مخاوف من خطر شرفات المباني القديمة على جماهير أولمبياد باريس 2024
تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT
تدرس السلطات الفرنسية فحص المباني المطلة على مسار نهر السين في العاصمة باريس، بعد تحذيرات خبراء من أنها قد تنهار تحت وطأة المتفرجين الذين يشاهدون حفل افتتاح الألعاب الأولمبية خلال صيف 2024.
ولأول مرة في التاريخ سيقام حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية المقررة في باريس بين 26 يوليو/تموز و11 أغسطس/آب 2024، خارج مكان مغلق أو ملعب رياضي، وهو ما خلق تعقيدات لوجستية جديدة.
ويتوقع الخبراء أن تكون الشرفات مكتظة بالأشخاص الذين يتوقون لمشاهدة حفل الافتتاح الفخم الذي وعد به المنظمون، ومن شأن ذلك أن يثير مشاكل غير متوقعة من قبيل العيوب الهيكلية للمباني أو مشكلات صيانة الشرفات أو تجاوز الحد الأقصى لعدد الأشخاص أو الوزن الذي يمكنها تحمله.
عضو جمعية الاتحاد الوطني للوكلاء العقاريين أوليفييه برينسيفال قال لوكالة "فرانس برس"، إن "من الواضح أن هذا السيناريو ممكن الحدوث. أثير الموضوع في اجتماع تحضيري منتظم مع مسؤولي الشرطة ومجلس المدينة".
وأضاف، "علينا أن نتأكد تمامًا من أن الشرفات ستتحمل الوزن الزائد، وأن الدرابزينات صلبة، لتجنب وقوع الحوادث. المباني التي يبلغ عمرها في كثير من الأحيان 150 عاما أو أكثر لن تكون مناسبة للضغط الإضافي المحتمل، وهذا يخلق مخاطر كبيرة".
وتابع برينسيفال أن "المباني المصممة على طراز هوسمان -التي اشتهرت في باريس في القرن الـ19-، لا تتسع عادة لأكثر من شخصين أو 3 أشخاص في شرفاتها، وقد يمثل الاكتظاظ المحتمل خلال الألعاب تحديًا".
وبحسب ما نشرت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية الأربعاء 14 فبراير/شباط 2024، فإن خطط حفل الافتتاح المقرر في 26 يوليو/تموز 2024، تتضمن إقامة فقرة على سطح الماء، حيث سيبحر أكثر من 10 آلاف رياضي ومسؤول عبر نهر السين في أكثر من 160 قاربًا مفتوحًا، وسيشاهدها 300 ألف متفرج من ضفاف النهر.
وقد تم تكليف 3 شركات من قبل مجلس مدينة باريس ببناء حوض ضخم يسمى "أوسترليتز" لتخزين مياه الأمطار بدلا من تركها تتدفق مختلطة بمياه الصرف الصحي في نهر السين، وذلك بهدف جعل النهر أنظف لأنه سيصبح مفتوحا للسباحة، حيث سيفتح أولا للرياضيين المشاركين في ألعاب صيف 2024، وبعد مرور عام من ذلك ستفتح 3 مواقع لعامة الناس.
ومن حيث المبدأ، تصل طاقة احتمال شرفات المباني الباريسية التي يعود تاريخ إنشائها إلى أواخر القرن الـ19 إلى 350 كيلوغراما لكل متر مربع، أي ما يعادل حوالي 3 أشخاص بالغين، لكن السلطات تخشى أن يؤدي سوء الصيانة والاكتظاظ إلى وقوع حوادث.
وكان 4 أشخاص لقوا حتفهم في بلدة أنجيه -غربي فرنسا- في العام 2016، بعد انهيار شرفة أثناء حفل، بينما أصيب شخصان في مايو/أيار 2023 بجروح خطيرة بعد سقوطهما من الطابق الخامس عندما انهار درابزين وجزء من الشرفة في الدائرة الخامسة عشرة في باريس.
ويتعين على مالكي العقارات ومقدمي الإسكان الاجتماعي وشركات الإدارة بموجب القانون التحقق بانتظام من سلامة الشرفات والدرابزينات، إلا إن الصحيفة البريطانية استبعدت التزامهم بالتعليمات.
وأكدت قوة شرطة باريس ومجلس المدينة أن المشكلة، التي تشمل نظريًا عدة آلاف من المباني على طول طريق الحفل الذي يبلغ طوله 4 أميال (6 كيلومترات)، أثيرت دون أن يتم اتخاذ قرار فيها بعد، مشيرة إلى ارتفاع تكلفة الفحص الهيكلي الكامل لهذا العدد الكبير من المباني.
وأمس الثلاثاء، ألغى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خططًا لنقل العديد من أكشاك بائعي الكتب المستعملة في المدينة من ضفاف نهر السين في الفترة التي تسبق حفل الافتتاح، مشيرا إلى أنه يعتبرها جزءًا من "التراث الحي للعاصمة".
وأخبرت الشرطة بائعي الكتب في الصيف الماضي أنه "لأسباب أمنية واضحة، سيتعين نقل 570 من أكشاك بيع الكتب والتي تمثل نحو 60% من إجمالي الأكشاك، مؤقتا إلى قرية خاصة لبائعي الكتب طوال مدة الألعاب".
وقام بائعو الكتب بحملة نشطة لإبقاء أكشاكهم ذات اللون الأخضر في مكانها، حتى لو كان لا بد من إغلاقها خلال حفل الافتتاح نفسه، قائلين إنها تمثل جزءا من باريس مثل برج إيفل أو كاتدرائية نوتردام.
وقال قصر الإليزيه إن الرئيس الفرنسي أصدر تعليماته للمسؤولين بضمان تكييف الترتيبات الأمنية للحفل للسماح للبائعين الذين يبيعون الكتب المستعملة على أرصفة نهر السين منذ أكثر من 400 عام بالبقاء.
وبعد نحو قرن من حظر السباحة في نهر السين بسبب قذارة المياه، أعلنت رئيسة بلدية العاصمة الفرنسية باريس آن هيدالغو في يوليو/تموز 2023، عودة السباحين والغواصين بدءا من العام 2025.
ومع اقتراب دورة الألعاب الأولمبية، تدخل باريس المرحلة الأخيرة من تنظيف النهر الذي يشق المدينة والذي وصلت تكلفة تجديده 1.4 مليار يورو (أي 1.6 مليار دولار).
ومن المقرر أن تقام في نهر السين بوسط باريس 3 أحداث هي: الألعاب الأولمبية، والألعاب البارالمبية -الترياتلون والسباحة الماراثون- والبارا-تريثلون.
ومع حلول العام 2025، سيكون من الممكن وصول السباحين إلى 3 مناطق سباحة في الهواء الطلق.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الألعاب الأولمبیة حفل الافتتاح نهر السین أکثر من
إقرأ أيضاً:
أكاديمي إسرائيلي: بلدنا متغطرس لا تضاهيه إلا أثينا القديمة
بعد آلاف السنين من انهيارها، عادت مدينة إسبرطة اليونانية القديمة إلى عناوين الأخبار، كنموذج صالح للمقارنة مع إسرائيل 2024، من حيث هي مثال يحتذى أو يُخشى، بما تجسده من عسكرة وتمجيد للدم والتراب مهما كلف الثمن، وكذلك بتعريفها للتماسك الوطني والسلطة بأنها معاداة للإنسانية لا تتحقق إلا بحرب لا نهاية لها.
بهذه المقدمة انطلق رئيس قسم الأدب المقارن في الجامعة العبرية في القدس البروفيسور يوآف رينون في مقارنة بين إسرائيل واليونان القديمة، معتبرا أن مثال إسبرطة بما تجسده من نزعة عسكرية جامحة لا ينطبق تماما على إسرائيل، بل إن المثال الأقرب إليها هو أثينا بنزعتها الإمبراطورية التي أعلنت عنها صراحة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2المفوض العام للأونروا: وقف عمل الوكالة في فلسطين يعني الكارثةlist 2 of 2صحف عالمية: مرضى غزة يواجهون خطر الموت ونتنياهو لا يريد إنهاء الحربend of listومن السمات البارزة لأثينا في أثناء فترة الحرب أزمة الزعامة، حيث كان الزعيم الأثيني بريكليس يعمل على أساس رؤية سياسية محددة، ويميز بين مصلحته الشخصية ومصلحة الدولة، إلى أن اغتصب مكانته الديماغوجيون الذين حولوا رؤيتهم الخاصة لنجاحهم الشخصي إلى سياسة عامة، وإن لم يعلنوا "أنا الدولة"، لأن دولتهم كانت تقوم على الديمقراطية، ولكنهم تصرفوا على ضوء هذا المبدأ التوجيهي، وفقا للكاتب.
كاريزما نرجسية جوفاء
وكان ألكيبياديس من أبرز الديماغوجيين وهو، حسب مقال البروفسور بهآرتس، يشترك في عديد من السمات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وإن كان ثمة فارق كبير بين الرجلين، إذ كان ألكيبياديس واحدا من أكثر القادة والعسكريين موهبة في عصره، وهو ما لا يمكن أن يقال عن نتنياهو الذي عمل سنوات على رعاية حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مما أدى إلى رعب السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
إعلانورغم أن نتنياهو يتمتع بالكاريزما مثل ألكيبياديس، فإن جاذبيته لا تستند إلى أي محتوى جوهري خلافا للأثيني، بل هي كاريزما نرجسية جوفاء، لا يوجد خلفها سوى فراغ -كما يقول الكاتب- فلا إيمان بالسلام ولا أمن ولا اقتصاد ولا شيء، بل كل ما هو موجود هو نتنياهو نفسه، وقد وُصِف بأنه "ساحر"، وهو كذلك بالفعل، ولكنه يذكرنا بـ"ساحر أوز" الزائف الذي نجح في تسويق نفسه على أنه ساحر، ولكن هذا الرجل يشبه عناوين الصحف الشعبية التي لا شيء وراءها.
وكان ألكيبياديس هو الذي دفع أثينا، في خضم الحرب مع إسبرطة، إلى فتح جبهة إضافية خارج اليونان في صقلية، وكانت النتيجة تشكيل اتحاد غير عادي بين دول المدن في صقلية وإسبرطة، وانتهت الحملة بهزيمة أثينا في الحرب وخسارة الإمبراطورية التي كانت تمتلكها ذات يوم.
وبعد أن كانت أثينا تعتبر المحرر لكل اليونان من التهديد الفارسي، أصبح ينظر إليها بسبب بحروبها الداخلية باعتبارها وكيلا للطغيان يهدف إلى إخضاع اليونان كلها، وبدأت إسبرطة تدريجيا في تولي دور ممثل الحرية، كمحرر مستقبلي لليونان من نير أثينا.
وعلى الرغم من بعض أوجه التشابه بين هذا الوضع وإسرائيل اليوم -كما يقول الكاتب- فهناك أيضا فرق رئيسي، وهو أن القرن الخامس قبل الميلاد كان قرن السفسطائيين، وهم خبراء فن الإقناع، ومن مبادئهم الأساسية "المعقولية"، وكان على المرء، لإقناع الجمعية العامة المسؤولة عن اتخاذ القرارات السياسية، عرض قضيته بحجج عقلانية تستند إلى تقييم واقعي للموقف.
منظر لمعبد البارثينون بأثينا (رويترز) منطق مجنونوعندما أقنع ألكيبياديس الأثينيين بالذهاب إلى الحرب مع صقلية تقدم بحجج عقلانية واستند إلى الحقائق ومسار الأحداث الفعلي، أما إسرائيل اليوم، تحت قيادة نتنياهو، فلا تقودها الحقائق بل الأكاذيب، والمبدأ التوجيهي المركزي الأساسي هو الاعتبارات المسيحانية، وبالتالي غير العقلانية، فالمسيحانية لها عقلانية ومنطق غير عقلاني على الإطلاق، إنه منطق مجنون، حسب الكاتب.
مصير أثينا ومصير اليونان ينبئان بما سيحل بإسرائيل والمنطقة بأسرها، وقد أدت نهاية الحرب التي مرت منذ قرون إلى نهاية الديمقراطية في أثينا وإلى بداية حكم الطغيان الذي استلزم ذبح عديد من مواطني أثينا الديمقراطيين
لذا، فالتاريخ الأثيني لن ينفعنا هنا -كما يقول الكاتب- بل علينا الرجوع إلى تاريخ القومية اليهودية، إلى فترة الهيكل الثاني والثورة الكبرى ضد الرومان التي أدت إلى تدمير القدس والهيكل وعديد من الوفيات، ثم إلى ثورة بار كوخبا التي أدت بدورها إلى مزيد من الدمار ومزيد من الموت.
إعلانوكما شهد المؤرخ الذي وثق تلك الثورة، فإن عديدا من سكان القدس وصفوها بأنها جنون مطلق، وكانت النهاية مروعة، لأن ذلك هو ما يقود إليه المنطق غير العقلاني الذي من سماته المميزة "الكل أو لا شيء"، وهو أسلوب تفكير قائم على أن نكون أو لا نكون، عندما يكون مبرر الوجود ومبرر عدم الوجود متطابقين، أي إذا لم يكن بوسعي أن أظل موجودا في ظل ظروف مسيحانية، فإن الاحتمال الوحيد والخيار الأخلاقي الوحيد الذي يبقى لي، هو أن أتوقف عن الوجود.
وإذا تكرر التاريخ، كما تنبأ ثوسيديدس، فإن مصير أثينا ومصير اليونان ينبئان بما سيحل بإسرائيل والمنطقة بأسرها، وقد أدت نهاية الحرب التي مرت منذ قرون إلى نهاية الديمقراطية في أثينا، وإلى بداية حكم الطغيان الذي استلزم ذبح عديد من مواطني أثينا الديمقراطيين، ودفع أكبر عدد منهم إلى ارتكاب أعمال إجرامية.