هل يؤخر امتلاك حيوان أليف شيخوخة الدماغ؟
تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT
في 2020، أفاد مكتب الإحصاء الأميركي أن ما يقرب من 28% من البالغين بالولايات المتحدة يعيشون بمفردهم، بما يزيد من مخاطر الوحدة، وبالأخص إذا كان ذلك بعد وفاة شريك الحياة أو الطلاق.
وترتبط الوحدة بزيادة القلق والاكتئاب وصعوبة العثور على الكلمات أو فهم الآخرين، وهي علامات مبكرة للخرف كما تشير الأبحاث العلمية.
وفي سبيل ردع وباء الوحدة، يشير الخبراء إلى أهمية امتلاك حيوان أليف، سواء كان كلبا أو قطة أو حيوانا آخر، وربطت دراسة حديثة نشرتها دورية الجمعية الطبية الأميركية "غاما" -في ديسمبر/كانون الأول 2023- بين امتلاك الحيوانات الأليفة وتعزيز صحة الدماغ والحد من الإصابة بالخرف لدى البالغين الذين شملتهم الدراسة ويعيشون بمفردهم.
واستند الباحثون -من كلية الصحة العامة جامعة سون يات سين بالصين- إلى بيانات أكثر من 7900 شخص لا تقل أعمارهم عن 50 عاما، وتتبعوا أنماط حياتهم وصحتهم العقلية بين عامي 2010 و2019، وخضع المشاركون لاختبارات الذاكرة اللفظية التي تقيس مدى تذكر الكلمات واسترجاع ما قيل لهم في وقت لاحق، وكذلك تقييم الطلاقة اللفظية والعمليات العقلية التي تنطوي على استخدام اللغة.
وكشفت التحليلات المعرفية أن امتلاك الحيوانات الأليفة يترافق مع معدلات أبطأ في التدهور المعرفي والنتيجة الإجمالية للإدراك اللفظي والذاكرة اللفظية والطلاقة اللفظية بين الأفراد الذين يعيشون بمفردهم، ولكنها لم تحدث فرقا بين أولئك الذين يعيشون مع آخرين.
ووفق الدراسة، فإن مشكلة الوحدة آخذة في الارتفاع وتعد أحد مسببات الاكتئاب الذي يعد عامل خطر للإصابة بالخرف والتدهور المعرفي. وتوقع الباحثون ارتفاع عدد المصابين بالخرف على مستوى العالم من 57 مليونا عام 2019 إلى 153 مليونا بحلول عام 2050، ولاسيما مع عدم وجود علاج فعال لمشاكل التدهور المعرفي أو الخرف حتى الآن.
حاولت أبحاث أخرى فهم العلاقة بين اقتناء حيوان أليف وتقليل مشاعر الوحدة، فوجدت دراسة أسترالية أجرتها جامعة سيدني في 2019 أدلة تشير إلى الفوائد الصحية لامتلاك كلب، وأنه يعزز الحالة المزاجية ويقلل من الشعور بالوحدة والارتباك والقلق.
وفي دراسة أميركية أجراها باحثون من جامعة روتشستر عام 2013، كان أصحاب الحيوانات الأليفة أقل عرضة بنسبة 36% للإبلاغ عن مشاعر الوحدة مقارنة بأولئك الذين لا يملكون واحدا. وأوضح الباحثون أن هذه العلاقة في حاجة إلى مزيد من الدراسات المستقبلية للتوصل إلى استنتاجات أكثر تحديدا، إذ اكتفت هذه الدراسات بتقديم ارتباطات دون أن توضح أي علاقة سببية.
ينقل موقع "كليفلاند كلينك" عن مولي غروس، التي تعمل مدربة للحيوانات، أن الحيوانات الأليفة على استعداد دائم لتوفير الحب والدعم دون قيد أو شرط، وتؤكد أن تجربة رعاية حيوان أليف تساعد على إجراء تعديلات صحية في نمط حياة أصحابها من خلال:
تعزيز الصحة البدنية: ترتبط التمارين الرياضية بعقل أكثر صحة، وتشير دراسة لشركة "مارس بت كير" لتغذية الحيوانات أن أصحاب الحيوانات الأليفة يمشون أكثر مما كانوا عليه قبل امتلاك حيوانهم الأليف بفارق 20 دقيقة يوميا، وهي مدة كافية للوفاء بإرشادات منظمة الصحة العالمية التي توصي بممارسة 150 دقيقة على الأقل من النشاط البدني أسبوعيا. توفير الرفقة وزيادة الرفاهية: خلصت دراسة استقصائية لمجلة الشيخوخة والصحة العقلية 2019 إلى أن تربية حيوان أليف تعطي شعورا بالمعنى والهدف من خلال رعايته وتحمل مسؤوليته، كذلك تحد من الشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية، وهي أمور مهمة للصحة العقلية وصحة الدماغ. التعرف على أشخاص جدد: تساعد الحيوانات الأليفة أصحابها على بدء صداقات جديدة، فكثيرا ما يجدون أنفسهم في محادثات مع غيرهم من عشاق الحيوانات، وكشف استطلاع قام به باحثون من كلية هارفارد "تي إتش تشان" للصحة العامة أن امتلاك الحيوانات الأليفة هي الطريقة الثالثة الأكثر شيوعا للتعرف على أشخاص آخرين، وأن أصحاب الحيوانات الأليفة يتمتعون بفرصة أكبر بنسبة 60% لمقابلة أشخاص جدد والتعرف عليهم أثناء المشي لنزهة الحيوانات الأليفة، وفي أحيان كثيرة تتطور هذه العلاقات من مجرد المعرفة إلى صداقات حقيقية. إضافة روتين يومي منظم وفعال: تتطلب العديد من الحيوانات الأليفة جدولا منتظما للتغذية والرياضة، وبغض النظر عن الحالة المزاجية لأصحابها، فإن نظرة واحدة من حيوانهم الأليف ستضطرهم إلى النهوض لإطعامه ورعايته. تخفيف التوتر وتحسين الحالة المزاجية: أظهرت الأبحاث أن مجرد الربت على الحيوانات الأليفة يعزز مشاعر الاسترخاء ويخفف من حدة التوتر، وأظهر بحث منشور في مجلة "ساينس" عام 2015 أن التفاعل مع الحيوانات يعزز إطلاق هرمون الأوكسيتوسين (هرمون الحب) الموجود في الدماغ، ويساعد على تخفيف حدة التوتر وتعزيز العلاقة بين الحيوان ومالكه.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: أصحاب الحیوانات الألیفة
إقرأ أيضاً:
شيخ الأزهر: أقدِّر مواقف الشرفاء من أحرار العالم الذين اهتزَّت أصواتهم لاستنكار مجـ.ـازر غزة
شارك الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، في القمَّة العالميَّة التي تعقدها جمعية سانت إيجيديو بالعاصمة الإيطالية روما تحت عنوان “اللقاء العالمي من أجل السلام: إيجاد الشجاعة لتحقيق السلام”.
جاء ذلك بحضور الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا، وجلالة الملكة ماتيلد ملكة بلجيكا، وأبرز القادة الدينيين والمفكِّرين من حول العالم.
شيخ الأزهر يشارك في افتتاح القمة العالمية "إيجاد الشجاعة لتحقيق السلام” بروماوفي كلمته، أكَّد شيخ الأزهر أنَّ مفهوم العدل المطلق هو القاعدة الذهبيَّة التي قامت عليها السَّموات والأرض، وجعلها الله ضامنةً لحقوق الإنسان في المساواة والحرية والكرامة والأمان والسلام، والإخاء الإنساني بين البشر على ما بينهم من فوارق العرق والجنسِ واللون والدين واللُّغة.
وأوضح شيخ الأزهر، أنَّ إغفال الحضارة المعاصرة -وعن عمدٍ- لهذه القيم تسبَّب في الحروب العبثيَّة التي فرضت على شعوب فقيرة لا تملِك من العدة والعتاد ما ترد به أيدي المعتدينَ من قُساةِ القلوب ومتحجري الضَّمائر والسَّاخرين من كرامة الإنسان، ومن حرمته التي حذَّر الله من المساس بها في كتبه السماويَّة ووحيه المقدَّس.
وتابع شيخ الأزهر أن الأزمات الاقتصادية كالفقر والبطالة والمجاعة، وتقسيم العالم إلى شمال ثري مترف، وجنوب فقير مُثقَل بالحروب والمجاعات، وبالديون والأمراض والأوبئة، وأزمات بيئيَّة ناتجة عن استنزاف الموارد الطبيعية، وغير ذلك من منغصات العيش، ومكاره الحياة.
وأضاف شيخ الأزهر أنَّ الأزمات الاجتماعيَّة التي تترصَّد الشعوب وتعبث بعقائدها ومقدَّساتها وثوابتها الدينية والأخلاقية، ولا تكفُّ عن تربصها بمؤسسة «الأسرة» وتصدير بدائل شاذة تنكرها الأديان والأخلاق، وتنفِّر منها الأذواق السليمة الصحيحة، وترفضها الفطرة الإنسانية التي توارثها الناس من عهد آدم عليه السلام وإلى يومهم هذا.
وبَيَّنَ فضيلته أن ما ينقص إنسان هذا العصر هو: «أخلاق العدل والعدالة»، التي أدى غيابها إلى اضطراب شديد في المفاهيم والمعايير الفارقة بين حدود الخير والشر، والحسن والقبح، والصواب والخطأ، حتى صار أمرًا مألوفًا أن نرى الظلم وقد تزيَّن بزي القانون، والتسلط والهيمنة وغطرسة القوة تفرض على الفقراء والضعفاء باسم النظام العالمي، والمآسي وانتهاك الحرمات يبرر بدعوى المصالح والأغراض.
وتابع الإمام الأكبر إنَّ لنا في الحروب التي ابتلي بها شرقنا الآمن لعبرة، فهذه الحروب ما إن تبدأ شرارتها الأولى حتى تبدأ معها متواليات من الدواهي والفظائع، من هدم للدُّور على رؤوس قاطنيها، وتشريد لآلاف النساء والشيوخ والشباب، وتجويع للأطفال حتى الموت، وتمتع بانتهاك كرامة الإنسان، والتَّنكيل به على مرأى ومسمع من العالم المتحضِّر في قرنه الواحد والعشرين، وبئست حرية تصادر على الضعيف حقه المقدَّس في الحياة على أرضه، وبئست عدالة تسمح باقتراف هذه المنكرات وتسوغها.
شيخ الأزهر من المؤتمر العالمي للسلام بروما: ولا سلام بدون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلّةوأكَّد شيخ الأزهر تقديره للدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية خلال اجتماعات الأمم المتحدة الأخيرة، حيث قال فضيلته: “لا يفوتني في هذا المقام أنْ أُعرِبَ عن خالصِ التَّقدير للدولِ التي بادَرتْ إلى الاعترافِ بدولةِ فلسطين، وأحييها على هذه الشُّجاعة التي تُجسِّدُ صحوة الضَّمير الإنساني وانتصاره للحَقِّ الفلسطيني المسلوب، وكُلُّنا أمل أنْ يكون هذا الاعتراف خطوةً عمليَّةً على طريقِ تمكين الشَّعب الفلسطيني من نَيْلِ حقوقه المشروعة، وفي مُقدِّمتها إقامة دولته المستقلَّة وعاصمتُها القُدس الشَّريف”.
وأشار إلى أنَّ المجتمعَ الدولي اليوم مجمع على أنَّ حَلَّ الدَّولَتين هو الطَّريقُ الأوحَد لتحقيقِ السَّلام بالمنطقةِ والعالم، ولا سلام في الشرق الأوسط بدون إقامة الدولة الفلسطينية.
ونوه شيخ الأزهر كذلك بتقديره لمواقف الشرفاء من أحرار العالم: نساء ورجالًا، وأطفالًا وشيوخًا في كثيرٍ من أقطار العالم، الذين اهتزَّت أصواتهم لاستنكار مجازر غزَّة التي أبكت قلبَ الإنسان، وذبحت ضميرَه، وسوَّدت صفحة التاريخ الحديث.
وأكَّد فضيلته أن هذا المشهد الذي يجثم على صدورنا منذ أكثر من عامين - ليكشف عن خلل خطير في بنية النظام الدولي، واضطراب بالغ في سياساته، وأنَّ «السلام الدولي» بات أمره رهنًا بموازين القوة وعنفوانها، وتجارة الأسلحة ومكاسبها، والحروب واقتصاداتها، وكل ذلك في معزلٍ تامٍّ عن ميزان الحق والإنصاف، وعن صوت الواجب ونداء الضمير، وتوجهات الفطرة التي فطر الله الناس عليها، ومنطق العقل الذي جعله الله أعدل الأشياء قسمة بين الناس.
وشدَّد شيخ الأزهر على أن هذه «الأزمات المركبة» إن دلَّت على شيء فإنما تدل على اضطراب شديد أصاب النظام العالمي، وأفقده الاتجاه الصحيح، وجرَّأه على الكيل بمكيالين، بل بمئة مكيال إن لزم الأمر، وإن هذه العلة، أو هذا المرض الخلقي الذي أصاب العدالة الدولية في مقتل لا يمكن تفسيره إلا على أساس العنصرية البغيضة، والطغيان في الأرض، وهو ما يتنافى جذريًّا مع قوانين «العدل المطلق» الذي أرسى قواعده الإسلام الذي أومن به، بل أرسَتْه جميع الرسالات الإلهية من قبله، وآمن به كبار الفلاسفة من أفلاطون وأرسطو مرورًا بالفارابي وابن رشد، ووصولًا إلى فلاسفة أوروبيين معاصرين، آمنوا بأخلاق الواجب والضمير الإنساني الخالد.
وتابع فضيلته: "علينا أن نعلم أنَّه عندما يغيب العدل فإنَّ الظلم يحل محلَّه، ومع مظالم الناس تغيب القيم وتتلاشى، ويفقد الإنسان إنسانيته تحت أقدام المصالح والأطماع الماديَّة الهابطة والاستقواء والاستئساد الكاذب، وحين يسلب الضعيف حقه، ويكرم الظالم على استلاب هذا الحق، وحين يغدو الإنسان رقمًا تافهًا في حسابات السياسة وسلعة رخيصة في اقتصاد السُّوق، عند ذلك ندركُ أنَّ الحقَّ قد غربت شمسه، وأنَّ العالم يهوي في فراغ أخلاقي ينذر بانهيار الأنظمة قبل انهيار قيمها وأخلاقها".
وأضاف شيخ الأزهر قائلًا: ولأجل ذلك تحرك الأزهر الشريف، ومجلس حكماء المسلمين، وحاضرة الفاتيكان، لإطلاق وثيقة «الأخوة الإنسانية» التاريخية، التي وقعتها مع أخي الراحل، قداسة البابا فرنسيس، في أبو ظبي عام 2019م. وقد أوضحنا فيها أن السلام ليس أمرًا سلبيًا يتمثل في غياب السلاح، فهذا مما لا سبيل إليه بحال، بل هو أمر إيجابي ووجودي يتمثل في حضور العدل، وبينّا أن العدل ليس انتصارًا لطرف على آخر، وإنما هو انتصار للإنسان على نوازع الأنانية والهيمنة والأطماع المادية التي تسيطر على مسرح حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والسلوكية.
ولفت فضيلته إلى أنَّ الذكاء الاصطناعي قد أصبح إحدى القوى المحرِّكة التي تحدث فارقًا كبيرًا في المجتمعات، ولذا فإنَّ علينا دورًا أخلاقيًّا يتمثل في تسخير هذه التقنية لبناء مستقبل أكثر إنصافًا وعدالة للبشرية، وعلينا أن ندرك أنَّ حراسة قيمنا ومواريثنا الروحية والدينية في استعمالات هذه التقنية الجديدة ليس خيارًا ترفيهيًّا، بل هو التزام أخلاقي، ومسؤولية إنسانية كبرى. ولا أبالغ لو قلت: إنَّنا اليوم نقف أمام مفترق طرق حضاري: إمَّا أن نترك هذا الاختراع الجديد يكرِّس التقهقر الحضاري والأخلاقي، أو أن نستخدمه كقوَّةٍ دافعة لتصحيح المسار الإنساني.
وتابع فضيلته: "كنتُ قد بدأت مع أخي الراحل البابا فرنسيس، في صياغة «ميثاق» لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، ولكن، وقبل أن يكتمل أمرها، شاءت الأقدار وظروف مرضه ووفاته بأن يتأخر إصدار هذه الوثيقة المهمة، واليوم؛ تعمل فرق مشتركة من الأزهر الشريف والفاتيكان ومجلس حكماء المسلمين من أجل إكمال هذه الوثيقة؛ لتكون مرجعًا أخلاقيًّا وإنسانيًّا عالميًّا ينظم العلاقة الصحيحة بين الإنسان وما تنتجه يداه من تقنيات حديثة، ويضمن أن يظلَّ الذكاء الاصطناعي خادمًا للإنسان لا سيفًا مصلتًا عليه".
واختتم شيخ الأزهر بتأكيد أنَّ العالم اليوم أحوج ما يكون إلى عدالة تعيد إليه سكينته، وإلى إحياء ضمير إنساني يدرك أن الظلم -وإن صغر- شرارة قادرة على إحراق السلم في أي مكان، وأنَّ كل إنسان يُظلم في هذا العالم، هو جرح لا يندمل في جسد الإنسانية كلها، وأنَّ هذا العالم لن ينهض من كبواته إلا إذا آمن بأن العدالة هي القانون الأعلى للحياة، وأنَّ السلام هو ثمرتها الطبيعية، مضيفًا أنَّ سبب الفساد اليوم؛ الفصل بين الأخلاق والإيمان، ومحاولة الإبقاء على الأخلاق واستبعاد الإيمان، وحين يفقد الدين الإلهي توجيهه للأخلاق، تصبح الأخلاق في مهبِّ الريح، كما تصبح أداة للصراع وللجشع وسحق الفقير والضعيف.