عقدت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، وحزب البعث العربي الاشتراكي الأصل، اجتماعًا في القاهرة،  للتفاكر حول كارثة الحرب السودانية،  وآثارها على مختلف الأصعدة وسبل مواجهتها.

 ناقش الاجتماع الأزمة الشاملة في السودان، جراء استمرار الحرب لما يقارب العام، وما ترتب عليها من آثار إنسانية كارثية وتدمير متعمد وغير مسبوق للإقتصاد والبنية التحتية والتماسك المجتمعي وتهديد لوحدة الوطن.

وقد توافق الطرفان على ما يلي:-

 أكد الطرفان أن الحرب التي اندلعت في ١٥ أبريل العام الماضي، هي أكبر مهدد وجودي للسودان في تاريخه، وأن وقفها هو أولوية قصوى للحفاظ على وحدة واستقرار وطننا ولإنقاذ شعبنا من الكارثة الإنسانية التي تعصف به.

 

 واتفق الطرفان على العمل الميداني المشترك لحشد الإرادة الوطنية، من أجل وقف الحرب ومحاربة خطاب العنصرية والكراهية والانخراط، في المبادرات الساعية لتخفيف الأزمة الإنسانية، وأن الخيار الوحيد لحل قضايا الأزمة الوطنية المتراكمة هو الخيار السلمي. 

 

تطرق الاجتماع حول الوضع الإنساني المتردي فى  السودان، من حيث النزوح واللجوء والنقص الحاد في الغذاء الذي يهدد بوقوع مجاعة تطال ملايين السودانين/ات، والتدهور المريع في خدمات الرعاية الصحية وغيرها من الخدمات الأساسية الأخرى.

 

 وطالب طرفي الحرب بالوقف الفوري للحرب دون أي شروط مسبقة واحترام القانون الإنساني الدولي بالكف عن إستباحة حرمة الأرواح والممتلكات والحريات للمدنيين، والسماح بانسياب المساعدات الإنسانية والتوقف عن تدمير المنشآت العامة والخاصة.

 

 أدان الاجتماع كافة الانتهاكات التي ارتكبها طرفا الحرب وطالبهما بالكف عنها، وأكد على ضرورة التحقيق والمحاسبة على الجرائم المرتكبة من الطرفين.

 

 كما أدان الاجتماع قطع خدمات الاتصالات وطالب بإرجاعها لكل ولايات السودان دون قيد أو شرط. 

 

 أكد الاجتماع على ضرورة الحفاظ على وحدة السودان أرضاً وشعباً،  وديمقراطية ومدنية الحكم، وإنهاء حالة تعدد الجيوش لصالح جيش وطني مهني واحد.

 

 وإطلاق عملية شاملة للعدالة والعدالة الانتقالية، وتفكيك بنية نظام الثلاثين من يونيو ١٩٨٩ وانقلاب ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١، والسعي لتحقيق كافة المبادئ والأهداف التي رفعتها ثورة ديسمبر المجيدة.

 

 أقرّ الاجتماع تشكيل فريق عمل مشترك لاستكمال الحوار - مستفيدين من دروس التجارب السابقة، وضرورة تنسيق وتوحيد جهود كافة القوى المدنية من أجل الوصول لأوسع جبهة مدنية لوقف الحرب ومعالجة الكارثة الانسانية واسترداد مسار التحول المدني الديمقراطي وتنفيذ شعارات ثورة ديسمبر المجيدة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: السودان

إقرأ أيضاً:

في الذكرى الخامسة لثورة ديسمبر

في الذكرى الخامسة لثورة ديسمبر

"حينما كبّرت المساجد للنصر من فوق المآذن، ودقت الكنائس أجراس الإنتصار"!

الجميل إبن الجنوب
سايمون أتير

(1)
مثل السواد الأعظم من أطفال السودان نشأتُ في حي شعبي فقير ، بين جدران وخلف أبواب صدئة لبيوت طينية آيلة للسقوط، وأزقة ضيقة مكدسة بالأوساخ. لعبتُ كرة القدم في الفناءات الصغيرة والميادين المخصصة لها وإستمتعت بلعب (البلي) و (شليل وينو).. لكنني كنت محظوظاً فإرتدت المدرسة -أشكر الله علي ذلك- لان الكثير من أطفال السودان -بالأخص أطفال الهامش- لم يجدوا تلك الفرصة!.

(2)
في وطن خلاسي يزخر بجميع اشكال التنوع!.كان الفصل العنصري/الديني أو قل العرقي شديداً ان لم يكن حاداً بين السودانيين كنتيجة طبيعية لسياسات النظام -وان شئنا الدقة- سياسات الأنظمة التي تعاقبت علي حكم السودان منذ فجر الإستقلال. ولكن كان لنظام الآنقاذ نصيب الأسد في ذلك؛ فقد دفع بالأمور إلى نقطة اللاعودة وهو يستخدم الدين والعرق لتحقيق أهدافه الشيطانية !.

(3)
كطفل ينتمي جغرافيا إلي الجنوب كنت أحس بالتناقض العجيب بين فضاءاتنا الطفولية وأعني ميادين كرة القدم وسوح المرح ؛ ففيه كنت والكثيرين من أمثالي (أطفال الهامش) نجد القبول، والتصفيق من أترابنا وجموع المشاهدين إن سجلنا هدفاً جميلاً أو قمنا بمراوغة ماهرة. وبين فضاءاتنا الخاصة -المنازل- او في الشوارع التي كنا نسمع فيها نعوتاً تقشعر لها الأبدان!. أقلها وطأة كلمة (جنوبي) ما مع تحملها من حمولات سالبة بل دلالات عنصرية!...

(4)
كنت مسالما" جدا" ولكن كان بعض أهل صديق طفولتي (أ) يحذرونه قائلين :
"ما تمشي مع ود الجنوبين دا عشان ما يسبب ليك مشاكل"!. أو يمنعونه عن معايدتي في الكريسماس بإعتباري كافراً !. رغم إننا في ذاك العمر الغض لا نفقه في أمور الدين كثيراً ولا يفرق معنا أن أكلنا فتة في حولية الشيخ حمد النيل ، أو ذهبنا إلي الكنيسة عشية عيد الميلاد لنستمتع بشرب شاي اللبن بالزلابية!.

(5)
هذا الجدار الديني/العرقي كان يُشيده نظام يدعي بإنه يحكم بما أنزل الله !. رغم أنف قوله تعالي في سورة الحجرات:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }.
وحديث المصطفي (ص):
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى)

(6)
"ما تمشي مع ود الجنوبين ده عشان ما يسبب ليك مشاكل"!
هذا القول الغريب كان يثير حفيظتي بل دهشتي ومثار الدهشة هو أن صديقي (أ) كان طفلا"مشاغباً بل مثيراً للمشاكل؛ فقد كان قائدنا ومهندس كل مخططاتنا الشيطانية الطفولية من ضرب أطفال الأحياء المجاورة إلى تهشيم زجاجات النوافذ ، وكسر "لمبات" الإنارة ، و "أزيار السبيل" ..إلخ !.

(7)
كانت التلميحات العنصرية شبه يومية.وكانت جدها جد وهزلها جد ! . في الحي ، الشارع ، المدرسه ..إلخ. وإستمرت لسنوات وسنوات!.بعد إلتحاقي بالجامعه أيقنت أن السلوك العنصري متجذر في نفوس الكثيرين وأن إعادة هندسة الإنسان السوداني كمشروع سياسي لدي الجماعات الإسلاموعربيه ، وعلى رأسها الحركه الإسلاميه قد تم للأسف !.

(8)
حملت يقيني تلك وإرتحلت به صوب الجنوب الذي سيصبح بعد أشهر قليلة دولة مستقلة!. في حدث أكد إدمان ساستنا للفشل!. وهل هناك فشل أكبر من تمزيق النسيج الإجتماعي ، تهجير المواطن ، تدمير الوطن وتقطيع أوصاله. بل تقزيمه! وهو الذي كان عملاقاً -او هكذا يفترض ان يكون!.

(9)
عدت إلى الخرطوم في أوائل ديسمبر من العام ٢٠١٨م. ولكن هذه المرة كنت أحمل لقب أجنبي التى تؤكدها جواز السفر وتأشيرة الدخول وبعض المشاعر المتناقضة !.عدتُ بعد ما يقارب عقداً من الزمان لأشهد إندلاع أعظم ثورة في تاريخ السودان. قوامها جيل جديد .. جيلاً:
حلو الشهد متشابك الهامات
خفاف ولطاف وثابتين أوان الجد

(10)
لم أكد أكمل الشهر حتي تنازلتُ طوعاً عن بعض يقيني بنجاح المشروع الشيطاني بعد أن شاهدت بأم عيني ملاحم بطولية وتلاحم بين الشباب السوداني، الذين تجاوزوا التمايزات العرقية/الدينية، ووحدوا صفوفهم ، ثم هبوا كالأسود الضارية ، وبصدور عارية لمواجهة آلة القمع والطغيان فى إستعادة لبطولة عبد الفضيل الماظ الذي (صندد) امام آلة القمع الإستعماري في معركة النهر قبل ما يقارب المائة عام!

(11)
كانت اللوحة زاهية ، تسر الناظرين وتحرك مشاعرهم فمن ذا الذي لم يذرف الدمع تاثراً بمشهد الأقباط/المسيحيين وهم يظللون إخوتهم المسلمين من هجير شمس الخرطوم اللاهبة أثناء صلاة الجمعه أمام بوابة القياده العامه؟أو مشهد الجموع الهادرة وهي تكسر الطوق الأمني لتصل إلي القياده العامه في نهار السادس من أبريل/رجب. لتتشكل بذلك ملحمة القياده العامه التي أظهرت وجه السودان الخلاسي الجميل

(12)
هتافات مثل:
(يا عنصري ومغرور كل البلد دارفور)؟!.
و
(يا عنصري وسفاح وين الجنوب وين راح)؟!.

لم تكن مجرد هتافات أو أهازيج ثورية لشابات وشباب، ممن أطلق عليهم فى إهانة وإستخفاف (قليلي أدب) و (شذاذ أفاق)!. بل كان رداً واعياً ، وموضوعياً ضد مشروع شيطاني ظلامي يُراد به تدمير السودان. ولأن لكل فعل رد فعل كانت ثورة ديسمبر ..ثورة توقيتها زغاريد قوية وحصنها متاريس عصية وغرضها هدم السودان القديم وبناء سوداناً جديد تسودها الحريه ، السلام ، والعداله.

(13)
ولكن للأسف بعد مرور خمسة سنوات على إندلاع ثورة ديسمبر لا زال قوى الشر تواصل التدمير الممنهج. وما الحرب التى إندلعت في ١٥ أبريل الماضي بين الجيش السوداني "المكوزن" ووليدها غير الشرعي . "الدعم السريع" ، والتي وصلت معظم أجزاء السودان إلا حلقة في مسلسل الإنتقام من الشعب السوداني وتقف خلفها نفس القوى الظلاميه وغرضها الأساسي معلوم بالضرورة. هد المعبد على رؤوس الجميع.

والغافل من ظن الأشياء هي الأشياء
جوبا
19 ديسمبر 2023م
=====

مقال سايمون اتير للكرم بالنشر

   

مقالات مشابهة

  • تقدم الجيش السوداني في دارفور هل يغير معادلات الحرب في السودان؟ ؟
  • الشاهد جيل ثورة ديسمبر الذي هزم انقلاب 25 أكتوبر 2021 بلا انحناء
  • نائب وزير الإسكان يترأس اجتماع "تنسيقية مشروعات" الإحلال والتجديد لمحطات وشبكات المياه
  • وزير الصحة : نقل اكثر من 27 الف طن من الادوية لكل ولايات السودان، بتمويل من وزارة المالية بمبلغ 74 مليار
  • من أهداف حرب السودان … قتل ثورته
  • في الذكرى الخامسة لثورة ديسمبر
  • من يدعم بقاء السودان موحدا هو من يدعم بقاء الدولة
  • بهذه الحسابات (..) فقد انتهت الحرب في السودان !
  • السودان: الأزمة الإنسانية والصحية غير مسبوقة
  • الشورى يشارك في اجتماع لجنة الاتحاد البرلماني العربي بالقاهرة