بيت الزبير يحتفي بالفائزين بجائزة صادق جواد
تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT
نظمت مؤسسة بيت الزبير ليلة احتفائية بالفائزين بجائزة صادق جواد للدراسات الفكرية الفلسفية في دورتها الأولى بحضور الفائزين وعدد من المهتمين، في قاعة بيت النهضة بمتحف بيت الزبير.
وتهدف الجائزة إلى تكريس قيم المعرفة الإنسانية وتعزيز المساحات البحثية أمام الباحث العماني، ورفد المكتبة العمانية والعربية بمنتوج فكري رصين، والتي حملت اسم المفكر الراحل صادق جواد المفكر الإنسان الذي قدم عبر مسيرته المضيئة العديد من الإسهامات الفكرية، وحرص على أن يعتني خلالها كل العناية بالفكر والحوار الحضاري، منفتحا على كل أشكال المعرفة بمصادرها العلمية التجريبية الشمولية وعلى الإنسان.
وقام محمد بن الزبير بتكريم الفائزين بالجائزة ولجنة التحكيم المشاركة، كما تخلل الحفل عرض فيلم وثائقي عن صادق جواد، بشهادة من عاصروه واستقوا من حكمته، وتم تسليط الضوء على فلسفته وفكره، وحياته حيث أشعل بتفانيه للمعرفة وإيمانه بالإنسان جذوة الفكر.
ورافقت الأمسية الاحتفائية قراءة في الأعمال الفائزة، حيث تمحورت القضايا التي ضمتها الأعمال الفائزة أيديولوجيا رأس المال، والتعددية الدينية، وأسئلة في الفلسفة والعرفان والجمال والشعر، وقدم الفائزون بالمراكز الأولى للجائزة موجزا حول أعمالهم.
وأشار علي الرواحي الفائز بالمركز الأول مناصفة عن فرع الكتاب بكتابه «أيديولوجيا رأس المال ومسار اللامساواة»، إلى أن الأيديولوجيا ورأس المال واللامساواة جميعها مصطلحات قديمة فرأس المال نجده عند الرأسمالية مع كارل ماركس، واللامساواة في التفاوت مع جان جاك روسو الذي وضح أن هناك تفاوتا قصيرا وآخر طويلا، وهو ما لا نقدر على تغييره، مبينا أنه في كتابه حاول أن يجعل القارئ يدرك أن اللامساوة مختلفة عن التفاوت، ولا تعني الشرعية، فاللامساواة ولدت الكثير من الصراعات بين الدول والشعوب، وخرجت الكثير من المظاهرات والحروب. كما أن الأيديولوجيا هي التي تتحكم بها، وتناولها كارل ماركس الذي بين أنها تتحكم في الأشخاص ومصائرهم، وتجعلهم يرضون بما يحل بهم على أنها مسلمات، سواء كانت مسائل دينية أم سياسية أم اجتماعية، ولا نستطيع التحدث عن الاقتصاد بدونها، وقد دخلت كمسار لتحسين الاقتصاد وخيرات الدول والشعوب ومواردها. وهناك لا مساواة في الدولة الواحدة، ولا مساواة في الدول المختلفة وكلها عبرت عن اللامساواة التي يعيشها الإنسان. وتابع الرواحي: إن البيانات للدول قديما تبين كل تفاصيل البيع والشراء والملكيات مما يحيلنا إلى البيانات الجديدة للمعلومات وهذه هي الرأسمالية، وكان الأدب في الماضي هو المعبر ولكن الآن البيانات أصبحت متوفرة كإحصائيات وأصبحنا نعيش كأرقام. واللامساواة أصبحت الآن أقل من السابق، ولدينا تنمية وتحسن في الصناعات وعدد المواليد، فاللامساواة في تقلص ولكن الحقيقة هي أن الخلافات السياسية أثرت على توزيع الثروة واللامساواة.
أما هادي اللواتي الفائز بالمركز الأول مناصفة عن فرع الكتاب تناول في كتابه «التعددية الدينية في العرفان الإسلامي»، واستعرض بداية اهتمامه بالمجال في عام 2017، ويوضح: بدأت أشارك في المدارس الصيفية في موضوع البعد الروحي ومقارنة الأديان والأبعاد الصوفية والدراسة عن الأديان، وتعرفت على مجموعة واسعة من العلماء والمفكرين الذين انجذبوا للإسلام، واشتغلوا على العديد من آثار العلماء الصوفيين والعلماء الإسلاميين، وأصحاب الحكم، وهذه الأبحاث ألقت بظلالها على فكري.
مشيرا إلى أن الكتاب عبارة عن محاولة جمعت مشاعر وتجارب وصلت إلى نتيجة معينة، فتسعى صفحات الكتاب إلى أن تصل إلى عنوان المحبة واختيارات البعد الأخلاقي والروحي، وهناك مركزية كبيرة، في الأدوات الكبرى والقرآن الكريم، وتأملات الطريق إلى الله مفتوحة، فضلا عن تأملات الحكم، والتركيز على البعد الأخلاقي والروحي والاهتمام باحترام الأديان.
وأشارت ضحى القاسمية الفائزة بالمركز الثالث عن فرع البحث إلى أن هناك علاقة بين المفاهيم المستعملة في الحياة اليومية التي نقرأها في الكتب، وتضيف: كنت أتخيل أن أبني جسرا بينها، وأتجاوزها بأدوات البحث العلمي، وحاولت أن أتأمل في أحاسيسنا اليومية، وحاولت أن أغرق بحثي بالتساؤلات اليومية، وأن أمد جسرا عن طريق التساؤلات والدهشة.
من جانبه أوضح الدكتور سعود الزدجالي ممثلا لجنة تحكيم الجائزة أن الأعمال المشاركة هي إنتاج وجهد من المشاركين، مبينا أن مجال الكتاب الفكري قد شهد مشاركة أربعة كتب، وهي تعد قليلة كونها في النسخة الأولى، كما أن الإنتاج في المشهد الثقافي يتموضع في دائرة الإنتاج الديني التقليدي، وقلما نجد نتاجا خارج هذا الإطار، ومع قلة الأعمال المشاركة فالكتب كانت متميزة. مضيفا أن عدد المشاركات في الفرع الفكري تضمن ستة أعمال، وذلك نظرا لحجم الدراسة التي غالبا ما تكون أقل من حجم الكتاب. وعن الأعمال الفائزة فيشير الزدجالي إلى أن الأعمال جميعها ترتبط بأيقونة الجائزة صادق جواد الذي كان مهتما بالجانب الاقتصادي والفلسفة والجمال والعرفان، وجميعها انصبت في اهتمام هذه الأيقونة. مبينا وجود نوع من التواجد بين أيديولوجيا رأس المال واللامساواة والتعددية الدينية التي ترتبط بالتنوع الإنساني والاعتراف بالآخر، والحركات والتسامح ونوع التواصل بين المشروعين اللذين ينبعان من شغف الباحث واهتمامه بهذه المجالات، لينتج الكثير من الأفكار ويصنع التساؤلات. أما المسار الثاني في البحث الفكري، فإن التجربة الصوفية تدور حول إنتاج أدونيس وأبو مسلم البهلاني، بين العرفان والتصوف، أما الدراسة الثالثة فترتبط بالجانب الفلسفي والعرفاني والتأمل الإنساني. ودعا الزدجالي إلى استمرار مثل هذه الجوائز في المشهد الثقافي العماني نظرا لأهميتها، وتطرقها إلى موضوعات خارج إطار المألوف في الإنتاج الفكري والثقافي.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: بیت الزبیر إلى أن
إقرأ أيضاً:
فعاليات أسبوع الدعوة الإسلامية يؤكد أهمية الوعي الفكري لمواجهة التضليل الرقمي
شهدت جامعة بنها، في ثالث أيام فعاليات «أسبوع الدعوة الإسلامية الثاني عشر» الذي تنظمه اللجنة العليا للدعوة بمجمع البحوث الإسلامية بالتعاون مع الجامعة، ندوة علمية بعنوان «تحديات الإيمان في العصر الرقمي»، وذلك تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبمشاركة نخبة من علماء الأزهر وعدد من أعضاء هيئة التدريس وطلاب كلية التربية النوعية.
استهدفت الندوة توضيح خطورة «الحرب على المفاهيم الدينية» عبر الفضاء الرقمي، وكشف أساليب «التضليل المغلف بالعلم» الذي يسعى لزعزعة الثقة في الوحي والسنة وتشويه القدوات الإسلامية، من خلال تقديم أدوات فكرية ومعرفية تمكّن الشباب من بناء مناعة فكرية تحميهم من حملات التشكيك المنتشرة عبر المنصات الرقمية.
في كلمته الافتتاحية، رحّب الأستاذ الدكتور هاني شحته، عميد كلية التربية النوعية، بعلماء الأزهر المشاركين، مؤكدًا أن هذا اللقاء يمثل فرصة حقيقية لتحصين عقول الشباب من الأفكار الهدامة، ودعمهم في تكوين رؤية نقدية متزنة تقوم على الحوار والمعرفة، مشيرًا إلى أن التواصل المباشر مع علماء الأزهر يسهم في ترسيخ الفهم الوسطي للدين ويحمي الطلاب من الانجراف وراء أي تيار فكري سطحي أو مشوه.
من جانبه، أوضح فضيلة الدكتور عبد الفتاح العواري، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن الهجوم على المفاهيم الدينية عبر الإنترنت يجري بأساليب دقيقة تستهدف تفكيك الهوية الإسلامية، من خلال تشويه مفاهيم العرض والشرف والحشمة، وربطها بالرجعية، وتقديم التحلل الأخلاقي تحت شعار الحرية المطلقة.
وبين أن مواجهة هذه الحملات تتطلب وعيًا عميقًا بالفرق بين الحرية المسؤولة والفوضى الفكرية التي يروّج لها التضليل الرقمي.
وأضاف العواري أن «التضليل المغلف بالعلم» يمثل أحد أخطر أشكال الغزو الفكري المعاصر، حيث تُقدَّم الشبهات في صورة أبحاث أو محتوى رقمي يفتقر إلى الأسس المنهجية، بهدف إضعاف الثقة في النصوص الشرعية والتاريخ الإسلامي، وإسقاط المرجعيات الدينية والأخلاقية التي يقوم عليها المجتمع.
وأشار إلى أن من أبرز أساليب هذه الحرب الفكرية «تشويه القدوات» وإسقاط الرموز الإسلامية في محاولة لإفراغ المجتمع من شخصياته المرجعية، مقابل الترويج لرموز زائفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تستنزف طاقات الشباب في التفاهة واللهو، مما يؤدي إلى فراغ قيمي يسهل ملؤه بالأفكار الهدامة.
وأكد العواري أن المنهج الإسلامي في التربية قائم على «إعمال العقل» والبحث عن الحقيقة من مصادر موثوقة، بما يتيح للفرد التمييز بين الصواب والشبهة، ويؤسس لوعي فكري ناضج يحمي المجتمع من التضليل.
وفي السياق ذاته، أوضح الدكتور حسن يحيى، أمين اللجنة العليا للدعوة بالأزهر، أن الأسابيع الدعوية التي ينظمها مجمع البحوث الإسلامية في الجامعات تمثل استجابة واقعية لتحديات العصر الرقمي، وتهدف إلى مد جسور التواصل الفكري والمعرفي مع الشباب لترسيخ أسس وعي ديني ووطني مستنير، مؤكّدًا أن الإيمان ليس مجرد فكرة بل هو قوة فاعلة ومنهج حياة متكامل.
وتحدث يحيى عن استهداف الهجمات الإلكترونية لمنظومة القيم الأسرية، عبر الترويج لأفكار تشجع على التمرد على الآباء وإلغاء أدوارهم تحت شعارات الحرية الزائفة، محذرًا من خطورة تجاوز الحدود الأخلاقية في العلاقات الاجتماعية داخل الأوساط الطلابية، لما لذلك من آثار سلبية على استقرار الفرد والمجتمع.
وفي ختام الندوة، دعا أمين اللجنة العليا للدعوة الشباب إلى الاقتداء بالأنبياء والصحابة والعلماء وآبائهم وأمهاتهم الذين يمثلون القدوة العملية في التضحية والقيم، مؤكدًا أن استلهام تجارب هؤلاء هو السبيل لتكوين وعي ناضج يميز بين القدوة الحقيقية والزائفة.
يذكر أن فعاليات «أسبوع الدعوة الإسلامية الثاني عشر» الذي بدأ الأحد ١٢ أكتوبر وتستمر حتى الخميس ١٦ أكتوبر، تتضمن سلسلة من الندوات الحوارية حول موضوعات مثل «الإيمان والهوية»، و«تحديات الإيمان في العصر الرقمي»، و«الإيمان والحياة»، و«الإيمان وتحقيق الأهداف».
ويأتي هذا البرنامج في إطار حرص الأزهر الشريف على التواصل مع شباب الجامعات وترسيخ القيم الدينية والوطنية لديهم، وبناء جيل واعٍ ومستنير يحمل رسالة الوسطية والاعتدال.