نشرت صحيفة "ذا نيشن" الأميركية مقالا "يكشف أن الصحافة الأميركية والبريطانية تنشر، وبشكل منهجي، وهما متمثلا في أن الرئيس الأميركي جو بايدن على وشك الافتراق النهائي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول سياسة الأخير تجاه الفلسطينيين، في حين أن الواقع الحقيقي يُكذّب ذلك بشكل صارخ.

وذكر المقال -الذي كتبه جاك ميركنسون- أن الصحافة الغربية ظلت في الآونة الأخيرة تروّج لقصة تقول إن "بايدن مستاء حقا من إسرائيل وراء الكواليس"، وتدوّر هذه القصة مرارا وتكرارا.

وأورد ميركنسون العديد من الأمثلة من صحف وقنوات، مثل "واشنطن بوست"، و"نيويورك تايمز"، و"غارديان"، و"إن بي سي نيوز"، و"سي إن إن"، و"أكسيوس"، و"ذا هيل"، و"ذا تايمز" وغيرها من التي روّجت لمثل هذه القصة.

نفس القصة بأشكال متنوعة

كما أورد عناوين لنفس القصة بأشكال متنوعة مثل: "العلاقة بين بايدن ونتنياهو مروّعة"، "بايدن على خلاف متزايد مع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو"، "التوترات تتصاعد وراء الكواليس"، "الأمور أصبحت مشحونة بشكل متزايد بين البلدين".

وأضاف أن هذه القصص تضرب دائما وبانتظام، بنفس الإيقاع، وتأتي بمجموعة متنوعة من المسؤولين المجهولين كمصادر لما تدعيه، مثل "مسؤولون إداريون متعددون" و"مسؤولون كبار أميركيون وإسرائيليون" و"4 مسؤولين أميركيين لديهم معرفة مباشرة بالقضية"، و"19 من كبار المسؤولين في الإدارة والمستشارين الخارجيين".

واستمر الكاتب يعرض الكيفية التي تروّج بها الصحافة الغربية القصة، قائلا إن المصادر التي تزعمها هذه الصحافة، تطلب دائما عدم ذكر هوياتها، وتحكي حكايات عن خيبة أمل إدارة بايدن مع نتنياهو، وربما تضيف بعض التعليقات حول قيام إسرائيل بتخفيض عدد القتلى المدنيين: "نحن قلقون من أنهم لا يفعلون كل ما هو ممكن للحد من الخسائر في صفوف المدنيين"، "القادة الأميركيون يحذرون من أن المستويات العالية من الخسائر في صفوف المدنيين تضمن أن السكان المتطرفين سيعيشون بجوار إسرائيل لعقود قادمة".

الصحافة ضُللت؟ أم أنها تتعمد تضليل الجمهور؟

وقال ميركنسون إن جميعها تخبرنا أن الإحباط يتصاعد، وأن التوترات أصبحت أكثر توترا. وعلق بأنه إذا حكمنا، استنادا على هذه الروايات، يجب أن يكون بايدن قد وصل الآن إلى الحدود التي تتجاوز أقصى الإحباط وخيبة الأمل والصبر، لكن الواقع يقول غير ذلك، ويبدو أن الصحافة قد ضُللت أو أنها تتعمد تضليل الناس.

ثم دلف الكاتب إلى إيراد ما يجري في ما سماه العالم الحقيقي، ليقول إن المذبحة الإسرائيلية استمرت بلا هوادة، وواصل بايدن وشركاؤه التشريعيون تسليح إسرائيل، وجلبت القيادة الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأعضاء للتصويت على مشروع قانون من شأنه، إلى جانب إعادة تسليح أوكرانيا، إرسال 14.1 مليار دولار أخرى لإسرائيل مقابل ما يطلق عليه بشكل ملطف "المساعدة الأمنية".

في العالم الحقيقي -كما يقول ميركنسون- منع بايدن التحركات من أجل وقف دائم لإطلاق النار في الأمم المتحدة ورفض ممارسة أي ضغط علني على إسرائيل للمساعدة في تنفيذ ذلك، ورفض مساعدوه -في اجتماع مصمم خصيصا لتخفيف التوترات بين البيت الأبيض والجالية العربية الأميركية في ميشيغان- القول ما إذا كانوا قد نصحوا أو سينصحون الرئيس بالدعوة إلى وقف إطلاق النار، وهو ما طلبه الحضور.

استثناء إسرائيل

في العالم الحقيقي أيضا، رفض بايدن وضع أي شروط على المساعدات العسكرية لإسرائيل، وفي الأسبوع الماضي، أصدر أمرا رئاسيا "يأذن بقطع سريع للمساعدات العسكرية للدول التي تنتهك الحماية الدولية للمدنيين"، على حد تعبير أسوشيتد برس.

وتسابق الديمقراطيون لوصف ذلك بأنه تاريخي وقوي، وقالوا "هذا تغيير جذري حول كيفية التعامل مع المساعدات العسكرية الأميركية وتأثيرها على المدنيين".

لكن السكرتير الصحفي لبايدن سارع على الفور للقول إن هذا لا يعني تعليق المساعدات لإسرائيل، وإن الولايات المتحدة" لا تفرض معايير جديدة للمساعدات العسكرية"، وإن إسرائيل أكدت للبيت الأبيض أنها ملتزمة بحماية المدنيين.

بايدن لا يفعل شيئا لمنع المذبحة

ولفت الكاتب إلى أنه لا يوجد مجال آخر غير وسائل الإعلام يتم فيه أخذ الشخص الذي يورّد أسلحة يعرف أنها ستستخدم لارتكاب أعمال عنف جماعية، على محمل الجد إذا أخبر المراسلين أنه غير راض بشكل خاص عن الأمر برمته، لكن السياسة الخارجية الأميركية فقط تحصل على هذا النوع من التمرير.

واضاف أنه حتى تصريح بايدن الذي قال فيه إنه يُحمّل الدول التي تستورد أسلحة، المسؤولية عن العنف الذي تستخدم فيه هذه الأسلحة، لا يكفي، على ما يبدو للحد من ترويج هذه الرواية من عند الصحف الغربية.

وأوضح ميركنسون قائلا: الآن، بينما يخطط نتنياهو لما لا بد أن يكون غزوا بريا كارثيا لرفح، يشير بايدن مرة أخرى إلى استيائه بينما لا يفعل شيئا لمنع آلة الموت الإسرائيلية.

وختم بأنه ستكون هناك العديد من الفرص للصحفيين للتخلي عن فكرة أن بايدن يمارس أي نوع من الرقابة الهادفة على إسرائيل. ودعا الصحفيين إلى أنه، إذا كانوا يريدون حقا محاسبة بايدن، بدلا من مساعدة البيت الأبيض في الترويج لنفس الخيال الأجوف مرارا وتكرارا، فيجب أن يبدؤوا الآن.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

«الظّل» الذي طاردته إسرائيل لعقود.. من هو «محمد الضيف»؟

أعلن أبو عبيدة الناطق باسم كتائب “القسام” الجناح العسكري لحركة “حماس”، في وقت سابق أمس الخميس، مقتل قائد هيئة أركان الكتائب القائد محمد الضيف خلال معركة “طوفان الأقصى”، إلى جانب أربعة آخرين من كبار قادتها خلال الحرب بين إسرائيل والحركة في قطاع غزة، فمن هو محمد الضيف الذي طاردته إسرائيل لعقود؟

ويعد الضيف صاحب المسيرة الطويلة والمحاطة بالغموض في حماس، حيث كانت له قدرة كبيرة على التخفي والإفلات من مطاردة إسرائيل التي وضعته على رأس قائمة المطلوبين منذ عقود، فمن هو الضيف؟

ارتبط اسم محمد الضيف، منذ التسعينيات بفصائل “المقاومة الفلسطينية”، ويعتبر أحد أبناء الجيل الأول من “القساميين”.

منذ أكثر من ثلاثة عقود، قاد الضيف كتائب “الشهيد عز الدين القسام”، متجاوزا محاولات الاغتيال المتكررة التي جعلته أشبه بالشبح الذي يؤرق إسرائيل ويعيد صياغة معادلات الصراع في كل مواجهة، وصولا إلى معركة “طوفان الأقصى”.

نشأته وبداية حياته العسكرية:

وُلد محمد دياب إبراهيم المصري، المعروف بـ”محمد الضيف”، عام 1965 في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة، لعائلة هجّرت من داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، ليستقر بها المقام في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة.

تلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي في مدارس مخيم خان يونس كما بقية اللاجئين الفلسطينيين الذين هجِّروا من ديارهم وأرضهم وممتلكاتهم.

تأثر منذ صغره بواقع “الاحتلال وظروف اللجوء القاسية”، وهو ما دفعه للانخراط في صفوف “حماس” خلال دراسته في الجامعة الإسلامية بغزة، حيث درس العلوم وكان من الناشطين في الكتلة الإسلامية.

انضم إلى حركة “حماس” منذ صغره وكان عنصرًا نشيطا فيها.

شارك في فعاليات الانتفاضة الكبرى التي اندلعت نهاية عام 1987 واعتقل في إطار الضربة الأولى التي وجهتها القوات الإسرائيلية للحركة في صيف عام 1989 بتهمة الانضمام إلى الجناح العسكري للحركة الذي كان الشيخ صلاح شحادة (قتل في صيف 2002) قد أسسه آنذاك، وكان يحمل اسم “حماس المجاهدين” قبل أن يطلق عليه اسم “كتائب القسام”، وأمضى عاما ونصف العام في السجن.

أفرجت إسرائيل عام 1991 عن الضيف من سجونها ليلتحق بالمجموعات الأولى لكتائب “القسام” التي أعيد تشكيل الجهاز العسكري من خلالها، وذلك من خلال مجموعة خان يونس، والذين قتل معظمهم مثل ياسر النمروطي وجميل وادي، هشام عامر، وعبد الرحمن حمدان، ومحمد عاشور، والأسير حسن سلامة وغيرهم من المقاومين.

أصبح الضيف مطلوبا لإسرائيل، بعد مشاركته في تنفيذ العديد مما يسمى بـ”العمليات الفدائية” والاشتباك مع قواتها.

بدأت عملية مطاردته بعد أن رفض تسليم نفسه. وتمكن خلال هذه الفترة ومن خلال إتقانه للتخفي والبقاء في مكان واحد لفترة طويلة، من ألا يقع في قبضة القوات الإسرائيلية حيا أو ميتا.

برز دور الضيف بعد اغتيال عماد عقل الذي برز اسمه في سلسلة “عمليات فدائية” في نوفمبر من عام 1993، حيث أوكِلت إليه قيادة “كتائب القسام”.

خلال هذه الفترة، استطاع الضيف أن يخطط وينفذ عدة عمليات نوعية، وكذلك تمكن من الوصول إلى الضفة الغربية وتشكيل العديد من “الخلايا الفدائية” هناك، والمشاركة في تنفيذ عدة “عمليات فدائية” في مدينة الخليل والعودة إلى قطاع غزة.

لعب محمد الضيف دورا كبيرا في التخطيط لعملية خطف الجندي الإسرائيلي نخشون فاكسمان عام 1994 في بلدة بير نبالا قرب القدس والذي قتِل وخاطفيه بعد كشف مكانهم.

وظهر الضيف وهو يحمل بندقية وبطاقة هوية فاكسمان التي هربت من الضفة الغربية إلى قطاع غزة، حيث كان ملثما بالكوفية الحمراء.

ومع اشتداد الخناق على المطلوبين لإسرائيل في قطاع غزة، رفض الضيف طلبا بمغادرة قطاع غزة خشية اعتقاله أو اغتياله، لا سيما في ظل سياسة قصف المنازل التي يعتقد أن بها أيا من المطلوبين، وقال كلمة مشهورة آنذاك: “نحن خلقنا لمقاومة الاحتلال إما أن ننتصر أو نستشهد”، وذلك على الرغم من موافقة عدد من زملائه على الخروج من القطاع.

تمكن الضيف من أن يؤمن وصول المهندس يحيى عياش، أحد خبراء المتفجرات في الضفة الغربية إلى قطاع غزة بعد تضييق الخناق عليه في الضفة الغربية، وللاستفادة من خبرته في صناعة المتفجرات، حيث تم اغتياله بواسطة هاتف مفخخ مطلع عام 1996.

وقف الضيف وراء عمليات الثأر لعياش، من خلال إرسال حسن سلامة إلى الضفة الغربية للإشراف عليها، حيث قتل في هذه “العمليات الفدائية” حوالي ستين إسرائيليا.

لاحقا، بدأ بالاستعداد لتنفيذ المزيد من العمليات حتى اندلعت انتفاضة الأقصى في سبتمبر من عام 2000 .

ومع إفراج السلطات الإسرائيلية عن الشيخ صلاح شحادة عام 2001، سلّم الضيف الشيخ شحادة قيادة الجهاز العسكري، حيث كلف شحادة الضيف بالمسؤولية عن الصناعات العسكرية للكتائب.

تعرض الضيف لمحاولة الاغتيال الأولى بعد عام من اندلاع الانتفاضة، حيث كان برفقة عدنان الغول (قتل في 22 أكتوبر 2004) خبير المتفجرات في كتائب القسام ونجله بلال، إ أطلقت عليهم طائرة إسرائيلية صاروخا في بلدة “جحر الديك” وقد نجيا من الاغتيال بأعجوبة بعد مقتل بلال في القصف ليغطي على والده ورفيق دربه.

قيادة الجهاز العسكري:

وبعد اغتيال شحادة في صيف عام 2002، أعادت قيادة الحركة المسؤولية للضيف لقيادة الجهاز العسكري.
في 26 سبتمبر من عام 2002، نجا الضيف من محاولة اغتيال ثانية بعد قصف السيارة التي كانت تقله في حي الشيخ، حيث قتل مرافقاه وأصيب بجراح خطيرة للغاية.

وأشارت مصادر فلسطينية إلى تعرض الضيف لمحاولة اغتيال ثالثة في قصف أحد المنازل في صيف 2006 خلال العملية العسكرية “لإسرائيلية بعد أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، حيث قيل إنه أصيب بجراح خطيرة. دون أن تؤكد ذلك كتائب “القسام”.

وكانت أخطر محاولات اغتيالاته في عام 2014، خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث استهدفت الطائرات الحربية منزله وقتلت زوجته وابنه، لكن الضيف خرج من تحت الركام ليواصل قيادة المعركة.

منذ توليه القيادة، أدار الضيف العديد من العمليات الفدائية ضد إسرائيل، وكان من أبرز المهندسين الذين عملوا على تطوير القدرات العسكرية لـ”حماس”، بما في ذلك تصنيع الصواريخ المحلية وإنشاء شبكة الأنفاق العسكرية.

دوره في “طوفان الأقصى”:

أطل محمد الضيف في السابع من أكتوبر 2023، ليعلن انطلاق معركة “طوفان الأقصى” التي أشرف عليها وحضر في ميدانها حتى قتل فيها.

ومن أبرز أسباب الطوفان سلوك الاحتلال الصهيوني، ومخططاته القائمة على حسم الصراع، وفرض السيادة على القدس بمقدساتها، تمهيداً للتقسيم المكاني والزماني، ولبناء الهيكل المزعوم.

محمد الضيف لم يظهر في الإعلام، ولم يُعرف له سوى تسجيلات صوتية معدودة، لكن يُنظر إليه باعتباره العقل المدبر للتكتيكات العسكرية التي غيرت طبيعة المواجهة بين “فصائل المقاومة” وإسرائيل.

فخلال معركة “سيف القدس” عام 2021، كان الضيف وراء استراتيجية استهداف تل أبيب بالصواريخ ردا على الاعتداءات الإسرائيلية في القدس والمسجد الأقصى.

ووضعت إسرائيل، على مدار عقود، محمد الضيف على رأس قائمة المطلوبين، وعدّته أخطر شخصية فلسطينية تهدد أمنها. ورغم كل الجهود الاستخباراتية، لم يتمكن الجيش الإسرائيلي من الوصول إليه، حتى رحل كما “يحب شهيدا في ميدان أعظم معركة شارك في التخطيط لها وفي قيادتها وهي المعركة التي أثبتت هشاشة كيان الاحتلال وقابليته للهزيمة”، وفق المركز الفلسطيني للإعلام.

مقالات مشابهة

  • محافظ الغربية يؤكد: كورنيش المحلة.. حلم يقترب من الواقع
  • محافظ الغربية: كورنيش المحلة حلم يقترب من الواقع لتغيير وجه المدينة العمالية
  • محافظ الغربية : كورنيش المحلة حلم يقترب من الواقع لتغيير وجه المدينة العمالية
  • الصليب الأحمر غاضب من إسرائيل بسبب هذا الإجراء مع الأسرى الفلسطينيين
  • ترامب يلغي قوانين بايدن لتنظيم الذكاء الاصطناعي.. ما القصة؟
  • عقاري يكشف عن المكسب الضخم الذي حققه من بيع أرض بحي الصحافة في سنتين .. فيديو
  • كاتب صحفي: الصحافة الغربية فشلت في كشف مؤامرة التهجير
  • «الظّل» الذي طاردته إسرائيل لعقود.. من هو «محمد الضيف»؟
  • كاتب أميركي: هذه هي المبادئ الستة للغباء
  • يديعوت: هذه هي الملفات التي سيناقشها نتنياهو مع ترامب