فشل الغرب باختبار الحضارة.. ما فائدة أن يصل الإنسان للقمر لكنه يقتل الأطفال في غزة؟
تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT
يزداد توحش العدوان الإسرائيلي على غرة، يوما بعد آخر كلما فشل الاحتلال بتحقيق أهدافه، حتى أكمل الاحتلال كل سلسلة الانتهاكات المدانة بالأعراف الدولية وبات تهمة جرائم الحرب والإبادة تطارد قادة الاحتلال وحلفاءه، في كل مكان، سوى المنظومة الدولية وأروقة صناعة القرار الغربية.
دعم الغرب بشكل عام وخصوصا ما يعرف "بالديمقراطيات الراسخة" الاحتلال بشتى الطرق العسكرية والاقتصادية والإعلامية, ووصل هذا الدعم حد التواطؤ بتبرير المجازر اليومية ضد الفلسطينيين والتغطية عليها.
تحول الغرب من الصمت على انتهاكات "إسرائيل" إلى الدعم العلني، وإنكار كل ماتراه العين في غزة من مجازر، بطريقة اعتبرها الكثيرون فجة خصوصا من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا وكندا.
وعمق الموقف الغربي الشرخ مع الشرق العربي والمسلم، بعد أن ظن الكثيرون أن تضاءل خلال السنين الماضية، وعادت نظرية العداء للعرب والمسلمين تطرح وبصراحة لتطغى على كل شعارات الإنسانية والقيم للحضارة الغربية.
دعم لا متناهي
منذ اليوم الأول للعدوان أعلنت الدول الغربية دعم الاحتلال بشكل مطلق تحت ذريعة "الدفاع عن النفس" حتى ضاقت مطارات الاحتلال بالزعماء الزائرين وطائرات إمداد الذخيرة والأسلحة.
كما أرسلت الولايات المتحدة حاملتي طائرات وغواصة نووية للمنطقة دعما للاحتلال ورسالة تحذير بأنها ستدخل المعركة حال مساعدة أحد الأطراف غزة.
وعلى الصعيد السياسي، لم يقل الدعم عن العسكري بالتضامن مع الاحتلال وتبني روايته، حتى بات التلويح بالأعلام الفلسطينية والوقوف مع غزة، أمر يثير ريبة الشرطة ويعرض الشخص للأسئلة.
يقول الإعلامي والكاتب السياسي أحمد الهواس، إن الجرائم التي تحدث في غزة، جرائم ضد الإنسانية تعتبر امتدادا لما ارتكب في سوريا والعراق من قبل، وأن البرير لها كشف أكاذيب الغرب بالدفاع عن حقوق الإنسان وما شابه".
وأضاف في حديث لـ "عربي21”, أن هذه الشعارات هي يافطة لقوانين يطبقها الغرب في بلاده، لكن خارجها فإن الدماء مستباحة والقتل مباح، وهناك تغطية على كل الجرائم التي يرتكبها الأمريكيون وحلفاءهم، خصوصا أنها تأتي تحت بند (مكافحة الإرهاب).
وتابع، "في فلسطين مثلا هناك احتلال باعتراف القانون الدولي نفسه ما يضع (إسرائيل) تحت البند السابع منذ عام 67، لكن ما حدث أن غزة حوصرت وجوعت عندما آلت فيها لحكومة منتخبة".
بيانات بلون الدم
تعج شاشات الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي يوميا، بعشرات المواد المصورة التي توثق جرائم الاحتلال في غزة، من القصف المباشر للمدنيين إلى الاعدامات حتى استهداف المستشفيات والمنشئات المحمية من القصف وفق القانون الدولي.
وبدا أن رقم الشهداء المهول الذي يقترب من 30 ألف بينهم 12 ألف طفل، أبرز الأدلة التي تدين الاحتلال وعدوانه الدموي.
لكن هذا كله لم تره الولايات المتحدة استهدافا للمدنيين، فخرجت عدة تصريحات اعتبرها الكثيرون مستفزة، تبرء الاحتلال من جرائمه وتغسل يد نتيناهو الملطخة بالدماء.
ومن بين هذه التصريحات، حديث وزارة الخارجية الأميركية أواخر كانون الأول/ديسمبر الماضي، "عن عدم وجود أي دليل على أن إسرائيل تقتل المدنيين عمدا خلال حربها على قطاع غزة، وليس لديها معلومات تشير إلى أن الحكومة الإسرائيلية تستهدف الصحفيين في هذا الصراع".
وأكد المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، "أن إسرائيل تصدر طلبات أكثر تحديدا للإخلاء بجنوب قطاع غزة، وهو تحسن مقارنة بإخلاء مدينة بأكملها"، وفق زعمه.
اختبار اخلاقي
وفندت هذه المواقف أحاديث القيم الإنسانية التي سوقتها الدول الغربية وأظهرتها كمدافعة عن قاتل لا يمكن إنكار جرائمه، بل ومشاركة بالقتل.
وفشلت منظومة القيم باختبار دماء المدنيين في غزة، وانكشفت معها ازدواجية المعايير التي يمارسها تجاه القضايا العالمية.
تقول الكاتبة البريطانية نسرين مالك، في مقال بصحيفة الغارديان البريطانية، "كانت الحرب في غزة درسا مكثفا في النفاق الغربي لن يتم نسيانه".
وأضافت، "يتم تقديم سرد غير دموي للصراع من قبل القادة السياسيين في بلدان مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، يبدو أنه يحذف الحقيقة المحضة وعدد الوفيات ويلجأ بدلا من ذلك إلى لغة سريالية تقريبا تدعو إلى كل الاحتياطات الممكنة لحماية حياة المدنيين".
وتابعت، " هناك حقيقة، لأول مرة يمكنني التفكير فيها، أن القوى الغربية غير قادرة على التظاهر بمصداقية بأن هناك نظاما عالميا من القواعد التي تدعمها. يبدو أنهم يقولون ببساطة: هناك استثناءات، وهذه هي الطريقة. لا، لا يمكن تفسير ذلك ونعم، سيستمر حتى لا يحدث ذلك في مرحلة ما، ويبدو أنه عندما تشعر السلطات الإسرائيلية بذلك".
من جهته أكد الهواس، "أن العدوان على غزة أكد أن المعيار الحقيقي للغرب هو الحفاظ على هذا الكيان الذي زرع بهذه الأرض، وأن لا قيمة لدماء العرب والمسلمين، وإعطاء حق القوة واستخدامها للاحتلال بينما ينزع حق المقاومة من أصحاب الأرض".
واستدرك، "أن هذا المعيار المزدوج يمارس أيضا ضد المسلمين والعرب في الدول الغربية نفسها وكل ذلك يندرج تحت لافتة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل".
وأشار، "إذا كان الحليف مقربا منهم فإن الغرب يغض الطرف عن جرائمه مثل حفتر في ليبيا، أو العراق وسوريا، أما إذا كان المجرم هم من صنعوه فهم أولى بالدفاع عن جرائمه".
نفاق وازدواجية
نددت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بصمت الدول الغربية إزاء المجازر المروعة التي يرتكبها الاحتلال في قطاع غزة.، مشيرة إلى أن "نفاق الغرب ومعاييره المزدوجة صارخة وواضحة".
وقالت المنظمة في بيان نشرته على موقعها الرسمي إن "الغرب يصمت إزاء انتهاك إسرائيل القانون الإنساني الدولي، فيما لا يتردد بالتنديد بالانتهاكات الروسية في حربها على أوكرانيا"، مشددة على أن "مطالب القانون الإنساني الدولي بحماية المدنيين تنطبق على الجميع".
وأضافت المنظمة أن "مبدأ عدم المعاملة بالمثل المتأصل في قوانين الحرب ينطبق على جميع النزاعات"، موضحة أن "انتهاك هذه القوانين من جانب طرف لا يُبرر انتهاكات الطرف الآخر".
وذكرت أنه "في حين سارعت الولايات المتحدة والدول الأوروبية إلى إدانة الهجمات التي قادتها حماس ضد إسرائيل والدعوة إلى محاسبة المسؤولين عن ذلك وإطلاق سراح الرهائن إلا أن رد فعلها على انتهاكات إسرائيل في غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول كان صامتا".
واعتبرت المنظمة أن "النفاق والمعايير المزدوجة للدول الغربية صارخة وواضحة"، محذرة من "خطر تقويض هذه المعايير سنوات من العمل المضني لتعزيز وتوحيد المعايير المصممة لحماية المدنيين المحاصرين في النزاعات حول العالم".
يرى الهواس، "أن العدوان على غزة أعاد ووضح التموضع عالميا، فانتصر الصهاينة للغرب مع أنظمة عربية، ولكن لم ينتصر الشرق لغزة، حتى لم يسمح للفعل المدني بنصرة غزة، وهذا بدا واضحا بالدعم اللا محدود للاحتلال".
وعن تأثيرات المواقف الغربية في المجتمعات هناك يرى الهواس، "أن الموقف الغربي من غزة لن يغير حتى تفكير المواطن هناك، خصوصا أن هذا الاصطفاف إلى جانب الصهاينة متكرر، منذ إنشاء الكيان الصهيوني، وبالتالي فإن المواطن الغربي يثق بإن بلاده تدافع عن حقوق الإنسان وما إلى ذلك، وفي الواقع أن ما يهم المواطن الغربي هو ما يلامس حياته هناك من الضرائب إلى الخدمات ومستوى الحياة".
وأوضح، "لكن هذه الأحداث تصنع نخبا مثقفة جديدة في العالم الغربي تقف إلى جانب قضايانا".
بوصلة "القيم"
منتصف كانون الأول/ديسمبر الماضي، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، "إن هناك مخاوف حقيقية من أن تفقد الولايات المتحدة مركزها الأخلاقي بسبب دعم إسرائيل".
ورغم ذلك لم يطرأ أي تغيير على سياسات الولايات المتحدة تجاه العدوان، بل زادت من معوناتها العسكرية والمالية للاحتلال كما منعت وعطلت إصدار بيانات من مجلس الأمن تطالب بوقف إطلاق النار في غزة.
ويبدو أن العدوان على غزة أنهى كثيرا من الدعوات التي صورت أن بوصلة القيم والأخلاق الصحيحة الوحيدة، يجب أن تتجه باتجاه الغرب.
وكانت تلك الدعوات تغذى بالسرديات الأيدلوجية للصراعات في المنطقة وبمقارنة التفوق التكنلوجي والعلمي الذي وصله الغرب بواقع الشرق المأزوم، ليظهر السؤال الفخ ما الفائدة في أن يصل الإنسان للقمر، لكنه يقتل الأطفال على الأرض.
يقول الإعلامي والباحث أحمد الهواس، "لا اعتقد أن هذه الجرائم تمثل آخر مسمار في نعش القيم الغربية خصوصا أنها ليست جديدة ومستمرة وربما سيكون القادم أكثر بشاعة".
ومضى بالقول، "نعيش في النظام العالمي منذ الحرب العالمية الثانية تتحكم فيه قوة واحدة وهي الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي لا يوجد تغيير في بنية النظام العالمي حتى تتغير منظومة القيم التي يضعها الغرب عناوين له"
وختم، "حقيقة الغرب مكشوفة منذ أن قسم العالم العربي والإسلامي وزرع الكيان الصهيوني في المنطقة وساند الطغاة واحتل العراق وأفغانستان موقفه الجرائم في سوريا، كل هذا لم يسقط ورقة التوت عن الغرب الذي يصر على ترويج شعاراته".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاحتلال جرائم الغربية المجازر غزة الولايات المتحدة الولايات المتحدة غزة الاحتلال جرائم الغرب المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الدول الغربیة فی غزة
إقرأ أيضاً:
لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان تطالب بدعم تشريعات حماية الأطفال
عقدت لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، برئاسة النائب طارق رضوان، اجتماعًا مهمًا أمس؛ لبحث تعزيز حقوق الطفل من خلال التركيز على حماية حقوق الأطفال، بما في ذلك الحماية من العنف والاستغلال والتمييز، وضمان حقوق التعليم والرعاية الصحية.
وحضر الاجتماع الدكتورة سحر السنباطي، رئيس المجلس القومي للطفولة والأمومة.
وطالب النائب طارق رضوان، رئيس لجنة حقوق الإنسان، بدعم التشريعات المتعلقة بحقوق المجلس القومي للطفولة والأمومة، من حيث مراجعة التشريعات الوطنية المتعلقة بحماية حقوق الطفل والأمومة، وضمان توافقها مع الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية حقوق الطفل؛ ومن ناحية أخرى، العمل على إصدار أو تعديل القوانين التي تضمن حماية الأطفال من الاستغلال والعنف والإهمال.
وأكدت الدكتورة سحر السنباطي، خلال عرضها أمام اللجنة، أن المجلس القومي للطفولة والأمومة يُعد من المؤسسات الرئيسية التي تُعنى بحماية حقوق الأطفال وتعزيز رفاهيتهم، حيث يلتزم المجلس بتنفيذ استراتيجيات شاملة تهدف إلى ضمان تحقيق حقوق الطفل كما نصت عليها المواثيق الدولية، وأبرزها اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة.
وأشارت «السنباطي» إلى دور المجلس في حماية حقوق الطفل من العنف والاستغلال، حيث يلعب المجلس دورًا حيويًا في حماية الأطفال من جميع أشكال العنف، سواء كان نفسيًا أو جسديًا أو جنسيًا، وكذلك من الاستغلال الاقتصادي والإتجار بالبشر، وإنشاء آليات مثل خط نجدة الطفل، حيث يُمكن للأطفال أو ذويهم الإبلاغ عن أي انتهاكات أو مخاطر تهدد حياتهم أو سلامتهم؛ كما يعمل المجلس على تطوير برامج التوعية المجتمعية للتصدي للممارسات الضارة، مثل الزواج المبكر وعمالة الأطفال.
وقالت إن المجلس القومي للطفولة والأمومة يلعب دورًا مهمًا في مكافحة التمييز، حيث يهتم المجلس بتعزيز المساواة وعدم التمييز بين الأطفال، سواء كان ذلك بسبب الجنس أو الدين أو الخلفية الاجتماعية، من خلال تنفيذ برامج تعليمية وإعلامية تُعزز قيم التسامح والاندماج، مع التركيز على الفئات الأكثر ضعفًا مثل الأطفال ذوي الإعاقة وأطفال الشوارع.
ولفتت إلى دور المجلس في الحفاظ على حقوق التعليم، حيث يُعد التعليم من الحقوق الأساسية التي يركز عليها المجلس؛ فمن خلال التعاون مع وزارات التعليم ومنظمات المجتمع المدني، يتم العمل على ضمان توفير فرص تعليمية شاملة ومجانية للأطفال، مع تحسين جودة التعليم ومحاربة ظاهرة التسرب من المدارس؛ كما يُشرف المجلس على مبادرات تهدف إلى نشر التعليم في المناطق النائية وتقديم الدعم للأطفال الأكثر احتياجًا.
وأشارت إلى تعزيز الرعاية الصحية للأطفال، حيث يشدد المجلس على أهمية تقديم خدمات صحية شاملة للأطفال لضمان نموهم السليم؛ فيقوم المجلس بتطوير برامج تُركز على مكافحة سوء التغذية، وتعزيز صحة الأم والطفل، والتوعية بأهمية التطعيمات الدورية؛ كما يُعنى بتوفير خدمات الصحة النفسية والدعم للأطفال الذين يعانون من آثار العنف أو التحديات النفسية والاجتماعية.