نفسها، فإنها قد تعطي بعض القوى السياسية مساحات أوسع في تجديد خياراتها وبيدها النتائج العملية الملموسة.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

“هآرتس”: الحشود التي تعبر نِتساريم حطّمت وهم النصر المطلق‎

وأكمل بالقول: “معظم فترة الحرب، رفض نتنياهو مناقشة الترتيبات لما بعد الحرب في قطاع غزة، ولم يوافق على فتح باب لمشاركة السلطة الفلسطينية في غزة، واستمر في دفع سيناريو خيالي لهزيمة حماس بشكل تام. والآن، من يمكن الاعتقاد أنه اضطر للتسوية على أقل من ذلك بكثير”.

ورأى هرئيل أن رئيس حكومة العدو، هذا الأسبوع، قد حقق ما أراده، إذ إن حماس وضعت عوائق في طريق تنفيذ الدفعات التالية من المرحلة الأولى في صفقة الأسرى، لكن نتنياهو تمكن من التغلب عليها، على حد تعبيره، موضحًا أنه: “حتى منتصف الليل يوم الأحد، تأخر نتنياهو في الموافقة على عبور مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال القطاع، بعد أن تراجعت حماس عن وعدها بالإفراج عن الأسيرة أربيل يهود من “نير عوز””، ولكن بعد ذلك أعلنت حماس نيتها الإفراج عن الأسيرة، وفق زعمه، فعلّق هرئيل: “حماس وعدت، والوسطاء تعهدوا، أن يهود ستعود بعد غد مع الجندية الأخيرة آغام برغر ومع أسير “صهيوني” آخر، والدفعة التالية، التي تشمل ثلاثة أسرى “مدنيين” (من المستوطنين)، ستتم في يوم السبت القادم”. لذلك، قاد تعنّت نتنياهو – ومنعه عودة النازحين الفلسطينيين – على تسريع الإفراج عن ثلاثة أسرى صهاينة في أسبوع، على حد ادعاء الكاتب.

تابع هرئيل: “لكن في الصورة الكبيرة، قدمت حماس تنازلًا تكتيكيًّا لإكمال خطوة استراتيجية، أي عودة السكان إلى شمال القطاع”، مردفًا: “أنه بعد عودتهم إلى البلدات المدمرة، سيكون من الصعب على الكيان استئناف الحرب وإجلاء المواطنين مرة أخرى من المناطق التي عادت إليها حتى إذا انهار الاتفاق بعد ستة أسابيع من المرحلة الأولى”، مضيفًا: “على الرغم من نشر مقاولين أميركيين من البنتاغون في ممر “نِتساريم” للتأكد من عدم تهريب الأسلحة في السيارات، لا يوجد مراقبة للحشود التي تتحرك سيرًا على الأقدام، من المحتمل أن تتمكن حماس من تهريب الكثير من الأسلحة بهذه الطريقة، وفق زعمه، كما أن الجناح العسكري للحركة، الذي لم يتراجع تمامًا عن شمال القطاع، سيكون قادرًا على تجديد تدريجي لكوادره العملياتية”.

وادعى هرئيل أن حماس تلقت ضربة عسكرية كبيرة في الحرب، على الأرجح هي الأشد، ومع ذلك، لا يرى أن هناك حسمًا، مشيرًا إلى أن هذا هو مصدر الوعود التي يطلقها “وزير المالية في كيان الاحتلال” بتسلئيل سموتريتش، المتمسك بمقعده رغم معارضته لصفقة الأسرى، بشأن العودة السريعة للحرب التي ستحل المشكلة مرة واحدة وإلى الأبد، ويعتقد هرئيل أن: “الحقيقة بعيدة عن ذلك، استئناف الحرب لا يعتمد تقريبًا على نتنياهو، وبالتأكيد ليس على شركائه من “اليمين المتطرف”، القرار النهائي على الأرجح في يد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومن المتوقع أن يستضيف الأخير نتنياهو قريبًا في واشنطن للاجتماع، وهذه المرة لا يمكن وصفه إلا بالمصيري”.

وأردف هرئيل ، وفقا لموقع العهد الاخباري: “ترامب يحب الضبابية والغموض، حتى يقرر، لذلك من الصعب جدًّا التنبؤ بسلوكه”، لافتًا إلى أنه وفقًا للإشارات التي تركها ترامب في الأسابيع الأخيرة، فإن اهتمامه الرئيسي ليس في استئناف الحرب بل في إنهائها، وأكمل قائلًا: “حاليًا، يبدو أن هذا هو الاتجاه الذي سيضغط فيه على نتنياهو لإتمام صفقة الأسرى، وصفقة ضخمة أميركية – سعودية – صهيونية وربما أيضًا للاعتراف، على الأقل شفهيًّا، برؤية مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية”.

وقال هرئيل إن “نتنياهو، الذي أصرّ طوال السنوات أنه قادر على إدارة “الدولة” (الكيان) وأيضًا الوقوف أمام محكمة جنائية، جُرّ أمس مرة أخرى للإدلاء بشهادته في المحكمة المركزية، رغم أنه يبدو بوضوح أنه لم يتعاف بعد من العملية التي أجراها في بداية الشهر، واستغل الفرصة لنفي الشائعات التي تفيد بأنه يعاني من مرض عضال، لكنه لم يشرح بشكل علني حالته الصحية”، مشددًا على أن نتنياهو الآن، من خلال معاناته الشخصية والطبية والجنائية والسياسية، قد يُطلب منه مواجهة أكبر ضغط مارسه رئيس أميركي على رئيس وزراء الكيان الصهيوني.

 

مقالات مشابهة

  • تعرّف على المنظمة التي تلاحق مجرمي الحرب الإسرائيليين بجميع أنحاء العالم
  • الكوميدي الفلسطيني الأمريكي محمد عامر يتحدث عن فلسطين وترامب وعودة مسلسله الناجح
  • زكريا الزبيدي حرا.. التنين الفلسطيني الذي هزم الصياد
  • زكريا الزبيدي حر .. التنين الفلسطيني الذي هزم الصياد
  • ضابط كبير يكشف التحدي الحقيقي الذي يواجه الجيش الإسرائيلي
  • البحرية الأمريكية: مررنا باختبار حقيقي في البحر الأحمر
  • ضباط أمريكيون: المواجهة البحرية مع اليمن الأكثر تعقيدًا وخطورة منذ الحرب العالمية الثانية
  • “هآرتس”: الحشود التي تعبر نِتساريم حطّمت وهم النصر المطلق‎
  • «سلوت» يستبعد «صلاح» من المواجهة المقبلة بدوري أبطال أوروبا
  • "70 عامًا" السيسي يوضح الظلم التاريخي الذي وقع على الشعب الفلسطيني